مبدأ المناصفة خطأ تكتيكي أربك أصحابه..بقلم ابو عامر اليافعي

[شيخ الطيور]

مبدأ المناصفة خطأ تكتيكي أربك أصحابه

بقلم ابو عامر اليافعي

لطالما كان ناصر والعطاس يجيدان المناورة والتملص والتبدل في المواقف وظلا دائما يستعرضان أفكارا متناقضة ومتغيرة وغامضة لا يستطيع المتابع لهما أن يتبين ما يريدانه على وجه الدقة واشغلا الجنوبيين واليمنيين كثيرا وانقسم حيال مواقفهما وآرائهما الكثير أيضا وتبدلت نسبة المراهنات عليهما في كل درجات النسبة المئوية ومن يشيد بهما ليلا يرفضهما نهارا ومن يستحسن لعبهما نهارا يقبحه ليلا .
أعجب الرجلان ومن معهما بأنفسهما وهما يثيرا اللغط والبلبلة في الإعلام والمجالس حتى كادا أن يظنا إنهما محور الحراك ومفكري ثورة التغيير ورمز المعارضة والأحق بالسلطة .
طالب البعض منهم بفك الارتباط بينما البعض يصر على إصلاح مسار الوحدة وتغير أمر البعض الأول إلى الشراكة بينما بقي الآخر يهدد بالتشطير أو التغيير وعندما أعلنت ثورة التغيير تمسكا بها وأعلنا وقوفهما معها واعتبرا التغيير الطريق المناسب إلى الفيدرالية .
رفضا أي شرط يتخلل الفيدرالية وعندما وجدا أن الجنوب لايعيرهما اهتماما جنحا إلى الفيدرالية المشروطة وأنتج العقل المفكر فيهما أن الفيدرالية لابد أن تكون مصبوغة في الحل السوداني وفي صنعاء تكونت مجالس عديدة انتهت بالفشل الذريع وكان الاثنان فيهما دائما في أعلى القائمة وهما يظنان بان ورود الأسماء الخطوة الأولى لتحقيق الطموحات الشخصية ولكن الحراك الجنوبي ضيق الخناق عليهما ولم يجدا مناصا من فعل شيء يجعل الحراك مركونا في رصيفهما حتى يحين قطف الثمار .
وبحكم أن الفيدرالية تعني المناصفة في كل شيء فكان لابد أن يعبرا عن ذلك في أول فرصة سانحة لهما وعندما كانت الفرص تهدر في صنعاء كانا يعضان على أصابع الندم والخوف والحسرة من فوات قطارهما البطيء خاصة وان المحطات التي يمر فيها كثيرة لدرجة الملل والإعياء فكيف بدقة الاختيار للركوب فيه وضمان نجاحه.
انتظر الجميع المولود الجديد من رحم المعارضة اليمنية وثوار التغيير وعندما حان بعد تأجيلات عديدة تحت مبررات الدراسة المتأنية أتى مولودا ناقصا مشوها لايرى ولا يسمع ولا يتكلم لان الأمر كان محير فان اختارت المعارضة اليمنية الغالبية من الجنوب سيعني إنها رشوة وان اختارت النصف سيعني انه اعتراف بان الجنوب شريك كامل في السلطة وله رمزية انفصالية وان اختارت من الجنوب اقل من النصف سيعني أن التهميش مستمر ولهذا فكان الاختيار اقرب إلى النصف ولكنه اقل منه وهذا يعني أن الجنوب مهمش وانه يكاد يكون شريك وهذه كانت محاولة ذكية لكنها كانت في غير أوانها .
التحصيص هذا دفع ناصر والعطاس إلى المطالبة بالنصف تقريرا لمبدأ الفيدرالية التي أعلناها وجس نبض من قبلهم لقبول المعارضة اليمنية فكرة الفيدرالية .
لست ادري إلى الآن كيف فكر العطاس وقدر ناصر ومن ألهمهما نسف الأمر بطلب المناصفة وهما المعروفان بأنهما يجدا دائما مساحة من التحرك فيما يطرحانه .
لست ادري كيف وقع الاثنان في خطاء تكتيكي قاتل لهما ونسف كل مرونتهما وكياستهما في اللعب بالمساحة الواسعة كعادتهما .
ضاقت الأمور عليهما الآن بعد المناصفة ووجدا أنفسهما لا من سرب الحمام ولا من جماعة الغربان .
خسرا الاثنان تعاطف صنعاء وود عدن فشعار المواطنة اليمنية نسفاه بالمناصفة واستعادة الدولة الجنوبية نسفاه بالمشاركة .
قرار المناصفة كان قرارا غبيا بكل المقاييس السياسية لانه حشرهما في زاوية وجعلهما على مفترق طرق أما أن يكونا يمنيان أو جنوبيان ولا خيار ثالث متاح لهما إلا أن قررا اعتزال السياسة .
رغبة المناصفة نعم أغاضت المثقفين والمعارضين والثوار اليمنيين ولكنها أربكت أصحابها أكثر من غيرهم ولهذا قررا تأجيل مؤتمر القاهرة إلى شهر أكتوبر وربما إلى اجل غير مسمى .