هل ساهم مبتدعة الوهابية في خلخلة النسيج الاجتماعي العربي والسعودي ؟

[نبيل العوذلي]

لم يكن في تصور احد من ولاة امور المسلمين عامة وولاة امر المملكة العربية السعودية خاصة ان يكون ذلك –الشيخ-الذي يثقون به ثقة عمياء ان يمارس نوع من السياسة الكيدية عليهم مستثمرا تلك الثقة التي منحها اياه ولاة امور هذه البلاد في ضرب خصومه ومخالفيه بذكاء كيدي عجيب بات اليوم بحمدالله مكشوفا وهو ما نغص مضاجع الكثير منهم..فأخذوا يولولون حول هذا المسؤول او ذاك من انه لايحب الدين واهله ويقرب الليبراليين والعلمانيين دونهم....ونحوه من الشبهات حول ولاة امر استقر المحكم عندهم هو –لاخير في اخرهم الا ما كان عليه اولهم-

ونحن نفرق بين مبتدعة الحنبلية وبين اهل الحديث مثلما نفرق بين الصوفية القبورية والفلسفية وبين الصوفيه الشرعية...

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد 20
--
--والشرعي ما ينظر فيه اهل الكتاب والسنة‏.‏ ثم هم اما قائمون بظاهر اسرع فقط كعموم اهل الحديث والمؤمنين الذين في العلم بمنزلة العباد الظاهرين في العبادة‏.‏ واما عالمون بمعاني ذلك وعارفون به فهم في العلوم كالعارفين من الصوفية الشرعية‏.‏ فهؤلاء هم علماء امة محمد المحضة وهم افضل الخلق واكملهم واقومهم –

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية((( /186 ما نصه :

" وفي الحنبلية أيضا مبتدعة ، وإن كانت البدعة في غيرهم أكثر ، وبدعتهم غالبا في زيادة الإثبات في حق الله ، وفي زيادة الإنكار على مخالفيهم بالتكفير وغيره ، )))

لاتكمن الخطورة في نشر كتب معينه تحوي ادلة معينه بين الناس ولكن الخطورة في اقرار طريقة تفكير ونظر للدلالات النقلية والعقلية للنص تظل عالقه في هذا الشخص او ذاك حيثما يكون .....ولعل هذا من ادق الاشياء التي يستعملها مدلسي وملبسي الشبه ...وهي ان اجعلك تكتسب حالا سمعيا وبصريا وحسيا يجعلك تفهم الامور بطريقة معينة والدليل اصلا ان نمط الكتيبات والمحاضرات التي نشرها مبتدعة الوهابية في العالم العربي قد اورثت للقراء حالا يستوجب تكفير الحكام وربما المجتمعات حتى وان لم يتكلم فيها اصحابها عن هذه الامور بذاتها سوى ان تسلسل التلازم الذهني واتقالات الذهن من من حكم معين إلى حكم معين، لاشتراكهما في ذلك المعنى المشترك الكلي؛او من المعين إلى المعنى العام المشترك الكلي المتناول له ولغيره قد ساهم في تشكيل تلك الشخصية عند العرب
،ولذا تجد ان العرب لما قراوا تلك الكتيبات واستمعوا الى المحاضرات التي يسقط اصحابها دلالاتها على المملكة العربية السعودية التي تحكم بحمد الله بما انزل الله بقدر استطاعتها ولاينتشر فيها الشرك المتقرر نوعه وجنسه كما تبين تلك الكتب والمحاضرات رأى اولئك بسبب الحال المكتسب انه ولابد من ان هذه الدول كافرة كفرا مخرجا من الملة كون الوضع فيها لايشبه السعودية في كثير من الاشياء فكفروها وحكامها وربما شعوبها....
وعلة ذلك ان اصحاب هذه الكتيبات والمحاضرات من مبتدعة الحنبلية لايبنون في الناس شخصية اجتهاديه نظرية او كشفيه او حسيه ....ولايؤسسون في الناس استعدادات للتعامل مع الحدث والواقع والموقف بالحد الاخير للاجتهاد وهو البحث عما يوافق الحق ووالعدل بالمماثلة والمشابهة والمناظرة كما في كتاب الفاروق رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري حول أمور القضاء، قال ----رضي الله عنه-

: الفهم الفهم فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم اعرف الأشياء والأمثال فقس الأمور عند ذلك بنظائرها واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق --
انتههى
- ولذا تجدهم لايستطيعون ان يرون الحق سوى من منظارهم الذي لايعترف بدلالات نقلية او عقلية قد تحصل للاخرين بطرق غير طريقتهم.....وتحت اسم اهل الحديث واهل السنه ويصرون على طريقتهم فقط التي ينشرون بها تلك الكتب ويدرسونها ويسمعونها الناس
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله

---وكذلك كثير من أهل الحديث والسنة قد ينفي حصول العلم لأحد بغير الطريق التي يعرفها، حتى ينفي أكثر الدلالات العقلية من غير حجة على ذلك. وكذلك الأمور الكشفية التي للأولياء، من أهل الكلام من ينكرها، ومن أصحابنا من يغلو فيها، وخيار الأمور أوساطها. ---انتهى كلامه رحمه الله

ويحصرون الطرق الاستدلالية بالدلالات الظاهرة والمطابقة للنص فقط دون الاعتبار للدلالات الكشفيه والنظريه والحسية الالهامية التي قد تحصل مع الاخرين ويعتبرونها فقط طريقة الصوفيه والفلاسفة مع ان شيخ الاسلام رحمه الله عدها ايضا من طرق اهل الحديث
يقول رحمه الله
فالطريق العقلية والنقلية والكشفية والخبرية والنظرية طريقة أهل الحديث وأهل الكلام وأهل التصوف قد تجاذبها الناس نفياً وإثباتاً، فمن الناس من ينكر منها ما لا يعرفه، ومن الناس من يغلو فيما يعرفه، فَيرفَعه فوق قدره وينفي ما سواه. فالمتكلمة والمتفلسفة تعظم الطرق العقلية وكثير منها فاسد متناقض وهم أكثر خلق الله تناقضاً واختلافاً، وكل فريق يرد على الآخر فيما يدعيه قطعياً.
وطائفة ممن تدعي السنة والحديث يحتجون فيها بأحاديث موضوعة وحكايات مصنوعة يعلم أنها كذب. وقد يحتجون بالضعيف في مقابلة القوي، وكثير من المتصوفة والفقراء يبني على منامات وأذواق وخيالات يعتقدها كشفاً وهي خيالات غير مطابقة، وأوهام غير صادقة {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْني مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً))
لقد تعصب مبتدعة الوهابية لطريقتهم هذه واستطاعوا حقيقة ان يستثمروا سلوكهم الارجائي مع ولاة الامور في ضرب خصومهم.تارة بسبب الحسد او غلو البعض منهم
وزايد البعض في غلوه هذا حتى وصل ان يدعوا الى عدم اعتماد كتب اعلام كشيخ الاسلام ابن تيمية وابن حجر واخشى ان يصل بهم الامر في يوم ما الى التشكيك في ائمة اهل الحديث في هذا البلد المبارك كالامامين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وربما سماحة المفتي حفظه الله


نبيل العوذلي
نائب رئيس الهيئة الشرعية للحراك الجنوبي السلمي