ثورة الشعب التونسي داع قوي للتمسك بالنضال السلمي وفق ادلة وثيقة الهيئة الشرعيه الاولى
فالكلام عن الموقف الشرعي من الحراك الجنوبي السلمي وشرعيته نقول:
ان مكونات الحراك الجنوبي لازالت حتى اليوم سلمية ودائرة في فلك المظاهرات والمسيرات والاعتصامات ومنحصرة في إطار منظمات المجتمع المدني من هيئات الحراك ومجالس التنسيق على مستوى المحافظات والمديريات الجنوبية .وهي ليست بحالتها الراهنة –سببا لمراد الفتنة-لان المنتمين اليها كما هو معروف عنهم اختاروا المظلة السلمية للتعبير عن مطالباتهم الحقوقية والإنسانية الفردية والجماعية وما نجده واضحا هو العكس ...ان الدولة هي التي تسعى لتأجيج الموقف –ولعل في كتابات العديد من الكتاب والمفكرين من أبناء المحافظات الشمالية بتحميل السلطة تصعيد الموقف في المحافظات الجنوبية خير دليل على ذلك- قال تعالى (وشهد شاهد من اهلها){يوسف26}..الأمر الذي حدا بالقيادات الأمنية في بعض الأحيان من استخدام القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين بالاسلحة الفتاكة كما حصل مرارا وتناولته وسائل الإعلام ولذا فان كون الحراك الجنوبي لايزال حتى اليوم مستمسكا بعروة النضال السلمي في قضيته يعزز لدينا ترجيح العمل بالقاعدة الشرعية والتي تنص على ترجيح خير الخيرين وشر الشرين ..لان الشريعة انما جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها , فاذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما ,فتدفع أعظم المفسدتين باحتمال ادناهما , ويتم تحصيل اعظم المصلحتين بتفويت أدناهما .فالحاصل انه في مثل هذه الحالة يجب مراعاة القاعدة الشرعية التي تنص على اختيار اهون الشرين وذلك بتفويت ادنى المصلحتين تحصيلا لاعلاهما..
وبناءا على هذه القاعدة فان فعاليات الحراك الجنوبي من المظاهرات والمسيرات والاعتصامات ومع ما قد يتوهم انها شر وفتنة لما يحدث فيها من الجهر بالالفاظ السيئة كتلك التي يرددها ابناء الجنوب والتي يجد المرء لهم عذرا في هذ الجهر لقوله تعالى ( لايحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم){النساء 148 }...او نتائج بعض المصادمات بين القوات الامنية والمتظاهرين تلك التي بات متحققا بان من يدفع بها من قبل زبانية بعض المتنفذين الامنين والفتانين والتي تؤدي احيانا الى بعض القتل والإصابات والتخريب في بعض المؤسسات او المحلات او المصالح العامة للامة والتي يجب عدم التعرض لها بالضرر لانها بمحل الحرمة العامة للامة سوى ان ذلك الفساد والشر اهون بكثير من شر الحرب والقتال الغير محكوم بضوابط الشريعة والعقل والحكمة .
ولذا فان من يقول بأن فعاليات الحراك الجنوبي السلمي من المظاهرات والمسيرات والاعتصامات هي من قبيل الشر والفتنة ..فنقول له هي بنظرنا ومع اقرار الكل بالظلم الحقوقي والانساني الواقع على ابناء الجنوب هو شر اهون من شر الحرب والاقتتال الغير منضبط بقواعد الشريعة والعقل والحكمة ولكن كيف اذا كانت فعاليات الحراك الجنوبي السلمي من المسيرات والمظاهرات والاعتصامات السلمية ومع ما يتخللها من التعبيرات في الشعارات الغير محبذة يمكن عدها كنوع من أنواع الإنكار على الظلم والظلمة من حكام المسلمين أو غيرهم والتي هي محل خلاف بين مغالي فيخرج على الابرار منهم كالخوارج ومفرط فلا ينكر عليهم البته كالمرجئة ..هذا النوع من الانكار المأمور به بحسب بيان النصوص الشرعية لحديث ام المؤمنين ام سلمة –رضي الله عنها- ان رسول الله صلى الله عليه وسلم –قال- (ستكون امراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف بريء ومن انكر سلم ولكن من رضي وتابع قالوا :افلا نقاتلهم قال لا ما صلوا)..وفي رواية ( انه قال : انه يستعمل عليكم امراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد بريء ومن انكر فقد سلم ولكن من ر ضي وتابع قالوا :يارسول الله الا نقاتلهم قال لا ما صلوا){رواه مسلم في صحيحه – كتاب الامارة- باب وجوب الانكار على الامراء فيما يخالف الشرع وترك قتالهم ما صلوا}.. وفي حديث عوف بن مالك – رضي الله عنه- عن رسول الله سلى الله عليه وسلم –قال- (خيار ائمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار ائمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يارسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال لا ما أقاموا فيكم الصلاة){رواه مسلم-كتاب الإمارة باب خيار الائمة وشرارهم} قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم(6/12/243)( واما قوله صلى الله عليه وسلم( فمن عرف فقد بريء) وفي الرواية التي بعدها(فمن كره فقد بريء)..فأما رواية من روى( فمن كره فقد بريء) فظاهره ومعناه من كره ذلك المنكر فقد بريء من اثمه وعقوبته وهذا في حق من لا يستطيع انكاره بيده ولا لسانه فأن عجز فليكرهه بقلبه وليبرأ . واما من روى ( فمن عرف فقد بريء)فمعناه والله اعلم فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق الى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيديه او بلسانه فان عجز فليكرهه بقلبه وقوله – صلى الله عليه وسلم- ( ولكن من رضي وتابع) معناه:ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت بل إنما يأثم بالرضا به او بأن لا يكرهه بقلبه او بالمتابعة عليه)أ ه وذكر البيهقي في السنن08/158)( ان المراد من قوله – صلى الله عليه وسلم- ( من كره) كراهية القلب و(انكر) انكار اللسان) فالحديث افاد أمورا اربعة الاول منع استعمال السلاح على الحكام الذين يفعلون المنكر فنعرف منهم أمورا وننكر أخرى وعلل-رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذلك المنع بقوله ما صلوا)وفي رواية(ما أقاموا فيكم الصلاة) الثاني ان المنع من قتالهم كونهم مسلمين .لان الصلاة عماد الدين ومن اظهرشعائر الاسلام الظاهرة والتي اندرس لوازم كثير من قوانين الانظمة للمجتمعات الاسلامية بالحث عليها واقامتها من خلال الهيئات المعنية بمثل هذه الامور وبيانها سوى من بعض الدول والمجتمعات الاسلامية على سبيل المثال كالمملكة العربية السعودية التي خصصت هيئات تعمل بهذا المقام الظاهر الثالث ان قوله –صلى الله عليه وسلم-(شرار ائمتكم) يفيد انهم ومع شرهم سوى انهم من المسلمين فلا نكفرهم ..مع اننا قد نبغضهم ويبغضوننا ونلعنهم ويلعنوننا ..بمعنى ان المراد المحمود هو الانكار عليهم وان أدى هذا الإنكار الى أعلى درجاته لقوله تعالى(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله){الحجرات9} الرابع مشروعية الانكار عليهم بحسب المصلحة والعرف والحكمة المتقررة زمانا ومكانا , كما هو حاصل اليوم مثلا بما اصطلح عليه بالمعارضة واحزاب وصحف المعارضة ومنها الحراك الجنوبي السلمي وفعالياته من مظاهرات ومسيرات واعتصامات .
|