قف أيُها الرئيس

[ضالعي صنديد]

بقلم : عبدالباسط الحبيشي



من منا لا يعرف أو لا يذكر ضابط المرور الشهير على مستوى ربوع اليمن المعروف بلقب "أبوشنب" الذي أمر يوماً الشهيد إبراهيم ألحمدي في إحدى جولات التقاطع في مدينة صنعاء بالتوقف. فوقف ألأخ ألرئيس لأِمره احتراما له ولسيادة النظام والقانون الذي يمثله هذا الضابط. وعلى بساطته وإنسانيته ، كان يقف رجل المرور هذا تعبيراً صادقاً وكافياً عن هيبة الدولة ونظامها وقوانينها التي كانت حينئذٍ سارية المفعول ويحترمها ويدافع عنها الجميعٍ.

وعندما ضرب الرئيس بهذا المفهوم وناموسه عرض الحائط وأصبح موكبه العنجهي والمتغطرس يمر فوق رقاب البشر في شوارع المدينة ، سار على دربه القادة العسكريون والضباط وأصحاب سنحان والمشائخ وأصحاب الوجاهات والمتنفذين ، فتحول رجل المرور إلى ملطشة الكبير والصغير وأصبح هو المّثل المصغر للوطن الملطشة.



لم تكن الحكومة في أيام "أبوشنب" بحاجة إلى استعراضات يومية وتعبأه شاملة لقوات الجيش والأمن وآلياتها لإثبات وجودها من خلال بث الرعب في نفوس مواطنيها مصحوبة بإلقاء خطابات التخوين والتهديد والوعيد ضد المواطنين ، لأن المعني أولاً بكل هذا الوهم ، ليس المواطن بل هم أنفسهم من يبتذلون في خطاباتهم الانتهازية والمملة والمكرورة. لأن المواطن اليمني يمتلك الحس والقابلية للإلتزام بالنظام والقانون واحترامهما لكنه يفتقد إلى إلتزام وإحترام القدوة بذلك ، وقد غابت هذه القدوة ألايجابية منذ ثلاثة عقود وتحولت إلى عكسها بتعمد. وأصبح من ينادي بإعادة هذه القدوة ألاصيلة خائن ومرتزق وعميل.

وبعْظمة لسان هذه القدوة الإحلالية قال "أي صحفي أو صحيفة تتناول المؤسسة العسكرية تعتبر خيانة"

هذا يعني أن الدفاع أصبح مُحّرم عن هؤلاء الجنود والضباط المغرر بهم الذين يظهرون وكأنهم حماة الحمى ، لكنهم في واقع الامر لا يملكون قوت يومهم ولا يملكون من أمرهم رشدا وهم أول من يُعتبرون بنظرهذه "القدوة" خونه وإنتهازيين لانهم لو كانوا غير ذلك لاأمِن على نفسه منهم من باب أولى عندما يكون معهم لكنه لا يثق حتى بواحد فيهم أن يحمل رصاصة واحدة خلال هذه الاستعراضات "المخيفة والمريعة" فضلاً عن قذيقة محمولة أو أن يقف أحدهم خلف آلي رشاش حتى وهو مفرغ من الذخيرة أو على مصفحة أو مجنزرة رغم أن كل الآليات خالية الوفاض حتى من الطماش وحتى الضباط الكبار الجالسون معه وعلى نفس المنصة لا يملك أحدهم أن يحمل مسدس وهو في معية الرئيس "القدوة" فكيف يُثبت أن هذه القوات "صمام أمان الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية" وهو نفسه لا يأمنهم ولا يثق بهم على حمل طماشة ؟؟؟؟؟؟. أليست هي إذاً عبارة عن إستعراضات خاوية وهمية وفارغة؟ فضلاً عن أن الراتب الشهري للجندي لا يصل إلى مستوى قيمة تخزينة يوم واحد لإحد ألجالسين في منصة العرض. ثم أين له أن يدافع عن يمن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية ومعاشه الشهري لا يكفيه الرمق بمفرده فضلاً عن كفايته وأسرته؟



وبرغم كل ألإدعاءات بوجود دولة المؤسسات والنظام والقانون التي يتشدقون بها دائماً في خطاباتهم كل من ألرئيس "القدوة" واتباعه ، نجدها في لحظة خاطفة من الغرور والغطرسة والكبرياء تذهب أدراج الرياح حينما يعترف في خطابه بمناسبة بداية السنة التدريبية لعام 2008 لمنتسبي قوات الأمن والدفاع بإن اليمن لا تزال عند نقطة الصفر حين يقول على لسانه "نبني مؤسساتنا من الصفر" في إطار حديثه عن رجال المرور وشرحه للكيفية التي تتضمن أبجديات طرق ألإتصال المباشر بالمواطنين وطريقة أسلوب التعامل معهم. ورغم صحة كلامه في هذا المنحى رغم بديهيته إلا أنه يدل على وجود بعض ألإرهاصات المتأخره نحو إهتمامه بمعاناة المواطن اليمني نتيجة الضغوط الشديدة عليه من الداخل والخارج إلا إنه عندما يكون هذا الاهتمام في إطار الحديث عن بنائه لمؤسسات وطنية من الصفر فهو مدعاة للتأكد بإنه إنكار صريح وفاضح لوجود مؤسسات سابقة على عهده يُفهم منه أنه عندما تسلم رأس هرم السلطة والحكم لم يكن لدينا أي بُنى تحتية أو حتى مؤسسات بدائية وإذا كان هذا صحيحاً فمن أين أتى هو؟ ألم يكن هو قائد أمن عام لواء تعز وقائد فوج ؟؟؟؟. وفي نفس الوقت إعتراف واضح منه بعدم وجود دولة منذ ثلاثة عقود.



وبناء على ذلك يحاول هو "كرئيس" أن يُعلم رجل المرور والجوازات أبجديات التعامل مع المواطنين. ألم يكن لدينا مؤسسات أمنية أو شرطة مرورية قبل أن يصل إلى الحكم وكنا نعتز ونفتخر بهم وبنزاهتهم وألأهم من ذلك كان الجميع يحترم القانون؟؟؟ ألم يكن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي القدوة لنظام المرور والرمز الحقيقي والملموس للدولة في آن واحد ألذي كان يقف إجلالاً في نقاط التقاطع إحتراماً لإشاراته وكان رجل المرور يعترض الرئيس ويأمره بالوقوف فيخضع له مستسلماً ومؤكدا في آن واحد أن القانون فوق الجميع ولا فرق بين رئيس ومرؤوس ؟؟؟

هكذا كان المفهوم السائد لاحترام القانون والدولة قبل ثلاثة عقود. فما هو المفهوم السائد الان؟؟؟

ولنفترض جدلاً أنه لو لم يكن لدينا شيئاً وحتى لو لم يكن لدينا رئيساً قوياً ومحبوباً إسمه إبراهيم الحمدي الذي وصل إلى السلطة بعد صراعات مريرة ونضالات وتضحيات جسيمة من قبل الشعب اليمني بشطريه سابقاً ، ولو لم تكن هناك دولتين وثورتين سبتمبر وأوكتوبر فماذا كان يعمل هذا الرجل طيلة الثلاثة العقود الماضية على رأس هرم السلطة؟... التي تعتبر بمقاييس التاريخ الانساني كافية لتأسيس دولة بحجم اليمن ولو متواضعة، غير زرع الفتن وتبديد ثروات البلاد وتدمير القيم الانسانية العربية والاسلامية ليأتي اليوم ليعلم رجل مرورنا أبجديات التعامل مع المواطن بعد كل هذا الزمان!! ويبرر ذلك بقوله أنه "يبني مؤسساتنا من الصفر"!!!!. هل كانت اليمن قبل ذلك في العهد المشاعي أو أنها كانت تتقدم بالعد التنازلي أو السالب حتى وصلت إلى نقطة الصفر بعد 45 عاماً منذ الثورة السبتمبرية؟ أين منجزات ومكتسبات الثورة إذاً!! التي ضاعت وألتي صَمت أذاننا ليل نهار أجهزة إعلامه المزيف؟؟؟ أم أنه يعتبر دون أن يعلم وبما يمليه وحي عقله الباطن أن ألقوات المسلحة والأمن ألتي نراها تستعرض عضلاتها المستفزة على شاشات التلفزة صباح مساء قد تم خصخصتها لقطاعه الخاص؟؟ ولم تعد ملك الشعب كما يدعي؟ وأصبح على الشعب بناء مؤسسات أخرى جديدة؟؟

ثم من ناحيةً أخرى هل أصبحت الصحافة المبدعة والصحافيون المبدعون على قِلتهم ، الذين لم يقولون شيئاً بعد عن مختلف الانتهاكات التي لا تحصى ، خونه في نظره لأنهم يتناولوا المؤسسة العسكرية على حد تعبيره؟؟ ثم أين هي الصحافة التي يتحدث عنها؟ هل يعني تلك الصحف الحزبية التي تخشى أن تنشر مقالاً صادقاً يعكس حقائق الامور خوفاً من بطشه وتنكيله وقطع المعاش؟ أم هي تلك الصفحات على المواقع الالكترونية الممولة من بعض المتنفذين.؟ أما غيرها التي تنشر عن وجلٍ وإستحياء فهي مراقبة ليل نهار من قبل أمنه "القومي" ولا يسمح لها إذا ما تجاوزت السقف المحدد لها سلفاً مالم فيتم حجبها على الفور ، وأسألوا مجرب ، أم هي تلك الصحافة ألالكترونية ألتي لا تستطيع أن تنفذ إلى داخل الحدود إلا عبر وسائط تهريب خاصة؟؟ أهذه هي الديمقراطية ألتي تدافع عنها مؤسساتك العسكرية الخاصة؟ أم هي تلك التي تضرب بيدٍ من حديد ألاعتصامات والتظاهرات السلمية بإستخدام الذخيرة الحية التي تحملها ولكن بعيدأ عنك ؟؟ آخرها يوم 13 يناير يوم التسامح والتصالح التي قتلت وجرحت فيه ايادي الغدر العشرات من المواطنين وادعى إعلامكم الكاذب أنهم جماعة من المندسين؟ ألا من هم المندسون والمدنِسون؟؟ كيف لنا أن نصدق إعلامكم الكاذب وقد تم إعتقال وطرد مراسلي الصحف والقنوات التلفزيونية الاخرى التي حاولت تغطية فعالية التسامح والتصالح؟ وكيف نصدق أجهزة إعلام قبلت ترشيحك شخصية العام الماضي من موقع إليكتروني إنتهازي نكرة وأنت وإعلامك يعرف بإنك لست مؤهلاً لذلك؟؟



ثم من هم الخونه والمرتزقة ؟؟؟ هل هم الذين يعيشون من كد عرقهم يوما بعد يوم مبعدين عن أهلهم ووطنهم؟ أم هم هولاء الذين ينظمون لك الاستقبالات والاجتماعات وينشؤن لك اللجان المختلفة لا لشيء بل لتشتري بقاءك يوم آخر ولكي تظهرعلى شاشات التلفزة والصحف الصفراء المسخرة لتلميعك من أجل أن تقول للمواطن المحروم بأن كل شيء على مايرام وان الاستثمارات على قدم وساق و"أن الوحدة راسخة رسوخ جبال عيبان وظفار وشمسان" لكن الجميع في الحقيقة لا يسمع سوى جعجعة ولا يرى طحينا ؟؟؟



قف عند حدك أيها الرئيس فإنك أفضل من يستطيع توصيف المعنى الحقيقي للخيانة بإمتياز وبالتحديد خيانة ألاوطان. كما أن الفقاقيع أو الزوابع بحسب ترجمتك لها إنما هي ومضات النور التي تخيفك وتقض مضجعك وسيأتي اليوم الذي تتحول فيه هذه الومضات إلى برق راعد تلقي ضوؤها على كل شبر في وطني.

[الشنفره]

نعم اخي لقد خانو الاوطان
لاكن نقول لهم.
سيأتي اليوم الذي تتحول فيه هذه الومضات إلى برق راعد تلقي ضوؤها على كل شبر في وطني.
بوركت
وفقك الله الى الامام

[عبدالله السنمي]

شكرا للضالعي صنديد على النقل الرائع ، والموفق ، وهذا الرئيس العبثي أصبح مكشوفا بل عاريا سياسيا ، ولم يعد يخى شي على القاصي والداني ، وقد حزم شعب الجنوب أمرة تجاه قضيته وقرر قطع الصلة بهذا الوطن المزيف ، واستعادة حريته وعزته على أرض الجنوب .
يتشكل الزلزال يا وطني ،،، لو تدرون كيف يكم ضيقه

سلمت ضالعي

[ضالعي صنديد]

مشكور اخوي الشنفرة وكذا اخوي كاتب العدل نعم مهما ارخى علينا اليل سدائله فلابد ان ينزعها بزوغ فجرا جديد

[الصقر المريسي]

دماء الشرفاء التي بذلوها لن ترود ادراج الرياح بل سننتقم لهم وذلك اكيد