اليمنيون بين علي محسن وعلي صالح-ما هو للسعودية وما عليها-

[نبيل العوذلي]

بسم الله الرحمن الرحيم
اليمنيون بين علي محسن وعلي صالح-ما هو للسعودية وما عليها-
ارسل الرئيس علي صالح مبعوثه الى المملكة العربيه السعودية وزير خارجيته الدكتور ابوبكر القربي بقصد التوسط من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله لما تحتفظ به المملكة من عمق حسن في شخصية الشعب اليمني وقبائله , جاء ذلك عقب اعلان علي محسن الاحمر الانضمام الى ثورة شباب التغيير في اليمن وانظم اليه العديد من القيادات العسكرية والاجتماعيه والسياسية لما يمثله هذا الرجل من امتداد افقي ورأسي في اليمن بلا شك وازاء ذلك يتحتم علي ان اقدم النصح من بعض ما اعرفه عن بلادي لبلد اشعر انها وفرت لي قدر حسن من الحماية بموجب القوانين التي تمنحها قوانين هذه البلاد للمقيمين في بلدها اسوة بملايين المقيمين الاخرين وهي المملكة العربيه السعودية
ان السعودية دولة مؤسسة على اعلاء كلمة التوحيد ونصر السنه والعروبة في سياستها الداخليه والخارجية وهي تنظر لموضوع اليمن خاصة من هذه الزاوية وايهما اقرب لهذا البعد الايدلوجي الذي تتخذه السعودية استراتيجية لها داخليا وخارجيا في صراعها مع الشيعة والفرس بشكل اساسي
والفاحص لاحداث التغيير الكونية الجاريه في العالم العربي يجد ان نماذج الدول الباطنية الفاطمية بايدلوجيتها التي اتخذت صورا شتى في تونس ومصر وليبيا واخيرا اليمن وسوريا ويعلم الله الى اين ستسير هذه الرياح الكونيه التي تتحرك بفعل ارادة الرب تعالى هي اكثر عرضة لهذه الرياح فيما بات باديا للعيان
لقد قال العقيد معمر القذافي في اول خطاب عقب سقوط بنغازي –ياشباب الفاطمية- حينما خطب في بيته الذي يسميه بالبيت الصامد وهكذا تجد نسبة البعد الايدلوجي الفاطمي في كثير من الدول الاسلامية متخذا صورا شتى من بينها اليمن الذي طالما تحدثنا عن العلاقة بين الرئيس اليمني ونظامه وبين الفاطميين في صورة استقبال سلطان البهرة كل عام بل وقيام الرئيس اليمني ونجله مرارا بزيارة قبر القطب الفاطمي في حراز واتخاذ العديد من المستشارين المقربين للرئيس اليمني من اصحاب هذا البعد الاسماعيلي كرئيس التوجيه المعنوي الشاطر والارياني والمقالح....الخ
ان الراغب في تحقيق قراءة صحيحة للواقع اليمني اليوم عليه ان يعرف الفرق بين الايدلوجية التي سار عليها كل من علي محسن الاحمر وعلي عبدالله صالح لدى بنيان كل واحد منهما بنيانه الاجتماعي والسياسي والقبلي والايدلوجي في بلاد اليمن وهذا هو الاصل بنظري...
اننا وبحكم اقترابنا في فترة ما من الامور عرفنا ان اللواء علي محسن الاحمركان الاكثر قربا للسنه والعروبة ان شاء الله فيما علمناه عنه بينما كان الرئيس صالح الاكثر قربا للاسماعيليه الفاطمية –السبأية الصليحيه-التي طورت كثير من افكارها واصبحت على قرب كبير من اهل السنه حتى انك قد يختلط عليك الامر حال النظر الى اقوالهم وافعالهم ...لقد اشرف جهاز التوجيه المعنوي للفرقة المدرعه كما كلنا يعرف على اصدار العديد من الكتب المتعلقة بالتحذير من خطر الحوثيين وصفويتهم ومشروعهم الفارسي وكنت قد قرأت العديد من هذه الاصدارات ذات السمة السنية لمدرسة الشوكاني وابن الوزير والصنعاني محمد بن اسماعيل الاميروغيرهم من علماء الزيدية والشافعيه في اليمن الذين طالما تصدوا للرافضة ف وقد خاض اللواء علي محسن الاحمر بقواته ضروس الحرب ضد الحوثين بناء على عقيدة المفارقة باظهار العداوة والبغضاء لهم لانهم صفويه حوثية اقرب للفارسية على عكس القوات المحسوبة للرئيس اليمني التي خاضت الحرب بناء على عقيدة النزعة القحطانية لليمن الاوسط والاسفل تجاه اليمن الاعلى لخلفيات الحروب التاريخيه الطاحنه بين الصليحيين الفاطميين ونزعتهم القحطانية لليمن واليمننة المتصلة جذورها الثقافية لتاريخ ما قبل الاسلام الذي كان عليه اهل اليمن –اهل الكتاب-وبين عدنانية اليمن الاعلى الزيدية والهادوية .باسم الجمهورية والنظام الجمهوري
اننا امام منعطف خطير ويجب ان نكون دقيقين في موقفنا بين ان نكون الى صف علي محسن الاحمر او علي صالح الاحمر وهذا هو السؤال؟
تشكل قوات جماعة علي ناصر السابقة احد اهم مرتكزات القوى العسكرية التي خاضت الحرب الضروس ضد الحوثيين في صعدة وهذه كلها تكاد تدين بالولاء والاحترام لعلي محسن الاحمر الذي كان قد ساهم في تحقيق العديد من المكاسب لهذه القوات منذ ان نزحت الى الشمال عقب احداث 86.ويشاع في اليمن ان وصف الاعضاء المنتسبين للقوات التابعة لعلي محسن الاحمر بالمطاوعة وربما بالارهابيين بينما يوصف القوات التابعة للرئيس وابنه في الحرس الجمهوري والقوات الخاصة بالسكارى والعصاة...لقد ساهم اللواء علي محسن الاحمر في تهذيب حدة التطرف لدى العديد من شباب الجهاد والقاعدة من خلال عدم قطع التواصل معهم وايجاد الفرص التي تستوعبهم في مؤسسات الدولة اليمنية الخاصة به كضباط وموظفين ومثقفين واعلاميين ولكن مما يشاع عنه ان فقط يريد استثمارهم للاوقات الحرجة....وهذا ما لا اريد ان اصدقه لشخصية الرجل المؤسسية
اننا امام معادلة حرجة رجحها علماء اليمن ومشايخ قبائله لصالح الشعب بدءا من الشيخ عبدالمجيد الزنداني الى الشيخ الديلمي وحتى الشيخ صادق الاحمر شيخ قبيلة حاشد والشيخ امين العكيمي والغادر وسنان ابولحوم...وهذا الذي يجب التعامل معه والاستناد اليه كمرجح يرجح كفة الشعب حقيقة ضد كفة الرئيس صالح الذي بات مؤكدا ان اليمنيون الشماليون يتفقون على ضرورة تقديم ذبح عظيم وكبش فداء للتطهر كما اسماها الشيخ الفذ حسين الاحمر لدى اعلان استقالته من الحزب الحاكم حالهم كحال بنو اسرائيل الذين امرهم الله تعالى بأن يقتل بعضهم البعض تطهرا من عبادة العجل الذي هو في الامة الدرهم بعد ان عكف الكثير من اليمنيون شمالا وجنوبا على السكوت على كثير من ا لمنكرات واخطاء الرئيس صالح تلك التي كان قد اشار اليها الجنوبين في بدايات التسعينات الذين كانوا حديثوا عهد بالدولة المؤسسية ولاحظوا ان تسيير الرئيس صالح للدولة يقتضي شخصنتها في افراد على حساب النظم والقوانين والمحاسبة ولم يعبه بها الاخوة في الشمال وبعض الجنوبيين الذين كانوا على وفاق مع الاخوة في الشمال ومنهم شخص هذا الكاتب فتمت معارضة الاخوة الجنوبيين بل ومقاتلتهم ولكن ما ان مرت اكثر من خمسة عشر عاما حتى لاحظ ابناء الشمال ان الرئيس الصالح بعد ان تخلص من خصومه الجهويين بدأ يتخلص من خصومه الايدلوجيين واخيرا القبليين من حاشد ليشخصن البلاد والعباد في يد افراد محدودين من اسرته وهوما لم يتفق عليه اليمنيون شمالا وجنوبا في نموذجهم الجمهوري الديمقراطي
لقد وصل الاخوة في الشمال الى ذات النقاط التي خرج عليها الجنوبيون على الرئيس صالح معلنين فك الارتباط وقتذاك وهي عدم الالتزام بالاتفاقات والتحايل عليها والتنصل منها وعدم الجدية والاثرة والشخصنه والتسيب والفساد والرشوة والظلم والموافقة على اي شيء يعرض ثم الالتفاف عليه وفك عقد العهود والوعود المبرمة بطريقة ماكرة كيدية عظيمة ولكن الجنوبيون اليوم وقد اتيحت لهم خلال ثلاث سنوات قبل ثورة شباب التغيير من بدء فعاليات الحراك الجنوبي لم يتمكنوا من الاصطلاح على قيادة مشتركة بل وللاسف على مشروع واحد وتنازعوا فيما بينهم على مشاريع عدة منها الجنوب العربي ومشروع الحزب الاشتراكي ومشروع اليمن الجنوبي ومشروع اليمن الديمقراطي وادخلوا الجنوبيين في نزاعات لفظيه اذهبت بالكثير من ماء الوجه الابيض الذي ظهر على وجوههم في بدايات نضالهم السلمي واشتمت رائحة النزاع والخلاف بينهم تلك التي جعلت الكثير من الجنوبيين يراجعوا مواقفهم تجاه هذه القيادات واحسن ما خرج به الكثير ان القضيه الجنوبيه قضية وطنية حقيقية ولكن القيادات التي ظهرت ليست بمستوى القضية الجنوبيه مثلما كانت قيادات نظام صنعاء اقزم بكثير من الوحدة اليمنية فانهار صرحها لقزمية القيادات وليس لذات الوحدة اليمنية التي هي مطلب عكف الجنوبيون ردحا من الزمن على ترديد شعاراته كنصوص ايدلوجيه لحياتهم..وازاء ذلك انقسم الجنوبيون امام مشروع فك الارتباط الى قسم متخوف من عودة قيادات الجنوب الى ذات النزاع السفهي المناطقي والحزبي والنرجسي الذي ضيعوا بسببه دولتهم خصوصا اذا ما اتيحت لهم فرصة اعادة دولتهم وبين قسم يرى في الوحدة مع ما يراه في اخوتهم الشماليين من الوصول الى ذات النقاط التي تحدث عنها ابناء الجنوب سابقا ليخرجوا بها على الرئيس صالح دون ان يشيروا الى ذلك كاشفين عن ممارسة جهوية حتى في احياء الثورات وابتعاث سنن التغيير فيحدث المن مستقبلا كما هو العهد في التنافس بين الاخوة على الجنوبيين هذا الابتعاث من الشمال ليعودوا الى تكريس الممارسات الجهوية لصالح كثرة الشمال امام قلة الجنوب عند اجراء اية انتخابات فيتحول ابناء الجنوب الى مواطنين من الدرجة الثانية لغلبة الكثرة الشماليه ازاء ديمقراطية تتيح لابناء الاكثرية من السيادة خصوصا عند التعاصب الجهوي والمناطقي الذي ظهر بعد فعاليات الحراك لاكثر من عامين واستقر لدى الكثير من ابناء الشمال والجنوب وليس بالسهولة ان يضمحل خلال اعوام قليلة وهو ما يجعل اهمية الاتفاق على نسبة محددة ثابته تمثل ابناء الجنوب في البرلمان والحكومة والجيش تلك التي كانت عليها وثيقة العهد والاتفاق وانقلب عليها الرئيس صالح معتبرا ان حرب صيف 94 قد جبتها تحت التراب
انني فيما اراه –والله اعلم- ان الضامن للممارسة الوحدوية من ابناء الشمال تجاه ابناء الجنوب يكمن في بقاء كيان حزبي او سياسي لابناء الجنوب يجعل من المطالبه بفك الارتباط الاستراتيجية الثابتة له من خلال النضال السياسي الديمقراطي الذي نأمل ان شاء الله ان توفره التغيرات القادمة لاهل اليمن وشعب اليمن العظيم لاعطاء كل ذي حق حقه
نائب رئيس الهيئة الشرعيه للحراك الجنوبي السلمي