أراء أمريكية عن تأجيل الإنتخابات النيابية

[الرعد]

آراء أمريكية
عن تأجيل الإنتخابات النيابية

كتب: أعـد الحـوار: سـالم عمـر علوي القميشي

في وقت كان العالم يستعـد لمشـاهدة سيـر ونتائج عملية الانتخابات النيابية في اليمن أعلنت الحكومة اليمنية تأجيل ذلك الاستحقاق الديمقراطي مدة عامين كاملين. وقد أصيب العالم الخارجي بالدهشـــة وخيـبة الأمـل جـراء هـذه الخطـوة التي تعكـس في نظر كثــير من المراقبـين اغتصـابا للسلطة يفقـد النظام مشروعيته السياسية. وقد عبـرت الولايات المتحدة الأمريكية عن استيائها من ذلك وقالت إن التأجيل يثـير لديها مخاوف على العملية الديمقراطية في اليمن. كما عبر الإتحاد الأوروبي أيضا عن قلقه من تأجيل الإنتخابات.
وقد اتصلنا ببعـض الخبـراء الأمريكيـين المختصين بالشـأن اليمني لاستطـلاع آرائهـم وفيما يلي نتائج حوارنا معهم:

د. وليـم جــونز- جامعـة كولومبيـا ، نيـويـورك

- د.. وليم . مارأيـكم في قرار الحكومة اليمنية تأجيل الإنتخابات النيابية لمدة عامين؟
- خسـارة كبيرة للعملية الديمقراطية وللحكومة اليمنية .


- كون التأجيل خسـارة للعملية الديمقراطية فهذا مفهـوم ، ولكن ماوجـه خسـارة الحكـومة اليمنية ؟
- لقد قامت شراكة النظام مع العالم الخارجي على عاملين أساسيين: مكافحة الإرهاب وممارسة الديمقراطية. وقد أصبح الشركاء ، وبالذات الولايات المتحدة ، يشكـكون في جـدية النظـام في مكافحة الإرهاب ، وتأجيل الإنتخابات يجعل النظام يخسـر أيضا ثقـة الشـركاء في ممارسته للعملية الديمقراطية. وهـذا مردوده على النظام سلبـي من حيث الدعم السياسي والمساعدات المالية وغيرها.


- لماذا لجـأ النظـام في نظـركم الى تأجيـل الإستحقـاق الإنتخابي؟
- الحراك الجنوبي هو السبـب . لقـد شعـرت السلطـة أنها ستفشـل فشـلا ذريعـا في حمـل الجنــوب على المشـاركة في الإنتخـابات وأن هذا من شـأنه أن يكـون بمثـابة استفتاء على رأي الجنـوبيـين بالنظـام وموقـفهـم من الوحـدة.

- وما رأيكـم في الحـراك الجنـوبي ؟
- حركـة جماهيـرية سلميـة من حقهـا التعبـير عن مطالبهـا ، كما يجـب التعـامل معهـا بصـورة سلمية ديمقـراطيـة وفقـا للنظـم والقـوانيـن.

- وما رأيكـم في أسـلوب العنـف الذي تواجـه به الحـركة من جانـب السلطـات؟
- هـذا خطأ جسيـم يعمـق مشاعر السخـط والغضب لـدى الشعـب الجنـوبي والنفـورمن الوحدة كما يمكن أن ينجم عنه أضرار كبيرة تلحق بالنظام خاصة وأن منظمات حقوق الإنسان الدولية ترصد انتهاكات الأنظمة لحقوق شعوبها وهناك الآن أيضا مؤسسات دولية لتطبيق العدالة.

- كيف تنظـرون لحـل القضيـة الجنـوبية؟
- هناك قرارات دوليـة بشـان النزاع القائم بين الشمال والجنـوب منذ عام 1994 لابـد من العـودة اليها لحل النزاع.


د. ستـيـف فوردسـون - جامعـة جـورجتـاون ، واشنطــن

- د, ستيـف . مارأيـكم في قرار الحكومة اليمنية تأجيل الإنتخابات النيابية لمدة عامين؟
- إخفـاق كبيـر يعكـس الأزمـة السيـاسيـة التي يعيشهـا النظـام الحـاكم .

- ماهي في نظـركـم الأسبـاب التي دفعـت النظـام الى تأجيـل الإنتخـابات؟
- من الواضح للجميـع أن القضيـة الجنـوبيـة هي السبـب، فالنظـام يعـرف أن الجنوبيـين سيقاطعون الإنتخابـات والعالم الخارجي يرصـد ذلك ويقـدر دلالاته السياسيـة وهـذا ماأفـزع النظام وجعلـه يقـدم على هـذه الخطـوة.

- كيف تنظـرون لمـوقـف أحـزاب المعـارضة – اللقـاء المشـترك ؟
- أحـزاب اللقـاء المشتـرك قـدمـت طـوق نجـاة للنظـام بموافقتهـا وتبـنـيهـا تـأجيـل الإنتخـابات، وهـي بهذا فقـدت كثيـرا من ثقـة أعضائها خاصـة في الجنـوب لأنهـم أعطـوا للنظـام ماأراد ولم يحصلـوا على شيء لمصلحـة شعبهـم ومصلحة الديمقراطيـة في اليمن.

- وما الذي دفعهـم في نظـركم الى ذلك ؟
- الحقيقـة أن الحـراك الجنـوبي ونـذر المقاطعـة الجنـوبيـة وضعـا النظـام وأحـزاب المعارضة أيضا في مأزق. خـذ على سبيل المثال الحزب الاشتراكي، قوته الانتخابية الرئيسية منذ عام 1993 هي في الجنـوب واذا شارك في الانتخابات في ظل مقاطعة جنوبية فسيكـون وضعـه مأساويا. وحزب الإصلاح مثلا لايـريـد أن يخسـر منظمـاته وأعضاءه في الجنوب خاصة وأن الجنوبيين لم ينسـوا له أنـه كان شـريك النظام في حربـه عليهم عام 1994. ولهـذا لم يكن أمام الإصلاح والإشتراكي سـوى الهـروب للأمام وإبـرام اتفـاق مع النظـام لم ينشـروا نصـوصه حتى لأعضاء أحزابهم.


د. شـيـلا إليـوت - جامعـة فرجيـنـيا ، فرجيـنـيا

- د. شـيلا . كيف تنظـرون الى المشــهد الديمقـراطي في اليمن بعد تأجيـل الإنتخـابات؟
- لقـد تهشـم كثيـرا وترميمـه يحـتاج الى جهـد كبيـر من جانب النظـام لاستعـادة ثقـة العالم به.

- النظـام يقـول إنه لايـريـد أحـدا يعلمـه الديمقـراطيـة !
- (تضحك) تأجيل الانتخابات نزولا عند رغبة الحاكم ومصلحة نظامه ، وحرمان الشعب من ممارسة حقوقه في اختيار ممثليه وحكامه، هو مما يندرج تحت مصطلح " الخصوصية اليمنية " في ممارسة الديمقراطية كما يطلق عليها إعلام النظام ، ولاشأن لأمريكا والعالم بها، ولكنهم بعد ذلك يهرعـون الى العالم طالبين الاعتراف بديمقراطيتهم، وراجين الشراكة والدعم والمساعدات

- وكيف تنـظرون أنتم الى تلك " الخصـوصيـة " ؟
- اذا كانت لك خصوصيـة في تطبيـق الديمقراطية تتعارض مع القواعد العامة التي يلتزم بها العالم الديمقراطي فهذا شأنك وأنت حـرٌ فيه، ولكن في هذه الحالة ( ماتزعلش – هكذا نطقتها ) اذا نظـر اليك العالم أنك نظام عسكري شمـولي تصادر حقـوق شعبـك متى ماشـئت، لأنك مخالف للقواعـد العامة للتطبيـق الديمقراطي .

- وكيف تنظـرون الى موافقـة أحـزاب اللقاء المشتـرك على هذا التأجيـل؟
- اللقاء المشترك منقاد من جانب حزب الإصلاح ، وقيادات هذا الحـزب شركاء حقيقـيون للسلطات ولامصلحة لهم في النظام الديمقراطي الذي يقتضي التساوي أمام القانون بين الشيخ وبين المواطـن البسيط ، أو بين الضابط الكبير صاحب النفوذ وبين المواطن العادي ، وقيادات حزب الإصلاح هم من كبار المشائخ وكبار الضباط ورجال الدين وأصحاب النفوذ. ولهذا فإن استمرار تحالفهم الفعلي مع النظام خاصة في اللحظات العصيبـة هو أمر طبيعي.


د. لاري سمــيث - جامعـة إلينـوي ، شيكـاجـو

- د. لاري . كيف تقيمـون الوضـع السياسي في اليمـن؟
- الوضـع ســيء وخطيـر والأمـور تكـاد تخـرج عن السيطـرة.

- هل لك أن تفصـل لنا قليــلا؟
- أتـذكـرمقابلـة مع سنان ابو لحوم يصف فيها طريقة إدارة الرئيس صالح للحكم. ذكر سنان أن الرئيس قال له إنه حين تحصل عملية اختطاف مثلا أو تمرد قبلي ضد الدولة فإنه بدلا من التعامل الحازم بما يقتضيه النظام والقانون ويصون هيبة الدولة ، يدفع مبلغا من المال من الخزينة العامة للخاطفين أو المتمردين كسبا لـولائهـم. وعلى حد تعبير سنان فإن الرئيس قال:
بــدل ما أخـرّج دبـابـة أدي شـــويــة زلـط .

من أمثلة ذلك ماأورده تقرير نشرفي موقع " الصحوة نت " ( 2 يناير 2009 ) ، أن شخصا اسمه شـديق قام سنة 1995 بأول تفجير لأنبوب النفط في منطقة خولان فحصل من الدولة على 5 آبار إرتوازية وحققت له الحكومة كافة طلباته. ثم جاء بعـده الزايدي ففجـر أنبـوب النفـط في مارب ليحصل من الدولة على مبلغ 35 مليون ريال كنوع من الترضيـة لعدم تكرار ماقام به ، وهلمجرا.

هذه هي طريقة صالح في إدارة الدولة. ولكن المشكلة أن الزلط هـذه الأيام أصبحت قليلة جـدا. أواخر العام الماضي أعلنت الحكومة تخفيض الميزانية بنسبة 50 في المائة ، وفي الشهـرالماضي أعلن مصدر رسمي أن إيرادات النفط تراجعت من 317 مليون دولار في شهر يناير 2008 الى 73 مليون دولار في يناير 2009 ، وبالتالي فالنظام يقف على شفا الإفلاس ، وكل أطراف النظام القبليـة والعسكـرية والدينيـة وكبار المسئولين تبذل ولاءها له مقابل الزلط ، وتنـتظـرها منه ، فاذا عجـزعن الـدفـع انقلبـت عليه الثعـابيـن التي اعتـاد الرقـص على رؤوسها وفتحـت أشـداقها لتـلتـهمه. هـذا ناهيـك عن أن اليمن تعاني من حالات انفجـارات متعددة في الشمال والجنـوب والشـرق ، ولهذا فالنظـام يشهـد وضعا خطيـرا جدا. ألا ترى الفئـران الكبــيرة تتسـابـق لاكتساب جنسيـات دول أجنبية ؟ أليس هذا مؤشـرا واضحا على دنـوّ السفينـة من الغـرق ؟ لقد كانت معاناة النظام ظاهـرة في العـام الماضي وسعـر بـرميـل النفـط يناهـز150 دولارا ، فما بالك اليوم وقـد هبـط السعـر الى ماتحـت 40 دولارا للبرميل. كما أنه من المستبعد أن يقوم أصدقاء النظام وحلفاؤه بدعمه وتعويضه فكل واحد منهم مشغول بنفسـه ولا وقت ولا مال لديه يقدمه لنظام يغرق في الفساد. بالمناسبة يمكنك العودة الى مقابلة سنان فهي منشورة في صحيفة " النداء " بتاريخ 13 ديسمبر 2007 ، وقد أورد سنان هذه القصـة من باب الإشــادة بحكمة رئيسه ورجـاحـة عـقـلـه.

- مارأيك في اتفاق السلطـة مع المعارضـة على تأجيـل الإستحقاق الإنتخابي؟
- هل اطلعـت أنت على نص الإتفاق؟

- لا ، أنا لم أطلـع عليـه.
- ولا أنا لم أطلـع عليه أيضا. ماحصل هو أن النظام أخـذ من المشـترك ماأراد دون أن يقدم شيئا ، وفي رأيـي لو كان لدى المشترك نص ٌ لاتفاق مشـرف لكـان نشـره من ساعتـه وتفاخـر به أمام أعضائه وأنصاره ، فالناس يفاخرون دائما بنجاحاتهم ولا يخفون إلا عوراتهم.

- إذن كيف تفسـر ماحـدث؟
- ماحـدث ببسـاطـة هـو أن تحالف الحرب على الجنـوب وأقصد المؤتمر والإصلاح شعـروا أنهم في ورطة أمام المقاطعـة الجنـوبية الشـاملة للإنتخابات ، فعملـوا على إقنـاع قيادة الإشتراكي وبقية أحزاب المشـترك للموافقة على تأجيل الإنتخابات بغـرض الخروج من عنق الزجاجة ، وقد نجـحوا في ذلك .

- ولكن المشـترك يقـول إن التأجيل لمدة سنتـين سوف يوفـر فرصـة للقوى السياسية في السلطة والمعارضة للإتفاق على تعديلات للنظام السياسي والإنتخابي وغير ذلك.
- مضـت مـدة تزيـد عن السنتين منذ الإنتخابات الرئاسية عام 2006 ولو كانت هناك جـدية من جانب السلطة في إجراء تعديلات فإن الفترة كانت كافية . ولكن الواضح أن الـرغبة غير موجودة والمعارضة لاتشكـل قـوة ضغـط كبيرة على النظام تجبره على ذلك ، وما حصل من تأجيل للإنتخابات إنما كان بفعـل ضغـط الشـارع الجنوبي . والسـؤال هو: ماذا لو انقضت فترة السنتين ولم يتم الوصول الى اتفاق؟ ماذا ستفعل قيادات المشترك؟ كيف ستبرر موقفها أمام أعضائها وأبناء شعبها؟ هذه القيادات تعلم علم اليقين أنك لو أجريت مسحا بسيطا لدى أعضاء أحزابها نفسها عن مدى ثقتها بالسلطة في الإلتزام بما قيل إنه اتفاق لوجـدت النتيجة سالبة وأن جماهير هذه الأحزاب لاتثـق بالحـزب الحاكم وقياداته ، وتدرك أن ماحصل هو مجرد محـاولـة خروج من ورطـة وترحيـل المشكـلة لبعـض الوقـت لا أكثـر

نقلاً عن شبوة برس

[الرعد]

شباب نشتي تحليلكم لهذا الموضوع