لما فهم الاشتراكيون تعطل فهم اصحاب الجنوب العربي والسعودية مستثناة

[نبيل العوذلي]

لما فهم الاشتراكيون تعطل فهم أصحاب الجنوب العربي والسعودية مستثناة
الناظر لبعض كتاباتنا السابقة عن مدحنا لفكرة مشروع الجنوب العربي تأتي في طور التأثر الطبيعي بكلام رافق فترة نضالية كنا نظن بجدوى بل وصحة بعض الحجج المطروحة لهذا المشروع , والاصل في الانسان حينما يشارك الاخرين فعالياتهم ونشاطاتهم ان لايكون أمعة وراءهم لايحلل كلامهم وايدلوجيتهم ويراقب تصرفاتهم وردود افعالهم ولعل هذا ما حصل معي والكثيرين تماما

الاشتراكيون يكادوا يكونوا اخيرا فهموا الى حد نستطيع ان نقول انه مبشرا فماذا فهموا؟
واصحاب الجنوب العربي كانوا في الوقت الذي نعيب سفاهة فهم الاشتراكيين سابقا القاصر كانوا فاهمين ولكننا نجد اليوم ان تعطل فهمهم..فكيف نفهم هذه المسألة؟
لابد ان هناك قواعد للفهم متفق عليها بين عقلاء الامم مؤمنهم وكافرهم بمثابة مقاييس لاختبار فهم هذا الفصيل او هذا الشخص خصوصا في مجالنا –السياسة-
يقول المعرفون ان السياسة فن الخيار الممكن او فن التعامل مع الخيارات المطروحة وترجيح افضلهما واصلحهما ويقولوا هي فن المداراة بخيارات متاحة لتحقيق الخيار الاحسن ويقال ايضا الوصول الى الخيار المناسب بالخيارالغير مناسب لوقته المتناسب
اذا المسألة كلها فن التعامل مع الخيارات بالانجليزي—choic es-
والاصل في هذه المسألة ان هناك اشياء لايمكنها قبول الخيارات –اي ان لها خيار محدد- وهناك اشياء لابد فيها من التعامل مع الخيارات باختيار الخيار المطلوب والمقصود
لما كان العالم منقسما الى معسكرين الراسمالي والاشتراكي كان ما يميز المعسكر الاشتراكي هو تقليل الخيارات امام الناس في ايدلوجيتهم بل وحتى طعامهم وشرابهم ومركوبهم الى خيارات محصورة بعدة خيارات فقط . اما المعسكر الراسمالي فيتميز بتوسيع مساحة الخيارات امام الناس الايدلوجية بالتعددية والحياتية بتعدد الشركات المتنافسه في منتجاتها وكلنا نعلم حقيقة هذه المسألة لما كنا في ابان تجربة الاباء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي حصر اصحاب الحزب الاشتراكي خيارات الناس الايدلوجية على مافهمه الماركسيون بديكتاتورية البروليتارليا دونا عن بقية الطبقات وكذلك حتى على مستوى طعام وشراب الناس بالرز الصيني والصيد الباغة والشارلستون ..والمسألة معروفة بينما كان يعج المجتمع الشمالي في صنعاء وتعز بالخيارات الاقتصادية بل والسياسية بنحو اوسع—اردت ان اشرح هذه المسألة حتى يتمهد الفهم الصحيح للموضوع ان شاء الله-
سؤال يطرح نفسه اليوم
هل اتجه العالم نحو الراسمالية بخياراتها التنافسية والتزاحمية ام نحو الاشتراكية بخياراتها المنحصرة ايدلوجيا وحياتيا؟
هذا على المجمل لانه من الواضح ان العالم قد اتجه نحو رؤية الراسماليين الغربيين بالتعددية والديمقراطية والتنافسية والتزاحمية بين اراء الناس ووجهات نظرهم .ولكن على المفصل نجد ثمة دول استطاعت ان تجعل لها خيارات ثابتة كاستراتيجية محكمة لها مثل المملكة العربية السعودية وبريطانيا التي لم تدخل الاتحاد الاوربي حرصا منها على المحافظة على هذه الشخصية التي شرحنا شيء من التفصيل عنها لدى حديثنا عن جكمة الانجليز في ساعة بيغ بن وكذلك الصين التي لم توسع هذه الخيارات وبقت على حصر في مساحتها وايضا كوبا وسوريا
اذا هل هناك قاعدة يمكننا ان نميز من خلالها متى يجب ان نكون اصحاب خيارات منحصرة ومتى يجب التوسع فيها وما هو الضابط؟
السعودية جعلت الضابط لها الكتاب والسنه والانجليز جعلوا العرف النصراني الانجليزي بمثابة الضابط والسوريين جعلوا القومية العربية بمثابة الضابط والصينيون جعلوا العرف الحضاري للامة الصينية هو الضابط –هذا مزيد من التفصيل لتوسعة الاحاطة بالموضوع فقط-
نخلص الى ان الخيارات جزء من دورة الحياة الفكرية والسياسية والحياتية ومن يصر على ان الحياة منحصرة في خيارات هو وضعها فقط يكون قد جانب الصواب لاننا نجد الدين والعرف من العوامل المساهمة في تحديد الخيارات المطلوبة والمقصودة . واقصد بالدين بشمولية الكلمة سواء اكان دينا سياسيا او سماويا صحيحا او محرفا او مبدلا قال تعالى(((لكم دينكم ولي دين)))وايضا
(((ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك))) والمقصود به هنا قوانين مملكة مصر الفرعونية الاجتماعية والسياسية اذ سماها الله تعالى دينا والعرف العادات والاعراف المتفق والمصطلح والمستقر عليها عند الناس في بيئة اجتماعية معينة
ومن هنان يبرز امامنا ان الخيارات قد تكون خيارات مناسبة او خيارات كاملة او خيارات متاحة او خيارات اضطرارية ولذلك يقول الانجليز عند الاضطرار لخيار معين-we have no choice-اي بالعدني –ما فيش الا هوه-وهذا يكشف انه قد يتاح اكثر من خيار مطروح امام المختارفتظهر مسألة الترجيح وقد تلغى آلية العمل بالترجيح لان المسألة مقرونه بالخيار المناسب....خلاصة الموضوع سنكتشف ان الخيارات لايمكن ان ان تكون لوحدها متجردة من العوامل والاسباب المتصلة بها او المؤثرة عليها فمثلا نحن نطالب باستقلال الجنوب العربي هذا هو الخيار الذي ينشده الاخوة عزوة بهويتهم الجنوبية للجنوب العربي ولكن هذا الخيار هل يمكن ان يكون متجرد من التأثر بعوامل اقليمية او محلية او دولية بحيث انه لمجرد اختيارنا هذا الخيار تنصاع تلك العوامل لاراداتنا تماما مثلما كان يقول الاشتراكيون لما كان هناك من يطرح خيارات الانفتاح على دول الجوار انقاذا لاقتصادنا وطمعا في مساعدتهم لنا فكان يقفز من الاشتراكيين قائلا نحن باراداتنا سنفعل ونفعل وهم اليوم عرفوا اخيرا ان المرء لايستطبع بمفرده ان يقوم خيار لمجرد انه يريده طالما ان الاخرين متصلين او مشتركين معك في ما يضرهم او ينفعهم بمصالحهم الاقتصادية والامنية حيث اصبح العالم جزء متصل لايستطيع ان ينفرد جزء بنفسه بحجة انه يمتلك هذه الارض ويحكمها او انه صاحبها ابا عن جد وهذا واقع جديد يحتم علينا التعامل معه مثلما يتعاملون معه فيضطرون مثلا الى مساعدتك ليس حبا فيك ولكن لان منظومة الكون الارضي ستتضرر بسبب ان هذه البقعة الحيوية من الارض غير مستقرة وهي جزء مبني عليه اجزاء اخرى من المصالح الامنية والاقتصادية المتصلة والمتداعية سلبا وايجابا بناء على حصول الاستقرار او التوتر فيها. ولهذا تصبح السياسة اليوم مضطرة لمراعاة هذا الواقع الجديد ومن لم يراعيه سينبذ ه الكل لتظهر لنا معادلة جديدة مفادها انه ليس لك خيار سوى ان تدرك هذه المعطيات من حولك وتعرف كيف توظفها لصالح الخيار الكامل والواجب المستقر عندك انه الحق القطعي والافضل كونا وشرعا بأقل الاضرار والمفاسد
اننا نعرف يقينا ان من يجعل ضابطه لهذه المسألة الكتاب والسنه ينجح وهذا ما جعل دولة مثل المملكة العربية السعودية ناجحة في عمرها الذي تجاوز الثمانين عاما بينما تزعزعت دول لم تجعل ضابط لها سوى الايدلوجيا المستوحاة من عقل البشر او العرف البشري المحكوم اصلا عند العقلاء بضابط الدين اما الدول الغربية فقد جعلت الضابط لها الى جانب العرف صريح العقل المتجرد من الاهواء لينظر الى الموضوع المراد دراسته بعين متجردة لايؤثر فيها هوى النفس ولكنهم لما ظنوا ان ذلك يستدعي الصفاء العقلي والقلبي ظنوا ان الدين من الاشياء التي يجب التخلص منها لتحقيق الصفاء الداخلي ولعل هذا ما يحتاج الى مراجعة

[نبيل العوذلي]

http://www.shabab-gnoube.com/vb/showthread.php?p=115582#post115582