لكي تقفز الى الامام عليك ان تتراجع الى الوراء - أبين _ الدرجاج _ رائد صالح النينوة

[جنوبي بليفربول]

بسم الله الرحمن الرحيم


رسالة الى الآحبه قادة ونشطاء الحراك والتنظيمات السياسيه الجنوبيه

أبين _ الدرجاج _ رائد صالح النينوة

لكي تقفز الى الامام عليك ان تتراجع الى الوراء

مقدمه لابد منها

في عام 1967م قبل خروج الاستعمار البريطاني من أرض الجنوب المحتل حدثت مواجهة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وتطورت الى حرب أهلية , وكان الهدف منها فرض السيطرة على الأرض وأستلام الحكم بعد مغادرة المستعمر البريطاني , وسعى كل طرف لكسب التأييد الشعبي والسيطرة على مساحة جغرافية اكبر لكي يرفع صوته عاليآ بأنه يمثل الجنوب وشعب الجنوب وبالتالي من حقه استلام الحكم ,وفي هذا الصراع حسمت المسأله لصالح الجبهه القوميه , ورغم ذلك ظلت شظايا الخلاف في الجسم السياسي والوطني الجنوبي لسنوات لاحقه ....وانتقلت هذه الخلافات الى داخل الجبهه القوميه ونشآت صراعات ادت الى أقصاء قيادات عملاقه على سبيل المثال وليس الحصر الفقيد الرئيس قحطان الشعبي والشهيد فيصل عبداللطيف والفقيد محمد علي هيثم وكل من كان مقربآ منهم كما تم آقصاء الشهيد الرئيس سالم ربيع علي (سالمين) وكل مقرب منه ,ثم جاءت الطامه الكبرى احداث 13 يناير 1986م لتكون نتيجها ليس ابعاد الرئيس علي ناصر محمد ومن معه فقط بل وتمكن الخلاف ليس على الصعيد السياسي بل وامتداده اجتماعيآ ليحدث الشرخ في الصف في الجنوبي ويتمكن منه الضعف والوهن ومن هنا كانت الخطوة الاولى للسيطرة على الجنوب والتي تجسدت في التوقيع على الوحده دون الاستفتاء عليها ,وعدم معرفة القيادة الجنوبيه عن الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي في الشمال او ان المعلومات التي كانت تصل للقياده الجنوبيه مغلوطه ومظلله , ثم كانت الخطوه المهمه وهي حرب صيف 1994م ونتائجها من اجتياح القوات العسكريه للطرف الشمالي لأرض الجنوب واندحار وتقهقر القوات العسكريه للطرف الجنوبي ، وهذه النتيجه لحرب صيف 94م لم تكن وليدة الحرب اوالسنوات القليله التي تسبقها منذ التوقيع على الوحده 22/مايو/1990م وانتهاء شهرالعسل بين الطرفين وبدء الازمه بينهما بل ان نتيجة هذه الحرب نجد جذورها ابعد من ذلك بكثير تمتد الى بدء الخلافات بين الجنوبيين واقصاء بعضهم البعض ليذهبوا الى الوحده مشتتين ضعفاء فسهلت عملية ضربهم واقصائهم واستباحة ارضهم ونهب ثروتهم .

هذه المقدمه كان لابد منها _وان كان الكثيرين يعرفونها _ ولكن لابد للانسان من التذكير بالاحداث التاريخيه لتظل ماثله امام اعين الاخرين وتكون عبره لهم يستفيدوا من الصواب ويجتنبوا الخطأ...

وبناءآ على ماسبق فان مايجري الان في الجنوب يبدو لي انه يؤسس لاحداث مستقبليه تشابه الاحداث التاريخيه فهل يثبت ذلك مقوله (( التاريخ يعيد نفسه )) ولكن لينتبه الجميع فأن التاريخ حين يعيد نفسه ليس بنفس التفاصيل ولكن بشكل هزلي او مأساوي وهو الجزء المكمل للمقوله ...

وما اقصده عن مايجري الان في الجنوب هو سعي بعض قادة ونشطاء الحراك الجنوبي الى تشكيل تنظيمات سياسيه مرتبطه بالجنوب والحراك السلمي الجنوبي ، وبذلك ينتقل الحراك السلمي الجنوبي الى خطوه متقدمه من خلال هذه التنظيمات التي تقدم رؤى ومشاريع مستقبليه ولها اساليبها في الوصول الى اهدافها...

ومع اختلاف التسميات ترفع شعارات متشابهه تصب كلها في نتيجه واحده او متشابهه وهي استعادة دولة الجنوب أكان على شكل(ج.ي.د.ش) حسب التسميه القديمه او تحت مسمى (الجنوب العربي) كما يرفع البعض الاخر (الفدراليه) وان كان على استحياء ...

وفي كل الحالات فأن الجميع متفقين على ان الوضع القائم خطأ ولابد من التخلص منه ، ورغم هذا الاتفاق على الهدف فقد تشكلت عدة تنظيمات ... في الخارج والداخل وهذا التعدد جعل بعض الجنوبيين في حيرة وارتباك وتدور تساؤلات حول أي تنظيم يؤيد وينتمي وفي الوقت نحن ليس بحاجه الى ارتباك الجنوبيين وتشتيتهم بل بحاجه الى توحيد الصف والكلمه .

ففي الخارج كأن تأسيس حركة تحريرالجنوب (تاج) في بريطانيا في العام2004 (تقريبآ) كأول تنظيم جنوبي ينادي بالاستقلال ، كما تم في بداية العام 2009م الاعلان في بريطانيا عن هيئة لدعم النضال السلمي والحراك الشعبي الجنوبي لتكون بذلك ثاني تنظيم جنوبي في الخارج ... اما في الداخل فمنذ منتصف العام 2008م وحتى نهاية مارس من العام 2009م تم تشكيل اربعه تنظيمات في الداخل وهي ، المجلس الوطني ، الهيئه الوطنيه ، هيئه النضال السلمي ، حركة النضال السلمي (نجاح)...

وامام هذا السعي المحموم لتأسيس التنظيمات الجنوبيه يبرز سؤال مهم هو هل القضيه الجنوبيه بحاجه الى عدة تنظيمات او الى تنظيم واحد للوصول بها الى بر الامان ؟

ان هذا التعدد ليس غريبآ على الطبيعه البشريه ، فالاراء بعدد الروؤس ، وفي التعدد نواحي ايجابيه وسلبيه ، ومن ايجابيات التعدد هو اتساع المشاركه الشعبيه نحو هدف واحد هدف واحد هو الجنوب ولكن لكل واحد رؤيته واسلوبه في الوصول لهذا الهدف ...

وتعدد هذه التنظيمات يعني بالضروره تعدد الشرائح الاجتماعيه والتيارات الفكريه المنضويه تحت لواء هذه التنظيمات مما يجعلها تنتشر في كافة التكوينات الجغرافيه الجنوبيه ، ونلاحظ ذلك من خلال الاخبار عبر صحيفة (( الايام )) وبعض المواقع الالكترونيه الجنوبيه التي تفيد عن تأسيس فروع لمختلف التنظيمات الجنوبيه في التكوينات الجغرافيه الجنوبيه منذ النصف الثاني للعام 2008م ومازالت المسألة مستمره ....

ولكن ماهو السر في السباق على تأسيس فروع في المناطق , هل هو اسلوب تنظيمي ونضالي واتساع المشاركه الشعبيه ام انه سباق على اكتساب اوسع قاعدة جماهيرية وبذلك يسعى كل تنظيم ليكون اكبر شعبية واكثر تأثير .... ومن الايجابية ايضآ عدم ادعاء أي من هذه التنظيمات – حتى الآن - على أنه يقود الحراك وانه الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب, كما أن في هذا التعدد ايجابيه سوف تظهر مستقبلا وهو التمهيد للتعددية السياسية والفكرية والاعتراف بالآخر ليكون حجر الاساس لنظام سياسي تعددي ديمقراطي يطمح ويرغب به أبناء الجنوب ...

اما الناحية السلبيه للتعدد تبرز في آمور عده احاول اذكر بعضها :-

- وجود اختلافات في الرؤى والاساليب بين هذه التنظيمات ومن هنا يقوم النظام الحاكم بتغذية هذه الاختلافات ويخلق صراعات فيما بينها يضعفها ويلهيها عن قضيتها الاساسية ويتفكك الحراك وينحرف مسار القضية الجنوبيه وتنتهي _ وهذا ما يسعى اليه النظام الحاكم _ ...

- ادعاء احد هذه التنظيمات بأنه الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجنوب , وفي هذا نفي وعدم الاعتراف بالآخر , وتدخل التنظيمات في صراع شرعية التمثيل , كما ان ذلك يمهد لنظام شمولي آحادي لا يتماشى مع النظام العالمي الذي يؤيد التعددية والديمقراطية ...

- دخول هذه التنظيمات في صراع للسيطرة على الحراك , وبذالك يتحول الحراك من وسيلة نضالية الى غاية وهدف .

وبناءآ على هذا العرض المتواضع , يبدو لي أن هذه التنظيمات يجب أن لا تتباعد فيما بينها , بل يجب أن يعملوا تحت مظلة واحدة وضمن كيان واحد , وليس الانصهار ضمن تنظيم واحد , بل كيان جبهوي تحتفظ فيه التنظيمات بشكلها التنظيمي , مع وجود قيادة موحده لهذا الكيان توحد الطرق والأساليب لتحقيق الأهداف ولهذا اتمنى من قادة ونشطاء الحراك والتنظيمات السياسية الجنوبيه قراءة التاريخ والاستفادة منه ليكون عبره لهم مثل ما حدث بين الجبهة القومية وجبهة التحرير , والنظر الى ما يحدث هذه الأيام في فلسطين المحتلة والتأثير السلبي للخلافات بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ...

أن تعدد القيادات يجعل الجنوب مثل (( السفينة التي لها اكثر من ربان تغرق )) فأبناء الجنوب مثل ركاب السفينة يهمهم أن يعمل طاقم السفينة تحت آمرة ربان واحد للوصول بالسفينة الى بر الأمان , فسفينة الحلم الجنوبي قد ابحرت وهي في عرض البحر الآن فلا نريدها أن تغرق بل نريدها أن تصل الى ميناء الجنوب الحر.

http://siyasapress.net/news_item.asp...=446&ID_P=1234

[ابو مالك الحالمي]

كلام في الصميم