متابعات اخبارية من الجنوب العربي ومن العاصمة عدن الاحد 27/2/2011

[صقر الجليلة]

الشعب يريد إسقاط النظام....بقلم احمد باحبيب
البريد الالكتروني _خاص-

احب ان اقوم بدق جرس الانذار محذرا من التاثير السلبي لشعار ( الشعب يريد إسقاط النظام). هذا لا يعني ان نقاومه او نتجاهله فهذا شعار المرحلة للشعوب المقهورة في الوطن العربي الكبير. إذا لا بد من التعامل بشكل إيجابي مع هذا الشعار الذي له ايجابياته حيث لا شك ان اسقاط النظام اليمني الحالي يمكن ان يكون في مصلحة الجنوبيين ولكن فقط إذا كان لهم دور فعلي وفعّال في تحقيقه. صحيح ان الشعوب المستعمرة (بفتح الميم) لا تضع ضمن اهدافها إسقاط نظام الدولة المستعمرة (بكسر الميم) لاسباب كثيرة منها عدم وجود تداخل حدودي, حيث ان اغلب الدول الاستعمارية كانت في اوروبا بينما مستعمراتها كانت في العالم الثالث, إضافة الى كون الدول الاستعمارية دول كبرى وقوية ومتماسكة, بل ان بعضها, كبريطانيا قوى عظمى. ومع هذا كانت هناك حالة البرتغال الاستثنائية (وهي اصغر الدول الاستعمارية) التي سقط نظامها نتيجة لحروب التحرير قي مستعمراتها, خاصة انغولا وموزامبيق
.
إن سقوط النظام الاستعماري نعمة ويصب بلا شك في مصلحة المستعمرات. لكن القضية الجنوبية معقدة لان اليمن الشمالي لم يهجم على الجنوب ويستعمره, بل ان قيادات جنوبية جاهلة ادخلت الجنوب في وحدة طوعية غير محسوبة العواقب. كما ان ما قام به الحزب الاشتراكي من غسيل دماغ للجنوبيين حول قدرية وحتمية الوحدة, ويمنية الجنوب, جعل من الصعب على العقلاء الجنوبيين فرملة القطار الجنوبي الوحدوي الكاسح. ورغم ان العلاقة بين الشمال والجنوب اصبحت بعد هزيمة الجنوب عام 1994 علاقة استعمارية بامتياز, الا ان ذهاب الجنوبيين بارجلهم الى الوحدة معلنين, دون اكراه, انهم يمنيون اقحاح ويريدون تحقيق الوحدة اليمنية التي تغنوا بها منذ الاستقلال من بريطانيا, وانهم من اجل تحقيقها مستعدون للتنازل عن كل شئ ومن كذب جرب قد جعل المطالبة بفك الارتباط صعبة جدا.
.
وبعد فشل الوحدة ورفض النظام لكل دعوة لاصلاح مسارها من جهة وضعف وتخبط قيادات الحراك السلمي الجنوبي من جهة اخرى, جعل موقف الجنوبيين المطالب بفك الارتباط غير مفهوم, ان لم يكن غير مقبول دوليا وإقليميا, وقابلا للتنازل عنه داخليا لو ان النظام استجاب للمطالب الحقوقية واصلاح مسار الوحدة. صحيح ان غباء النظام ووحشيته قد دفع باغلبية جنوبية واضحة الى المطالبة بفك الارتباط لكن كثير ممن انتقل الى موقع فك الارتباط انتقل على مضض ولانسداد الافق امام تسوية معقولة لأزمة الوحدة اليمنية. لكن لا يمكن المراهنة على ثبات جميع الجنوبيين على هذا الموقف اذا قدمت لهم حلول اقل كلفة ودموية.

لقد قدم شعبنا الجنوبي مئات الشهداء والاف الجرحى والاف المعتقلين دون ان يحصل على نتائج ملموسة. هذه الاوضاع اليائسة, قد تخلق ضروفا تساعد على إنجاح المشروع الوحدوي للحزب الاشتراكي وحزب الاصلاح وبقية احزاب اللقاء المشترك التي كان موقفها في الجنوب ضعيفا لعدم مقدرتها على تقديم بديل عن فك الارتباط غير النظام القائم بعد طلائه ببعض المزينات. اما الان ومع الزلزال الشعبي الذي ضرب الدول العربية وقياداتها الدكتاتورية فلن يكون من الصعب عليها ان تركب الموجه الشبابية وثورتها رافعة شعار (الشعب يريد اسقاط النظام) بعد ان تأكد لها كما تاكد لشقيقاتها المعارضات العربية الرسمية الكسيحة ان الغرب تحت قيادة امريكا قد رفع غطائه عن الانظمة الديكتاتورية العدوة والصديقة على حد سواء
.
إذا تم اسقاط النظام اليمني بدون مشاركة مباشرة من الجنوبيين ودون ان يكون لهم كرسي اوكراسي على طاولة ما بعد سقوط النظام فتاكدوا ان الشماليين سيحصلون على الموافقة الدولية لاعادة الجنوبيين الى بيت الطاعة الوحدوي وسيتم التعامل مع الجنوبيين كمتمردين ومعطلين لحفلة الفرح المحلية والدولية
.
ليس من مصلحة الجنوبيين ان يكونوا خارج الزفة. لن نواجه عندها النظام الدكتاتوري المنتهية صلاحيته الدولية, بل سنواجه نظاما ذا صلاحية دولية جديدة ولن نحارب فقط المشترك (البديل غير الشرعي للنظام الحالي) بل الشباب الشمالي المتحمس والمفتخر بانجازه الكبير(اسقاط النظام) والذي, لفشلنا في التعامل الايجابي مع شعاره (الشعب يريد اسقاط النظام), ستكون بينه وبين الجنوبيين فجوه. بل قد تكون هناك فجوة بيننا وبين بعض الجنوبيين الذين رأوا في هذا الشعار حلا للمشكلة الجنوبية على اساس ان مشكلتنا ليست مع الوحدة بل مع النظام الذي كان قائما واحتلت تلك المشكلة مع سقوط النظام.

من يظن ان ذلك لا يمكن ان يحدث فعليه بقراءة بيان حزب الرابطة الذي اعلن بوضوح عن التحاق الحزب بالهبة الجماهيرية في (الوطن) الموحد ويقرأ تعليقات جنوبيين كانوا/كن مع فك الارتباط فجرفهم الحماس لشعار (الشعب يريد اسقاط النظام) الى مهاجمة الانفصال كما فعلت الاخت لمياء امان في تعليقاتها في مارب برس حيث تقول في تعليق 63 ورابط
http://marebpress.net/news_details.php?sid=31219
63
) العنوان: اسقاط النظام يساوي الوحدة
الاسم: لمياء خالد أمان
للأسف طماح يشتغل مع النظام
والنوبة مشكوك فيه
والفضلي باع الارض ونهبها أيضا لنفسه
وباعوم قائد لكن مغرور وأحمق بعض الاحيان كالدعوة التي اطلقها للانسحاب من الهيئات الجنوبية االفكرية
بصراحة أنا مع (الشعب يريد اسقاط النظام )
لانه بسقووووووووووووووط نظام القهر يسقط الانفصال عملياً وتصبح الوحدة طفلة جميلة ندلعها ونلبسها ثوب ازرق ونمشط ظفائر شعرها
يا سلااااااااااااااام عليك يا شعب اليمن تتوحد بشعاراتك من المكلا الى الحديدة ومن تعز الى الضالع ومن إب إلى عدن
كلكم تهتفون (الشعب يريد اسقاط النظاط )
لا للانفصال
لا لنظام سلطة يوليو الظالم
نعم لوحدة عادلة وحقيقية وتوزيع عادل للثروة
نعم لليمن
نعم للحرية
نعم للقضاء المستقل
نعم للجيش المستقل
نعم للأمن المستقل
نعم للاعلام الحخر الذي ليس له حدود
نعم للرخاء والرفاهية لكل اليمنيين
نعم لليمن
.
إن الحل لهذه الدوامة التي يواجهها الجنوبيون ليس الانظمام الى الهبة الشمالية الداعية لاسقاط النظام بشكل آلي, بل تصعيد حراكهم الجماهيري السلمي بالتوازي مع الحراك الشمالي والتحالف مع ممثليه الحقيقيين من الشباب مع العمل الجاد عبر الاحتكاك اليومي لزرع فكرة ان الانفصال اولا هو طريق الوحدة السليمة. علينا ايضاح اننا كجنوبيين قد ارتكبنا خطأ فادحا بحق انفسنا وبحق الوحدة وبحق الشماليين عندما جئنا مطالبين بالوحدة دون ضمانات مع نظام سافل واننا نتحمل جزءا من اللوم في فشل الوحدة. ونعمل على إقناعهم ان تغيير النظام ذاته لا يكفي لبقاء الجنوبيين في الوحدة لانه لن يزيل احساسهم ان بقائهم في الوحدة ليس طوعي بل مفروض عليهم. ونقنعهم انهم اذا كانوا يريدون الوحدة ويحبونها من صحيح فعليهم ان لا يتمسكوا ب(هذه) الوحدة المعلولة الملغومة التي ستتفجر في يوم من الايام من الداخل وان الاصح ان تعود الامور الى ما قبل (هذه) الوحدة. وبعد ذلك سيكون عليهم مسؤولية وواجب إقناع الجنوبيين بالدخول في وحدة جديدة مقدمين كل التأمينات والتاكيدات والضمانات, لكونهم الاكثر عددا, ان الوحدة المقترحة من قبلهم ستحمى حقوق الجنوبيين, الاقل عددا, بما في ذلك حق الانفصال
.
المهم ان لا يترك هؤلاء الشباب يتعرضون لغسيل دماغ بان (هذه) الوحدة القائمة مقدسة ولا يمكن التراجع عنها. إن التفاعل الايجابي مع شباب الثورة الشمالية ومع شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) سيكون صمام امان للجنوبيين وعائق امام اختطاف الثورة الشبابية الشمالية من قبل المعارضة الرسمية التي لا يختلف موقفها من قدسية (هذه) الوحدة عن موقف النظام القائم

يجب ان يكون واضحا إن التحالف لا يعني الذوبان في الاخر, بل العمل المنسق نحو هدف مشترك ومحدد (الشعب يريد اسقاط النظام) مع الاحتفاظ باستقلالية الاطراف المتحالفة ومحافظة كل طرف على مبادئه واهدافه الاستراتيجية. ولنتذكر جميعا ان التحالف مع ثوار الشمال ليس وصفة سحرية لحل التناقضات بين الاطراف الموجودة الان والتي ستظهر مستقبلا, لذلك فإن المرونة مقرونة باليقضة مطلوبة. إن امامنا عمل شاق يتطلب رص الصفوف وتوحيد الرؤية والاستراتيجية والتكتيك. لذا نرجو ان ترتفع قيادات الحراك في الداخل الى مستوى المسؤولية الملقاة على عواتقهم ويتذكرون ان عاد المراحل طوال. كما نرجو ان لا تزايد قيادات الخارج على بعضها البعض ويتذكرون انه لولا مزايدات ما بعد الاستقلال الوحدوية منها والاقتصادية والسياسية لما وصلنا الى هذه الحالة
المزرية. لذا فليقولوا خيرا او فليصمتوا

وفي الاخير يجب علينا ان نعمل على ان لا يطغى شعار (الشعب يريد اسقاط النظام) على الساحة الجنوبية فتصبح شعارات الاستقلال وفك الارتباط من الدرجة الثانية كما اصبح الجنوبيون في ظل (هذه) الوحدة مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم. وعليه يجب ان يكون واضحا ان اسقاط النظام بالتسبة للجنوبيين وسيلة وليس غاية.
احمد باحبيب
[email protected]
واشنطن
24 فبراير 2011 م