14 اكتوبر بين الحقيقة وتزييف التاريخ / د. حسين لقور

[@نسل الهلالي@]

14 اكتوبر بين الحقيقة وتزييف التاريخ
د. حسين لقور


الثلاثاء 11 أكتوبر 2011 07:12 مساءً






د. حسين لقور


تحتفظ الشعوب بأيامها المجيدة التي صنعت فيها تحولات تاريخية سواء معارك عسكرية أو ملاحم نضالية مشهود لها وهذه الأيام تظل عبر التاريخ مهما تعاقبت السنين والأنظمة وهذا أمر لا ينكره أنسانا على اي شعب وهناك حكاما وقوى تخلق لها أياما قد ترتبط في ذهن شعوبها بذكريات مرة مثل أعياد ميلاد حكامها الدكتاتوريين أو يوم جلوسهم وأيام انتصارات وهمية لا يمكن اعتبارها بمقاييس التاريخ أنها فعلا أوجدت تحولات تاريخية مهمة.

ولنا في 14 أكتوبر مظهر من مظاهر خلق الأيام التي لم يعقبها تحولات تاريخية عظمى في تاريخ الجنوب بل ارتبطت بالكثير من المآسي التي عصفت بشعب الجنوب من منتصف ستينات القرن الماضي حتى يومنا هذا كالحرب الأهلية بين التحرير والقومية في قبل الاستقلال وحرب الجبهة الوطنية في 68م وحمامات التصفيات التي تلت وصول المتمركسيين بعد 1969م لكثير من الأعيان ووجهاء الجنوب على أيدي أناس جاءوا من قاع المجتمع ليتسيدوا على إدارة بلد ويمارسون أبشع أنواع القهر والكثير يمكن ان يقال هنا.
وبالعودة إلى 14 أكتوبر فهناك أيضا عن حقيقة التاريخ الذي ابتدعته ما سمي الجبة القومية فهناك من يرى في ذلك ليس إلا اختراع وتصوير ما جرى في تلك الأيام حادثة شخصية لم تكون منظمة ولا تهدف إلى عمل سياسي بل كان الأمر قضية بنادق بين بعض من عاد من صنعاء من حرب الجمهوريين والملكيين والقوات التابعة لحكومة الاتحاد هذا من ناحية .
من ناحية ثانية كل الذين عاشوا تلك المرحلة ومنهم مهتمين بالتاريخ يعرفون ان اي ثورة أو انتفاضة لا بد لها من هدف وإذا كان كما يدعي مؤرخوا الجبهة القومية ان الثورة قامت لطرد المستعمر البريطاني فالأمر لا يستقيم أبدا والجميع يعرف ان بريطانيا كانت قد قررت الانسحاب من شرق السويس بعد حرب السويس اي في عام 1956م وهي قررت ان تنسحب من عدن وبقية المحميات في أول يناير 1968م وبالفعل أكملت انسحابها من منطقة الخليج بداية السبعينات فهل كان هناك بد من قيام ثورة لطردهم وهو قد قرروا ذلك.
والحقيقة التي عملت الجبهة القومية بعد وصولها للحكم إلى إخفاءها ان من أوصل موضوع الجنوب وبطرق سياسية وسلمية هي الأحزاب المدنية كحزب الرابطة التي قادت قيادته النضال في الأمم المتحدة (محمد علي الجفري وشيخان الحبشي) والجامعة العربية.
الأمر الاخر وهو ما يدعيه بعض مشرعين يمننة الجنوب عن واحدية الثورة اليمنية وهذه الكذبة أكبرى التي من اجلها تم تزييف تاريخ 14 أكتوبر وجعلها ربيبة انقلاب سبتمبر 1962 م لأجل تأكيد يمنية الجنوب وهو ما قد نجحوا فيه إلى حد بعيد فيه.
من هذا يمكننا القول ان 14 أكتوبر ما هو إلا تاريخ صنعته بعض أجهزة المخابرات كلا لما يريد وليست السلطات البريطانية بعيده من أهداف من قاموا بتزييف هذا التاريخ لان الأمور بنتائجها وما شهدت عليه أواخر أيام وجود بريطانيا في عدن يدل على ان الأمر لم يكن إلا لتحقيق أهداف بريطانية صرفة, حيث ان الدعم الذي تلقته الجبهة القومية من قيادات جيش الاتحاد بشكل مباشر أو غير لا يمكن ان يتم بدون موافقة القيادة البريطانية وهناك الكثير من الحقائق التي لا يتسع المجال هنا لسردها من عمليات دعم الجبهة القومية بالأسلحة وهويات خاصة لاعضاءها واعتراف قيادة الجيش بالجبهة القومية يوم 6 نوفمبر 1967م إلى تسليم المناطق للجبهة القومية من قبل القيادات العسكرية كما تم في المنطقة الوسطى من خلال العقيد على عبدالله ميسري أو في شبوة من خلال العقيد حسين عثمان عشال والعقيد مهدي عشيش الكازمي وفي منطقة لحج من خلال سالم عبدالله القطيبي والذين لم تشفع لهم هذه المواقف مع الجبهة القومية حيث تم تصفية العديد منهم وتشريد الآخرين من وطنهم جزاءا لوقوفهم مع من أصبحوا حكاما للجنوب .
وبالفعل بالعودة لأي مراجعة تاريخية بعيدة عن الموقف المسبق لابد له ان يدرك ان بريطانيا خرجت منتصرة وليس كما كان يدعي البعض حيث أنها خرجت دون ان اي التزام للدولة الوليدة بأي التزامات فقط التزمت بدفع رواتب تقاعدية لموظفيها السابقين والعسكريين وخرجت وتركت نظام أصبح مصدر قلق للدول المجاورة والتي بدورها أبرمت صفقات تجارية وعسكرية بمئات المليارات لصالح الدول الغربية لو بقت بريطانيا في الجنوب لن تحققها في مئات السنين وكذلك تركت نظام يضرب به المثل في التطبيقات الاشتراكية المنفرة لكثير من شعوب المنطقة.
وعليه قان الوقائع التاريخية تتطلب إعادة تقييم هذا الحدث وغيره من الأحداث التي أصبحت مقدسة لدى البعض.