رسالة أبكتني فهل ستبكيك ؟؟

[وهج الحضرمي]

رسالة أبكتني فهل ستبكيك ؟؟

بقلم : وهج الحضرمي

وصلتني رسالة عبر ايميلي الخاص من أحد القيادات الشابة في ثورتنا الثانية وهو من الناشطين السياسيين والمناضلين الشجعان والذي له دور كبير وملموس بل ومؤثر في ساحة الميدان يشكي حال أسر اخواننا المعتقلين ومعاناتهم بعد إعتقالهم ودخولهم السجون بسبب نضالهم المستميت للدفاع عن الارض والعرض من اجل الحرية والكرامة وفك الارتباط من محتل همجي متخلف عاث في الارض فساداً ، إن قلق هؤلاء المعتقلين الابطال ليس على أنفسهم .. فهم مدركين عواقب تضحياتهم الجسام داخل المعتقلات إنما قلقهم على حال أسرهم التي تركوها بعد اعتقالهم والتي أصبحت تئن تحت وطأة الفقر والمعاناة نتيجة لفقدان معيلها التي هي معتمدة عليه كل الاعتماد .. لقد تركت هذه الرسالة اثر في نفسي برغبة عارمة في البكاء وقد تجلى الحزن والالم في داخلي .

ان المعتقل لايفكر بمعاناته الجسدية من أثر التعذيب والتنكيل به داخل المعتقلات كثر ما يفكر ويحز في نفسه وضع أسرته وأهله في الحياة .. فمعاناة أسر الشهداء والمعتقلين وكذلك الجرحى تشتد يوما بعد يوم خاصة أن كثير من الجرحى والمعتقلين يعملون في أعمال خاصة وبأجر يومي ويكسبون قوت يومهم بأيديهم وهم المعيلين الوحيدين لهم فلا مصدر دخل لهم آخر غير معيلهم المعتقل . اذن .. كيف تعيش هذه الأسر المغلوب على امرها ؟؟؟ !!! .

لن اقول ماذا قدم الشهيد وماذا قدم المعتقل وماذا قدم الجريح للوطن ؟؟ لان طفل دون السابعة يعرف ماذا قدموا .. ولكن السؤال الذي أوجهه للجنوبيين اولاً وللقادة ثانيا ماذا قدمتم انتم لأسر هؤلاء الأبطال ؟؟

أجزم أنها إجابة صعبة لأنكم لن تجدوا إجابة شافية لها او منطقية او حتى كافية .. لست أدري كيف يغمض لكم جفن وأسر الابطال تعيش تحت ما دون خط الفقر بل تعيش حياة معدمة . تخيل انك انت أحد هؤلاء المعتقلين في هذه السجون الموحشة وأنت المعيل الوحيد لهم ويمرون أهلك أو أسرتك بنفس الحال والظروف كما تخيلت انا وشعرت بمرارة الأسى وخاصة أنهم يمرون بنفس الوضع المأسوي ويشتد بهم الجوع والفقر.. والالم والمرض ينخر جسد أبنائك وأهلك وانت بداخل السجن .. والحزن ولوعة الفراق التي تشتد وتزداد كل يوم في قلوبهم لفراق آبائهم !! وسألت نفسي هل سنرضى نحن كمعتقلين بهذا الواقع الذي تمر به أسرنا وعائلاتنا خاصة أننا نضحي من أجل هذا الوطن ؟؟ هل نرضى لأسرنا بعد كل هذه التضحيات أن يكون مصيرها الجوع والحزن وقلة الحيلة وضنك العيش يفتك بهم وإلى متى ستستمر هذه الحالة ؟؟ أم أننا ننتظر وننتظر الى ان تتشرد هذه الاسر وتمد يدها للتسول على قارعة الطرق وأبواب المساجد .. لا والله !! ثم لا والله !! لن نسمح لأنفسنا أن يحدث هذا لأي أسرة جنوبية .. ولن نرضى أن يكون مصير أسر من ضحى من أجلنا يصل لهذا الوضع المزري والمأساوي .. فالعزة والكرامة والرفعة هي أخلاقهم وتوفير احتياجاتهم وضرورياتهم هي من أهم واجباتنا وحقهم علينا .

. فأي قلوب تمتلكون أيها الجنوبيون وأي انانية تعيشون ؟؟ واللوم موصول لبعض قادتنا الذين يجتهدون ويكافحون ويسهرون الليالي لاصدار البيانات الجوفاء العمياء حتى يتم نقضها بعد صدورها !! ويكافحون ليتهجموا على بعضهم البعض بالقائهم التهم البائسة التي ليس لنا فيها غير الفرقة وزرع الاحقاد فيما بيننا . فبدلاً من هذا الجهد الضائع استثمروا جهودكم في عمل الخير تجاه هذه الاسر التي ضحى معيلها من أجل تحقيق العيش الكريم لأبناء هذا الوطن .. فباهتمامكم بهم تقوي اللحمة الجنوبية وتنبذ الفرقة ويلتفوا أبناء الجنوب وينخرطوا حول راية التحرير وهم مطمئنين على أهلهم مهما حدث لهم من عواقب النضال لأن أهلهم سيكونون في مأمن لو حدث لهم أي مكروه لا سمح الله .

نحن نستنكر أسلوب وطريقة بعض قادة الحراك في الداخل والخارج في التعامل مع معاناة اسر الشهداء والمعتقلين والجرحى ونطالبهم بضرورة التعامل بالمستوى المتوقع من قادة مسؤوليين عن حماية حقوق الجنوبيين الذين حملوهم مسؤولية شرف الدفاع عن هذا الوطن وشعبه لذا وجب علينا كقادة حراك وشعب التضامن مع هذه الاسر قبل كل شيء وتقديم يد العون لهم وسد كل احتياجاتهم الضرورية وأن نضعهم من أهم اولوياتنا حتى يستمر حراكنا ونضالنا من قبل هؤلاء الرجال إن أردنا صدقاً طرد المحتل والوصول لغايتنا في تحقيق النصر والاستقلال .

لا أطلب توفير الخدمات الترفيهية للأسر أو رغد العيش بل أطلب ما هو عاجل من توفير ضروريات الحياة من مأكل ومشرب في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها .. فهم يحتاجون لدعم مادي ثابت حتى خروج معيلهم من معتقله .. فلزاماً علينا تقديم المساعدات المستمرة لهم وليست المؤقتة او الموسمية فالبعض منا يقدم المساعدات في رمضان بحثاً عن الاجر وكأن السنة هي شهر واحد فقط .. فاين ذهبت باقي اشهر السنة ام انها خالية من الاجر !! واأسفاه عليكم !! هل انتم مدركون نتيجة تهاونكم نحو واجبكم تجاه هذه الاسر ؟؟ انتم تقومون بما هو افظع من الجريمة !! لقد قال احد المعتقلين إن اليأس بدأ يتمكن مني !! هل أنتم مدركون ما نتيجة هذا يا قادة يا كرام ؟ ويا أبناء الجنوب الأعزة والأحرار ؟؟

وقد علق هذا الناشط في تلك الرسالة قائلاً (( إنني بدأت أشعر بنفس اليأس يتسلل الى قلبي ونفسي )) !!! إن هذه الجملة تحمل الكثير في طياتها فلقد شعرت بغصة في نفسي ومرارة في حلقي وكأنني تجرعت سماً قاتلاً لأني تخيلت بأننا سنفقد حراكنا الذي قدم له الجنوبيين الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين من أجل تحقيق الحرية والكرامة والاستقلال لهذا الشعب العظيم .. فكيف نترك طريقاً بدأناه معا واتفقنا على أن لا نقف إلا بعد أن نصل لنهايته ؟؟ هل تبخر ما قطعناه سخونة أم تقطع ما وصلناه امتداداً ؟؟ فلا مجال للعثرات في وسط الطريق .

ليتني أجد اجابة شافية من كل من تعنيه هذه القضية ؟ !!!!

لكن .. كل ما ذكر سابقاً لا ينسينا أن هناك فئة علينا ان نشيد بجهودها وإخلاصها ونقدر كل ماتقوم به لتوفير كل مايستطيعون تقديمه من احتياجات لتخفيف معاناة هذه الأسر وهم أصحاب القلوب الرحيمة والايادي البيضاء من اخواننا الجنوبيين في الداخل والخارج الذين يسعون لتقديم يد العون والمساعدة للاسر المتعففة المحتاجة وأسأل الله ان يجزيهم خير الجزاء.

والأمل يحدونا في زيادة عدد أيادي الخير حتى ولو بالشئ اليسير .. وأتمنى من الجميع أن يقفوا وقفة رجل واحد في سبيل الوقوف جنباً الى جنب لمساعدة اخواننا في الداخل لنخفف عنهم مآسييهم ولا نجعل ضنك الدنيا ينسينا بعضنا حتى نستمر في مسيرتنا النضالية التي بدأناها ضد هذا المحتل الغاشم المتجبر وطغيانه .