كلمة فخامة الرئيس أمام قمة بيروت

[الفهد اليماني]

كلمة فخامة الرئيس أمام قمة بيروت

27/3/2002م

الأخ رئيس المؤتمر.. الاخوة قادة الأمة العربية ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

انقل أحر التحايا والتمنيات لشعب لبنان الصامد قيادة وحكومة وشعباً، الذي انتزع حقوقه بقوته وصموده ونضاله حتى استعاد الحق اللبناني الى مكانه، فما اخذ بالقوة لا يعود ألا بالقوة، فحيا الله شعب لبنان الصامد، واحيي أيضاً شعب فلسطين، شعب الانتفاضة الباسلة، واحيي القائد الجسور المناضل ياسر عرفات الذي تحيط به كل الآلة العسكرية للكيان الصهيوني وعلى مرأى ومسمع العالم كله، وعلى وجه الخصوص أخوانه في الوطن العربي والإسلامي.

نأتي اليوم إلى لبنان الصمود في أطار انتظام أعمال القمة العربية الاعتيادية التي ينبغي أن نناقش فيها بكل صراحة ووضوح كل مايهم المواطن العربي بعيداً عن المجاملة وبعيداً عن التزلف.



الإخوة القادة:

شعب فلسطين يئن بأطفاله ونسائه على مرأى ومسمع.. ترون الأطفال يذبحون والنساء تهتك أعراضهن والشيوخ يذبحون.. نحن نأتي الى القمة وهناك تقاعس كبير إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني لا يريد منا لا شجب ولا إدانة ولكن يريد منا قولاً وعملاً، يتلخص في التالي:

أولاً دعم الانتفاضة بالمال والسلاح والرجال إذا كنا نريد شعب فلسطين إن ينتزع حقه.. لا اعتقد إن أي مواطن عربي أو إسلامي أو أجنبي انتزع حقه بالمفاوضات، منذ خمسين عاماً ونحن نفاوض إسرائيل ونقدم التنازلات تلو التنازلات، تنازلنا عن الحق العربي قبل 48 وتنازلنا عن ارضي 1948 لتعود لنا أراضي 1967.. أراضي 1967 لن تعود إليكم أبداً، مستحيل أن تعود إليكم أراضي 1967.. إذا لم يكن هناك دعم للانتفاضة.. عندما أقول دعماً للانتفاضة بالمال والسلاح والرجال، لا يعني إعلان الحرب على إسرائيل أو حشد الجيوش أو حشد البحرية والمشاة، لكن قدموا الرجال وقدموا المال ونسمح للمقاتلين أن يتحركوا الى فلسطين كما سمحنا لهم أن يتحركوا الى أفغانستان أثناء محاربة المد الشيوعي في أفغانستان، سمحنا للمقاتلين أن يذهبوا الى أفغانستان وبدعم أمريكي وبمال عربي حتى اجبر الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت على الرحيل من أفغانستان.. حق النضال للشعوب مشروع وهذا نضال وليس إرهاباً، ويجب إن نفرق بين العمل النضالي لنيل الاستقلال والعمل الإرهابي، يجب ألا نطأطئ رؤوسنا أمام الإرهاب الإعلامي والإرهاب الفكري، فعندما نتكلم عن إسرائيل الدولة الإرهابية يلصقو الإرهاب بالعرب والمسلمين، ويجب إن نعرف إن هناك قرارات لمؤتمر وزراء الداخلية والعدل العرب في تونس حول تعريف العالم العربي للإرهاب علينا إن نلتزم بهذا التعريف.. نحن نطالب بل ونلح على قطع كافة العلاقات مع إسرائيل ووقف التطبيع الكامل احتجاجاً على إسرائيل لعدم تنفيذها قرارات الشرعية الدولية.. لماذا؟ لان هناك معايير مزدوجة.. كيف تنفذ قرارات الشرعية الدولية في أماكن ولا تنفذ في أماكن أخرى؟ لماذا؟

لان هناك عصا مهيمنة على الوطن العربي، كلما تكلمنا عن إرهاب شارون الصقوا الإرهاب بالعرب وبالمسلمين بسبب ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول، هذه العصا الغليظة غير مقبولة.. نحن لا نقول احشدوا جيوشكم، ونحن من ورائكم، لكن – وهذا ليس من باب المزايدة – نحن في مقدمتكم، افتحوا لنا حدودكم ونحن على استعداد لمقاتلة إسرائيل، إسرائيل لن تخضع على الإطلاق لتسليم أراضينا ألا بالمقاومة واكبر دليل أمام الوطن العربي والعالم الإسلامي أن قرارات الشرعية الدولية لم تنفذها إسرائيل في جنوب لبنان، لكن عندما انتزع لبنان حقه بالمقاومة استطاع أن يحقق النصر، وكانت قرارات الشرعية الدولية موجودة، ورفضت إسرائيل وأبت أن تنفذها ورمت بها عرض الحائط، وهذا اكبر دليل على أن إسرائيل تماطل وغير منصاعة لقرارات الشرعية الدولية، ليس هذا من باب التحريض أو من باب المزايدة على وطنية أي قطر عربي أو قائد عربي، ولكن هذا ما يمليه ضميري كمواطن عربي وما انقله الى هذه القمة باسم الشعب اليمني الى إخواننا القادة في الوطن العربي.

أنا أبارك وأؤيد مبادرة سمو ولي العهد الأمير عبد الله، وهي مبادرة يكاد يجمع عليها كل الناس، لكن السؤال ما هي الآلية التي ستنفذ بها هذه المبادرة، وهي مبادرة جيدة وعظيمة وتستحق الدعم والتأييد وأيدها العالم، كل العالم بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، لكن ما هي الآلية التي ستخرج هذه المبادرة الى حيز التنفيذ.. أتمنى إن نقف وقفه جادة لوضع الآلية دون استعجال.. يبدو أننا مستعجلون في الوطن العربي، نأتي الى القمة وكل واحد يلقي كلمة ويأخذ طائرته ويتوكل على الله.. هذه قرارات مصيرية، وهذا وطن عربي، نأخذ يوماً يومين وثلاثة أيام، ولبنان فيه الخير وسيستضيفنا.. دعونا نناقش بوضوح، أنا مع تشكيل لجنة لبلورة الآلية، واتفقنا من خلال كلمة الأخ رئيس المؤتمر على أن تشكل لجنة لصياغة المبادرة لتكون مبادرة عربية، و أريد إن يتم تشكيل وفد لوضع الآلية.. الآلية نطرحها أمام الولايات المتحدة الأمريكية راعية النظام الدولي الجديد، الحليف الاستراتيجي للحكومة الإسرائيلية، إذا لم يقل أحد هذا الكلام أنا أقوله.. الحليف الاستراتيجي، فلولا الولايات المتحدة الأمريكية لما تعنتت إسرائيل أمام مطالب الوطن العربي، أمام قدراتنا المادية والعسكرية والمالية والسياسية.. ولكن هذه الغطرسة لان لديها الظهر الدافئ من الولايات المتحدة.. ونحن تحدثنا مع الولايات المتحدة الأمريكية بوضوح وصراحة، عندما نتحدث عن الإرهاب يلصق الإرهاب بالعرب والمسلمين، نحن نقول اكبر إرهابي في العالم حكومة شارون، الآن نحن نقول: العنف والعنف المضاد.

أنا شخصياً ارفض هذا المصطلح (العنف والعنف المضاد) هناك إرهاب إسرائيلي، ونحن نناضل نضالاً مشروعاً من اجل نيل الاستقلال ونستخدم العنف لان حقوقنا حقوق مشروعة، كثير من الأقطار في العالم الآسيوي والأفريقي ناضلت من اجل أن تنتزع استقلالها من الاستعمار البريطاني والفرنسي، لم يتهموها بالإرهاب، الآن كلما تكلمنا قالوا إرهاب، هذا غير وارد، الإرهاب في راس إسرائيل.

هذه المبادرة عظيمة جداً يجب أن نضع لها آلية ونتحرك تحركاً سياسياً، لذلك اقترح تشكيل لجنة من صاحب المبادرة من المملكة العربية السعودية، ومصر والأردن والمغرب وفلسطين والأمين العام للجامعة العربية، وهذه اللجنة هي التي تضع تصوراً للآلية والتحرك الى الجهات المعنية، الى كل من أمريكا ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي لإقناعهم بوجهة نظر العرب إزاء المبادرة، هذا ما أحببت أن أتحدث به في هذه القمة التي تتطلع إليكم فيها جماهير الأمة العربية والإسلامية والعالم الأجنبي، وماذا سيصدر عن قمة بيروت التي أتينا إليها في ظروف صعبة وصعبة جداً، ليس لغرض الاستضافة والاستجمام، ولكن لغرض أن نخرج بقرارات حاسمة ومصيرية.

وإذا أردنا أن نكون قادة عظماء فيجب أن تكون قراراتنا وتوصياتنا عظيمة، حتى ترضى بها شعوبنا وترضى بها ضمائرنا هذا فيما يخص قضية العرب الكبرى قضية انسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية من فلسطين والجولان وما تبقى من جنوب لبنان، تنسحب في إطار المبادرة، لكن تستمر المقاومة وندعم المقاومة حتى تنسحب إسرائيل وتلتزم بقرارات الشرعية الدولية.

أما الشق الآخر فأتمنى من كل إخواننا القادة العرب بالنسبة للتهديدات التي يتعرض لها القطر العراقي يجب علينا أن نرفض أي عمل عسكري يهدد أمن وسلامة وأراضي واستقلال العراق في أي وقت أو أي قطر عربي آخر، وكذلك نحن نقف الى جانب السودان الشقيق في سلامة ووحدة أراضيه، وكذلك حل المشكلة الصومالية ودعمنا للحكومة المؤقتة في الصومال الشقيق بما يجنبه إراقة الدماء في هذا القطر الشقيق.

أتمنى من كل قلبي لهذا المؤتمر التوفيق والنجاح والسداد والقوة والمنعة..

والسلام عيكم ورحمة الله