نرفض وندين ونستنكر الحوار والتفاوض:

[بائع المسك]

نرفض وندين ونستنكر الحوار والتفاوض:
(1)
تعاني الثورة الجنوبية التي درج على تسميتها بالحراك الجنوبي السلمي، أزمة خطيرة منذ انطلاقتها قبل نحو خمس سنوات تتمثل في افتقارها لرؤية برنامجية موحدة وقيادة واحدة، وفشل مساعي إيجاد تلك الرؤية والقيادة حتى اللحظة، ولتلك الأزمة وذلك الفشل أسباب عديدة ليس المقام هنأ مخصصاً لسردها، ولكن للإشارة إلى أن تلك الأزمة خلفت نتائج سلبية خطيرة على مسيرة ومسار تلك الثورة ميدانياً وسياسياً، جعلتها تعيش حالة إرباك وتخبط تصل أحياناً إلى حالة من الفوضى التي تسيء إليها وتشوه صورتها أمام المتابع والمهتم الأجنبي والمحلي، بل ترك أبوابها ومنابرها مفتوحة لمن هب ودب ممن ينتمي أو لا ينتمي إليها ولا يؤمن بقضيتها، للحديث باسمها وانتحال صفة تمثيل الجنوب وقضيته أمام الأطراف الأخرى داخلياً وإقليمياً ودولياً، وهذا أمر حاصل ومدرك بالحس والمشاهدة ولا يحتاج لضرب الأمثلة عليه..
(2)
واتساقاً مع ما سبق ذكره؛ تواجه ثورة شعب الجنوب في الوقت الراهن تحديا واختباراً عويصاً، سببه دعوة الأمم المتحدة والأطراف الدولية الراعية للتسوية السياسية لازمة نظام صنعاء، الحراك الجنوبي للمشاركة في الحوار الوطني المقرر إجراؤه وفقاً لبنود تلك التسوية خلال الأسابيع القادمة..الخ، وفي مواجهة تلك الدعوة انطلقت فوضى الردود الجنوبية المخجلة فعلاً بحق ثورة شعبية رائدة الثورات العربية، وبحق قضية عادلة ومشروعة، وبحق كل فرد من أصحاب تلك القضية، والحقيقة أنه ليس عيباً ولا جرماً تعدد الاجتهادات والرؤى حول مسألة قبول تلك الدعوة أو رفضها، ولكن المخزي المبكي أن نعبر عن تلك الاجتهادات والرؤى بصورة فوضوية تفتقر لأدنى أخلاقيات التخاطب وأعرافه الدبلوماسية، وتفتقر لأبسط قواعد السياسية والكياسة والحكمة في التعاطي من أمر ذي بال وخطورة على ثورتنا وقضيتنا، خصوصاً أن من وجه الدعوة ممثل هيئة الأمم بأكملها، ومن بيده سلطة القرار الدولي ومتحكم فيه..
(3)
فهل يعقل أن شخصاً يفهم أبجديات السياسية، تمر عليه مثل هكذا دعوة، دون أن تسترعيه أهميتها وخطورتها فيبادر لإعمال نظره وفكره في كيفية التعاطي معها ويدعو زملائه في الهيئة أو التنظيم السياسي لتدارس ذلك الأمر؟؟؟!!!
بل هل يعقل أن شخصاً يحمل قضية وطنية يدعي أنه يناضل لأجل انتصارها، يتعامل مع دعوة كتلك بطيش ورعونة واستهتار، من خلال الرد عليها بالرفض بقرار فردي غير مدروس يعلنه من منصة المهرجانات وخطب الجمعة؟؟؟!!!
(4)
حقيقة حاولت ومازلت أحاول افهم واتفهم الردود الارتجالية لقيادات الحراك ونشطائه بشأن دعوة الحوار تلك، بين رافض ومحذر، وبين مشترط ومقيد وبين مؤيد ومهرول...الخ، فلم استطع افهم أو أتفهم، أن أمراً بهذه الأهمية والخطورة، يتم التعاطي معه بهذه البساطة؟؟
(5)
لكي لا يساء فهم انتقادي، فأنا ليس لي اعتراض على أي قرار يتخذ بشأن تلك الدعوة سواء بالرفض أو القبول، طالما كان حصيلة دراسة ونقاش جاد داخل الهيئات ومع مختلف أصحاب الرأي والمشورة من مختلف الاتجاهات، يصاغ بناءً على ذلك رداً مفصلاً متضمناً جميع المبررات المنطقية في حال الرفض، أو الشروط والقيود في حال الموافقة، فهل سمعتم أن مجلس الحراك أو غيره من مجالس المكونات الأخرى، عقد اجتماعاً لدراسة الدعوة للمشاركة بالحوار، أو عقد لقاءً تشاوري مع الشخصيات والكتاب لتدارس ذلك، أو عقد ندوة نقاشية حول ذلك؟؟؟ طبعاً لا، فمن الذي اتخذ القرار برفض المشاركة الذي نسمع عليه بالخطب وبيانات المهرجانات؟؟؟
هل تم الإعلان عن الآلية والأسس والقواعد التي ستحكم ذلك الحوار ومخرجاته؟؟ طبعاً لا، إذن على أي أساس اتخذ قرار الرفض أو القبول الذي نسمعه من البعض؟؟
هل سمعتم مجلس الحراك يتخذ قراراً ــ مثلاً ــ بدعوة المبعوث الاممي للجلوس معه لتوضيح آلية وقواعد وأسس الحوار المطلوب من الحراك المشاركة فيه، لكي يكون المجلس على علم بكل ذلك عند اتخاذ قراره بقبول أو رفض الدعوة؟؟ لا شيء من هذا الأمر أو من قبيل مثله حصل!!!!
هل سمعتم مجلس الحراك أو غيره من المكونات يتخذ قراراً ــ مثلاً ــ يدعو فيه المبعوث الاممي للجلوس معه لإبلاغه قرار الحراك بشأن الدعوة للحوار؟؟؟
أليس دعوة المبعوث الاممي لمثل ذلك المبرر، يشكل فرصة وخطوة هامة لطرح ومناقشة كل المسائل بصورة انفرادية وهادئة؟؟؟ قد يكون ذلك عند من يحكمه عقله، وليس المزاجية والاجتهادات بل الشطحات الشخصية هي من يتحكم بكل تصرفاته؟؟
ولكن اعذروني: فقد نسيت أن الحراك له رؤوس عدة، وكل رأس فيه مائة جني أو يزيدون، لذلك اعتذر عما سبق من هذيان، وادعوكم بقراءة القرآن الكريم عليَّ وعلى رؤوس الحراك، لعل الله يشفينا..آآآآآآآآآآآآآآآآمين يا رب العالمين