إنتخابات "لا لي ولا لك ولا يصلح للبطاط"..!‬

[الصريح 2]

شبكة الطيف : بقلم : عبد الباسط الحبيشي ‬



‫ ‫ذكرنا الكثير عن بطلان الحوار الوطني داخل الغرف المغلقة في ظل حكم يعتقد جازماً بأنه سيتغلب على الشعب ومناضليه وشهدائه والوطن والثورة والجمهورية والوحدة وخليجي 20 بالصميل طالما أنه قد أستطاع البقاء أكثر من ثلاثة عقود ولم يصبه أي أذى رغم كل الحروب والمآسي والكوارث التي أصابت اليمن بسببه ولم يحرك الشعب ساكناً ، في الغالب بسبب وجود بعض قيادات المعارضة لاسيما في حزبي الإصلاح والناصري التي تعمل على تثبيط الشارع لصالح الحاكم.‬

‫لدرجة أن الخارج من أعداء وأصدقاء اليمن قد فقدوا الأمل وأصابهم اليأس ، مما حدا بهم إلى إتخاذ قرار تأجيل مؤتمر أصدقاء اليمن المزمع إنعقاده في الرياض في فبراير القادم إلى ما بعد (موعد الإنتخابات) أو بالإحرى إلى (أجل غير مسمى) بحجج مرض الملك عبدالله أو لعدم إنجاز الإلتزامات التي تعهدت بها الحكومة اليمنية في مؤتمر نيويورك أولعدم إحراز خطوات جادة فيما يسمى بالحوار الوطني لاسيما بين الأطراف السياسية الرئيسية التي يقصدون بها في الأساس "قيادات الحراك الجنوبي وحركة الحوثيين" وكان هذا هو مربط الفرس من ترقب الخارج لنتائج الحوار الوطني الذي لا يمكن للسلطة الحالية الإتيان به أكثر من مجرد الدعاية له.‬

‫لذلك لم يكن من الحاكم صالح إلا حرق كافة الإستحقاقات والقفز على كل الإتفاقات والحوارات إلى الإنتخابات البرلمانية التي إن تمت ستعفيه من كافة إلتزامات الماضي والمستقبل وستردم له حُفر الحوار الوطني وتخلصه من شعبطة الحراك الجنوبي وتبعده من كوابيس حروب صعدة بكل مآسيها وكوارثها. وهذا يعني أن القبول بإجراء الإنتخابات من قبل الأطراف السياسية الرئيسية تكون السلطة الحالية قد أُعفيت من كل إلتزاماتها السابقة وصفرت العداد وشرعنت فسادها وتنكيلها بالشعب وبُرئت من كل حروبها السابقة لتبدأ مجدداً بعد الإنتخابات حروب أخرى تكملةُ لسابقاتها وتصفيةً لبقية خصومها. ولهذا أصدرت الخارجية الأمريكية بياناً عاجلاً‬
‫الجمعة آخر يوم من أيام السنة الماضية تدعو فيه كل الأطراف السياسية العودة إلى طاولة الحوار وإلى وقف التعديلات الدستورية التي يريد أن يمضي بها الحاكم صالح منفرداً للإنقلاب على كل الثوابت الوطنية. وهذا يعني أن الحاكم صالح إنكشف مجدداً بأنه ، رغم كل التنازلات الجسيمة التي قدمها من السيادة الوطنية ومقدرات البلاد ، يفتقد مع ذلك لأي غطاء خارجي.‬
‫ ‬
‫ولهذا وجدنا إصراراً غير مسبوق من قبل الحاكم للمضي في الإنتخابات مستخدماً لذلك بعض قيادات اللقاء المشترك لجر حركة الحوثيين بصورة غير مباشرة للتحالف معهم ، وذلك بهدف إشراك الحوثيين في خوض غمار الإنتخابات القادمة ، مما سيجعل السلطة في حلٍ من تعهداتها تجاه صعدة وشهدائها وسجنائها ومشرديها وفي حل أيضاً حتى من الإلتزامات والإتفاقيات التي توصلت إليها من خلال وساطات دولة قطر، وما الإفراج عن 428 سجين إلا إسترضاءًا ضمنياً وخطباً لود حركة الحوثيين لدعم إنتخاباته البرلمانية القادمة. وإن دل ذلك على شئ فإنما يدل على حدة الوضع السياسي الداخلي الحرج الذي تواجهه السلطة الحالية.‬

‫كما أن الخلافات الجنوبية بين فعاليات الحراك الجنوبي السلمي داخلياً وخارجياً تصب في نفس المجرى لتشتيت الشارع الجنوبي الذي لن يقدر ، في جو ملبد وملغم كهذا ، على معارضة الإنتخابات فيما لو تمت ، وما خطاب الحاكم صالح الأخير الموجه من جامعة عدن إلا لتكريس منهج الفرقة والإنقسام وصب مزيداً من الزيت على النار لمزيد من الإنشقاقات في صفوف الحراك الجنوبي إلى مابعد أيام الإنتخابات الذي أعتبرها الرئيس علي ناصر محمد "محكومة بالتزوير سلفاً سواءًا مضى بها الحزب الحاكم (المؤتمر) وأحزاب المعارضة (المشترك) أم لم يمضوا".‬
‫ولمواجهة الخارج قبل الداخل لم يبقى للحاكم صالح مفر سوى الهروب إلى الإنتخابات رغم أن معطياتها ينطبق على المثل الشعبي القائل "لا لي ولا لك ولا يصلح للبطاط" في محاولة لإستخدام أطراف خارجية إبتزاز المشترك القبول بالمشاركة في الإنتخابات البرلمانية وذلك من خلال ما جاء في بعض التسريبات التي تقول بأن "قيادات بارزة لحركة الاخوان المسلمين بمصر والاردن والسودان وغيرها من القيادات المعارضة المنطوية تحتها والتي بدورها تطرح بقوة على اللقاء المشترك وجوب الخوض في الانتخابات القادمة مهما كانت النتائج والعقبات تفاديا من الوقوع في المغبة السياسية التي تورطت بها الاحزاب المماثلة في الدول سالفة الذكر.والتي اجريت فيها انتخابات مماثلة قاطعتها المعارضة الامرالذي تمخض عنه الخسارة الفادحة لدورها السياسي وتذمر قاعدتها الشعبية ومناصريها وحكمت على نفسها بالموت طواعية فيما الطرف الاخر خاض العملية الديمقراطية بلا منافس وحقق غايته وبمباركة دولية"‬

‫وفيما لو أفترضنا أن هذا الكلام صحيحاً وينطبق في حالات مصر والأردن والسودان فلا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال ملائم لوضع اليمن. ويكفيني شهادة الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الذي أجاب عليهم في مقاله المعنون "عاد شي عقل ياحضرة" الذي عدد فيه الإختلافات بين اليمن ومصر ، وأضيف عليه بأن اليمن باتت دولة فاشلة وسلطتها ليست آيلة للسقوط فحسب بل أنها باتت غير مؤهلة وغير مؤتمنة للقيام بإدارة سجن من سجون صعدة فضلاً عن قيادة البلاد لدرجة أن حكومات دول الخارج أصبحت محرجة من شعوبها تجاه التعامل مع سلطة خانت شعبها على مرأى ومسمع مع العالم أجمع وأصبحت هذه الحكومات تنظر إلى أن التعامل معها لا يخلو من الخطورة على ذاتها.‬

وعليه جاء تأجيل إنعقاد مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض الذي يهدف بدرجة أساسية إلى وضع المعارضة اليمنية أمام إختبار حقيقي مع نفسها ومع الشعب اليمني كما أشار إلى ذلك بوضوح الرئيس علي ناصر محمد بقوله: " إن الأيام القادمة ستضع المعارضة اليمنية أمام إختبار هام خاصة بعد تبنيهم خيار تحريك الشارع اليمني" ونوه إلى "أهمية دور المجتمع الدولي والإقليمي في معالجة الأزمة اليمنية" بمعنى أن المعارضة اليوم قد وُضعت في المحك من حيث القدرة على التأثير في المسار السياسي للبلاد مالم فإن التغيير إذا لم يعد صناعته في الداخل ممكناً سيحتم إستيراده من الخارج مستقبلاً.

آخر الكلام
ماذا حصد اليمن خلال العامين الماضيين من خلال ذهاب المشترك منفرداً للتوقيع على تمديد الفترة النيابية دون الرجوع إلى الدستور الذي ينص على إستفتاء شعبي؟؟. نتيجة هذا التمديد ، الذي حذرنا منه في (حركة خلاص) فراداً وجماعة ، حصد اليمن حرباً ضروساً في صعدة كلفته مليارات الدولارات وعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمشردين وكلفت اليمن العشرات من الشهداء والجرحى والمعتقلين في الجنوب ناهيك عن بقية الكوارث على عموم الساحة اليمنية فضلاً عن أن الإصلاح السياسي أو حتى قانون الإنتخابات لم يتم التعامل معهما بحسب إتفاق التمديد. فهل سيقدم المشترك هدية جديدة لهذه السلطة مرةً أخرى من خلال قبوله الدخول في إنتخابات مزورة سلفاً؟ أم أنه سيقاطع الإنتخابات مقاطعة إيجابية لينأى بنفسه هذه المرة عن الإشتراك بمؤامرة جديدة ضد اليمن؟!.

‪