ازمة اليمن ومستقبل الجنوب

[القبطان الجبيري]

أزمة اليمن ومستقبل الجنوب

يرى المجتمع الدولي والخليجيين في مبادرتهم إن ما يحدث في اليمن هو أزمة بين السلطة والمعارضة. وفي الواقع ما يحدث يمكن توصيفه كالتالي:
ــ الصراع الدائر في اليمن هو صراع بين طرفين من الأسرة الحاكمة والقبيلة العسكرية المسلحة على حكم اليمن وتقاسم ثروات الجنوب، والطرفان هما:
ا ) الطرف الأول: بزعامة صالح وأسرته وجزء من الجيش والقبائل المسلحة الموالية لهم وهو الطرف المسيطر على الحكم حاليا. دور حزب المؤتمر هو ديكوري لاظفاء الشرعيه على تصرفات الحاكم.
ب ) الطرف الثاني : بزعامة علي محسن قائد الفرقة مدرع وحميد الأحمر زعيم الإصلاح الاسلامي وجزء من القبائل المسلحة الموالية لهم . دور بقية احزاب المشترك هو ايضا ديكوري لتمرير ما يريده حزب الاصلاح (حميد ) والموالين له .

دورالاطراف الثانويه الاخرى في الازمه:

ــ أحزاب اللقاء المشترك الخمسه احزاب لا توجد لها قواعد عريضه في الساحه وهي عبارة عن ادوات مع حزب الإصلاح ذات التوجه الاسلامي السلفي والذي يتواجد في الساحه بفاعليه، احزاب المعارضه عملت على الإلتفاف وإحتواء ثورة الشباب وتجميدها في ساحة الجامعة بمساعدة علي محسن والقبائل المسلحة التابعة لصادق الأحمر شيخ قبيلة حاشد بحجة حماية الثورة وتأمينها.

ــ مكونات ثورة شباب التغيير اليمنية في ساحة التغيير حوالي 500 مكون والغلبة لتلك المكونات لشباب التغيير من حزب الاصلاح الاسلامي الذي يتزعمه حميد الاحمر بحكم تمويله لها، لم تتفق تلك المكونات على تاريخ موحد للثورة ولم تتفق على رؤى موحدة حول القضايا الأساسية المصيريه في الساحة مثل القضية الجنوبية باعطاء رؤيه واضحه وضمانات على كيفية حلها اذا ما نجحت الثورة.
منذو الوهلة الاولى رفض شباب الثورة واحزاب المعارضه التعاطي او الاعتراف بالقضيه الجنوبيه تحت مبرر انه باسقاط النظام تنتهي مطالب الجنوبيين .
قلة من الشباب الذين ينوون التغيير الحقيقي أصبحوا بين كماشة الإصلاح ( المشترك ) والقوى العسكرية المنشقة عن الأسرة الحاكمة والقبائل المسلحة التي انظمت للثورة بغرض حمايتها . وهذا ادى الى ظمور الثورة وجمودها في مكانها.
- انقسام الشعب والقبيلة والجيش اليمني الى نصفين تقريبا بين موالين للنظام ومناوئين له. واستخدام النظام لورقة القاعده كفزاعه للغرب وللداخل والخارج على حدا سواء

ــ الجنوبيين المعينين في مناصب قيادية في هرم الدولة هم عباره عن ادوات ايضاً بيد طرف الصراع الأول المهيمن على الحكم ويستخدمهم صالح لإقناع الغرب بأن الجنوبيين شركاء في السلطة وهم بذلك يشرعنون إحتلال الجنوب من قبل الأسرة الحاكمة رغم أن البعض يؤدي هذا الدور طوعيا وليس تطوعيا او عن قناعه لكن من باب الطمع في المصالح الشخصيه النفعيه.

ــ بالرغم من وجود مجلس عسكري بقيادة علي محسن مهمتة حماية الثورة وإنجاز مهمتها إلا أنه بعد إجتماع القاهرة وبروكسل تداعى المشترك ( الإصلاح ) ومكونات شباب الثورة والمنشقين عن النظام والقبايل وبإستشارة المجموعة التي تسعى إلى يمننة الجنوب منذ 1967م بدليل إصرارها على إدخال كلمة اليمن على تسمية جمهورية الجنوب الشعبية أنذاك في 1967م عند استقلالها، والآن التاريخ يعيد نفسة من جديد من خلال تشكيل مجلس يمني وإدخال كلمة الوطني فيه حيث سمي المجلس الوطني اليمني أي أن تلك المجموعة الساعية إلى طمس هوية الجنوب ويمننته بذكاء من خلال تسمية المجلس بالوطني ، ومعنى ذلك إن المجالس والسلطات التشريعية والتنفيذية زمنظمات المجتمع المدني في الدولة القادمة تنضوي تحت الوطن الواحد ليس ضمن جمهوريتين شركاء في السلطة والثروة ولا ضمن شراكة بين دولتين جارتين ذات سيادة توحدتا وفق اتفاقية وحدة في عام 90 والتي قتلها ودفنها نظام الإحتلال بعد إجتياحه للجنوب في 7 / 7 / 1994م، والتي تعتبر بالنسبه للجنوبيين قد انتهت ودفنت منذو اجتياح الجنوب في 94م.
يعتقد هؤلاء الثوار الجدد أنه بمجرد إعلانهم لهذا المجلس الوطني هو رد على لقاء القاهره وبروكسل لتمكنهم من إقناع بعض ضعفاء النفوس من النفعيين الجنوبيين الشقاه مع حميد بالإنخراط في هذا المجلس والبقاء فية ولن يعلنوا انسحابهم مثل القاده التاريخيين للجنوب الذين فهموا اللعبه مؤخرا والاخرين من الجنوبيين الشرفاء المنسحبين من ما يسمى بالمجلس الوطني اليمني.
يتوهم القائمين على المجلس الوطني انه من خلال هولاء النفعيين الجنوبيين سوف يتم شرعنة استمرار الوحده المزعومه، حيث يقوم هولاء بحملة إعلامية عبر وسائل الإعلام التابعة للإصلاح إنه بمجرد هزيمة صالح سوف ينسى الجنوبيين قضيتهم ويتنازلوا عن هويتهم ووطنهم ودولتهم وأرضهم وحقوقهم ووظائفهم التي طردوا منها كرمال المحتلين القداما الجدد، لكن هذه المرة بفتاوي وأساليب سياسية ثورية جديدة لإستمرار إحتلال الجنوب بلصوص يخدمون لصوص وكلهم ينتمون للقبيلة العسكرية اليمنية وسوف يتقاسمون ثروات الجنوب بقسمة جديدة.

سيناريوهات مستقبل الجنوب

السيناريو الأول :
استمرار التوازن بين طرفي الصراع في صنعاء وإطالة الأزمة وحدوث صدام مسلح عنيف يضعف الطرفين وتدمير قوتهم العسكرية يجبر طرفي الصراع أن يستدعي كل منهم الألوية العسكرية التابعة له من الجنوب إلى صنعاء لمساندته في القتال ضد الطرف الآخر وبالتالي يصبح الجنوب متاح للسيطرة عليه من قبل ابناء الجنوب ، ومن أجل انجاح هذا السيناريو يتطلب من الجنوبيين القيام بالآتي :
1 ــ يجب على الجنوبيين الوقوف في الحياد مما يجري من أزمة في اليمن وعدم الترويج لشعار اسقاط النظام أولاً، وعدم إيهام الجنوبيين بإن الثوار اي المحتلين القداما الجدد للجنوب ( علي محسن، حميد، الزنداني ) سوف يوافقون على منح الجنوبيين حقهم بتقرير مصيرهم من خلال فترة انتقالية أو حكم فدرالي بفترة انتقاليه لمدة 4 سنوات بعدها الجنوبيين يقررون مصيرهم لأن هذا مستحيل لان الخبره وشعب اهل اليمن قاطبة يعلنون عن ذلك مسبقاً بأن الوحده خط أحمر وسوف يقاتلون من اجل تثبيتها حتى اخر قطرة دم .
2 ــ إغتنام الفرصة من قبل الجنوبيين في إيجاد إطار أو هيئة تنظيمية موحدة تمثل الجنوبيين داخلياً وخارجياً للتفاوض بإسمهم على طريقة المجلس الإنتقالي الليبي لأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

السيناريو الثاني :
إذا وصل طرفي الصراع إلى عنق الزجاجة وقام المجتمع الدولي بفرض حل يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة مناصفه بين طرفي الصراع تحت مسمى حل الازمة بين السلطه والمعارضه على ارضية المبادرة الخليجية، معنى ذلك فشل الثورة وبقاء اللصوص والفاسدين من الطرفين في إدارة البلاد وينتج عن ذلك استمرار احتلال الجنوب من قبل النظام اليمني الجديد، اذا لم تتضمن تلك الحلول الدولية حل جذري مقنع للجنوبيين يحتوي على تقرير مصيرهم.

السيناريو الثالث :
اطالة امد الازمه اليمنية سوف يؤدي الى انهاك طرفي الصراع وارهاق الشعب وقد يؤدي هذا الى توصل لحل الخلاف بين الطرفين على حكم اليمن وتقاسم ثروات الجنوب كالمعتاد في اليمن عبر وساطة وتهجير بمجوعه من الأثوار يقوم بها بعض الوجهاء. واذا ما حصل ذلك فان الحقيقة تنجلي للجنوبيين ان ما حدث من ازمه في اليمن عباره عن مسرحية لاعادة تقسيم ثروات الجنوب بين طرفي النزاع من الاسره والقبيله الحاكمه وفقا لاتفاق 7/7 / 1994 .
حيث ان طرف الصراع المناوئ لصالح اعتبر بان صالح بداء الاخلال في اتفاق 7/7 منذو الانتخابات الرئاسيه 2006م حين بداء الترويج للتوريث والاخلال بمبداء تقسيم الثروه الجنوبية وادخال اولاد اخيه وبعض الموالين في القسمه على حساب الطرف الاخر الشريك في 7/7 .... وقد اكد صالح على عرضه تقاسم السلطه مع خصومه في خطابه الاخير في 7/7/2011م. حين عرض ذلك على مناوئيه وخصومه، وليس على شباب الثوره او المعارضه وهو ضمنيا يقول لخصومه من شركاء 7/7 بانه استلم الرساله ولم يعد تكرار تلك الاخطاء. وكل واحد ياخذ حقه حسب اتفاق 7/7/1994م والدليل اذاعة الخطاب في 7/7 /2011م
إن المتغيرات الجديدة التي ستؤول إليها الأوضاع في اليمن في الفترة القادمة سواء بسقوط النظام اوبواسطة حلول دولية، سوف تفرض على الجنوبيين مرحلة نضالية جديدة بدايتها في 1967م أي من الصفر.