ألصحافه _ وألشأن أليمني

[عبدالله البلعسي]

صحيفه ألشرق ألاوسط

اليمن: تشكيلات عسكرية جديدة وتشديد على التزام الحوثيين بالنقاط الست
قرارات لمجلس الدفاع الوطني تشمل ترشيد الاستهلاك واستخدام القروض بشفافية
صنعاء: عرفات مدابش
اتخذ مجلس الدفاع الوطني الأعلى في اليمن، أمس، جملة من القرارات والإجراءات المتعلقة بالشؤون الأمنية والعسكرية والاقتصادية، في خطوة توحي باستشعار يمني لتراكم الأزمات في البلاد، على مختلف الصُعد، وتحديدا نذر أزمة مالية تمر بها البلاد، كما فهم من القرارات المعلنة، في الوقت الذي أحيا الحراك الجنوبي في محافظة الضالع الذكرى الثالثة لانطلاقته رغم حالة الطوارئ وحظر التجوال المفروض في المحافظة.
وأقر المجلس في اجتماعه الذي انعقد برئاسة الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس المجلس الذي يعد أعلى هيئة أمنية وعسكرية في البلاد، إنشاء تشكيلات عسكرية جديدة في القوات المسلحة، منها قوة لحرس الحدود وخفر السواحل وهيئة للتصنيع الحربي، وشدد الاجتماع على ضرورة «تفعيل دور الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في مجال الإرهاب والتهريب والمخدرات والجريمة المنظمة»، كما شدد مجلس الدفاع الوطني على ضرورة «التزام العناصر الحوثية بتنفيذ ما تبقى من النقاط الست وآلياتها التنفيذية»، وذلك بما يكفل «إحلال السلام في محافظة صعدة»، في حين جرى التأكيد على أهمية تسريع عمل اللجنة التي شكلت من الوزارات والجهات الخدمية، من أجل «تقييم الأضرار الناتجة عن الحرب» في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، وإعداد «خطة إعادة الإعمار بالاشتراك مع السلطة المحلية وصندوق الإعمار الخاص بالمحافظة».
وفي خطوة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها اليمن، نصت قرارات مجلس الدفاع الوطني على ترشيد الاستهلاك وخاصة السلع الكمالية والترفيهية «أو تلك السلع التي يتم إنتاجها محليا ووضع ضوابط للاستيراد ومعالجة الاختلالات في الإنفاق العام وحماية الاقتصاد الوطني من كافة الممارسات الضارة..».
ونصت الإجراءات، أيضا، على ضرورة التزام الحكومة بـ«استخدام القروض والمساعدات، الاستخدام السليم بشفافية عالية ووضوح تام»، وذلك بما يكفل «تلافي أي جوانب قصور في استقطاب المساعدات أو القروض»، مع التأكيد على «تجاوز أي عثرات مع محاسبة الجهات المتعثرة في استيعاب المنح والقروض المخصصة لمشاريعها»، وهذه الخطوة، يعتقد أنها ترتبط، بصورة مباشرة، بمقررات مؤتمري لندن والرياض اللذين عقدا حول اليمن في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، استعدادا لمؤتمر برلين ولقاء المانحين «أصدقاء اليمن»، المقررين أواخر الشهر الحالي.
وفي جانب إجراءات «التقشف الحكومي» التي سبق واتخذتها الحكومة اليمنية أواخر عام 1994، في أعقاب الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب أو حرب «الشرعية» وخسارة الخزينة اليمنية لقرابة 11 مليار دولار أميركي، جرى التشديد على اتخاذ الحكومة «ضوابط صارمة»، فيما يتعلق بمشاركات المسؤولين اليمنيين في الخارج، بمن فيهم أعضاء مجلسي النواب والشورى، وإقرار اقتصار تلبية الدعوات للمؤتمرات والندوات على «حالات الضرورة القصوى» التي تحقق المشاركة فيها «المصلحة الوطنية» وربط تلك المشاركات، بالنسبة للوزراء والهيئات والمؤسسات الحكومية، بموافقة مجلس الوزراء، أما بالنسبة لأعضاء مجلسي النواب والشورى، فقد ربطت القرارات مشاركتهم بقرار من المجلسين، في حين ربطت أي مشاركات خارجية لمنتسبي القوات المسلحة والأمن بموافقة من القائد الأعلى لهما وهو الرئيس صالح، كما اتخذ قرار بمنع «صرف العُهد والنثريات، أثناء المهام الداخلية والخارجية»، وترشيد صرف «بدل الجلسات الإضافي، وبحيث ينطبق ذلك، أيضا، على مجلسي النواب والشورى».
على الصعيد الأمني، اتخذ المجلس قرارا بمنع «المتاجرة بالأسلحة والذخائر والمتفجرات وإغلاق أي أسواق يتم البيع فيها ومنع استيراد أسلحة من الخارج من قبل أي شخص، بحيث تقوم الدولة بشراء احتياجاتها من الأسلحة مباشرة دون وسطاء»، ونص القرار على مصادرة أي كميات من الأسلحة يتم «إدخالها إلى البلاد، لصالح الدولة ومساءلة أصحابها أمام القضاء»، وكان هذا القرار، صدر العام الماضي، ولكن يبدو أنه لم يتم تنفيذه.
في موضوع آخر، ورغم إعلان حالة الطوارئ وحظر التجوال في محافظة الضالع الجنوبية، تمكن نشطاء الحراك الجنوبي من تنفيذ مظاهرة بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق الحراك، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن الآلاف خرجوا إلى شوارع مدينة الضالع، عاصمة المحافظة، وهم يرفعون أعلاما شطرية وصور الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي سالم البيض ويهتفون بشعارات تطالب بما يسمونه «فك الارتباط» بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي.
وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن 4 جنود على الأقل، أصيبوا في مواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، وذكرت المصادر أن جماهير غفيرة من عناصر الحراك تمكنت، أيضا، من إقامة مهرجان خطابي حاشد في منطقة الحصين، الواقعة إلى الشرق من مدينة الضالع على بعد بضعة كيلومترات.
وفي أعقاب سماع إطلاق نار شرق المدينة، علمت «الشرق الأوسط» أن إحدى النقاط الأمنية اعترضت طريق مجاميع من المواطنين أثناء توجههم للمشاركة في المظاهرات، مما أدى إلى حدوث اشتباكات ومصادمات، أسفرت عن سقوط الجنود الأربعة جرحى، في حين لم تتوفر معلومات حول خسائر في الطرف الآخر، مع الإشارة إلى أن الضالع من المحافظات التي يحرص سكانها على حمل السلاح.
أما في مدينة عدن، فقد أطلقت أجهزة الأمن هناك سراح الصحافي هشام باشراحيل، رئيس تحرير جريدة «الأيام» اليومية الموقوفة منذ قرابة 6 أشهر، والمعتقل منذ ما يزيد على 3 أشهر بعد أن اشتبكت قوة أمنية مع حراسة المبنى الذي يضم مكاتب الصحيفة ومطابعها وسكن ناشريها وأطفالهما، مما أسفر عن مقتل وجرح بعض الجنود ومن أفراد الحراسة والمواطنين، قبل اقتحام السكن.
وأكدت مصادر مطلعة في عدن لـ«الشرق الأوسط» أن باشراحيل البالغ من العمر زهاء 70 عاما، أطلق سراحه بعد أن تدهورت صحته، فيما أبقت السلطات على اثنين من أنجاله رهن الاعتقال.
يذكر أن العاصمة اليمنية صنعاء شهدت أمس اعتصاما حاشدا في مقر منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية، شارك فيه العشرات من الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، وذلك تضامنا مع حرية الصحافة وتنديدا بـ«الإجراءات الحكومية التي تضيق عليها»، وكذا لإطلاق «صرخة» من أجل إطلاق سراح الكاتب الصحافي والقيادي في الحزب الاشتراكي اليمني محمد المقالح، المعتقل منذ عدة أشهر الذي يحاكم حاليا بتهمة «مناصرة الحوثيين».