رصد لمساهمة قيادات مؤتمرية في أحداث الشغب

[د.واعدباذيب]

رصد لمساهمة قيادات مؤتمرية في أحداث الشغب
تفحصوا هويات المواطنين.. آليات حزبية تستفز العاطلين



? كتب/ أنيس حميدة:
[08/04/2008]





استيقظت السلطة بمديريات كرش وردفان وطور الباحة بمحافظة لحج على دوي أصوات شبابية غاضبة كالسيل الجرار يحطم كل شيء أمامه.. إنهم شباب تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والعشرين عاما، خرجوا بدون سابق إنذار أو تنظيم في حركة اتسمت بالغضب والعشوائية والخلو من البيانات واللوحات القماشية والقصائد الشعرية والخطابات العصماء.


مسلسل العنفو بدأ من إعلان السلطة عن وظائف في السلك العسكري خضعت لمعايير حزبية وانتقاء مقربين ومحسوبيات انكشف غطاؤها مبكرا أمام ساحات ومعسكرات الاستقبال وتم رفض قبول الشباب بشروط تعجيزية كالسن والطول وتحدث بعض العائدين أنهم تعرضوا للضرب وعبارات تتضمن السب والتجريح في ذواتهم ومناطقهم ووصفهم بالهمج الرعاع
ظلوا أياماً عديدة بليالها مرابطين يتأبطون شهادات التخرج ويقف السماسرة لهم بالمرصاد يطالبونهم بدفع فاتورة التسجيل مقدما مهما كان لون وطول وسن المتقدم ثم عادوا خائبين بعد أن كانت أحلامهم تزن الجبال رزانة وفجأة تمخضت جبال الأحلام فولدت مستقبلا غامضا يقلق حياتهم فلجؤوا إلى الشارع بسخط وهيجان غير مبالين بأي تداعيات وإفرازات ونتائج.
من المشاهد التي جمعت أثناء المظاهرات الشبابية في ردفان وطور الباحة وكرش تدمير الممتلكات العامة والمؤسسات الحكومية وتحطيم الآلات والمعدات والسيارات وكل شيء له صلة بالدولة ومنها ما حدث في كرش وطور الباحة التي اتخذت هجوما كاسحا على المؤتمر الشعبي العام بإحراق شعار المؤتمر وبطائق الانتساب وإحراق مقراته فيما يرى عبدالملك فارع يحيى أحد قادة جمعيات العاطلين أن استهداف المؤتمر يأتي بسبب الوعود الانتخابية التي لم يَفِ بها الحاكم، وفي مناقشات هادئة مع الشباب المتظاهرين لماذا رفعوا براميل كرش ونصبوها لمدة نصف يوم؟ كانت إجاباتهم ليس حبا في البراميل لكن على رأي المثل «خوفه بالموت يرضى بالحمى»، وينظم إلى المتظاهرون خريجون يطول الوقوف معهم تؤكد أسماؤهم أن جيشا من الجامعيين في مهب الضياع ورحلة التيه التي لا تسترشد بخريطة عبور واضحة أو بوصلة تحدد موقعهم الأساسي لها مدلولات بداية انتفاضة شبابية أخذت طابعا متميزا عن فعاليات الحراك السلمي كأحداث الشغب والعصيان الشبابي صنعتها نزوات البشر في وطن يرفض شهادات أبنائه الواقفين على أبواب مصير مجهول، يقف المراد حائرا ومتسائلا إذا كانت بدايات الانتفاضة الشبابية قد أحرقت كل أخضر ويابس غير مبالين بالعواقب والتبعات وحجم الخسائر فكيف إذا كانوا جيشا مسلحاً بالعتاد!؟
ارتفاع ترمومتر غضب العاطلين فتح سجين أمن الحبيلين وأطلق سراح المساجين وطرد الباعة المتجولين وقيام متظاهري كرش بنصب نقطة تفتيش وعرض بطائق الهوية بين جنوبي يتم المساح له بالمرور ويحظى بقبول واحترام وبين شمالي تكال له الأوصاف والنعوت، ومن لم يجدوا بحوزته بطاقة هوية يسألونه عن كلمة بقرة فإذا قالها بالقاف بالساكنة جنوبي، وإذا قالها بالجيم المعطشة شمالي، حدثت هذه اللقطات أمام مرأى ومسمع عشرة أطقم عسكرية وجنرالات أمنية وقفت عاجزة عن فعل شيء يذكر.
القيادي الإصلاحي بالقبيطة أحمد علي غالب يرى أن أعمال العنف بتواطؤ واتفاق بين السلطة وبين هؤلاء المتظاهرون بهدف القضاء على ما تبقى من رمق للنضال السلمي، وهي طامة كبرى واغتراف من مياه البحر الأحمر، وقد اعتبر القيادي الناصري في لحج/ أنيس ثابت حسن، أن الحراك الجنوبي لم يتحول بتاتا إلى عنف وأن السلطة هي التي صنعت العنف ومارست سياسة الحرمان والإقصاء والتهميش لشباب الجنوب وقامت بزج عناصر تخريبية تهدف لإجهاض الحراك السياسي وتحويله إلى عنف كي يسهل القضاء عليه بمبررات واهية، كما يرى وكيل محافظة الضالع لحسون صالح مصلح أن ما حدث مجرد بروفة لمشروع يهدف لتجزئة اليمن وهذه التظاهرات قياس نبض بدوافع خارجية فإذا نجحت هذه البروفات سيأتي الهدف الذي لن يتحقق لأن الوحدة راسخة، كما يقف سكرتير الحزب الاشتراكي في لحج حامد عرابة نقيضاً لحديث لحسون ويرى أن هناك جهات مشبوهة لها علاقة بالعنف كما أن ممارسات السلطة العنصرية والانتقائية ركيزة هامة وما حدث ليس له علاقة بالحراك السياسي والدليل عدم وجود خطابات أو دعوات أو بيانات قائلاً: نحن ضد تدمير الممتلكات العامة والخاصة والسلطة تعرف جيدا أن عشرات الفعاليات شهدتها لحج خلال الفترة الماضية ومديرياتها ولم تسبب أي أضرار وتساءل عرابة بأي ذنب تقوم السلطة بمتابعة شخصيات لم تحضر هذه الأحداث وهي بريئة، معتبراً أنها تصرفات تدل على إفلاس السلطة واستعرض سكرتير اشتراكي لحج وهو أحد الذين تعرضوا للاعتقال أرقاماً كبيرة استهدفتهم السلطة سبعة عشر مواطنا في الحوطة بينهم أساتذة جامعيون في غرف خاصة بالأمن السياسي والزج بما يقارب 45 شابا في السجن المركزي بصبر في حالة مزرية ومهينة لآدميتهم وقال أمين عام إصلاح لحج عبدالقوي قائد إن مسببات الغضب هي السياسة العشوائية للدولة حين يتم تسجيل وظائف التجنيد عبر مقرات المؤتمر بطرق استفزازية مع أن الأصل أن تقوم السلطة بالإعلان والشروط المطلوبة للالتحاق بالسلك العسكري عبر وسائل الإعلام والقضية ليست قضية شباب عاطل فقط أو حزب أو مجموعة أصبحت قضية إجماع وطني يبحث عن عيش كريم ومواطنة متساوية، وعلى الدولة مراجعة أخطائها بحلول ملموسة يشعر بها المحتقنون وما قامت به السلطة من عسكرة المدن وإعلان حالة الطوارئ وملاحقة الناشطين بعشوائية وعدم احترام حتى أساتذة الجامعة يعد مؤشرا خطيرا يزيد الطين بلة واحتقانا أوسع، وتساءل قايد: كيف ظلت الضالع وردفان في اليومين الأولين أثناء غضب الشباب خالية من الحراسات الأمنية حتى من رجال المرور وفي اليوم الثالث تخرج الدبابات والعربات!؟ وهناك أشياء تبعث التساؤل والاستغراب وكأنها أعمال مدروسة برعاية رسمية.
ووضع رئيس جمعية العاطلين بمديريات ردفان مازن محمد صالح أدلة وحقائق واضحة لوقوف السلطة خلف التظاهرات الشبابية من نواحي عديدة أولها أن الوجوه الشبابية التي تقوم بمظاهرات الشغب هي وجوه جديدة لم نشاهدها في الفعاليات السابقة كما يتقدم هؤلاء المتظاهرين مقربون وأولاد لشخصيات أمنية وعسكرية ولاؤها للسلطة يحتل بعضهم مراكز مرموقة كان موقفهم سابقا ضد الحراك السلمي، وعزز رئيس جمعية العاطلين في كرش وليد علي حميد ما تحدث به مازن الردفاني بقوله : لقد شاهدنا قيادات في تكوينات المؤتمر الشعبي العام في كرش في مقدمة المشاغبين يلقون بالحجارة على السيارات والمركبات السائرة على خط (عدن -تعز) أثناء تظاهر شباب كرش وشخصيات أخرى قامت بتوزيع أموال في مقر المؤتمر الشعبي للشباب الذين أحدثوا الشغب ونصبوا البراميل بل إن خلافات معلنة بين قيادات المؤتمر وهؤلاء الشباب على تأخر دفع مبالغ التظاهرة الثانية التي حاولوا فيها اقتحام إدارة الأمن، مع ذلك نحن نضالنا سلمي يرفض أي أعمال تخريبية تمس المال العام ومن خلال الحيثيات السابقة والمختصرة يتضح جليا الهدف مما حدث ومن هو المستهدف والخاسر ونترك الأحكام والتعليق بدقائق التأملات للقارئ اللبيب حتى تشرب انتفاضة الشباب العاطلون من دم وبحر المؤتمر الشعبي العام، مع أن الإضرار بمستقبل الشباب خسارة لا تعوض ولا تقدر بثمن في حساب دولة العدل والمساواة وتقدير الكفاءات والقدرات، والجميع يعرف أن الطريق إلى السلطة عبر الوعود بغرض التوظيف والأراضي السكنية لم يتحقق منها سوى دخان الإطارات المرتفع في عنان سماء الضالع وردفان وكرش والضالع وعشرات المصابين وقتيل واحد ومئات المعتقلين وحالات الطوارئ والنوم على أزيز الدبابات وصفير الطائرات القادمة من البحر الأحمر والعربي