موجز عن التاريخ المنسي لثورات الجنوب العربي ضد الإحتلال البريطاني

[العرب العاربه]

"في 18 ديسمبر 1838 وصلت إلى المياه الإقليمية الجنوبية قادمتين من بومباي سفينتان حربيتان أخريان مزودتان بطاقمين من المدفعية ثم أعقبهما وصول بقية القوة يوم 16 يناير 1839 أي بعد أقل من شهر بدأت قيادة القوات البريطانية حينها على الفور تخطط لعملية إنزال في الخليج الأمامي لكريتر إلا أن المقاومة الجنوبية الشديدة لم تمكنها من إنزال مدافعها هناك.
وفي يوم“18 يناير” أبحر الكابتن “سميث” على رأس حملة عسكرية حول خليج عدن. وما إن وصل بالقرب من جزيرة صيرة حتى أخذ أفراد المقاومة الجنوبية يطلقون نيران بنادقهم ومدافعهم بشكل مكثف على القوات الغازية حتى أرغمتها على العودة والإرساء بقية الليل في الخليج.

ومع بزوغ صبيحة 19 يناير 1839 وفقا للخطّة المسبقة للقوات البريطانية الغازية تم إنزال فرقتين من قواتهم حول جزيرة صيرة، وبعد أن تمكنت السفن الحربية البريطانية المهاجمة من أخذ مواقعها في جزيرة صيرة وحول قلعتها بدأت بإطلاق نيرانها الكثيفة على القلعة وتحصيناتها المتينة التي كان يوجد فيها أفراد المقاومة الجنوبية ومعهم اثنا عشر مدفعاً، فاستمر تبادل إطلاق النار في معركة غير متكافئة من حيث العدد والإمكانيات، أظهر خلالها الجنوبيون مقاومة واستبسالاً عنيفين وشجاعة وطنية نادرة في معركتهم القتالية ضد قوات الاحتلال البريطاني شهد لهم بها العدو قبل الصديق وهو ما لم يمكّن القوات الاستعمارية الغازية من الاستيلاء على القلعة إلا بعد أن نفدت ذخائر أفراد المقاومة الجنوبية ووقوع 129 فرداً من أبطال المقاومة الشعبية أسرى في أيدي قوات الاحتلال الأجنبي. وبالرغم من ذلك رفض الأسرى تسليم سلاحهم الأبيض واشتبكوا مع ضباط وجنود الاحتلال الذين أرادوا تجريدهم بالقوة فقتل أبطال المقاومة الأسرى ضابطاً وأربعة أفراد آخرين من البريطانيين طعناً بخناجرهم. وكان الرد البريطاني تجاه الأسرى عنيفاً، حيث قام بقية الجنود البريطانيين بإطلاق النار عليهم وقتلوا اثني عشر أسيرا من أبطال المقاومة الجنوبية، فيما تكبدت القوات الغازية 15 فرداً مابين قتيل وجريح.

وإجمالاً كانت خسائر المقاومة الجنوبية في هذه المعركة 139 شهيداً دفاعاً عن مدينة عدن الباسلة وأعداداً كبيرة من الجرحى والأسرى، وهو ما يؤكد شراسة المعركة وهمجية قوات الاحتلال، وشجاعة واستبسال الوطنيين الجنوبيين المدافعين عن عدن.

وبالرغم من الهزيمة العسكرية التي منيت بها القوات الجنوبية المدافعة عن المدينة وسيطرة القوات الغازية على عدن فإن المقاومة الجنوبية للاحتلال البريطاني لم تتوقف، بل أخذت طابعاً وطوراً آخرين لمواجهة المشاريع والسياسات الاقتصادية والإدارية والعسكرية التي بدأت السلطات الاستعمارية البريطانية على الفور بتنفيذها في مدينة عدن والمتمثلة في بناء التحصينات العسكرية للمدينة وفي تغيير التركيب الديمغرافي لها وفي انتهاج سياسة توظيفية معادية للسكان الجنوبيين عن طريق الترغيب والترهيب وعقد المعاهدات والاتفاقيات الانفرادية معهم. بيد أنه رغم تمكن هنس من عقد اتفاقية في 18 يونيو 1839 مع سلطان لحج، فقد شهدت المنطقة استمرارية المقاومة الجنوبية المسلحة لاحتلال عدن تمثلت في قيام القبائل الجنوبية بشن هجماتها العسكرية على عدن على عدة محاور، منها تلك الحملات والهجمات العسكرية للقبائل اللحجية ، والتي بلغ عدد المشاركين والمقاتلين في كل حملة منها خلال عامي 1839 م - 1840م خمسة آلاف مقاتل تقريباً وكذا حملات قبائل الفضلي والعقربي التي أعلنت الجهاد ضد الاحتلال الانجليزي لعدن. وهي الحملات والهجمات التي كثيراً ما فرضت بها المقاومة الجنوبية الحصار على عدن في محاولة منها لاسترداد مدينة عدن من أيدي الغزاة البريطانيين. إضافة إلى العديد من المحاولات الفردية لقتل واختطاف الضباط البريطانيين بما فيهم هنس نفسه.

حيث كان قائد قوات الاحتلال هدفاً للمقاومة الجنوبية الشعبية وكان من أولى أشكال المقاومة الجنوبية بعد احتلال عدن تلك المقاومة التي قامت بها في نوفمبر 1839 قبائل العبدلي والفضلي التي بدأت تُعد نفسها من أوائل أكتوبر للهجوم على عدن والزحف نحوها بقوات قوامها أربعة آلاف مقاتل تقريباً، مهاجمة المراكز البريطانية عند كل صباح. وقدمت المقاومة الجنوبية في كل تلك المحاولات والهجمات الجريئة على عدن ومراكز قوات الاحتلال الكثير من الشهداء والجرحى إلى جانب تكبيدها لقوات المستعمر البريطاني خسائر كبيرة أيضاً في الأرواح بين قتلى وجرحى مما أثار الخوف والفزع في أوساط الضباط والجنود البريطانيين. ويؤكد تاريخ المقاومة الجنوبية للاحتلال البريطاني أنها لم تنحصر فقط بتلك القبائل المجاورة لعدن، بل امتدت لتشمل معظم القبائل الجنوبية الأخرى ".

وماالثورات التي اشتدت حدة منذ بداية عشرينيات القرن الماضي ومابعدها إلا دليلا ساطعا على أن الجنوب لم يهدأ يوما واحدا عن المقاومة... حيث اندلعت ثورة بن عبدات في مدينة الغرفة بسيئون بحضرموت ضد الإحتلال البريطاني عام 1924م – 1945م أي لمدة واحد وعشرون عاما ...ثم اشتعلت بعدها مباشرة بعام واحد ثورة آل ربيز العوالق عام 1925م والتي استمرت حتى عام-1930 أي لمدة خمس سنوات وبعد ذلك اندلعت ثورة ثانية من قبائل آل النسي في حريب ضد الإحتلال البريطاني والتي استمرت منذ عام1948 م حتى عام 1959م كان نتيجتها تحريرها بالكامل عام 1960 م وبقيت محررة حتى يوم الإستقلال ...
وكذا انتفاضة قبائل دثينة عام 1957م ...ثم انتفاضة الضالع عام 1958م... وفي نفس العام اندلعت ثورة ثانية في حضرموت بالمكلا في منتصف يوليو 1958 م ...وبعد ذلك اندلعت ثورة آل ربيز الثانية في النصف الثاني من مارس 1959 حتى جلاء البريطانيين من منطقة العوالق عام 1965م وبقيت محررة حتى يوم الإستقلال ...وفي عام 1963 اندلعت ثورة 14 اكتوبر المجيدة التي تكللت بالإستقلال التام عن الإحتلال البريطاني في 30 نوفمبر 1967 م لتقوم بمصادرتها دول إقليمية ودولية وعملاء لدولة الإحتلال اليمني في الجمهورية العربية اليمنية.




هذا هو موجز مختصر للثورات الجنوبية العربية وسأقوم بوضع تفصيل لكل ثورة لاحقا بإذن الله تعالى.