مقال رائع اوضح بعض الامور

[الصميل بن حاتم]

صالح علي السباعي
من يشاهد هذا الزخم وتلك الأمواج البشرية الكاسرة في شوارع وساحات الجنوب وحضرموت يدرك أن الرسالة واضحة، وان مطلب هؤلاء الناس هو استعادة الدولة الجنوبية، وكلنا يتمنى أن يسمع خبر عاجل بعودة تلك الدولة، لكن الأمور ليست بتلك السهولة التي يتوقعها البعض، وأن هناك فرق شاسع بينما نعيشه وما نتمناه، علينا أن نكون أكثر موضوعية وأن لا نطارد حوتا في أعالي البحار، وأن نعترف بأن هناك الكثير من العوائق تقف في طريق استعادة هذه الدولة، وأن أول هذه العوائق هي الخلافات الجنوبية المزمنة، وعدم اتفاق النخب على الهدف حتى اليوم، والأخطر من ذلك أن هناك من يسعى من الجنوبيون في الداخل والخارج على أبقاء الأوضاع على ما هي عليه، خدمة لمصالح وطموحات شخصية، بل أن هناك بعض الزعامات "الجنوبية " ترى الخير في الفيدرالية أو حتى البقاء ضمن الدولة اليمنية، وعلى رأس هذه الزعامات الرئيس الحالي "هادي" الذي يتمتع بدعم من قادة الجيش المقربين منه، ولديه تأييد ضمني من أكثر الزعامات "الأبينيه" ونخص بالذكر الرئيس "ناصر" وآخرون محسوبين عليه، وكلنا نعرفهم، وهذه معضلة كبيره في وجه مشروع استعادة الدولة الجنوبية، كما أن هناك رغبة وتعاطف كبير من قبل شريحة واسعة من مواطني عدن وهم تقريبا نصف السكان في عدن، يعملون على بقاء الوحدة اليمنية خدمة لمصالحهم، هذان الفصيلان في أبين وعدن يشكلون كوابح مؤثره أمام مطلب فك الارتباط وعودة الدولة الجنوبية، وهم تقريبا واضحين في كل أطروحاتهم ويعملون تحت الشمس متمتعين بمباركة النظام ولديهم تحت تصرفهم إمكانيات الدولة اليمنية.
في المحافظات الأخرى بما فيها حضرموت هناك أزمة تعدد القيادات وعدم قدرة الساحات الجنوبية على أبراز قيادات شابة جديدة، وبقاء المكونات الحراكية تحت رحمة الحرس القديم العاجز حتى اليوم عن الاتفاق على تكوين قيادة جنوبية، استمرار أحزاب اللقاء المشترك الإصلاح والاشتراكي على السير عكس التيار الحراكي أي عكس شعار استعادة الدولة الجنوبية، ضيف إلى ذلك تعنت نظام صنعاء واستعداده لتسليم النظام برمته لعناصر جنوبية أو حتى تغيير تسمية الدولة حسب الطلب من اليمنية إلى "جمهورية الجنوب العربي" ويقولون كلنا جنوب عربي، بهدف خلط الأوراق، بل واستعداد القادة الشماليون للبقاء تحت الوصاية الدولية مقابل البقاء أكثر فترة للتمسك بالجنوب، العامل الأخر هو غياب الضغط الإقليمي والدولي بل وقوف هؤلاء إلى جانب نظام صنعاء بحجة الحفاظ على وحدة اليمن، وهذا لوحده يشكل عقبه كأداء أمام استعادة الدولة الجنوبية، حيث هناك الكثير من الدول تجهل خلفية المنطقة وتعتقد أن الجنوب يحاول الخروج عن طاعة امة اليمن، وهذا غير مقبول لدى بعض الدول خصوصا المجاورة، خوفا من انتقال العدوى أليها، مجرد التسمية "باليمن" جعلت مهمة معظم الساسة الجنوبيون أمام الإقليم والعالم شبه مستحيلة، وهذا ما دفع الكاتب احمد عمر بن فريد قبل أيام لكتابة موضوع "حضرموت الهوية المفترى عليها" لغرض الخروج من المأزق اليمني، شخصيا لم أكن أتوقع من الأخ احمد أن يتقدم بمثل ذلك المقترح لأنه يعتبر فعلا مغامرة قد تؤدي إلى إحراق صاحبها في الساحة الجنوبية، وربما يتم تصنيفه ضمن صفوف "العصبة الحضرمية " إلا انه قال في مقاله سالف الذكر انه قد اختار الوقت المناسب وعبر عن قناعة شخصية، ومع ذلك من وجهة نظر شخصية من ارض الواقع، لا أعتقد أن الوقت مناسب للزج باسم حضرموت في هذه العاصفة الهوجاء التي تجتاح الشارع الجنوبي، الذي يعرفه أستاذنا العزيز بن فريد، طيلة فترة وجودة في عدن، وهو يعرف جيدا حجم التشوهات التي علقت باسم حضرموت في فترة ما قبل حرب 94م وبعدها، وقد عانينا منها نحن الحضارم دون ذنب سوى أن السيد البيض ينتمي إلى حضرموت، هذه التشوهات للأسف لا تزال ما ثلة لم تتغير في نفوس الكثير من أخواننا الجنوبيون من الذين عملوا على تحميل حضرموت خطايا دخول الوحدة وفشلها وأيضا فشل الانفصال، بينما احتفظوا لأنفسهم بالقداسة والعصمة من الأخطأ، كل السيئات والأخطاء الفادحة تم إلقاءها في السلة الحضرمية، ناهيك ما حصل قبل الوحدة من تجاوزات وتهميش في حق حضرموت، متناسين أنها تقدمت طوعا في 67م للانضمام للوحدة الجنوبية دون قيود أو شروط، ربما أستاذنا بن فريد دفعته العاطفة والعشرة الطبية ليقول ما قاله تجاه حضرموت، ونحن نشكره على تلك المشاعر، لكن ذلك لا يمنع من تذكيره بأن الوقت لازال غير مناسب ولو كان داخل الوطن وتردد على تلك المنتديات التي كان يتردد عليها، لعرف أن الواقع الجنوبي لم يتغير كثيرا، ولا يزال ماثلا بكل تعقيداته، وان هناك من أخواننا الجنوبيون من يفضل البقاء جنوبيا وأخر يفضل البقاء يمنيا، وأول هؤلاء هم الزعامات الجنوبية الموجودة في صنعاء وعدن والخارج، كلهم "لا يريدون" أن يكونوا حضارم وهذا من حقهم، ولكنهم يريدون الحضارم أن يكونوا جنوبيون ، وهذا ما قبلته حضرموت في السابق فهل تقبله اليوم ؟!.
هناك بالتأكيد في أكثر من منطقه جنوبية بما فيها زعامات من شبوه الحضرمية من سيقول لما يفرض علينا أن نكون حضارم ؟ وبالمقابل في حضرموت هناك من سيقول إذا كان هؤلاء يرفضون هويتنا فنحن أيضا من حقنا أن نرفض من يرفضنا.
شخصيا لا أرى أن حضرموت ستجني شيئا من تسمية الجمهورية القادمة بـ"الحضرمية" وسيجد الحضارم أنفسهم بنفس الوضعية التي كانوا عليها بعد 67م، كما أنني أرى أن الزعامات الحضرمية غير قادرة على تجاوز خلافاتها، وهي حتى اليوم تفتقد للرؤية الموحدة حول حضرموت، وأن بعض الزعامات الحضرمية بكل أسف تستخدم كحصان طروادة من قبل البعض دون أن تدري، وهي تظن أنها تسيطر على إيقاع الشارع الجنوبي، بينما ربما يجهل بعض هؤلاء أن قبول الشارع الجنوبي لزعامتهم هو قبول "تكتيكي" لحاجة الساحات الجنوبية إلى" زعيم" بعد أن عجزت تلك الساحات عن أنتاج زعامات جديدة، وقد تم بالفعل سحب بساط الزعامة من تحت أقدام الزعيم "باعوم" بعد أن تم تحجيمه وإدخاله متاهة التناقضات مع بعض المكونات الحراكية وبالتالي الدفع به للإصرار على عقد مؤتمرة الشهير في المنصورة الذي أدى إلى فض الجمع من حوله وكان بمثابة القشة التي قصمت ظهر "الزعيم" وانحسار ظهور صورته في أكثر المهرجانات الجنوبية، وهاهو اليوم بعد أن كان الزعيم الأول للحراك الجنوبي أصبح اليوم يزحف للحاق به ولم يعد له ذلك التأثير في عدن والمناطق الجنوبية، باستثناء المكلا وبعض المدن الحضرمية، وربما ما حدث للسيد باعوم من احتواء وتحجيم قد يحدث للسيد الرئيس "البيض" وإذا تم ذلك وخرج السيد البيض إلى جانب صديقه باعوم من اللعبة وهذا ما قد يحدث، سيكون من السهل "فركشة" ما تبقى من المكونات الحضرمية كل على حده، لذلك عليهم أن يعرفوا أن هناك من يضعون الكثير من علامات الاستفهام أمام حضرموت، وهناك من لهم تحفظات على الزعامات الحضرمية، وطالما الأمر كذلك وان البعض لازال يتوجس من حضرموت، فأن تسمية الدولة القادمة بالحضرمية "أذا اتفق عليه" وهذا مستبعد، سيكون مجرد "تكتيك" مرحلي، لن يغير شيئا من معاناة حضرموت، وليس هو المطلوب، وان الحاجة ملحة اليوم للبحث عن "مكون" أخر يجمع حوله أبناء حضرموت بكل توجهاتهم، ويستطيعون من خلاله مخاطبة الآخرين بصوت واضح حتى لا تضيع حقوق الحضارم ويفرض عليهم مالا يريدون.