تاج والهجوم الأعمى !!!

[اليافعي 11]

بقلم / أبو فؤاد الشعيبي - المكلا برس التاريخ: 16/12/2008



سوء الظن واطلاق التفسيرات والتحليلات التي ما أنزل الله بها من سلطان والكرم في اطلاق التهم جزافاً من أشد الأضرار التي بلينا بها ازاء تلقينا لاراء الآخر وأفكاره. ومما زاد الطين بلة قلة الوعي عند العديد منا واستغلال فئات من الناس لهذا. فهناك من ينفث سمومه واراءه وتعليقاته على بعض الأفكار ويجعل بهذا مجموعة من الاشخاص يعتنقونها مستغلاً جهلهم لحقائق الأمور أو عدم وعيهم السياسي الكامل أو عدم إطلاعهم على مجريات الأحداث أو لثقتهم به أو هذه الأمور مجتمعة.
ويماثل هذا العادة الفكرية السلبية مرض آخر يتمثل في استغلال اقل بوادر خطأ يلوح من جهة معينة يستهدفونها للقيام بحركة تعبئة سلبية وعامة عليها و اطلاق السهام المسمومة دون رحمة او شفقة و دون اللجوء الى التفكير العقلاني السليم، متناسين أن الكلمة أمانة ومسؤولية وعلينا ان نكون بحجم هذه الأمانة والمسؤولية.
ومثال هذه الممارسات الفكرية الخاطئة عن قصد أو عن دون قصد، ردود الفعل الغير مسؤولة من انتقادات هدامة واتهامات وتخوين وما الى ذلك التي يوجهها أناس لا يقدرون الامانة الفكرية الى بعض الجهات السياسية الجنوبية المتواجدة بفعالية على الساحة مع مثيلاتها للعمل من اجل تحرير الجنوب وأخص بالذكر التجمع الديموقراطي الجنوبي تاج.
ولقد لحظت بنفسي نوعاً من هذا الهجوم الذي لا هوادة فيه ولا تفهم ولا موضوعية على التجمع الديموقراطي الجنوبي مستغلين بل ومشوهين بعض البيانات التي يطلقها والتصريحات التي يوجهها الى بعض الأفراد ممن توحي بعض تصرفاتهم ومواقفهم من الحراك وابنائه أنهم يتلبسون بثوب الجنوب وهم لهم فيه مآرب أخرى.
قام جماعة من الاشخاص باعطاء تفسيرات خاصة لتلك التصريحات والبيانات واضافوا عليهم بعض الافتراءات السياسية لخلق سيناريو جهنمي يؤطرون به حقدهم بإطار وطني والجنوب منه بريء.
وأنا اريد التنويه هنا أني لست بتاجي الانتماء ولا انتمي لأي حزب او جهة سياسية او ما شابه وانتمائي الوحيد هو لهذا الوطن الكبير الاسير، الجنوب والجنوب فقط. وقلمي ليس مخصصاً للمدح او للذم او للتشهير ولكني أؤمن بأن حمل الكلمة أمانة ولا بد من ايفاء الامانة وحرصاً مني وغيرة على كل ما هو جنوبي مخلص الإنتماء. كما أن المجال مفتوح لكل منا ليعين الآخر بالنقد الهادف البناء حتى يتلافى كل منا الاخطاء التي قد يرتكبها دون قصد او قاصدا ولكي نتعاون معاً لايجاد السبل الامثل لابراز سلاح الكلمة الحقيقي وتوجيهه لخدمة قضيتنا.
ولكن تغليب البعض لتهجمه بدلا من تفهمه وتسرعه عوضا عن تأنيه لا يمكن له أن يحمل أثاراً إيجابية سواء للمتحدث أو المتلقي أو للقضية المتناولة على السواء. لا أحد فوق النقد والنصح والتوجيه ولكني لا أظن البتة أن تشويه الحقائق وتهميش أدوار جبهة من العاملين بكل جهد من أجل الجنوب يمكن أن يخدم القضية بأي حال من الأحوال.
ولنتطرق بشكل عام لمنهج تاج في التعامل مع مفردات القضية واطرافها وبعض البيانات والتصريحات التي يطلقها والتي يرى فيها بعض المشككين تخوينا وبلبلة ومساسا بالقضية وهذا ما أرى بأن تاج بريئة منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
تاج تتبع الوضوح قدر الامكان في تعاملها مع القضايا وبحسب ما يقتضيه الحدث. ولا تداهن في مصير الجنوب كما يفعل بعض الأفراد وبعض الجهات لأغراض متعددة، ويكفيها شرفاً أنها هي السباقة وبشكل علني في إعلان مشروع الاستقلال عن نظام 7 يوليو.فهل المطالبة بتوضيح المواقف والضرب بيد من حديد على من يحاول المساس والتلاعب بقضيتنا عيباً ونقصاً وخيانة؟
لا أظن أنه من الوطنية بمكان التشكيك في مبدأ هذه الحركة السياسية الجنوبية الحرة والذي تدور اعمالها وفعاليتها في إطاره وهو استقلال الجنوب واستعادة سيادته دون صدور أي بادرة منها تؤيد مثل هذه الظنون والاتهامات. إطلاق الاتهامات جزافاً دون سند أو دليل ضد أي جهة جنوبية تعمل يد بيد مع ابناء الجنوب لا يمكن أن يصدر عن أي جنوبي حر يضع مستقبل الجنوب نصب عينيه.
والمثير للدهشة بل والعجب أن البعض استخدم تاج كحجة وسبب للتشكيك في بعض المجالس الجنوبية الوطنية التي صادق عليها الشارع الجنوبي.
وهذا لا يعني بكل تأكيد أن عمل تاج لا تشوبه شائبة، فشأنها شأن أي عمل بشري يحوي الايجابيات والسلبيات والمهم هو ثبوت المبدأ والسير عليه واحترام الارادة الجماهيرية الحرة وقيادة الداخل وهذا ما لم تتجاوزه تاج، على حد علمي على الأقل.
ولهذا فإن أي قصور أو نقص من قبلها بعد ذلك يستدعي منا ، عملا بمبدأ الحرية الفكرية وأن لا أحد فوق النقد، محاولة اسداء النصح لما فيه المصلحة الجنوبية العامة.
وفي نفس المقام أريد القول بأني لم أفهم سر الثورة العارمة من البعض تجاه تاج واستخلاصهم بأن تاج قام بالتخوين أوالتشكيك في قادة الجنوب المخلصين المنتمين الى الحزب الاشتراكي. من أين أتوا بهكذا استنتاجات؟
كلام تاج كان تحذيرياً قبل أن يكون تقريرياً وكان عاماً شاملاً قبل أن يكون خاصاً ولم تحدد فيه شخصيات بعينها أو تذكر اسماء لأي من المنتمين للحزب. هل أصبح التحذير أمراً محرماً وهل التحذير من شيء يعني الوقوع فيه؟
وهل كل شخص ينتمي الى الحزب يصبح مقدساً لا يمكن أن يطاله أي كلام أو نقد. وهل لا يحتوي الحزب على بعض العناصر المندسة الهدامة؟ من يمكن أن يضمن لهم الجواب الشافي الوافي لجميع لهذه الاسئلة؟
وقادتنا المناضلون الذين ينتمون الى الحزب الاشتراكي، هل هم يناضلون باسم الحزب خاصة أم باسم الجنوب عامة؟ وهل الحزب الاشتراكي فوق النقد؟ أم أنها هوى وأمزجة تتلاعب بالمواضيع كما تحب وتهوى؟
لماذا نتجاهل عن الاخطار الحقيقية وعن من يحاولون ضرب حراكنا ونحارب بعضنا بعضاً ونحاول التشكيك ببعضنا البعض؟ لماذا ننجر وراء محاولات النظام وأذياله لضرب الجنوب بعضه بعضا محاولين وأد الحراك والقضاء عليه؟
لنعمل عقولنا قليلاً قبل أن نعمل السنتنا وأقلامنا حتى لا نقع في المحظور الذي ما فتئنا ننقده ونذمه. التأني والتمهل مطلوب في مثل هذه القضايا ولا يمكننا تناسي كل الجهود التي قامت وتقوم بها تاج ونتبنى هذا الهجوم المعادي الشديد اللهجة.
وكم من شخصيات واحزاب ارتكبت العديد من الاخطاء القاتلة للحراك وتغافلنا عن ذكرها بحجة مكانتها السابقة ونضالها ولعدم شق الصف وغير ذلك. برغم اني أرى أن من اهم الطرق التي تكفل وحدة الصف وتماسك القضية المواجهة والصراحة و نبذ المداهنة والسكوت عن الاخطاء القاتلة. وللعلم الخطأ يتضاعف حجمه بحجم مرتكبه ولهذا يكون وقعه اشد واقسى ان كان ممن نضع امالنا وتطلعاتنا فيهم.
واعود لموضوع المقال، لماذا التركيز في الهجوم الشديد على تاج في هذا التوقيت بالذات؟ هل لمصلحة احزاب اخرى حتى تستطيع اجتذاب الشارع الجنوبي وتغيير سقف قضيته عما اعتمدته تاج له منهاجا ومحاولة مستميتة للتشكيك بها كونها اول من دعا الى سقف الاستقلال وبالتالي والهدف الابعد هو التشكيك في سقف الاستقلال بحد ذاته كحل ومحاولة جر الجنوب الى تقبل اسقف اخرى للنضال اقل من الاستقلال وبالتالي جذبهم مجددا الى هاوية اصلاح المسار أو أكذوبة تغيير النظام بطريقة غير مباشرة؟
ام انها محاولة لاقصاء تاج حتى يتسع المجال لجهات اخرى بأسقف أخرى منها أصلاح مسار الوحدة ومحاربة الفساد وما الى ذلك متجاهلة في نفس الوقت ارادة الشارع الجنوبي ومعاناته ومحاولة التسلق على ظهر الحراك لتحقيق مآربها ومطامعها الشخصية ؟
لهذا الحزب الجنوبي الحر تجاوزاته ربما ولكن مبدأه واحد وقضيته لم تتغير كما أسلفت، ربما له هفواته وزلاته وهذا شيء طبيعي وهذا لا ينفي وطنيته ولا يسلبه جنوبيته وانتماءه ومن الأحرى بنا أن نقف معه كما نقف مع اي حزب او هيئة او تنظيم جنوبي وان لم ننتمي اليهم سياسيا، لنا عليهم حق الدفاع عن قضيتنا ولهم علينا حق المؤازة والمساندة والنقد البناء حال الخطأ أو التجاوز.أم أنه أصبح هو العدو الحقيقي وما عداه فقد انقلبوا الى أصدقاء ومدافعين عن القضية؟ ومنذ متى تم لهم ذلك؟
التخوين أمر مرفوض تماماً والعداء لكل ما هو جنوبي غير مسموح أيضاً، لنواجه بعضنا البعض، لنضع اخطائنا تحت المجهر حتى نستطيع اصلاحها، لنحاول اعادة ابنائنا ممن حادوا عن الطريق الى جادة الصواب. لنوحد صفوفنا ونحاول تصفية عقولنا ونفوسنا من الأمراض التي قد تصيبها حتى نسمو بسمو قضيتنا.

المحتل بات على شفير الهاوية وهو يبحث عن جميع السبل الممكنة وحتى غير الممكنة لاختراق صفوفنا وزرع الفتنة بيننا. لنكن حذرين ولنتعاون معاً من أجل كشف هذه الغمة وعاش الجنوب حراً أبياً.



ولاية فلوريدا - أمريكا الشمالية


[email protected]