قراءات من وحي واقع مهرجان ثورة أكتوبر الجنوبية في ردفان

[أبو عامر اليافعي]

قراءات من وحي واقع مهرجان ثورة أكتوبر الجنوبية في ردفان

* يختلف من اختلف ويتفق من اتفق فالاستقلال هو الهدف العظيم :

مرت أيام عصيبة على أبناء الجنوب من حالة التشظي في قياداته في معظم المناطق وحتى في الخارج شعرنا لحظتها بان ذلك قد ينعكس على الجماهير الجنوبية من حالات الإحباط واليأس ولكن أثبتت الجماهير الحرة إن الحرية والاستقلال هما هدفها يختلف من اختلف ويتفق من اتفق وأثبتت الجماهير أنها هي ليست مادة الثورة فقط بل وقائدتها وانه لن يكون على الأرض وفي الميدان إلا هدير الجماهير وصوتها المدوي .
لم يتأثر الشعب الجنوبي بحالة التشرذم والانقسام وانه يعاني اشد المعاناة وليس له طريق إلا الثورة ولا هدف إلا النصر المبين والمؤزر .

* الحضور الذي يميز ردفان عن غيرها من مناطق الجنوب :

هذا الحشد الكبير والعظيم لا يصنعه إلا شعب أبي كريم ولا يتميز به إلا ردفان الثورة والشموخ فمهرجانات ردفان دائما مميزة ومهولة ورائعة بكل معنى الكلمة .
نعم كل الجنوب ينتفض وكل الجنوب ثائر لكن دائما يظل ردفان نبضه وعنوانه ورمزيته التاريخية للجنوب عامة .
ومن خلال الحشود الهائلة التي يتميز بها ردفان نشعر إن الجنوب ينصهر في بوتقة واحدة اسمها ردفان ورمزية ردفان تعبر عن أن الثورة ممتدة من الثورة الأولى إلى الثورة الثانية وسيستمر ردفان معطاء ونبراسا لكل الجنوب ويا ليت كل الجنوب مثل ردفان وكم نتمنى يوما أن نرى هذا الحشد العظيم في عدن لان حدوث ذلك سيكون زلزالا يهز الأرض تحت أقدام المحتلين فلعدن أيضا رمزية أخرى كما وكيفا فهي العاصمة والهدف المنشود لإعلان الاستقلال .

* رمزية الاحتفال بثورة 14 أكتوبر :

بحكم أن ثورة أكتوبر الجنوبية كانت منطلقا للكفاح والنضال ضد الاستعمار البريطاني فهي ملهمة للنضال والكفاح أيضا ضد الاحتلال الجديد ولهذا فاختيار ردفان دائما له دلالته في ذلك .
وإصرار الجماهير على الحضور الكبير ومن كل مناطق الجنوب تعني ماتعنيه من أن النضال ممتد والثورة مستمرة وان المنطلق القديم هو نفس المنطلق الجديد واختيار ثورة أكتوبر بهذا الحضور الكثيف يعني أن الجماهير ترى في امتشاق السلاح طريقا لابد منه وهذا يفسر مكانة أكتوبر في قلوب الجنوبيين فمن حضر المهرجان رأى في وجوه الجماهير رغبة عجيبة وتصميما وإصرارا مدهش بانتزاع الحرية مهما كانت الظروف .

* توحد قادة الحراك في الحضور وعدم توحدهم في الأطر:

بحسب التغطية المتميزة الذي حظيت بها هذه المناسبة فقد كان حضور قادة الحراك في الداخل مميز تجعل المرء لا يصدق أن بينها خلافات ومكايدات وأنانية وان كان الحضور يكاد أن يكون كاملا فلماذا الاختلاف بينها ؟ وهل توحدهم في الحضور هو تعويضا عن عدم اتفاقهم في الأطر أم انه إعلان من قبلهم عن رغبتهم في التوحد ؟ وهل يعني ذلك أنهم يعانوا صعوبات موضوعية اكبر من رغباتهم في التوحد أم إبرازا لأنفسهم والإعلان عن أنهم موجودين وإنهم أرقاما صعبة؟
وهل أثرت فيهم تلك الحشود وذلك التوحد الذين شاهدوه بأم أعينهم ولامسوه عن واقع وهل سيكون لذلك تأثيرا حقيقيا في مراجعة الذات من قبلهم ؟ وهل كان هذا الحضور من قبلهم وبهذا الشكل باتفاق بينهم أم أن كل واحد منهم حضر بصفته الشخصية ؟

* أتى بخبزه من بيته :

في ثنايا التغطية أورد الأخ مدفع الجنوب إلينا حكاية أبكتنا فرحا وأبكتنا ألما فالمواطن الذي أتى من منطقة بعيدة وربما مشيا على الأقدام يحمل خبزه الحاف من بيته لأنه لايستطيع أن يشتري غداءه من المطاعم ولربما ماكان لديه من مال بالكاد يكفي المواصلات إن جاء عبرها ولهذا لايريد إلا كوبا من الشاي يغمس به ذلك الخبز الحاف ليستطيع ابتلاعه وليس له هم إلا أن يحضر المهرجان ويعبر عن نفسه وعن موقفه ولا يريد أن يفوت ذلك مهما كانت الصعوبات في المعيشة .
بالتأكيد هو واحد من مئات الآلاف حضرت المهرجان فعلت ذلك ومع ذلك فنفسه الأبية ترفض أن يمد يديه لأحد فلديه هدف عظيم ومسير نقي لايقبل أن يصبغ بأي صفة غير النقاء والصفاء كمثل ماتحمله نفسه من عظمة وروعة وجلال.
واعتقد أنها ابلغ رسالة يمكن أن تصل إلى قادة الحراك في الداخل والخارج وللمحتل وللعالم اجمع ليرى أن في الجنوب قلوب لاتشبهها في صدقها وروعتها إلا أمثال هذا الرجل العظيم.

* رفع صور الرؤساء الثلاثة فوق المنصة وعلى أكتاف الجماهير:

ما الرسالة المراد إيصالها من قبل الجماهير في رفع صور القادة الثلاثة في هذا المهرجان وبهذه الكثافة ؟وهل سيكون هذا الرفع هو الأخير أم البداية ؟ وهل هو نداء ودعوة أم يقين وثقة بهم جميعا ؟
فمعروفا لدى الجماهير إن الرئيس علي سالم البيض هو صاحب الموقف الواضح والصادق والمعلن ولا غرابة في رفع صوره لان الجماهير بايعته على قيادة الثورة وتعتبره رمز النضال والموقف الصادق فما بال رفع صورة الرئيسين علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس ؟
هل هي رسالة من الجماهير إن مبدأ التسامح والتصالح اختلط بدمائها وان لا كراهية ولا عداء مهما كان الأمر بين تلك القيادات ؟
ولا يسعنا هنا إلا أن ندعو تلك القيادات السابقة إلى أن تلتقي وتتوحد فالجماهير هي من تفصل في الأمر فان كانت رفعت الصور عنوة وإعلان رفض الاحتلال وإنها متعاطفة مع تلك القيادات فيما عانته من طرد وكيد من قبل الاحتلال ولكن لابد أن يكون لها موقفا موحدا جديرا بالثورة وبنفس المنظر الذي تجسد في جمعهم بلوحة واحدة فالوطن واحد والجماهير متوحدة والهدف واحد .