عندما يكون الصمت ابلغ من الكلام .

[الرأي العام]

استفزني مقال الاخ " الغريب " بعنوان الصامتون ... فآثرت ان اقول شيئا يشبه الصمت بحروف صاخبة ..

في لحظات ومواقف كثيرة يجد المرء نفسه عاجزا عن الكلام ويأتي الصمت فارقا وغارقا بين البكاء والابتسامة وبين الرجاء واليأس ، وأنا واحدا من هؤلاء الذي انزووا بعيدا الى زاية الصمت حيث تلحفت الحروف برداء الصمت وتوقفت الانامل عن ضرب لوحة المفاتيح في أجهزة الحاسوب ، لان المشهد يبدو أكبر من ان نفهمه ونستوعب كل متغيراته ومتطلباته واستحقاقاته .
وقفنا أمام المشهد الجنوبي في خضم هذه الاحداث الكبيرة ونحن مشدوهين ومصدومين إزاء ما يجري .. لم نرى حالة تفاعلية جادة من قادة الجنوب غير تلك الرتابة والعشوائية والعمل الانفرادي والمعزول وفق اهواء ونزوات شخصية متناثرة بين محافظات بعينها يلف المشهد الحراكي حالة من داء العضال والمرض المزمن الذي ما برح لا يفارق المشهد الجنوبي في الداخل والخارج .
هذا المشهد ربما يستدعي منا البكاء والصراخ ، كما صرخنا مرارا طوال سنوات اربع ، وكتبنا مقالات ودعوات ومناشدات حتى تصلبت اصابعنا على اجهزة الحاسوب وبحت اصواتنا من الكلام في كل المجالس والمحاضر والتجمعات ولم نجد الآن غير الصمت وسيلة للتعبير لعله يكون ابلغ من أي كلام .
أين شباب الجنوب من الثورات العربية ؟ أين العمل السياسي السليم الذي سوف يواجه المرحلة المقبلة وهي قريبة وعاجلة ؟ أين دور الشارع في صناعة الرأي العام الجديد وبلورة القضية الجنوبية بشكل آخر غير الذي عهدناه من المحنطين والاشكال الكرتونية ؟.والانانيين والحالمين ..
اين دور المجتمع المدني الجنوبي من مثقفين وإلاعلاميين وصحفيين واكادميين ورجال الفكر والادب والمرأة والشباب ليقوموا بسحب البساط من تحت اقدام العاجزين والفاشلين كما فعلت الثورات في مصر وتونس واليمن والتي اخضعت المعارضات التقليدية الى سلطانها وقوتها وعنفوانها .
لماذا لا زلنا على هامش الاحداث ، وعلى هامش الثورات وعلى هامش الحاضر والمستقبل ؟
لماذا لم نؤسس اليوم قبل غد لأي ترتيبات تخص الجنوب قبل أن يأتي الغزاة الجدد والفاتحين الجدد بلباس الزيف والخداع لنقع بايديهم مرة أخرى ؟؟؟
لماذا ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟
الف سؤال وسؤال يجول بخاطري ، وتجول معه الدمعة بعيني كل ذلك يجعلني
انكفىء صامتا ..
فهل يستقيم صمتي لغة في الكلام ؟؟؟