أوباما يطل على العالم الإسلامي من تركيا: ينبغي التعامل مع المسلمين كأصدقاء وجيران

[أبوسعد]

أوباما يطل على العالم الإسلامي من تركيا: ينبغي التعامل مع المسلمين كأصدقاء وجيران
أوباما وزوجته ميشال قبيل إلقاء خطابه في براغ أمس (أ ب)







يفتح الرئيس الاميركي باراك اوباما في تركيا اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، نافذته الفعلية الاولى على العالم الاسلامي، في زيارة تاريخية بمقاييسها الزمنية والاستراتيجية، رغم علامات الاستفهام التي تطرح حول مستقبل العلاقة بين واشنطن وأنقرة، وما تحتويه من التزام اميركي بالنظر الى تركيا كجزء من الاتحاد الاوروبي، والتطلع اليها كدولة اسلامية نموذجية مؤثرة في العديد من الازمات التي يواجهها الاميركيون في افغانستان والعراق وفي الصراع العربي الاسرائيلي.
ومن العاصمة التركية، التي حط بها مساء امس، من دون زوجته ميشال، سيوجه اوباما خطابا، وعد به في مستهل عهده، الى العالم الاسلامي، كما سيحاول خلال محادثات مع المسؤولين الأتراك «استعادة» تركيا وهي اول دولة مسلمة يزورها رسميا وتجديد الشراكة الثنائية معها، بعد ثماني سنوات من التوتر الناجم عن حروب الرئيس الاميركي السابق جورج بوش التي أثارت مشاعر الكراهية في قلوب الأتراك. وقال مسؤول اميركي عضو في الوفد الرئاسي ان «الرئيس سيعاود التأكيد ان تركيا حليف رئيسي وتشكل جزءا مهما من اوروبا. لقد اراد التوجه الى
تركيا لانه يعتقد بوجوب اعادة اطلاق العلاقات بين البلدين بعدما شهدت توترا في الاعوام الاخيرة». واضاف ان «الرئيس سيبحث تقدم الاصلاحات الديموقراطية في تركيا وسيؤكد مجددا الدعم الاميركي لطلب تركيا الانضمام الى الاتحاد الاوروبي».
ويلقي اوباما كلمة في البرلمان في أنقرة، على ان يشارك في مأدبة عشاء مع الرئيس التركي عبد الله غول، قبل ان يتوجه الى اسطنبول، التي شهــدت تظاهرات مناهضة له، لحــــضور لقاء «تحالف الحضارات»، وزيــــارة اماكن تاريخية عديدة بينها متحف آيا صوفيا وجامـــع السلـــطان احمد والمشــــاركة في طاولة مستــديرة مع طلاب.
واستبق اوباما زيارته الاستثنائية الى تركيا، بإعلانه تأييده انضمام الدولة التي تقطنها غالبية مسلمة الى الاتحاد الأوروبي. وقال في كلمة امام قادة الاتحاد في براغ «على الولايات المتحدة وأوروبا ان تتعامل مع المسلمين كأصدقائنا وجيراننا وشركائنا في التصدي للظلم وعدم التسامح والعنف». واضاف ان «التقدم نحو انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي سيشكل إشارة مهمة الى التزامكم في هذا الصدد، وسيؤكد اننا نواصل ربط تركيا بقوة بأوروبا».
وقد سارع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى الرد على موقف اوباما، مكررا معارضته انضمام تركيا. وقال في مقابلة مع قناة «تي اف 1« مباشرة على الهواء من براغ «اعمل يدا بيد مع الرئيس اوباما، ولكن في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي فان القرار يعود الى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي... عارضت دائما هذا الانضمام وسابقى كذلك».
بدورها، قالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان من مصلحة الجميع بالتأكيد اقامة علاقات بين الاتحاد الأوروبي والعالم الاسلامي. لكن عندما طلب منها التعليق على تصريحات اوباما مباشرة، اكتفت بقولها «من الواضح ان هناك آراء مختلفة».
وكان اوباما نجح امس الاول في تفادي ازمة داخل حلف شمال الأطلسي عبر توسطه للحصول على موافقة أنقرة على تعيين رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن أمينا عاما جديدا للحلف، وذلك خلال القمة الستينية للحلف في فرنسا وألمانيا، التي استطاع الرئيس الاميركي خلالها ايضا كسب التأييد لاستراتيجيته في افغانستان من خلال خفض مطالبه لتفادي معارضة حلفائه.
وبعد القمة الأطلسية، حشد اوباما وعودا بإرسال تعزيزات الى افغانستان تصل الى خمسة آلاف عنصر. وهذا المجموع الذي أعلنه البيت الابيض يعيد تأهيل تعهدات قطعت سابقا مثل إعلان المانيا إرسال 600 رجل. كما يتضمن خصوصا تعزيزات مؤقتة لضمان امن الانتخابات الرئاسية في آب المقبل في افغانستان. أما الباقي، فهو مخصص لتدريب الجيش والشرطة الافغانية. وتبقى المساهمات التي قدمها الحلفاء الأوروبيون في كل الأحوال بعيدة عن التعزيزات بـ21 الف جندي التي أعلنها اوباما مؤخرا.
وقال اوباما في هذا السياق «يجب ان لا يغيب عن أذهاننا انه لم يمض سوى أسبوع على كشفنا هذه المقاربة الجديدة لكننا للمرة الاولى نملك الوسائل (لتحقيق) طموحاتنا»، مشددا على ان تنظيم القاعدة وحركة طالبان «لن تنتصرا علينا». وقد اسر مسؤولون أميركيون كبار في مجالس خاصة، انهم لا يعتبرون التعهدات التي اتخذت في قمة الحلف الأطلسي الا بمثابة «سلفة» على جهود مدنية وعسكرية اكبر ينبغي تقديمها على المدى الأطول.
خطة لعالم خال
من الاسلحة النووية
وقبيل لقائه قادة الاتحاد الأوروبي، ألقى اوباما في براغ أمام الآلاف من التشيك والأجانب في ميدان هرادكانسكي، خطابا فصل فيه استراتيجيته للحد من الاسلحة النووية خلال السنوات المقبلة، والتي تقوم على خفض الترسانات النووية الموجودة، ووقف التجارب النووية، وحظر إنتاج المواد الانشطارية لغايات عسكرية، وفرض عقوبات أكثر صرامة على الدول التي تنتهك قواعد حظر الانتشار.
وقال الرئيس الاميركي امام قلعة براغ، ان «الولايات المتحدة، بوصفها القوة النووية الوحيدة في العالم التي سبق لها وان استخدمت سلاحا نوويا، تقع على عاتقها مسؤولية أخلاقية للعمل» من اجل جعل العالم خاليا من السلاح النووي. واضاف «من هنا أؤكد بوضوح وعن قناعة، التزام الولايات المتحدة ورغبتها بالعمل من اجل السلام والأمن في عالم خال من الاسلحة النووية».
وفي ما يتعلق بالخطوات العملية، أكد اوباما ان إدارته ستسعى «بتصميم» لكي يصادق مجلس الشيوخ الاميركي على معاهدة الحظر التام للتجارب النووية. وقال «آن الأوان لكي يتم حظر التجارب النووية بالكامل». وصادقت على هذه المعاهدة حتى الآن 148 دولة غير انها لن تدخل حيز التنفيذ الا بعد ان تصادق عليها الولايات المتحدة والصين والهند وباكستان واسرائيل وايران ومصر واندونيسيا وكوريا الشمالية.
وينوي اوباما التفاوض على معاهدة جديدة دولية قادرة على «وضع حد، بطريقة يمكن التأكد منها، لإنتاج المواد الانشطارية» لغايات عسكرية، داعيا ايضا الى عقد قمة حول الأمن النووي لمنع انتشار المواد النووية الحساسة. وشدد على رغبته التفاوض مع روسيا بحلول نهاية العام على اتفاق جديد لخفض الترسانتين النوويتين للبلدين، قائلا ان «الارث الأكثر خطورة» الذي ورثه العالم من الحرب البادرة، هو آلاف الرؤوس النووية في الترسانات العسكرية.
في موازاة ذلك، سعى اوباما الى طمأنة الجمهورية التشيكية وبولندا، بشأن مشروع الدرع الصاروخية. وقال ان «نشاط ايران في المجال النووي والصواريخ الباليستية يشكل خطرا حقيقيا ليس فقط على الولايات المتحدة، وانما ايضا على جيران ايران وعلى حلفائنا». واضاف «ما دام التهديد الايراني ماثلا، ننوي المضي قدما بنظام الدرع... وإذا أزيل التهديد الايراني، فستكون لدينا قاعدة اقوى للأمن وستزال القوة الدافعة للدرع»، التي تظاهر ضدها حوالى 300 شخص في العاصمة التشيكية. وفي وقت لاحق، قال مسؤول أميركي إن اوباما أبلغ للقيادة الـــبولندية بأن الولايات المتحدة مستمرة في بحث تطوير درع الدفاع الصاروخي.
(«السفير»، ا ب، ا ف ب، رويترز، يو بي آ)