النضال السلمي وحمامات الدم والخيارات الصعبة.

[أبو عامر اليافعي]

شعب الجنوب عانى كثيرا من عنجهية الاحتلال وأعلن ثورة سلمية تحت اسم الحراك الجنوبي وسقط الشهداء وهم عزل عن السلاح وكلما سقط شهيد شيعناه بجملة شهداء.

الكثير من أبناء الجنوب أصيبوا ومنهم من صار معاق ومنهم من لايزال يعاني من الإصابة .

قادتنا اعتقلوا مرات ولايزال منهم في السجون بأعداد كبيرة .

لم نرفع إلا أصواتنا وراياتنا ولم نجد غير الرصاص والموت ينتظرنا بكل واد وسهل وبيت ومدينة وقرية.

يقدم الجنوب حمامات من الدم لأجل الحرية ولأجل كرامة الإنسان .

أردنا ثورة سلمية لأجل إلا يستفرد بنا الاحتلال ولكي نثبت للعالم إننا شعب مسالم.

لم نجد من العالم أي إحساس ولا أي موقف ولا أي كلمة حق.

نظام الاحتلال نظام ارعن لا يهتم لأحد ولا يفكر بمستقبل ومصير المنطقة ولا يهمه من يموت ومن يعيش المهم أن يبقى هو .

كنا نعتقد أن الشعب الشمالي سيتحرك فيه دم الإخوة وسيناصر أبناء الجنوب ولم نجد منهم جميعا إلا التهديد وأنهم سيسحلونا وسيحرقونا وسينهونا إلى الأبد .

تعمق الشرخ بين الجنوبيين والشماليين وتبينت الحقيقة المرة وهي أنهم لم يكترثوا لما نعانيه.

بعد أربع سنوات من حراك سلمي لم نرى على ارض الواقع إلا المزيد من العنصرية والمزيد من النهب والمزيد من القتل والمزيد من الاستهتار والمزيد من التشويه.

ندينا العالم بكل مانستطيع ولم يلتفت إلينا احد وكما يبدو نحن نعيش في وهم اسمه الشعور العالمي والرأي العالمي والديمقراطية في الغرب والإخوة في الإسلام والعروبة.

وكلها مجرد مفاهيم فارغة من محتواها.

أردنا أن يكون نضالنا السلمي فرصة تاريخية لكي نتوحد ولكن كما يبدو أن النضال السلمي طال أمده وازدادت معه المكونات وزاد التفريخ من التفريخ والخوف بدأ يدب للنفوس من الشكوك والتقاعس في نصرة بعضنا البعض.

المظاهرات صارت أكثر صعوبة اليوم خاصة في عدن والمدن الرئيسية.

الموت يتربص بنا في كل مكان والاعتقالات بالجملة ونحن نساق سوق البهائم لحتفنا.

المعلومات المؤكدة اليوم أن الولايات المتحدة والسعودية أعطت النظام الضوء الأخضر بالسيطرة على الجنوب واحتواء كل التمردات الموجودة مقابل أمور قدمها النظام وتلك الأمور قدمها للدولتين من جسد الجنوب وثرواته وأمانه وهذا يعني انه لا أمل من دعم نضالنا السلمي من الخارج وبيان الرئيس البيض الأخير عن حصار زنجبار ومنزل الشيخ الفضلي كان واضحا في ذلك ووجه الاتهام إلى دول الجوار بالتآمر على الجنوب.ولم نتحصل من العالم حتى على لوم وعتاب ضد النظام .

صحيح أن حراكنا السلمي أنهك النظام وعراه في أمور كثيرة ولكن شعوب الأرض لن تقف معنا طالما وحكوماتها تقف بالجانب الذي يؤمن لها مصالحها أو فرض عليها الخيار هذا.

حملة شعواء قادمة من النظام وفيها أوامر صريحة بقتل واعتقال وتدمير أي شيء لمجرد الاشتباه .

وقادة الحراك اليوم صامتون وكأن على رؤوسهم الطير والظاهر أنهم بأنفسهم بدأوا يقتنعون أن النضال السلمي بلغ منتهاه .

يبدو أن الخيارات الصعبة قادمة وجارفة اشد من السيول وإنها ستفرض علينا فرضا وليس نحن من يفرح لها ولكن بلغ الأمر مداه في الظلم واستهانت نفوسنا ولم يرحم لنا أحدا.