الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-03-25, 12:13 AM   #11
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

هذا عمر الجاوي (10/58)





صباح مدينة عدن لا يشبهه أي صباح آخر في الدنيا، فالمدينة المكونة من (كريتر) و (المعلا) و (التواهي) كتلة حجرية هائلة من جبال بركانية ضخمة، حملت برافعة آلهية، ووضعت في قلب الماء (جزيرة أو شبه جزيرة)، وأمامها أراضي سبخة تحتوي (ملاّحات) بمرواح عملاقة يتلامع الملح فيها تحت ضربات الضوء الأولى، وخلف الملاّحات صحراء موحشة تأنس بها لمصاحبتها (سيف البحر) حتى (أبين) أو تخترق كثبانها حتى (لحج) حيث يوجد واديان من أخصب وديان اليمن.
أما سكان المدينة فيدبون في (فوهة البركان) في (كريتر) حيث القاع العميق، أو (يتشعلقون) بمنحدرات الجبال في (المعلا) و (التواهي).
لذلك فإن للصباح رائحة البحر وأنفاس الملاحات وهبات الجبال الكبريتية، وأنسام الصحراء النقبية، وتلك الزخات العطرية التي ترسلها دلتا (أبين) ودلتا (لحج) هدية لتلك المدينة الدهرية التي عمرها من عمر الزمن.
يضاف إلى ذلك الحالة المعنوية للناس في رخائهم وشقائهم، في أمنهم وخوفهم، ولم تكن تلك الأيام التي نتحدث عنتها آمنة من خوف ولا مطعمة من جوع، لذلك فإن أنفاس الصباح لم تكن تخلو من قسوة المعاناة.
ذلك الصباح الاستثنائي كان مختلفاً، فقد هبط على متن سفينتنا (الإذاعة والتلفزيون) التي كانت تترنح تحت القصف والقصف المضاد للنفوس المتنمرة والأرواح المتوثبة، والمصالح المتقاطعة، نورس بالغ الجمال وربان مقاتل من الطراز الأوّل، هو (عمر الجاوي) الذي عيّن مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون، ولم يكن من الحزب الحاكم، كما لم يكن موظفاً عاماً يمكن أن يؤمر فيأتمر، لذلك فقد هيّأ مسرح القتال منذ لحة هبوطه، ولم نعرف معه طعم الراحة أبداً، ولكننا عرفنا مجد التحدي وتعلمنا فنون الاقتحام… تقول له: هذا جبل يا عمر، فيقول لك: عيب، حد نظرك.. انا ابن عبدالله، هذه غيمة هشة دق راسك براسها، وحين تعود إليه بدمّك يقول لك: "هكذا الرجال، ذي ما يكسر ظهرك، يقوّيك".
عمر الجاوي الذي درس في طنطا وموسكو، وكان زعيماً طلابياً بارزاً وأحد أبرز قادة الدفاع عن صنعاء في حصار السبعين يوماً، كان رجلاً قصير القامة برأس أصلع وعينين مغناطيسيتين جاحظتين، وصوت جليل حين يتكل بأداء موسيقي أخاذ مطرز بالشعر والحكم والأمثال الشعبية، كان يسارياً باللسان، شعبياً تراثياً بالوجدان، إنسانيا في الأعمال، إنه بالضبط الذي عناه الشاعر بقوله: ترى الرجل النحيف فتزدريه / وفي أثوابه أسدٌ هصور.
قام الجاوي دون الرجوع إلى الوزير والوزارة بتشكيل مجلس للإذاعة والتلفزيون، وعيّنني نائباً له ومديراً للإذاعة (دون معرفة سابقة، ودون استحقاقات مالية) وكان أول قرار اتخذه حرمان نفسه من راتب المدير العام، والتنازل عن صلاحياته المالية للمسؤول المالي (عيب نوسّخ أنفسنا بالفلوس) ثم اقذفوا بكتّاب التقارير ولصوص المهنة في الشارع، فإن لم تستطيعوا فأقفلوا عليهم في الغرف الخلفية المظلمة…
وهكذا دخلت مع عمر الجاوي في نفق لم أكن أعرف ما ينتظرني فيه، ولكنه كان مليئاً بالإثارة والتحديّ والكبرياء، فإذا كنت مع (العميد) في قلب زوبعة، فإنني مع (الجاوي) على جناح عاصفة لا تهدأ ليل نهار.
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-03-26, 01:22 PM   #12
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

هكذا .. عمر الجاوي (11/58)





في أول اجتماع للمجلس الجديد للإذاعة والتلفزيون بعدن والذي ذكرت بالأمس أن (عمر الجاوي) شكّله دون الرجوع إلى وزير الإعلام آنذاك (عبدالله الخامري) ودون أن يحفل قليلاً أو كثيراً باللوائح، تمكن عضوا المجلس (علوي السقاف) و (خالد محيرز) من إقناع عمر بعدم التنازل عن صلاحياته المالية لأن (المال عصب العمل، وأهم سلاح في يد المدير العام) وكذلك فيما يتعلق براتبه (فلك الحق أن تتبرع به أو تفعل به ما تشاء ولكن ينبغي أن تقبض الراتب وحسب الأصول).
خلال الاجتماع جاءنا من يقول أن الملحق الثقافي في سفارة ألمانيا الديمقراطية ينتظر مقابلة المدير العام، فإذا بالجاوي يقفز مثل (الجني) إلى الباب ليمنعه من الدخول، كيف سمحت لنفسك أن تأتي بلا موعد؟ ثم ما هذه الأشرطة التي تحملها؟ شرح الألماني تحت وقع الصدمة والمفاجأة أنه مرسل من مكتب الوزير، وهذه الأشرطة التلفزيونية هي لتعليم اللغة الألمانية بناء على اتفاق موقع على أعلى المستويات….
خرج الجاوي عن طوره وطلب من أحد الموجودين إخراج الأشرطة خارج الغرفة: "دعني ألقن هذا الخبير درساً، يا حضرة الملحق الألماني، إن شعبنا يرغب في أن يتعلم لغته العربية الفصحى، ونحن في سبيل الإعداد لذلك على أشرطة مثل أشرطتك، ثم سنعلّمه اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الثانية في هذا البلد، وأظنك تعرف أن عدن كانت مستعمرة إنجليزية حتى ما قبل 3 سنوات، وبعد ذلك سنعلّه اللغة الروسية، اللغة الأم للمعسكر الاشتراكي التي أجيدها أنا وأنت، وعندما يتقن شعبنا هذه اللغات الثلاث تماماً، فستفكر في مشروع تعليم اللغة الألمانية.. عد إلى الوزير وقل له أن (عمر الجاوي) يقول إن اللغة الألمانية لن تمر إلاّ على جثته".
بهت الألماني الذي لم يتعود مثل هذه اللغة، فانسحب دون أن ينطق بكلمة، وكان هذا الموقف العامل الثاني من عوامل الحرب بين مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون ومديرها العام وبين الوزارة ووزيرها.
لم يكن الجاوي يملك سيارة، وفي الوقت نفسه يرفض استخدام سيارات الإذاعة والتلفزيون، وكنا في طريقنا إلى الشارع عقب الاجتماع للبحث عمّن يقلّنا على طريقة (الأوتوستوب) فصادفنا (ضرار عبدالوهاب) مراقب البرامج الذي أوقفه الجاوي عن العمل منذ أول يوم وهو رجل خطير له أبعاد وأعماق، فخاطب الجاوي بقوله: "باين عليك ناوي (تعصدها)" فقال الجاوي: "أيوه… ولكن في بطنك".
أول ما وقفنا على الرصيف توقفت لنا سيارة، ولدهشتي كانت سيارة (العميد) عبدالوهاب الباري الذي لم أره منذ عدة أشهر، والذي انفجر أول ما شاهد الجاوي: "أنا يا عمر يشنّعوا عليّ ويسمّوني (عبدالقات عبدالبوري) (رأس النرجيلة)"… أخذ عمر في تهدئته بينما العميد يدوس على (البريك) و (الكلاتش) في ضربات سريعة متتابعة.. .طيب على كيفك، مافيش قطع غيار في البلاد… قال العميد: "بافرجّك انتقامي".
أزاح العميد سجادة من على (البريك) والكلاتش حيث ألصق صورتين لـ (لينين) و (ماركس) أخذ يدوس عليهما، علّق الجاوي: "لا حول إلا بالله، با يخلّوا نص شعبنا مجانين".
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-03-31, 11:18 PM   #13
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

صالح الدحان وحكومة الربع ساعة (12/58)

كتبهافضل النقيب ، في 22 مارس 2007 الساعة: 17:43 م

كانت عدن في مطالع السبعينات من هذا القرن تغلي في فوهة بركان، وقد أخذ الناس يتحولون إلى أشباح، وجوهٌ مصفرة، أجسادٌ هزيلة، عيونٌ زائغة، شعورٌ منكوشة تجلّلها الغبرة، وأخذ الكثيرون من الناس والعائلات المستورة يهيمون على وجوههم بحثاً عن لقمة تسدّ الرمق بعد أن شحّت الموارد عقب التأميمات التي شملت كل شيء والتي لم تفد الدولة في شيء، اللهم مدّها بمسكنٍ مؤقت لا تدري متى ينتهي مفعوله وقد لا يظهر له مفعولٌ أبداً.

وكان الصحفي المرموق صاحب القلم الساخر (صالح الدحّان) يسمي الحكومة: (حكومة الربع ساعة) ليش يا عم صالح؟ افهمها يا أهبل، إنهم يخططون لربع ساعة قادمة، فإذا نجحوا واجتازوا الربع ساعة بسلام، صفّقوا من الفرح وأطلقوا خطة الربع ساعة الثانية… مهزلة… ثم يؤكد العم صالح أن فنجان الشاي الذي يشربه يكلف الدولة 10 فناجين… كيف؟ شوف اللي على الطاولة المجاورة والذي هناك… وذلك الذي في الركن، كل هؤلاء يراقبون (عمك صالح) وهات يا أكل ويا شرب على حسابي، وفي الأخير كلنا (مفاليس) تذكرت تعقيب عمر الجاوي على انفعال (العميد) وإحساسه أنه مطارد: "لا حول إلاّ بالله… با يخلّوا نص شعبنا مجانين".

وسط هذا البلاء العظيم كانت (الماكينة) الدعائية تبيع قسائم الجنة في الدنيا وتمنّي الناس بالمنّ والسلوى، بس… بعد أن نقضى على أمريكا وحلفائها وعلى (الثورة المضادة)، ولكل أجلٍ كتاب، ولا أدري أي ذهنٍ عبقري تفتق عن فكرة إنزال الناس إلى الشوارع لتثوير الجماهير، وإرهاب الطابور الخامس، وما عاد للناس من شغل شاغل إلاّ المسيرات بالفؤوس والعصي والطّبل والزّمر، و "سالمين نحن أشبالك وأفكارك لنا مصباح، وأشعلناها ثورة حمراء بعنف العامل والفلاح" لم تعد البلد تنتج أيّ شيء سوى الشعارات.

تحوّل مبنى الإدارة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى ملاذ لأصناف مختلفة من البشر كلّهم يجرون وراء عمر الجاوي للمساعدة أو لحل مشاكلهم المالية أو التوسط للإفراج عن معتقل، أو السؤال عن مفقود، وتجدهم يقعدون بالساعات في مكتبه وفي الممرات وعلى الدرج وفي الباب الخارجي… وأخذ الجاوي يغرق في هموم الناس ولا يجد من ينقذه هو من الغرق.

أخيراً نتسحّب أنا وعمر مثل لصين هاربين بعد أن نكون قد ضمنا وجبة غداء عند أحد الأصدقاء حيث نجد هناك بعض مريدي عمر الذين ما أن يهلّ عليهم كأنه خارج من (اليم) حتى يقفوا صفاً واحداً ينشدون النشيد الذي ألفو ولحنّوه خصيصاً لوليّهم: "عمر الجاوي أتى … عمر الجاوي ذهب… عمر الجاوي حديد… عمر الجاوي ذهب".
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-04-19, 12:44 PM   #14
عبدالله البلعسي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-01-15
المشاركات: 13,875
افتراضي

الغلبان يترحم على أيام المرحوم (13/58)

كتبهافضل النقيب ، في 21 مارس 2007 الساعة: 16:51 م

كانت تلك الأيام مليئة بالمفارقات، مفعمة بالإثارة، غارقة في البلبلة واللاّمعنى. وكانت العاصمة عدن قد أجهدت بمعنى الكلمة، فتوقفت جميع المصاعد في شارع المعلا الرئيسي، أجمل شوارع العاصمة، وتوقفت خدمات إضاءة السلالم وجمع القمامة وأصبح على السكان صعود سلالم العمارات العالية في ظلام دامس والاصطدام بأكوام النفايات في كل منعطف.

كما انطفأ الحي التجاري (كريتر) فقد فقدت عدن بجرّة قلم التأميم موقعها الاستراتيجي كمحطة ترانزيت، وإعادة تصدير عبر البحار، وكانت تنافس في ذلك هونج كونج وسنغافورة.

وأصبح حي الميناء (التواهي) واجهة العاصمة البحرية الذي كان يعج بالحياة على مدار 24 ساعة مقفراً كأنه مسرح روماني مهجور. وفي العموم سقطت المدينة في هوّة (العدم) وانطبق عليها ما وصفها به صحفي غربي من أنها أشبه بمدينة مصطنعة أقامها مخرج في الصحراء لتصوير فيلم سينمائي، وبعد أن دبت فيها الحياة لعدة أسابيع هجرتها الأضواء وتركها الممثلون وفريق العمل لتواجه مصيرها المحتوم.

نعم… كانت عدن تواجه مصيرها المحتوم بكبرياء ولا مبالاة وبقدرة عجيبة على التكيف مع سوافي العاصفة، وكان ألطف ما في الأمر هو المساواة في الظلم الذي قيل عنه أنه نوعٌ من (العدل) فقد (اختلست) جلود الجميع عدا قلة قليلة لم تكن تستفزّ الملأ بنعمتها المحدثة في تلك الفترة المبكرة.

كان وزير الإعلام (عبدالله الخامري) ملك الأناقة بقامته القصيرة وقمصانه (المودرن) ونظارته الذهبية، وعطوره الباريسية، وحركات يديه المدهشتين أثناء الحديث، وكان يبدو مثل نجم مضيء في سماء سوداء فقد كانت (الموضة) في تلك الأيام لبس (الكاكي) والبهذلة والحديث بكلام مبهم غير مفهوم، أخرج من اللعبة جيلاً كاملاً لم يعد قادراً على الإصغاء أو الحديث… وفي العموم كان (الخامري) رجل حوار مدني النزعة شاعري الرؤية.

وقد استضفته في حوار تلفزيوني حول مشاكل تطبيقات قانون التأميم، وكان من ضمن الأسئلة سؤال عن مدى قانونية استقطاع أقساط أثمان بيوت باعتها الحكومة السابقة لموظفين، وأممت المنازل الحكومة الحالية مع الاستمرار في تحصيل أقساط ثمن بيوت لم تعد لهم… فأجاب الخامري، عليهم أن يستمروا في السداد، فالتأميم شيء ومستحقات الخزينة شيءٌ آخر… ثم من قال لهم يشتروا؟!!!.

عندما سألني عمر الجاوي عقب المقابلة عن انطباعي من خلال لقائي مع صديقنا الوزير قلت له ما قاله الأعرابي عن نحويي البصرة: "إنهم يتكلمون بلغتنا عن لغتنا بما ليس من لغتنا".

تذكرت قصة الرئيس (سالمين) مع المواطن الغلبان من (الشيخ عثمان) الذي اشتكى له ضعف حاله بعد تأميم مطعمه ذاكراً أنه متزوج من أربع فأجابه الرئيس: "ومن قال لك تتزوج أربع…" فبهت المسكين فقال للرئيس بعفوية: "والله لو كنت أدري أنك باتحكم البلاد ما كنت تزوجت أصلاً، بس أنا تزوجت الأربع أيام المرحوم (يقصد الإنجليز)".
__________________
[IMG]file:///C:/Users/dell/Downloads/562735_452337594800990_1195827186_n.jpg[/IMG]
عبدالله البلعسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2012-04-19, 08:53 PM   #15
جبل الضالع
قلـــــم جديــد
 
تاريخ التسجيل: 2012-04-14
المشاركات: 11
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البلعسي الحر مشاهدة المشاركة
الغلبان يترحم على أيام المرحوم (13/58)

كتبهافضل النقيب ، في 21 مارس 2007 الساعة: 16:51 م

كانت تلك الأيام مليئة بالمفارقات، مفعمة بالإثارة، غارقة في البلبلة واللاّمعنى. وكانت العاصمة عدن قد أجهدت بمعنى الكلمة، فتوقفت جميع المصاعد في شارع المعلا الرئيسي، أجمل شوارع العاصمة، وتوقفت خدمات إضاءة السلالم وجمع القمامة وأصبح على السكان صعود سلالم العمارات العالية في ظلام دامس والاصطدام بأكوام النفايات في كل منعطف.

كما انطفأ الحي التجاري (كريتر) فقد فقدت عدن بجرّة قلم التأميم موقعها الاستراتيجي كمحطة ترانزيت، وإعادة تصدير عبر البحار، وكانت تنافس في ذلك هونج كونج وسنغافورة.

وأصبح حي الميناء (التواهي) واجهة العاصمة البحرية الذي كان يعج بالحياة على مدار 24 ساعة مقفراً كأنه مسرح روماني مهجور. وفي العموم سقطت المدينة في هوّة (العدم) وانطبق عليها ما وصفها به صحفي غربي من أنها أشبه بمدينة مصطنعة أقامها مخرج في الصحراء لتصوير فيلم سينمائي، وبعد أن دبت فيها الحياة لعدة أسابيع هجرتها الأضواء وتركها الممثلون وفريق العمل لتواجه مصيرها المحتوم.

نعم… كانت عدن تواجه مصيرها المحتوم بكبرياء ولا مبالاة وبقدرة عجيبة على التكيف مع سوافي العاصفة، وكان ألطف ما في الأمر هو المساواة في الظلم الذي قيل عنه أنه نوعٌ من (العدل) فقد (اختلست) جلود الجميع عدا قلة قليلة لم تكن تستفزّ الملأ بنعمتها المحدثة في تلك الفترة المبكرة.

كان وزير الإعلام (عبدالله الخامري) ملك الأناقة بقامته القصيرة وقمصانه (المودرن) ونظارته الذهبية، وعطوره الباريسية، وحركات يديه المدهشتين أثناء الحديث، وكان يبدو مثل نجم مضيء في سماء سوداء فقد كانت (الموضة) في تلك الأيام لبس (الكاكي) والبهذلة والحديث بكلام مبهم غير مفهوم، أخرج من اللعبة جيلاً كاملاً لم يعد قادراً على الإصغاء أو الحديث… وفي العموم كان (الخامري) رجل حوار مدني النزعة شاعري الرؤية.

وقد استضفته في حوار تلفزيوني حول مشاكل تطبيقات قانون التأميم، وكان من ضمن الأسئلة سؤال عن مدى قانونية استقطاع أقساط أثمان بيوت باعتها الحكومة السابقة لموظفين، وأممت المنازل الحكومة الحالية مع الاستمرار في تحصيل أقساط ثمن بيوت لم تعد لهم… فأجاب الخامري، عليهم أن يستمروا في السداد، فالتأميم شيء ومستحقات الخزينة شيءٌ آخر… ثم من قال لهم يشتروا؟!!!.

عندما سألني عمر الجاوي عقب المقابلة عن انطباعي من خلال لقائي مع صديقنا الوزير قلت له ما قاله الأعرابي عن نحويي البصرة: "إنهم يتكلمون بلغتنا عن لغتنا بما ليس من لغتنا".

تذكرت قصة الرئيس (سالمين) مع المواطن الغلبان من (الشيخ عثمان) الذي اشتكى له ضعف حاله بعد تأميم مطعمه ذاكراً أنه متزوج من أربع فأجابه الرئيس: "ومن قال لك تتزوج أربع…" فبهت المسكين فقال للرئيس بعفوية: "والله لو كنت أدري أنك باتحكم البلاد ما كنت تزوجت أصلاً، بس أنا تزوجت الأربع أيام المرحوم (يقصد الإنجليز)".
رحم الله جميع الناضلين والمناضلات
__________________
[frame="7 80"][grade="8B0000 FF0000 FF7F50"]جنوبيا الهوى قلبي انا قلبي جنوبيا وما احلاه ان يغدوو هوى قلبي جنبيا[/frame][/grade]
جبل الضالع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر