الحراك الجنوبي .. تطلعات شعب ،، وأزمة قيادات .

[عبدالله السنمي]

قصائدنا ، بلا طعمٍ ، بلا لونٍ ، بلا صوتِ **** إذا لم تحمل المصباحَ من بيتٍ الى بيتِ

محمود درويش

لقد اثبت الشعب الجنوبي رغم التحديات والمكائد والثغرات التي اعترضت مسيرته النضالية منذ انطلاقة حركته الثورية السلمية قبل أريع سنوات ، أثبت أنه أكثر نضجا وحكمة من قياداته ونخبه السياسية ، وهذا القول لا اعتبره إهانة لأي قيادي جنوبي ، لان الواقع يؤكد هذه المقولة ، فهذا المأزق الذي تعيشه قيادات الحراك الجنوبي وتعصف بهم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، لدليل واضح على ما نقول .
وكم دعونا الله مرارا ، وأيدينا على قلوبنا ، اللهم أحفظ الجنوب من قادة الجنوب .
لا نعرف كيف يبدو المشهد الجنوبي بعد سنواته الأربع من انتفاضته الشعبية ، وماذا يمكن ان نسمي هذه الحالة !! ، الجنوب مازال في غرفة الإنعاش جراء التدمير الشامل والمتواصل الذي يتعرض له منذ عشرين سنة ، وقادتنا في حالة من التنافس العبثي على مآرب وأهداف شخصية يختبئون وراء واجهات وطنية ونضالية وثورية .
نراهم اليوم يتخبطون خبط عشواء على المناصب والنفوذ في وقت يذود فيه شعب الجنوب ببسالة لامتناهية من اجل استعادة حريته وعزته ويتسلح بوعي وفكر يكرس التصالح والتسامح الحقيقي عنوانا رئيسا في حياته النضالية ، من أجل الإسراع في إنقاذ الجنوب من الضياع والذوبان .
بينما نرى البعض من القادة قد جعل من هذا الوطن فريسة ينهشون فيه قبل ان يتمكنوا من استرجاعه .
متى يتدارك قادتنا الخطر المحدق بالجنوب وقضيتنا التاريخية والمصيرية ؟؟ متى يستحضروا العبر والدروس من الماضي والتي أضاعت الجنوب بسبب الحسابات الشخصية والفئوية على حساب المصلحة العليا للوطن والشعب .
متى يتدارك قادتنا أخطاء ومثالب الماضي ، والتقاط هذه اللحظة التاريخية من تاريخنا لتصحيح ما اعتور تجاربهم والوقوف بجدية امام قضية شعب مظلوم تجرع الويلات بسببهم ، وإدراك أن قضية الجنوب لها من الاستحقاقات الوطنية ما تستحق التضحية منهم جميعا ، وعليهم إدراك ان مقومات النصر والنجاح للخروج من هذا المأزق تتمثل بالعمل الجاد والصادق في اتجاهات ثلاثة هي :
أولا : عقد حوارات جادة ومسئولة فورية وشاملة وشفافة تعلن نتائجها على الرأي العام الجنوبي
ثانيا : وضع برنامج سياسي يستوعب طموحات الشعب الجنوبي وتطلعاته ويستوعب المجتمع السياسي الجنوبي دون استثناء .
ثالثا : إجراء هيكلة سياسية وإدارية للحراك تحت قيادة موحدة في مرحلة الثورة السلمية حتى تحقيق الاستقلال لتعلب بعدها المؤسسات الشرعية والقانونية دورها في إدارة الدولة .
ودون الوصول إلى هذه الخطوات كحد أدني في هذه الظرف " المأزق " ، فإن القضية الجنوبية ستكون عرضة لمزيد من التمزق ، واستشراء اليأس والإحباط في أوساط الناس وفقدان الثقة بالقضية برمتها .
فهل من بقية حكمة في قياداتنا ، وهل من بقية ضمير وبقية خجل من هذا العبث بشعبنا وقضيته المصيرية ؟
كم من الوقت نحتاج حتى يستشعر القادة الحكمة والصواب ، ؟؟
وكم من الدماء ستسفك حتى يدرك القادة حجم غيهم وغفوتهم ؟؟
وكم من الصبر يستطيع الشعب تحمل هذه المهزلة ؟؟