نعم لمبدأ الحوار ياشطارة ..ولا للمزايدة على الجنوبيين

[بن دحه]

الدعوات التي تطلق اليوم لإقناع الجنوبيين بقيمة الحوار الوطني في هذه المرحلة وبالأخص تلك التي تصدر من أطراف جنوبية مشهود لها بوطنيتها ، تجد صدى وقبولا ولكنه مشروطا. الجنوبيون دخلوا الوحدة مع الشمال بقرار غير مدروس أتخذته القيادات الجنوبية آنذاك ولم تستفت الجنوبيين في ذلك، وكانت النتيجة أن دفع الجنوبيون الثمن باهظا ..إذ أنقلب الطرف الشمالي على الوحدة وأتضح أن الإنقضاض على الجنوبيين كان مبيتا لدى الشريك الشمالي ، واصبح لزاما علينا اليوم كجنوبيين أن نضع شروطنا للدخول في الحوار الوطني كشركاء لا كأحد أطراف الصراع على المصالح والمغانم بين أبناء الجمهورية العربية اليمنية..ومن يتحدثون عن الوحدة ويربطون ذلك بمراجع دينية أو قومية عروبية وكذلك من يدعمهم في هذا الإتجاه إقليميا أو دوليا لكل هؤلاء نقول ..لا يمكن لأحد أن يزايد على الجنوبيين في تطلعهم نحو الوحدة وليضع كل منا على الطاولة ماذا قدم لهذه الوحدة التي تجري المزايدة عليها اليوم.
سيأتينا جمال بن عمر ليقول للجنوبيين ليس أمامكم سوى الدخول في الحوار الوطني لأن هذا مطلبا دوليا وأن دول العالم ستلجأ الى فرض العقوبات على القيادات الجنوبية التي تتبنى مقاطعة الحوار الوطني ..وقد يضيف ما معناه أنكم الجنوبيين مختلفين ولا تتكلمون بصوت واحد ولكن إجابتنا له ستكون بإختصار.. نعم يا سيادة المبعوث الدولي لنبدأ بالإجابة عليك من النهاية التي تعتبرها مصدر قوتك ، تماما كما ظن المخلوع صالح يوما أنها مصدر قوته وهي إختلاف الجنوبيين فيما بينهم.. نحن الجنوبيون مختلفين منذ إستقلالنا عن بريطانيا العظمى في 30 نوفمبر 1967م..ولكن خلافاتنا لم تقض على دولة النظام والقانون التي سادت دولتنا قبل الوحدة مع الشمال..وخلافاتنا لم تكن من أجل الإثراء من الوظيفة العامة والسطو على أملاك الدولة وتوريثها..وخلافاتنا اليوم تصب في إتجاه عودة الحقوق لأهلها فهي خلافات بين متشدد لا يقبل سوى بفك الإرتباط أو براجماتي يتقبل فكرة مثل الفيدرالية بين إقليمين يتلوها إستفتاء الجنوبيين ..وهكذا كانت خلافاتنا دوما منطلقاتها وطنية وطالما كانت كذلك فلا تبنوا كثيرا من الأوهام على خلافاتنا..وتحاولون فرض واقع رفضه الجنوبيون منذ بدايته، وأما معاقبة القيادات الجنوبية لأنها ترفض الوصاية على شعبها من نظام متخلف تحت مسمى الوحدة فهو تهديد يبعث على السخرية ..فالأولى بكم إقتياد المخلوع صالح الى محكمة الجنايات الدولية جراء ما أرتكبه من جرائم على مدى 33 عاما، بدلا من تحصينه وحمايته..وهو الذي لا يزال يسيطر على نصف القوات المسلحة بمعرفتكم ودعمكم أنتم وبعض الدول الإقليمية التى وظفت صالح لحماية مصالحها، ناهيك عن أنكم حولتم اليمن الى دولة تستجدي الدول المانحة في حين أنكم تتسترون على عشرات المليارات من الدولارات نهبها المخلوع ولا يزال يصرف منها للتخريب وهو متحصن ومحصن.
أما المزايدين الذين أمتطوا صهوة جواد الثورة الشعبية ويعتبرون الوحدة خطا أحمر فهم كثيرون ..فمن هؤلاء المتشدقين بإسم الدين ممن أفتوا في 1994م..بأن الجنوب أرضا وإنسانا غنيمة للمسلمين..ومجموعة الشيوخ المتخلفين الذين يرغون ويزبدون عندما يأتي الحديث عن مطالب الجنوبيين بفك الإرتباط عن مشروع الوحدة..لأنهم يخشون عودة الحقوق التي نهبوها الى أهلها..وكذلك العسكريين أمثال علي الأحمر الذي تحول بقدرة قادر الى ثائر ضد شقيقه وشريكه في النهب والسطو على مدى 33 عاما..وهو – علي الأحمر – إذ يقول أنه كان الرجل الأول وليس الثاني ..فتلك وصمة عار في جبينه وليس تكريما له..وهؤلاء ليسوا أكثر من مزايدين دفعوا بالآلاف من ابناء الشمال للموت في الجنوب من أجل وحدة سعى فيها صالح للتوريث وسعى الشيخ الأحمر والعسكري الأحمر لنهب الأراضي والسمسرة وإحتكار وكالات الشركات ووزعوا النقاط والعسكر لجباية المواطنين، ونصبوا شيخا على عدن حاضرة المدنية والحداثة في الشرق الأوسط حتى دخلها جنرالات القرون الوسطى .
دعونا قبل الحوار الوطني نقوم بعملية جرد حساب لطرفي المعادلة دولتي الشمال والجنوب..ولنقل ماذا قدم كل طرف لهذه الوحدة التي أنتهت عمليا..دعونا نفكر بعقولنا بعيدا عن تجييش العواطف تحت مسميات إسلامية أو عروبية بمعنى الوحدة وقيمتها..تضحياتنا واضحة للعيان بمدى قيمة وأهمية الوحدة..فالرئيس الجنوبي علي سالم البيض – مهما كانت خلافاتنا مع الرجل – قدم بإسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي كان رئيسها ، قدم أراض تعادل أكثر من ضعفي مساحة الجمهورية العربية اليمنية..دولة مؤسسات ونظام وقانون..جيشا وشرطة وأمنا في قمة المهنية..وشعبا يعادل 20% من الكثافة السكانية البشرية في الشمال..لا يوجد عاطل أو سارق أو فاسد أو قاطع طريق من عدن الى المهرة..مجتمعا جنوبيا كان على وشك أن تنتهي الأمية بين أفراده..الطب مجانيا والتعليم مجانيا..وفيه من الثروات الطبيعية التي لم تستغل بعد ، ما يكفي الدولتين والشعبين معا..كل هذا قدم ولم يستفت فيه الجنوبيين..وكلنا رأينا ماذا كانت النتيجية..أبعد كل هذا يأتي من يزايد علينا تحت شعارات جوفاء وهو لم يقدم شيئا..نعم لحوار وطني يتعامل معنا كشركاء نتحدث بإسم دولة وليس كأحد الأطراف الشمالية التي تتصارع على الغنائم ..ففي الأخير ،المخلوع والشيخ والعسكري والمفتي سيتفقون وستبقى الجمهورية العربية اليمنية كما كانت دوما مرتعا للفقر والجهل والمرض والتخلف، وشكرا لشهداء ثورة الشباب الشعبية.