مرة أخرى: لابن عفرير/ يجب التمييز بين الجدال والحوار:

[بائع المسك]

مرة أخرى: لابن عفرير/ يجب التمييز بين الجدال والحوار:
استهلال: للكتابة عندي طقوس ومشاعر ودوافع نفسية تتحكم في ملكاتي الذهنية والوجدانية عندما يصادفها خلال رحلة الحياة اليومية موقف أو حادثة أو فكرة أو طرح جديد ومميز يشد الذهن ويفتح أمامه أبواب ونوافذ التفكير والتأمل العميق المتحرر من كل القيود، حينها فقط أجد جوارحي تتحرك تلقائياً للبحث عن القلم والورق، وقد قيل بحق أن أفضل كتاب أو مقال هو الذي يفتح أمام العقل أبواباً رحبة للتفكير والبحث والتأمل، وليس الذي يزود العقل بالمعلومات التي يفتقدها أو التي يحبذ صاحبه سماعها.. وحقيقة فإن مقال الأخ الفاضل/ بن عفرير الموسوم (أطروحات بن فريد النظرية للخروج من المأزق أم لأشباع العاطفة ) يندرج بما تضمنه ضمن المقالات والأطروحات والأفكار التي تفتح أمام العقل أبواباً رحبة للتفكير والبحث والتأمل، لذلك فقد وجدت نفسي عندما اطلعت عليه أسيرا لطقوس ومشاعر الكتابة السابق ذكرها وكان حصيلة ذلك مداخلتي الموسومة (لإبن عفرير ورجال النخبة بالجنوب الكتابة للوطن وليس للأشخاص) التي أشرت في مقدمتها بكل صدق وتجرد عن السبب الذي دفعني لكتابه تلك المداخلة، وأكرر هنأ وأقول لأخي وأستاذي الفاضل/ بن عفرير: بأنك ــــ مهما اختلفت معك ــــ قد تطرقت في مقالك السابق إلى قضايا وأفكار جديرة بالاحترام أولاً وجديرة بالتأمل والبحث والنقاش العقلاني الجاد ثانياً، ليس مهماً ولا مطلوباً أن نتفق كلياً أو حتى جزئياً، ولكن المهم جداً أن نميز ونفرق بين الحوار كقيمة حضارة وعقائدية وأخلاقية سامية وراقية تهدف إلى إيجاد معالجات عقلانية ومنطقية شاملة للقضايا المختلف عليها من خلال البدء بتأسيس نقطة أو مساحة مشتركة ولو ضيقه جداً يقف عليها جميع الفرقان وينطلقون منها لتحقيق تلك المعالجة الشاملة أو حتى في أسوئ التقديرات جعل تلك النقطة أو المساحة الضيقة ملجئاً اضطرارياً يتفق الجميع على اللجوء إليه عند فشل معالجة كل منهم الخاصة به، فيجب أن نفرق بين الحوار حسب مفهومه وقيمه السابقة، وبين الجدال المنهي عنه شرعاً وعقلاً في مواطن كثيرة خصوصاً في الخصومات والمشاحنات بين الإخوة في الدين والوطن والقضية الواحدة، والذي يسعى من خلاله كل خصم إلى أن يصرع خصمه ويلقي به في الأرض أو حسب تعبير اليوم يمسح به البلاط أو ما يمكن تسميته بصراع الديكان، فإذا كان المقرر شرعاً بأنه لا جدال ولا رفث بالحج، فإن المقرر عقلاً وبالقياس شرعاً، أنه لا جدال ولا رفث في مناقشة القضايا الوطنية.. فأتمنى على جميع المناقشين أو المتحاورين الجنوبيين أن يدركوا هذا الفرق الدقيق والهام بين الحوار والجدال.. وليعذرني الأخ الفاضل/ بن عفرير على طول المقال في هذا الاستهلال، والإسهاب بالكتابة عيب فيَّ سبق التصريح به من كثيرين في هذا المنتدى واعترفت به قبل أن يجعل ابن عفرير ذلك النقد عنواناً لرده الموسوم (بين بائع المسك وبن فريد .. أسهاب الخطابوأفلاس الحساب) وقد كنت أتمنى ألا يغلق الموضوع من مشرفي المنتدى لكي لا اضطر لإنزال تعقيبي هذا بموضوع مستقل نظراً لغيابي خلال الفترة الماضية عن المنتدى لظروف خاصة، ومع تأكيدي على ما أشرت إليه بهذا الاستهلال، فإني أوجز تعقيبي على رد الأخ الفاضل بن عفرير السابق ذكره بالاتي:
أولاً: كانت مداخلتي السابقة على مقال بن عفرير بعيدة كل البعد عن الشخصنة أو الدفاع عن الأشخاص أو اتهام أي منهم وقد أشرت لذلك بمقدمة مداخلتي تلك، ومع ذلك، إلا أن الأخ بن عفرير ركز كثيراً عن شخصية بائع المسك وعلاقته بأحمد عمر بن فريد مصرحاً بأنه لم يعد يدري أياً منهما الأصل وأياً منهما الكوبي؟؟؟
وما كان ينبغي له وماكنت أتمنى عليه أن يشخصن رده على مداخلتي، ليس من أجلي، فلا يهمني ولا يستفزني ذلك مطلقا، ولكن من أجل مصداقية الكاتب وسلامة ورصانة طرحه وصواب منهجه في النقاش، لأجل ذلك ولغيره، فقد كان الاصوب له مناقشة الافكار دون الاشخاص، فبائع المسك يشرفه أن يكون كربوناً ونسخة ثانية بل وظلاً وظلالً على ولكل جنوبي وخصوصا أخيه الفاضل ابن عقرير بغض النظر عن اختلافه مع أي منهم...ألسنا شركاء في وطن واحد وقضية واحدة ومصير واحد، أم أن وطن بن عفرير هي سلطنة المهرة فقط!! لم أثأر للأخ احمد عمر بن فريد ولم أنل من الكاتب تصريحاً أو تلميحاً بل أثنيت على مقاله في بداية مداخلتي وفي نهايتها، كما أني لم أدافع على بن فريد أو أطروحاته أو مواقفه..الخ وأطالب من الكاتب للمصداقية أن يعرض تلك العبارة أو الكلمة التي أسأت إليه فيها أو دافعت فيها عن بن فريد مع أنه ليس عيباً ولا نقيصة في ذلك متى تتطابقت وجهات النظر، وهذا رابط مداخلتي للقارئ لكي يساعد الكاتب في إثبات زعمه(http://dhal3.com/vb/showthread.php?t=62677).. وهذا رابط لتعليقي على مقال بن فريد الموسوم (قليل من الغضب أيها الجنوبيون) (http://dhal3.com/vb/showthread.php?t=61922&page=6)ليطلع عليه الكاتب لكي يدرك معنى أن يكتب الإنسان للوطن وقضيته أو يكتب لأجل الأشخاص، الكتابات لأجل القضايا الوطنية لا توجه على شكل رسائل لزيد أو عبيد، هذا هو قصدي من الكتابة للأشخاص أو لدوافع شخصية، ومثلما انتقدتك انتقدت بن فريد قبلك..
ثانياً: جميع ما ذكره الكاتب من أدلة لإثبات نظريته بشأن عدم أهلية الجنوبيين في بناء أو تأسيس دولة تأريخياً إلا بروافع خارجية، لا تنهض حجة على صحة نظريته بل والاستدلال بها فاسد من جميع الوجوه، وكما قلت سابقاً بأن ثورة أكتوبر ودولة الاستقلال بكل ما فيها من أخطاء، منتج جنوبي خالص بدون روافع وركائز أجنبية عربية أو غيرها، بل ثمرة نضال شعب الجنوب بكل فئاته ومكوناته خلال مائة وعشرين عاماً، فكر حركة القوميين العرب والفكر الناصري والفكر اليساري الاشتراكي..الخ وأي فكر آخر قد تتأثر به أي ثورة أو نظام سياسي معين، لا يعد من قبيل الروافع المقصودة بمقال الكاتب السابق، وجميعنا يعلم أن الدعم المصري لثورة اكتوبر توقف وتحول الى عداء عقب فشل الدمج بين جبهتي التحرير والقومية في 13 يناير1966م..ولم يرد بحديثي بشأن هذه المسألة أي كلام انشائي أو عاطفي حسب قول الكاتب بل طلبت منه أن يرجع البصر كرتين وهنأ اطلب منه أن يرجعه كرات وكرات في تأريخ الجنوب العربي على مر العصور ليتأكد من حقيقة نظرية الروافع التي يؤمن بها..
ثالثاً: مسألة المناطقية كسبب للصراعات الجنوبية السابقة، لم يتأمل الكاتب ما كتبته بشأن ذلك بدقة، بل لم يتأمل بمدلول المصطلحات التي استعملتها، بشأن توصيف ما حدث في 13 يناير 86م فالذي حدث اصطفافات مناطقية ناتجة عن سبب الازمة بين الأطراف، ولم تكن المناطقية ذاتها جوهر المشكلة، وسبب المشكلة مصدَّر مع العائد المبعد سابقاً، وهناك فرق بين السبب والمسبب(النتيجة) لا ادري كيف قتل فيصل عبد اللطيف وإبعاد قحطان وقتل سالمين، صراعا مناطقياً، كيف ذلك لا أدري؟؟ فلم يكن للمناطقة أو الجهة دخل لا في الأسباب ولا في النتائج، وعموما مازالت حقائق وخبايا تلك المرحلة لم تكشف تفاصيلها بعد، لأن رموزها، مازالوا محجمين عن الكلام حتى اللحظة، وما طرح أو كتب حتى الان معظمه من قبيل التوظيف السياسي أو تبرئة النفس، وليس من قبيل التأصيل التاريخي والعلمي للأحداث، وهذا لا يمنع من تقييم المرحلة للاستفادة من اخطائها..
رابعاً: يقر الكاتب بأن الاستقلال كان خياراً شعبياً وليس خيارا شخصيا أو حتى تنظيمياً لهيئات الحراك، وطالما وهو كذلك فما أصاب الحراك لم يكن حصيلة صراع مناطقي بل صراع شخصي مصلحي مغلف بخصومات الماضي بين القيادات التي تسمي نفسها بالتاريخية، لم يحدث تمزق بين يافع والضالع على أساس مناطقي، بل حصل خلاف بين أتباع القيادات التاريخية والحزبية، على اساس خلاف في المفاهيم والرؤى والنفوس الأمارة بالسوء، فالشنفرة وجماعة الحزبيين الاشتراكين في جميع مناطق ومحافظات الجنوب بمن فيهم صالح سعيد والناخبي من يافع وقفوا ضدا لاجتماعات يافع و فريق طماح والغريب والفضلي انصار فكرة الجنوب العربي فريق آخر وهناك فريق ثالث افرزه هذا الاصطفاف، إذا هناك فرق بين التداعيات المناطقية لأي حدث وبين المناطقية كسبب صانع للمشكلات، ومنطقياً لا يمكن استبعاد المناطقية من أسباب المشكلات الوطنية ولكن ليست السبب الوحيد أو المباشر حتى ألان على الأقل..هذه هي وجهت نظري واحترم وجهة نظرك..
خامساً: لم اتهم الكاتب بأنه من أنصار الفيدرالية، وليس ذلك تهمة حتى وان حصل، وليست لدي مشكلة مع أنصار الفيدرالية أو أي طرح جنوبي آخر، ولكن المشكلة في التمترس خلف الآراء والتصورات البعيدة عن حقائق الواقع ومرتكزات القضية الجنوبية التاريخية والقانونية، وعدم إرجاع الأمر بشأن أي طرح أو رأي إلى الشعب الجنوبي لإقراره أو رفضه، لماذا دائماً لا نعطي لهذا الشعب حقه ومكانته في تقرير مصيره بشأن أي حل لقضيته، لماذا لا يرجع الجميع الأمر لهذا الشعب طالما اختلفوا بشأن حل واحد للقضية الجنوبية؟
سادساً: ختاما أخي ابن عفرير : هناك فرق بين أن نكون غير جاهزين لاستلام الاستقلال حاليا حسب قولك في ردك الأخير، وبين أن نكون غير مؤهلين أصلا لتأسيس دولة جنوبية إلا برافعة خارجية حسب قولك السابق، التصالح والتسامح مجرد شعار يتغنى به الجميع حتى الآن، ولي مقترح سابق بشأن تحويله إلى مشروع تسوية تاريخية لجميع قضايا الجنوب السابقة والراهنة، وهذا الرابط بإمكانك تتطلع عليه(http://dhal3.com/vb/showthread.php?t=43131)
اكرر طلبي بإلحاح إن كنت تريد حوارا وليس جدالا فرد على الأسئلة التي اشرت اليها بمداخلتي السابقة، حول طبيعة القضية الجنوبية وهدفها المعبر عن مرتكزاتها القانونية والواقعية والتاريخية؟ ومتى اتفقنا على الهدف سنكون أوجدنا موطئ القدم الذي سننطلق منه للحوار حول بقية القضايا والوسائل، أما طالما وليس لدينا تأصيلا قانونيا وواقعيا سليما للقضية الجنوبي وأهدافها، فمن الصعب أن نحقق أي هدف سواء الاستقلال أو الفيدرالية أو حتى الشراكة الحقيقة بدولة موحدة حسب شباب التغيير.. وثق أنه مهما اختلفت معك لن أقصي رأيك أو أسفهه أو يتحول حواري معك إلى صراع ديكان..فهل أدركت لماذا تداخلت في موضوعك؟؟ أم ستضل تشخصن الأمور بصورة غير منطقية، ومتشنجة..منتظر ذلك لنرى ما ستكشف لنا الأيام القادمة من.............؟
فائق تقديري واحترامي