الرائع شطارة بالمرصاد للعملاء والاقزام

[العدني العدني]

صنعاء ومؤتمر اللاجئين اليمنيين في الخارج ( بقلم : لطفي شطارة )



لندن " عدن برس " خاص : 10 – 10 – 2009
من المقرر ان تحتضن العاصمة اليمنية صنعاء اليوم مؤتمر للاجئين اليمنيين المقيمين بالخارج ، وهم من تطلق عليهم السلطات اليمنية جزافا بـ " المغتربين " .. هذا المؤتمر الذي رصدت له السلطة مليارات الريالات ليس من أجل تلميع صورتها فحسب ، بل ومن أجل تطويع من لم يطوع بعد للعمل معها كمخبر ضد بقية أخوانه اللاجئين والمقيمين في بلاد الشتات .. فأغلبية من سيشارك في هذا المؤتمر أبعد من أن تنطبق عليهم صفات المغترب أو له علاقة بالمغتربين الحقيقيين وليس اللاجئين السياسيين او اللاجئين الذين أجبرتهم ظروف تدهور الأوضاع الاقتصادية في الى ترك بلدانهم والهجرة الى الخارج .

وأستطيع أن أجزم القول أن من سيشارك في هذا المؤتمر هم لاجئين هربوا من بطش هذا النظام وأصبحوا مقيمين في البلدان التي منحتهم حق اللجوء بفعل ممارساته ، بل أصبح كثير منهم مواطنين في تلك البلدان التي هربوا اليها من جحيم هذا النظام وعصابة حكمه .. ومن هذا المنطلق كان الأحرى بالجهات المنظمة للمؤتمر أن تغير المسمى من مؤتمر للمغتربين إلى مؤتمر للاجئين على الأقل لعدم فضح المشاركين فيه لدى الدول التي منحتهم حق اللجوء .
فهل يعقل مثلا أن يكون مسئولا سابقا تقدم باللجوء إلى البلد الذي فر إليه ، وتقدم باللجوء لأي سبب كان ، وعندما يحصل على حق اللجوء يتحول الى مغترب ويكون أول العائدين ، بل وينسى أن سبب لجوءه هو موثق ومدعم بملفات كثيرة وخطيرة مليئة بالاتهامات التي تطال قمة هرم الحكم في اليمن في كثير من الحالات ، وهذه الوثائق محفوظة بدون شك لدى السلطات التي تقدم إليها بطلب اللجوء ، وفي هذه الحالة يكفي أن نحصي من شارك في هذا المؤتمر وسنجد أن الغالبية العظمى إن لم يكن جميعهم عبارة عن لاجئين سابقين كذبوا على السلطات الرسمية في البلدان التي يقيمون فيها بأنهم ضحايا لهذا النظام الذين يقفون اليوم في حضرته وبكرم رئيسه بل ويأكلون من موائده التي سيفرشها لهم ليشاركوه وليمة الذئاب على جثث الموتى من الأبرياء وضحايا البطش السلطوي الذي يصارع من أجل البقاء ، بل يسحق من يقف في وجهه من الشرفاء الذين يتطلعون إلى واقع أفضل .
أية أخلاق وأية قيم مهما رص من يشارك في هذا المؤتمر من عبارات التبرير التي سيقولها بأنها كافية لتجعله مشاركا في مؤتمر كهذا .. وما يحز في النفس أن يساق كثير من أبناء الجنوب الذين أعنيهم هنا في مقالي هذا إلى مؤتمر يفترض أن يكونوا هم ليس أول من يرفضوه ، بل أول من يحرض على مقاطعته وعدم المشاركة فيه مهما كانت المبررات او الدواعي من وراء تنظيمه .. شخصيا كنت طرفا بين أقطاب جنوبية تريد أن تشارك في المؤتمر وأطراف تعارض حتى بمجرد التفكير أن يكون جنوبيا طرفا في هذا المؤتمر المشبوه .. على الرغم من أن البعض ساق مبررات غير منطقية لتبرير شيء يستحيل تبريره للمشاركة في المؤتمر.. فالنظام الذي قال لي أحدهم أن المشاركة ضرورية لإجبار السلطة على الاهتمام بقضايا المغتربين ، أجبته بأن أي نظام لا يهتم بقضايا شعبه بالداخل وهو قريب منهم وأوصلهم إلى حافة الهاوية كيف سيهتم بمن هم في الشتات وهم ليسوا في حاجة له .. البعض تحجج بزيارات عائلية أي أنها مناسبة للحصول على تذاكر سفر مجانا لزيارة الأهل بعد انقطاع طويل، وهذا عذر أقبح من ذنب أن تشرع لطاغية مقابل قيمة تذكرة سفر مجانية ، بل منطق كهذا دليل رخص وابتذال .
لا أدري كيف يعقل وبأي قناع وتحت أي منطق أن يشارك اللاجئين الجنوبيين السابقين في مؤتمر كهذا وهم يدركون حقيقة ما يجري في الجنوب من احتلال وممارسات لا تحدث الا من قبل صهاينة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني .. هل المشاركة من اجل مصلحة شخصية ضيقة ، أم المشاركة من أجل التشريع للاحتلال .. أي منطق أن يقف هؤلاء الجنوبيين اليوم في وجه الرئيس الذين كالوا له وعلى نظامه كل التهم وكل الجرائم ليحصلوا على لجوءهم السياسي في البلدان التي يقيمون فيها .. واليوم يذهبون ليشرعوا كل جرائمه ضد أخوانهم وأهلهم في الجنوب ومقابل بطاقة سفر .
الوقت لم يعد للمبررات وخلق الأعذار للوقوف في حضرة رجل أحمق وغدار وكاذب أيضا .. الأمور صارت واضحة ، وعنجهية النظام وبطشه لم تعد مخفية على أحد لا في الداخل ولا في الخارج ، والوسطاء وأصحاب المبادرات لإنقاذ النظام صاروا يتقاطرون من كل مكان .. كيف يمكن وبأي منطق أن نبرر مشاركة هؤلاء الذين وبدون شك لا يمثلون الا أنفسهم عن بقية أبناء الجنوب الصابرين والقابضين على الجمر من أعمال هذا النظام .
لا أدري بأي وجه سيقف هؤلاء النفر من الجنوبيين أمام رئيس النظام وخيرة رجالات الجنوب يقبعون في زنازينه الموحشة تحت الأرض لتمسكهم بأرضهم وحقوق أهلهم وكرامة شعبهم .. كيف سيصفقون لأكاذيب رئيس النظام الذي تلطخت يداه بدماء جنوبيين في ربيع أعمارهم .. أي قيم يحملونها لشعبهم وهم يقفون أمام نظام ورئيسه لم يعد يذكر كم عدد من أبناء الجنوب في السجون أسرى ، وكم عدد ممن قتلوا بأوامره ، وكم عدد من لا يزال يبحث منهم عن علاج لجروح إصابته من قمع عساكره في حراكنا السلمي .. أي أوجه يحملونها هؤلاء النفر من الجنوبيين الذين فضلوا قيمة تذكرة الطائرة وإقامة في فنادق صنعاء مقابل التشريع للنظام الذي يستبيح أرضهم وعرضهم .. وهم يعلمون جيدا أن لا قيمة لهم ولا بحضورهم ، فلن يغيروا من الواقع شيئا .. سيبقون هم الغرباء في بلادهم واللاجئين في غربتهم بالخارج .. حتى وأن عادوا محملين بيسير من المال مقابل مشاركتهم او وعود بتسوية أوضاعهم او إعادة مرتباتهم .
تبا لجنوبي يضع مصلحته الشخصية قبل مصلحة أهله وشعبه .. تبا لمن يعتقد أن الجنوب وقضية شعبه وسيلة للارتزاق أو الابتزاز.. سيبقى الجنوب كبيرا برجاله القابعين خلف القضبان والمدافعين بصلابة عن قضية شعب ..
نقول للاجئين الجنوبيين المشاركين كـ " مغتربين " في مؤتمرهم بصنعاء .. أشبعوا من موائد نظام يحتل أرضكم وينتهك عرضكم وينهب ثرواتكم .. نقول لهم انتهزوا الفرصة وحسنوا رواتبكم ووظائفكم ولكن تذكروا أن الجنوب أكبر من وظيفة والقيم الوطنية لا تساويها أموال المحتل ، أعملوا ما تشاءون .. صفقوا لمن تريدون .. أكلوا مع النظام او الذئاب فلا فرق بينهما كلاهما ينهشون جثث شهدائنا ويمتصون دماء خيرة شبابنا التواق للحرية ..
ولكن تذكروا بأنكم ستبقون لاجئين في الخارج مهما حملتم من هويات او جنسيات لدول فتحت لكم أبوابها وضللتم مؤسساتها بلجوئكم .. تذكروا بأنكم لستم أكثر من كومبارس في مؤتمر لن يغير من واقعكم شيئا .. وما أروعها من مصادفة أن تحتفلوا اليوم في مؤتمر للنفاق وتصافحون قاتل العميد محمود محمد مثنى الحريري ومحمد علي مثنى الحريري الذين سقطوا برصاص جنوده في الضالع بمسيرة الغضب الجنوبي .. ما أروعها من مصادفة أن تقفوا مبتسمين نفاقا لرئيس نظام محتل وأهالي الشهداء يزفون أبنائهم إلى مثواهم الأخير اليوم وخلفهم يقف شعب الجنوب من أقصاه إلى أقصاه .. ولكن ثقوا أن الجنوب ليس من تتصورا أنكم تمثلونهم في مؤتمر اللاجئين هذا .. بل الجنوب يمثله من سيخرج خلف ركب الشهداء اليوم