اربع عقبات أمام الحراك بقلم اللواء احمد المحمدي

[ابو البيض]

أربع عقبات أمام الحراك
——–
بقلم : اللواء أحمد سعيد المحمدي
(( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))
صدق الله العظيم
في طل الزخم الإعلامي الكثيف لما يشهده العالم العربي من تغيرات سياسية عبر ثورات ربيع سلمية أطاحت بأكبر قياصرة حكام العرب ,يطل الجنوب العربي عالق المصير في حلكة الظلام الإعلامي وهو عربيا أول من هتف سلميا ليهنأ بكرامة العيش حرا مستقل ,على لسان أبناءه وعلى رأسهم المناضل حسن احمد باعوم ولكن كما ذكرنا سلفا بان القضية الجنوبية لم تأخذ نصيبها الأوفر من الزخم الإعلامي .
وحتى نكون أكثر مصداقية وشفافية فان السبب وراء جمود القضية الجنوبية ليس الإعلام فحسب فهناك الكثير من العقبات التي واجهت وما زالت تواجه القضية الجنوبية, واذكر منها أربع عقبات من أصل العشرات . أول تلك العقبات التعتيم الإعلامي المذكور في السطور الأولى من المقال , والعقبة الثانية هي بداخل مفاصل الحراك نفسه من خلال تعدد مكوناته نتيجة لمرض الزعامات التي لم يعد الحراك الجنوبي يتحمل عبء ذلك المرض, ثم جاءت لنا موضة تعدد الرؤى , فلم يعد المجتمع الجنوبي يتحمل تعدد الرؤى الذي يتنافس أصحابها على طرح رؤاهم , فما لبث المواطن الجنوبي يتنفس الصعداء من رؤية المجلس الأعلى للحراك الجنوبي , حتى حذفت عليه عدة رؤى , ونحن هنا لا نعترض على تعدد الرؤى إلا من باب خوفنا على تشويش وتشتيت فكر المواطن الجنوبي البسيط الذي يؤمن بالهدف .فما تفتقده القضية الجنوبية قبل وضع رؤية شاملة هي وحدة الصف القيادي ,وان اختلفنا في الآراء واختلفنا بالفكر فالهدف يجمعنا ونكره أن نقول بان القيادة تمزقنا .فاليوم نحن من يعبث بقضيتنا بأيدينا من خلال تمزيق شتاتنا في وقت ذهبي يعتبر نظام صنعاء فيه فاني من داخله ,وهي الفرصة التي تجعل منا الأقوى في الساحة السياسية بحكم العراك الداخلي بين القوى اليمنية بكلا شقيه سواء كان من النظام أم المعارضة أم شباب التغيير فالكل يصارع من اجل كسب مودة الجنوب حتى باتت التصريحات والاعترافات باحتلال الجنوب ونهب خيراته هي الموجه السارية حاليا ,ونحن لا ننكر قوة شباب التغيير في اليمن بحكم أحقيتهم في العيش بكرامة وعزة ,فما كان يصرخ ويئن منه الجنوب من ظلم وسحق طوال سنين عجاف حتى وصل الجنوب لقناعة كاملة بحتمية استقلاله و قدم دماء الشهداء في سبيل ذالك التحرير , جاء الوقت ليستيقظ اليمن ويصرخ حاليا مما صرخ منه الجنوب سابقا ولا يسعنا إلا نقدم لهم نفس النصيحة التي أقدمها لأبناء جلدتي الجنوبيين } لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم{ وذالك لان ثورة الشباب في اليمن تحتاج إلى فلترة لصفوفها, فمن من عناصر علي عبد الله صالح لم ينضم بعد إلى الثورة حتى الآن سوى علي عبد الله صالح نفسه و أقاربه وبعض المبجلين له ,فالخير للثورة أن تنقي صفوفها من بعض العناصر الاستغلالية والانتهازية حتى تصعد إلى سلالم النجاح كمثيلاتها في تونس ومصر وتصبح ثورة شباب خالصة وليس ثورة أحزاب وأصحاب نفوذ ,على كل حال فهذا ليس محور كتابتي فهذا قضية تخصهم وتمسهم ,فكل تركيزي على تغير الحراك لنفسه وهي بمثابة العقبة الثالثة وكما تحتاج الثورة في اليمن إلى فلترة فالحراك في الجنوب العربي لا يختلف عنها حالا ,إلا إن الفلترة هنا تشمل الشيوخ ولا اعني هنا بالمشيخة كواجهة قبلية ذو نفوذ ,فقد تجاوزنا ذالك من سنين عدة في الجنوب إنما اقصد بالشيوخ كبار السن التي وهن العظم منا واشتعل الرأس شيبا والتي ضاق بنا الحراك درعا نتيجة لعجزنا عن الحركة في الميادين وكما أسلفت سابقا بان نكون أكثر مصداقية وشفافية ,فكل ما يحتاجه الحراك منا هو الشورى والمشورة نتيجة الخبرات السابقة وليس أكثر, أما القيادة فلندعها للشباب اقتداء بالقول الشائع لكل دولة رجالها , والزعامة هي من شتت الصفوف فلم يبقى لنا مكون واحد في الحراك إلا ويعاني من الاختلافات وهذا ما عكس أثاره على قواعد الحراك ,ولولا إيمان الشارع الجنوبي بقضيته نتيجة لمعاناته مع الاحتلال اليمني لفشلنا وذهبت ريحنا .
أما العقبة الرابعة ,فمع إيماننا بأن القضية الجنوبية هي بالأصل حقوقية وهي استرداد ارض الجنوب لشعبه ,وكل من في الجنوب يؤمن بهذه القضية وان اختلفنا في كيفية استردادها .فإذا كان البعض يرى إن الفيدرالية هي مدخل لاسترداد الجنوب وخيره فهذا لا يعني إن نلغي وطنيته ولن نسمح إن نعطي لأنفسنا الحق بان نلغي وطنية بعضنا البعض ,لأننا قد هلكنا وأهلكنا جنوبنا بإصبع الاتهام نحو بعضنا البعض ,فقبل حرب 94م أي بعد الوحدة مباشرة في خلال الأربع سنوات كان من ينتقد أي خلل في النظام في وزارته أو دائرته يعتبر خائن وانفصالي ويدعو إلى التشطير- والدليل على ذالك ما عانينا منه نحن شخصيا في تجربة دمج السجل المدني والأحوال المدنية عندما انتقدنا تجربة الشمال واقترحنا الأفضل وهي تجربة الجنوب لما تمتاز به من إجراءات متطورة بشهادة مكتب الأمم المتحدة للسكان (الدكتور سراج الدين السوداني الأصل ) . فصرنا نخجل أن ننتقد الخطأ ونقبل بالاحتلال تدريجيا وكنا نحن من يعيش في مساحات جغرافية شاسعة بحضارة وثقافة مدنية فنحن من علمناهم كيف أن يحتلونا عبر تقديم التنازلات في عام 90م ونهاية بسكوتنا عن التجاوزات في خلال الأربع سنوات وحتى 94م وما خلفته الحرب من ضعف في نفوس الجنوبيين .والحمد لله الذي ارجع بعضنا إلى صفوف إخوانه الجنوبيين بعد تلك الحرب الظالمة ,ومنا مازال متمسكا حتى اللحظة في أحضان الاحتلال . وبرغم من كل ما مر بنا من دروس وعبر إلا إننا لا نعتبر أبدا فها هنا نعود ونتهم بعضا البعض بعدم الوفاء لقضيتنا لأننا نختلف معهم في الرأي .فلكل يؤمن بتقرير المصير للشعب الجنوبي في فك الارتباط ولكن يختلف في كيفية الوصول اليه. فمنا من يرى سرعة تحقيقه بنفس سرعة تحقيق الوحدة ونلم الصفوف في ظل دولتنا, بينما يرى الآخرون الفيدرالية حلا مبدئيا لتعطي فرصة لتوحيد الصفوف الجنوبية وتصفية النفوس ومن ثم تقرير المصير ويكون بمثابة المحك (الاستفتاء) التي على ضوءه تتحدد الرؤية .وما يغفله أصحاب هذا التيار هو : ما مدى نقاء الأصوات في الاستفتاء لتقرير المصير لأبناء الجنوب في طل تغيير ديموغرافي هائل اكتسح المحافظات الجنوبية وبالأخص عدن وحضرموت والمهرة – حتى صرنا نفتقد أن نسمع لهجتنا الحضرمية في الأسواق- وهذه هي القشة التي ستقصف طهر الجمل ,وما يغفله أيضا إخواننا في هذا التيار ربما لبعدهم جغرافيا عن الجنوب وليس وجدانيا لاحترامي لوطنيتهم وفكرهم الراقي إلا إن الأمور تغيرت في طل صرف بطاقات شخصية لمواطنين شماليين في الجنوب على إنهم من سكان المحافظة وتعديل قانون البطاقة الشخصية وشهادة الميلاد بالنص التالي (كل مواطن لديه كشك أو محل في أي محافظة يحق له الحصول على البطاقة الشخصية من نفس المحافظة ) .والسؤال هنا هل أنصفنا القضية الجنوبية بعد خمس سنوات من فيدرالية في ظل استفتاء على نهج انتخابات علي عبد الله صالح المعتمد على التغيير الديمغرافي في مرحلته وعهده السابق ؟؟
وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نتذكر الحديث النبوي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النبي – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ قَالَ: « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ » .إذن فدعونا من التنازلات حتى الحرمان , ونجعلها فك الارتباط كأعلى سقف مطلبي وحيد لاستعادة دولة كانت لها عضويتها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وكافة المنظمات .والله الموفق .

http://aden.fm/news/3855/%d8%a7%d8%b...d%d9%85%d8%af/

[ابو البيض]

تحية للواء احمد المحمدي ونتمنى من القيادات العسكرية الاقتداء بهذا الرجل