بعد أن تنتهي العاصفة!!!!

[سم الدحابيش]

بعد أن تنتهي العاصفة!!!!

تتاسبق الأقلام الجنوبية يوميا بتدبيج المقالات عن حق شعب الجنوب في الحرية والإستقلال واستعادة الدولة الجنوبية المغدور بها.

ويعلم الجميع قاصيهم ودانيهم بأن الجنوبيين يقاتلون في ملحمة بطولية في كل مكان مما يسمى ب "الجمهورية اليمنية" من أجل الجنوب وتأمين حدوده ومساعدة الأشقاء في التحالف العربي لكسر شوكة عصابات العدوان الإنقلابية المدعومة من إيران والذود عن حياض دول الجوار الإقليمية في نفس الوقت.

وبالرغم من المساعدات المالية والعينية الكثيرة التي قدمتها دول التحالف العربي مشكورة للجنوبيين إلاّ أننا نرى بأنهم يهملون الجانب السياسي للقضية الجنوبية ولايتطرقون إليها أبدا وكأنها من المحرمات التي لايجب الخوض فيها!!

وفي الوقت الذي تسمح فيه دول التحالف بارتفاع أصوات أبناء مأرب للتعبير عن حقهم بالإستئثار بالثروات النفطية والغازية وعدم توريدها للبنك المركزي في عدن كما كانت تفعل مع الإنقلابيين بل وحتى تهديدهم بالانفصال عن الدولة اليمنية وإنشاء دولة لهم من العدم؟؟؟!!!! نرى بأن مجرد مطالبة أبناء شبوة وحضرموت والمهرة بنفس المطالب التي يحصل عليها أبناء مأرب، أو مطالبة الشعب الجنوبي باستعادة دولته الحقيقية المغدور بها يصبح من المحرمات؟؟؟!!!!!

وفي المقابل هناك أصواتاً جنوبية تطالب دول التحالف العربي بإلحاح بدعم القضية الجنوبية والوضوح والصراحة في تناولها وتحديد موقفهم منها دون مواربة أو لف ودوران....

وقد يقول البعض بأن تجاهل دول التحالف العربي للقضية الجنوبية وحق شعب الجنوب في استعادة دولته أسوة بما حدث بين مصر وسوريا هو قسوة غير مبررة وتعامل جلف وجاف لايليق بهم تجاه الجنوبيين!وكثير من الجنوبيين يشعرون بأن دول التحالف "قد" تتخلى عنهم من أجل مصالحها في أي وقت!!!!
ولكن هل ستجد دول التحالف حليفاً نزيهاً وقوياً "بدلاً عن الجنوبيين" في حالة تعرضها لخطر ما؟؟؟

بينما قد يرى البعض بأن دول التحالف "مضطرة" لعدم دعم القضية الجنوبية حاليا لأسباب كثيرة لامجال لذكرها الآن ..إلآّ أنها بالتأكيد مرتبطة إرتباطا وثيقا بمصالحها الأمنية أولاً ثم بمصالحها الأخرى ثانيا...

وهكذا يجد الجنوبي نفسه بين مطرقة الحق المغتصب الذي يناضل من أجل عودته منذ أكثر من 27 سنة وبين سندان الظروف الموضوعية التي تتلاطم بسفينة دول التحالف العربي كالموج العاتي فيما التحالف يحاول إنقاذ السفينة أولا ثم مناقشة تفاصيل بناء السفينة من جديد....

ومما لاشك فيه بأن الجنوبيون ليس لديهم غضاضة في تقبل وجهة نظر دول التحالف لأنهم يعلمون أنها أولوية كبرى ولكن مايجعلهم يتوجسون خيفة هو أن تستمر دول التحالف "مستقبلا" في تجاهل الحق الجنوبي بعد أن تهدأ العاصفة وتنتصر دول التحالف سواء بالحرب أو بتسوية سياسية تستند على مايسمى ب"المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني والقرار 2216" فكل هذه المرجعيات لايوجد فيها أي ذكر للجنوب أو الجنوبيين ولم يشارك الجنوبيين فيها إطلاقا! وهذا الخوف له مايبرره خاصة وأنه لاتوجد ضمانات من دول الإقليم تضمن حق الجنوبيين في تحقيق مطالبهم العادلة في أية تسوية قادمة ...

وعلى الجانب الآخر هناك مخاطر جمة من ثلاثة محاور.. المحور الأول: هو إيران بتهديداتها وتدخلاتها السافرة في شؤون الدول العربية وعربدتها في المنطقة ..والمحور الثاني: هو العصابات الإنقلابية التي لاتحتكم لأية مباديء أو شريعة أوقانون غير قانون الغاب.. والمحور الثالث: هو الجماعات الإرهابية التي هي منظمات رديفة للعصابات الإنقلابية منذ احتلال الجنوب في عام 1994م والتي شاركت معها بفاعلية في غزو الجنوب.

وبالطبع هذا ليس كل شيء ..ولكن هناك أيضا المصالح الدولية في المنطقة والتي ستحاول أن تكون هي المحرك الأساسي فيها وفي ترتيب اوضاعها بما يتناسب مع مصالحها أولا وأخيرا.....

ومن الواضح جدا أن الوضع في مايسمى ب"الجمهورية اليمنية" لن يبقى على حالة في أية تسوية قادمة سواء كقيادة أو كنظام دولة ولابد من التغيير الشامل في هاتين المنظومتين ومؤسساتها ولكن على أي اساس؟؟ هل على أساس تسوية سياسية تخرج عن المرجعيات الثلاث ؟؟ أم على أساس تسوية سياسية تعتمد المرجعيات الثلاث؟؟

وماهو مصير الجنوبيين في كلتا الحالتين؟؟ وهل فكرت نخب الثورة الجنوبية في خياراتها المستقبلية؟؟ وهل لديها خيارات أصلا أم أنها ستعاود النضال السلمي؟؟ وهل ستضطر لحمل السلاح مرة أخرى؟؟؟ ومن ستواجه هذه المرة؟؟ هل ستواجه دول التحالف العربي مع القوى الدولية وقوى الإحتلال دفعة واحدة؟؟؟ أم أنها ستجد من دول التحالف والقوى الدولية الدعم اللازم لاستعادة حقوق شعبنا المظلوم وتعديل شوكة الميزان وهذا احتمال بعيد؟؟

في المحصلة النهائية أتوقع أن تكون التسوية القادمة على الشكل التالي:

1- تحقيق المصالح الدولية هي الأجندة الرئيسية في أية تسوية قادمة حتى وإن لم تظهر على الطاولة وبقيت تحتها ولكنها ستحرك كل الأوراق والأجندات الأخرى لتصب في مصلحتها أولا وأخيرا.

2- مصالح دول الإقليم وماسيترتب عليها من مقايضات قد تصل إلى قمة السلطة في ما يسمى ب"الشرعية" فما بالكم بالقضية الجنوبية التي لايوجد لها لاممثل ولاصوت ولااعتراف بها في المرجعيات ولم تحصل على حتى على أية ضمانات من دول الإقليم ولو في حدودها الدنيا!!!

3-عصابات النفوذ الإحتلالية اليمنية بكافة شرائحها سواء الإنقلابية الدموية أم المدعية انضمامها للشرعية كحزب الإصلاح الإرهابي والتي لديها لوبيات ومصالح مشتركة مع القوى الدولية والإقليمية ستعمل بكل قوة لدفن القضية الجنوبية تحت مبدأ المصالح المشتركة!!

الصورة كما تبدو في منتهى القتامة .. وكثير من الجنوبيين يتساءلون لماذا نقاتل خارج الجنوب بينما لن ننال شيئا في المستقبل؟؟؟!!!!

قد يقول قائل إنه الواجب علينا أن نقف مع أشقاءنا كما وقفوا هم إلى جانبنا ..وقد يجيب آخر بأنهم وقفوا معنا من أجل مصالحهم وليس حبا فينا ...(مهما يكن الأمر).. فإننا جميعا (الآن) في سفينة واحدة.. وليس الخوف في أن يخرق أحدنا سفينتنا (في هذا الوقت)..بل الخوف أن يقذف أحدنا بالآخر "من أجل مصلحته" خارج السفينة.. بعد أن تنتهي العاصفة!!!!!