ستبقى الجنوب إلى ألأبَــد

[حسان الجنوب]

الطيف - خاص - الكابتن أنيس المفلحي



قبل خمسة عشرعاماً لم يكن من السهل الحديث عن وضع الجنوب في ظل وجود الطوق العسكري والتشديد الامني البولسي لنظام صنعاء , بمعنى طرف منتصر يمارس ابشع انواع الأساليب الاجرامية التي لا يتورع عن ارتكبها وممارستها وهذا وجه وهوية الجلاد الحقيقي , نعم توقفت الحرب الهمجية على اليمن الجنوبي ليبدأ نهج معركة سياسية اخطر مع توابعها الكارثية من خلال فرض المزيد من الحصار بنوايا انتقاميه , وما تعرضت لهُ مؤسسات دولة الجنوب والمرافق الحيوية من سرقة ونهب بالأضافه الى نشر مخططات بين اوساط اشقائنا الشماليين بوعي ثقافي يشوه الحقائق ويحرفها بما لا تتناسب مع تاريخ شعب الجنوب التي بدورها اضعفت قيام وتوطيد العلاقات والصلات الاخوية بين الشعبان في الشمال والجنوب , كما أن مخطط التغير الديمغرافي من خلال هجرت الشمالين لإستبدالهم بتعداد شعب الجنوب بهدف طمس الهوية وتاريخ وحضارت الجنوب.

لقد كانت نشوة وعنفوان المحتل التي رافقته في المرحلة مابعد السابع من يوليو تمثل اقبح صور الغزو بعد تحويل الجنوب الى ملكية خاصة , و لم يكن احدً يحس بالواقع الأليم والمأساوي الذي عمّ الجميع في الجنوب , ولا شك أن جملة من الأسباب ساهمت بشكل كبير التعجيل في أشعال الثورة السلمية , فلم يكن يتوقع نظام صنعاء بأن هناك ارادة قويه ستعكر نشوة وفرحة نصره في معركه الاحتلال وأن الرياح ستجري بما لا تشتهي سفن القراصنه فتحول هاجس النصر الى كابوس يطارد سلطة الاحتلال اليمنية , وسرعان ماظهرت وتأسست تكوينات سياسية جنوبية في ظروف مريبة لكنها تتطورت واتسعت دائرتها لتشمل الجنوب وتحولت بعد ذلك الى حراك سياسي مشروع يطالب بأستعادة الارض وهذا يدل على الرفض المطلق لشعب الجنوب لأن يكون تحت احتلال وسيطرت طرف بقوة السلاح , و يخطئ كثيراً من يظن أن الحراك الجنوبي شأن يخص الجنوبيين وحدهم فقط وهذا الخطأ يعود لأمرين أولهم هو أن نظام صنعاء أراد تحويل

الجنوب الى امبراطورية مطامعه انطلاقاً من مشروع الوحدة يعني البسط على موارد وثروات هائلة سريعة و بعيده عن الانظار والرقابه لمساندة و دعم الأرهاب , والامر الثاني هو أن نظام الاحتلال أراد تحويل الجنوب الى ساحة مفتوحة للمحاربين الأرهابين وهذا يعني وجود مخطط شيطاني في نقل الحرب الى ساحات اخرى في المنطقة ودول الجوار وهذا نوع خطير وجديد من الابتزاز العروبي للمنطقة .

أن الحراك الجنوبي هو نموذج جديد لمقاومة ومقارعة المحتل و هو السبيل الذي لن يكون الوحيد لا عادة السيادة والحفاظ على الهوية الجنوبية وحق تقرير المصير اي حق فك الارتباط عن نظام الجمهورية العربية اليمنية , هذا النظام المتجذر بالعنف والتطرف المذهبي والفساد والتخلف والارهاب , وهذا حق شرعي سياسي لا يجبر الجنوبيين على الانتماء الى هذا الجزى المتخلف تحت شعارات وحدوية زائفة , فالجميع يعلم أن نظام صنعاء لا يعرف الا الايديولوجية القائمة على الفكر القمعي والتطرف وسلب حقوق الاخرين وطمس هوية امة بأكملها .

فحين تشكلة تلك التكونات السياسية الجنوبية لقيادة الثورة السلميه كان نظام صنعاء يعتبرها غير شرعية لانها تتنافى مع الثوابت الوحدوية و مبنية على شعارات خبيثة بأعتبار أن المسألة خارجه عن اطار الوحدة اليمنية وهذه ما أراد تسويقه نظام صنعاء من جانبة واعتبار مطالب تلك التكوينات الجنوبية التي تمثل ارادة شعب تطرف ورغبة في الانفصال عن اليمن الشمالي وهذا خيار لايمكن القبول به والتسامح معه فقد اتهم شعب الجنوب بأسره بالعمالة مع قوى خارجية مع أن نظام صنعاء نفسة من أسهم في تفجير الوضع وافشال مشروع الوحدة للحفاظ على مصالحة والمتنفذين والفاسدين , وهذه هي ايديولوجية نظام صنعاء المرتكز اساساً على الفشل المتواصل , واعتقد أن لا مكان لشعب الجنوب في هذه الايديولوجية للفوارق والقيم التي يتحلى ويتميز بها شعب الجنوب عن غيره , وفي الحقيقة أن التعريف الصحيح لنظام صنعاء عبر لوحة واضحة المعالم هو انهُ نظام فيد و توسعي يفتقر كل المقومات الاخلاقية والروابط الاخوية الاسلامية التي تنصل عنها ورمى بها في سلة المهملات , بالتالي نرى أن ولادة الحراك الجنوبي اتى من تراكمات ومعانة ورفض لعملية مسخ نظام صنعاء لكل ماهو مرتبط بحضارة وثقافة وهوية شعب اليمن الجنوبي , في المقابل نرى شعب الجنوب ما وصل اليه من النضوج النوعي والفكري في طريقة نضاله السلمي

في مواجة نظام ثقافته قمعية حاقده في تعامله مع شعب قدم وضحى بدولة نظام وقانون ومؤسسات وثروة ، فجاء هذا الحراك كتعبيرصادق يعبرعن طموحات وتطلعات شعب همُش وحُرم من حقه في العيش والبقاء على أرضه , وهو تعبير عن الارادة الحقيقية في التحرر وبناء المستقبل المشرق وتحقيق العدالة لكل مواطن على ارض دولة الجنوب عبر اعادة بناء دولة القانون والنظام التي تستوعب الواقع الديني والفكري والاجتماعي و التعايش باخاء ومحبة ومصير واحد لكل مواطن والتفاعل الواعي لمعالجة اللأرث الثقيل الذي سيتركه نظام صنعاء في الجنوب بعد رحيلة , بالاضافة روابط الأحترام والعلاقات مع الامة العربية ولخصوصيتها وحسن الجوار ..

أن نهج نضال شعب الجنوب السلمي يشكل اهم وابرز علامات نضال الشعوب ضد واقع احتلالي يسفة ويشوه ويطمس تاريخ وهوية امة , فقد وسع نظام الاحتلال دائرة صراع خطير بين الشعبان والحضارتين في الشمال والجنوب , فالحراك السلمي يتركز على نشر وعي النضال الوطني السلمي بين صفوف الشباب و بين اوساط المجتمع الجنوبي للحفظ على العلاقات الاخوية مع الطرف الاخر وهذا يشكل حدثاً تاريخياً حاسماً سيتوج بالنصر في مراحل الكفاح المريره التي ستتعدد اطواره واشكالة عند مواجهة نظام الاحتلال الجاثم على صدور وانفاس البلاد والعباد في الجنوب , وأثناء بناء دولة القانون والنظام .

لقد اصبح الحراك الجنوبي ، كقوى مجاهده كبرى على مستوى الساحة فقد أسهم الحراك بوضع برنامج فكري وسياسي وأجتماع متكامل على طريق التحرير , بمعنى أدق هناك استراتجيات متدرجة للحراك تسمح بثبات خطوات التقدم تدريجياً وصولاً الى عمق نضوج التعامل مع الواقع والتحديات التي يفرضها نظام صنعاء من خلال زيادت حملاته الشرسة بسبب عجزة في مواجهة تلك القوى التي تدعمها الأراده الحقيقية في التحرير لشعب الجنوب وصار حقيقة لا يمكن تجاهلها, لقد بات الحراك السلمي نقطة تحول مكنت الجنوبيين الدخول في مرحلة جديده من تاريخ الكفاح التحريري في عصر فية لغة السلاح السائده , ثورة حددت الأهداف السياسيه لأنقاذ شعب الجنوب و لم يعد مجرد حراكاً بل اصبح يمثل وجود وهويه أمه وصراع بين أعداء قوى الشر مع قوى الحق و البقاء , لتكون رسالة قوى الحق والخير, رسالة خالدة أمام الاعين وفي ذاكرة الاجيال الجنوبية القادمة .


لكن يبقى السؤال المحير هنا هل نحن مستعدون لتحديات المرحلة القادمة التي ستواجه بناء دولة الجنوب الحديثة , في ظل تلك الانقسامات السياسية التي تفاقم الصراعات التي لم تكن مفاجئه بسبب نقص الوعي وعدم فهم البعض للرؤيه الصحيحة التي ترتقي مع الاهداف لبناء دولة الجنوب, ونقول إننا بحاجة اليوم الى جملة من الإجراءات من بينها إنتاج ثقافة سياسية أخرى تخرجنا من الدائرة المفرغة التي وضعتنا فيها تجاربنا السياسية السابقة , والحس بالمسؤولية تجاه شعب الجنوب الأحرار، وعلينا تجاوز حالة الاستقطاب والشلليه الراهنة لان المطلوب من الجميع استيعاب الدروس البسيطة التي دلالاتها السلبية لا تؤدي الى نتيجة ايجابية وبالتالي لن يكون هناك حديث عن قضية وطن محتل ولا عن بناء دولة عصريه , بل سنتأخر في إعطاء القضيه الجنوبية ما تستحق من الاهتمام وهذا يكشف العله و الخلل والقصور في العلاج , وعلينا أن نفرق بين ثقافة الانانية الغير مفيده وبين القراءات المتعددة للقضية والالتزام بالترابط لتعزيز الجهُد الجماعي , وبهذه المعالجة ستكون حالة تفاهم بين الأجسام الثائره المتحرك على الساحة الجنوبية وبين العقول التي تعرف صوت و أسلوب التفاهم و الحوار والمناقشة الهادفة وهذه وسيلة لإنهاء المشكلات والتغلب على جميع أساليب الإنكار .



بقلم الكابتن : أنيس قاسم المفلحي

http://www.al-teef.com/news.php?action=view&id=131