الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-04-30, 08:40 PM   #1
ثوري حر
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-21
المشاركات: 1,154
افتراضي من أين نطلب النصر؟

وعلى الإجابة على هذا السؤال يتوقف كثير من قضايانا ومواقفنا السياسية.

لقد كان أمل الأنظمة العربية وثقتها في 67 في الاتحاد السوفيتي، أن يمدهم بالجسر الجوي الذي ينقل إليهم السلاح والعتاد من موسكو إلى القاهرة، فخيّب الله أمل الأنظمة العربية في السوفييت، لعلهم إلى الله يعودون.

ولست أقول: إننا لا نطلب السلاح من السوفييت أو غيرهم في المعركة. فلابد في المعركة من السلاح، والسلاح اما ان نصنعها نحن، أو نطلبها من هنا وهناك.
وإلى هنا المسألة طبيعية وتجري طبقا لسنن الله تعالى.

ولكن الذي كان يجري في الساحة العربية يومئذ داخل الأنظمة العربية الموالية للسوفييت، إنهم كانوا ينشدون النصر من السوفييت، وليس من الله.

وقد عشت أنا هذه الفترة الصعبة العسيرة، وكنت أقرأ وأسمع أدبيات معركة حزيران 67 م في الأيام الستة وبعدها.

وشتان بين وجهة (حركة ثوري حر) اليوم في قتاله المحتل ووجهة الأنظمة العربية في قتال إسرائيل قبل أربعين سنة تقريباً ... أما الأنظمة الإسلامية غير العربية، فلم تدخل المعركة في حينها من قريب أو بعيد ... ولم تزد على شعارات جوفاء فارغة.

وقد أوكل الله الأنظمة في حينها إلى أنفسها وإلى السوفييت في قتالها لإسرائيل، فانتهت فيه إلى السلام مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات، وإقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها.

وكان الله تعالى هو وحده وجهة (حركة ثوري حر) في هذه المعركة وثقتهم وأملهم، فتولّى الله أمرهم، وألقى الرعب في قلوب أعداءهم، وأنزل عليهم النصر.

والفرق بين الوجهتين واضح، ونُكِلّ الذين يناقشون في البديهيات إلى تصوراتهم فعلاً، لئلاً نتوقف كثيراً عند هذه المقدمة، وندخل الموضوع مباشرة ...
ضمن مجموعة نقاط:
1- النصر من عند الله :
هذه حقيقة قرآنية بارزة، لكل من يقرأ القرآن: ان النصر من عند الله، والله تعالى هو مصدر النصر، وهو من أوليات ثقافة القرآن. ولو أن الناس إجتمعوا جميعاً ليهزموا جيشاً أو فرداً، لا يريد الله هزيمته، لم يقدروا على ذلك، ولو أن الناس اجتمعوا كلهم، لينصروا من يريد الله تعالى هزيمته لم يقدروا على ذلك.

والقرآن واضح وصريح في ذلك، وإليك طائفة من آيات كتاب الله، على سبيل الاستشهاد، وليس على سبيل الحصر.
(وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)، آل عمران/ 126.
(وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، الأنفال/ 10.
(إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ)، التوبة/ 40 .

وإذا آمن الإنسان بهذه الحقيقة، فسوف لا يلجأ إلى أحد غير الله تعالى في ابتغاء النصر، ويضع كل ثقته ورجاءه ودعاءه في الله تعالى.

2- والله ينصر الفئة القليلة الضعيفة على الفئة الكثيرة:
وكان نصر الله واضحاً للعيان في بدر، فقد نصر الله الفئة الضعيفة القليلة في بدر على عتاة قريش وطغاتهم، ولولا ان الله منّ على المسلمين ببدر بالنصر على قريش، لم تقم للإسلام قائمة منذ بدر إلى اليوم ... لقد كانت بدر معركة فاصلة، وفرقاناً في التاريخ، وكان نصر الله للفئة القليلة واضحة في هذه المعركة لكل من ينظر فيتعقل ويدرك .(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ)، آل عمران/ 123.
ولم يقتصر نصر الله تعالى للمؤمنين في بدر، فقد نصرهم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين.
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ)، التوبة/ 25.

وقد نصر الله من قبل نوحاً (ع) وأنقذه من الكرب العظيم. (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)، الأنبياء/ 77.
ونصر الله تعالى موسى (ع) على فرعون وجنده. (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ)، الصافات/ 114 - 116.

ويُردّد المؤمنون هذه الآيات من كتاب الله، فتطمئن قلوبهم بنصر الله، ويجأرون إلى الله تعالى في طلب النصر في ساحات القتال ويعطون ثقتهم ورجاءهم ودعاءهم لله دون غيره.

3- والله غالب على أمره
وهذه حقيقة أخرى في القرآن: إنّ الله غالب على أمره، فلا يُعْجِزُنَّ الله تعالى أحد من خلقه وعباده، فإذا أراد النصر لقوم نصرهم لا محالة، وإن اجتمع الناس لإبطال هذا النصر، وإن أراد الله تعالى بقوم هزيمة، هزمهم لا محالة، وإن اجتمع الناس على نصرهم، (إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، آل عمران/ 160.
(وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ)، آل عمران/ 111.
وإذا كان الله وليّنا في هذه المعركة، وإليه أسندنا ظهرنا، ولجأنا، ورفعنا ايدينا، فلا يكلنا الله إلى أنفسنا، ولا يغلبنا احد، إذا كان الله معنا.

4- وعد الله المؤمنين بالنصر
وقد وعد الله المؤمنين بالنصر في قتالهم للمشركين وأئمة الكفر، وعداً قطعياً حتمياً، والله لا يخلف وعده. والتشكيك في صدق وعد الله، على حد الكفر بالله تعالى.
يقول تعالىإِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، غافر/ 51.
والنصر هنا للرسل وللذين آمنوا، وفي الحياة الدنيا، والوعد من الله تعالى الذي لا يخلف وعده، فيقرأ الإنسان هذه الآية من كتاب الله فيطمئن قلبه بوعد الله، ويستهين بما يلقاه من العذاب والعنت في سبيل تحقيق وعد الله.

(وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، الروم/ 47.
وهذا هو الوعد الحق الذي وعد الله تعالى به عباده المؤمنين حقاً، وبعد هذا الوعد الإلهي الحق لا يدخل اليأس عن النصر قلب عبد مؤمن يثق بالله تعالى ووعده.
ويَعِدُ الله تعالى نبيه بالنصر العزيز. (وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً)، الفتح/ 3.

5- شروط النصر:
وليس معنى ما تقدم من الكلام إنّ الله تعالى يهب النصر لعباده من دون حساب ولا نظام، بلى، إن الله يهب النصر لمن يشاء، ويمنع النصر عمن يشاء، ولكن ضمن حساب ونظام وقانون ... وهذا الكون يقوم على اساس النظام والقانون. والله تعالى هو خالق هذا النظام والقانون.

ولكل شيء في هذا الكون شروط وأسباب.
وهذه الشروط والأسباب لا تنافي أن النصر من عند الله يهبه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء.
وهذا واضح لمن يفهم لغة القرآن في هذه المسائل.
فإن الرزق من عند الله، من دون شك، والله هو الرزاق المتين، وليس لغيره من عباده وخلقه شأن في الرزق .
(وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)، آل عمران/ 27.
(نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)، الانعام/ 151.
(وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، البقرة/ 212.
(إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، آل عمران/ 37.
(اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ)، الرعد/ 26.
(إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)، الذاريات/ 58.

ولكن الله تعالى جعل للرزق أسباباً ومفاتيح، أمر عباده ان يطلبوا رزقه من خلال هذه الأسباب والأبواب.
(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ)، الملك/ 15.
وكذلك الأمر في النصر، فإن النصر من عند الله لا ريب في ذلك، ولكن الله تعالى جعل للنصر مفاتيح وأبواباً وأسباباً وأُمرنا أن نطلب النصر من خلالها.

وليس معنى الإيمان والثقة بنصر الله إهمال الأسباب والشروط والإعداد الميداني لعوامل النصر.
وإن من الشطط في الفهم أن نفهم ما تقدم من الآيات أن الله يرزق النصر لمن يشاء من عباده، إعتباطاً ومن دون نظام وقانون.

ومن أسباب النصر إعداد القوة للمعركة، والتخطيط لها، والإعداد لها إعداداً كاملاً.
(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ، وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ، تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ، وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ، لاَ تَعْلَمُونَهُمُ)، الانفال/ 60.

إن إعداد القوة على وجه الأرض، وفي الميدان من ضرورات القتال، ولابد من هذا الإعداد والتحضير، ولكن لا يجوز الاعتماد عليه، فإن الاعتماد على الله.

وقد نصر الله الفئة الضعيفة على الفئة القوية، فلا يصح الاعتماد على قوة السلاح والتحضير الميداني للمعركة، ولكن لابد منه، وهو من شروط نزول النصر من عند الله، ومن مفاتيح نصر الله والجمع بين هذا وذاك من رقائق ثقافة القرآن، نسأل الله ان ينعم علينا بها.

ومن شروط النصر ان ينتصر المؤمنون لله تعالى، وينصرون الله، فإذا وجد الله منهم الصدق والجدّ في نصر دينه نصرهم.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، محمد/ 7.
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، الحج/ 40.

ومن أهم أسباب النصر: الصبر والصلاة.
(وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، البقرة/ 45.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ)، البقرة/ 153.
والصبر معنى واسع وشامل يشمل الصبر على الأذى والاضطهاد، والمقاومة لوسائل الظالمين في اضطهاد المؤمنين وعذابهم وملاحقتهم.
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا)، الانعام/ 34 .
وكان من دعاء المؤمنين في ساحات القتال والمواجهة طلب النصر من عند الله،
وتثبيت اقدامهم على ارض المعركة، (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)،
البقرة/ 250.

ولابد في المعركة والمواجهة من الصبر، ومن يصبر ينصره الله تعالى.
ومن معاني الصبر: الصبر على الإعداد والتحضير الميداني، والنفسي، والسياسي، والتخطيط الإعلامي، والمالي، والعلمي، والتسليحي للمعركة.

فان المعركة بحاجة إليها جميعاً، والإعداد للمعركة يحتاج إلى جهد كبير وصبر كثير، فإذا وجد الله تعالى من عباده الصدق في الصبر فتح الله عليهم أبواب النصر ورزقهم السلاح والمال والقوة والإعلام والدعم والخطة والنظام، كما تحتاجه المعركة.

والعنصر الآخر من متطلبات المعركة (الصلاة)، (واستعينوا بالصبر والصلاة).
ان الذكر والإقبال على الله، واللجوء إليه تعالى، والاستغاثة به، وطلب النصر منه، من أعظم متطلبات المعركة، وأبواب النصر.

ولقد رفع رسول الله (ص) يديه إلى الله في بدر، واقبل على الله في دعاء
وإلحاح في الدعاء، فقال: (اللهم ان شئت ألاّ تُعْبَد لا تُعْبد). فقد كانت هذه الفئة القليلة في بدر التي واجهت عتاة قريش هي وحدها التي تعبُد الله تعالى من دون سائر الناس، فإذا هُزِمت في هذه المعركة، ومحقت، وهلكت، فسوف لن يكون هناك من يعبدُ الله على وجه الأرض، واستغرق رسول الله في الدعاء حتى وقع ردائه عن متنه.

وإن للإقبال على الله في المعركة وطلب النصر من عند الله، واللجوء الصادق إلى الصادق دوراً كبيراً في تحقق النصر.
يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ)، الانفال/ 45.
وقد كان أنبياء الله عليهم السلام والمؤمنون يطلبون النصر من عند الله ويستنصرون الله، (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ، وَاعْفُ عَنَّا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، أَنتَ مَوْلاَنَا، فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، البقرة/ 286.

ومن دعاء طالوت ومن معه من المؤمنين لما برزوا لجالوت: (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، البقرة/ 250 .

6- التمحيص في طريق النصر:
ولا تكتمل هذه الجولة القرآنية في النصر وأسبابه وشروطه وعوائقه ومصدره، ما لم نتحدث عن (التمحيص) ...
فقد يمرّ النصر بطريق عسير، يثخن المؤمنين بالجروح، ويُحملّهُم العناء والعذاب، وتتساقط فيه الرؤوس والأيدي والأقدام، ولكن العاقبة تكون للمؤمنين، كما وعدهم الله، ولن يخلف الله وعده.

فقد دخل المؤمنون معركة (أحد) بعد (بدر)، ومسّهم في (أحد) قرح شديد، ولكنهم لم يشعروا يومئذ بالضعف والعجز والتراجع أمام قريش، ولم ينل ذلك من عزمهم وإرادتهم، ومقاومتهم، وصلابتهم، وعزتهم، واستعلائهم على الكافرين، ولم يصبهم بالوهن والضعف.

ولنقرأ هذه الآيات العجيبة التي نزلت على المسلمين يومئذ، بعد معركة (أحد)، والتحليل العجيب الذي تقدمه هذه الآيات لنكسة (أحد) المرّة، والآيات من آل عمران:
(وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ، وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، آل عمران/ 139 - 142.

إنها آيات عجيبة نزلت بعد معركة (أحد)، تقدّم تفسيراً جديداً للصراع، والانتكاسة، والانتصار في الصراع، في صفوف المؤمنين، لم يعهده الناس من قبل.

وتبدأ الآيات بدعوة المؤمنين إلى الاستعلاء على أعدائهم، ونبذ الوهن والضعف، وتُحَسّسُهُم بالقوة والعزة، إن كانوا مؤمنين.

وإن الانتكاسة في ساحة القتال لا تنال من قوة المؤمنين، ولا تنال من عزتهم وإرادتهم وصلابتهم وإيمانهم وثقتهم بالله.
(وَلاَ تَهِنُوا، وَلاَ تَحْزَنُوا، وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ، إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
لا تضعفوا، ولا تحزنوا على ما فاتكم من النصر وما لحقكم من الانتكاسة في (أحد)، فان هذه الانتكاسة لا تغير نتيجة المعركة، إن هذه الانتكاسة حلقة من حلقات المسير إلى النصر، وتمحيص للمؤمنين قبل النصر، وأمّا العاقبة والنصر والفتح فهو لكم، انتم المؤمنون لا غير، وليس ينبغي ان تفُتّ هذه الحلقة من حلقات المسير في عضدكم، وتسلب منكم عزمكم وإرادتكم وصلابتكم، وتسلب منكم الإحساس بالعزة والاستعلاء.

ثم تخففّ عنهم وقع النكسة التي أصابتهم، والقروح التي مستهم في المعركة ... فهذه القروح قد أصابت اعداءهم من قبل، في (بدر) وفي (أحد) أيضاً، وهي من متطلّبات المعركة، التي لابد منها في كل معركة، ولا تخلوا عنها حرب، ولا تخصّ هذه القروح المؤمنين دون الكافرين.

(إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ).
هذه طبيعة كل معركة، والإنسان اما أن يتجنب الصراع والقتال، ويتحمل الذل والهوان، أو يدخل في دائرة الصراع وقتال أئمة الشرك والظالمين، وإذا اختار الثاني فلابدّ ان يتحمل هذه القروح كما يتحملها اعداؤهم.

ثم تبين الآية حقيقة هامة في فهم التاريخ، وهي أن التاريخ يتحرك باتجاه سلطان الحق وزهوق الباطل.
(فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)، هود/ 49.
(أنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، الأنبياء/ 105.
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)، القصص/ 5 .
ولكن الطريق إلى هذه الغاية صعبة وعسيرة ويمر بأيام من المحنة والعذاب والعناء، لابد من اجتيازها وتجاوزها.

(وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، آل عمران/ 140.
وهذه المداولة في الايام بين الحق والباطل، وبين الانتكاسة والانتصار، لابد منها لتحقيق هذه العاقبة التي يذكرها القرآن للمتقين، ولو كانت أيام المسلمين الأوائل كلها نشوات (بدر)، ولم يمرّوا بنكسات (أُحُد) لم يأتهم النصر والفتح العظيم الذي يخبرنا عنه الله تعالى (إذا جاء نصر الله والفتح).

إن هذا التداول للأيام بين الانتكاسة والانتصار، والصعود والنزول، ونشوات الانتصار ومرارات الانتكاسة، لابد منه في تحقيق إرادة الله تعالى في وراثة الصالحين وإمامتهم على وجه الأرض.

إن هذا التداول في الأيام لابد منها ليتم فرز الصالحين عن غيرهم وفرز الأقوياء عن ضعفاء الإيمان، والمؤمنين عن غيرهم، فلا يتم هذا الفرز في أيام العافية والرخاء، وإنما يتم في أيام العسر والشدة.

(وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ).
والله تعالى يعلم بالناس وقوتهم وضعفهم، وأبرارهم وشرارهم، والمؤمنين منهم والمنافقين، ولكن الله يريد بهذه الأيام أن يفرزهم ويستخلص الصالحين منهم من الفاسدين، والمؤمنين من المنافقين، ولا يتم ذلك الا بمثل هذا التداول والصعود النزول في الايام ...
(وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء)، وفي مثل هذا التداول للأيام بين (بدر) و(أُحُد) يتم اتخاذ الشهداء الذين يختارهم الله تعالى، أئمة وقادة للبشرية وشهداء عليهم، في هذه الأيام يتكوّن الذين اتخذهم الله شهداء على الناس، فلا يتكوّن الشهداء في أيام العافية والرخاء.

إن أيام العافية والرخاء لا تنتج الشهداء القيمين على مسيرة البشرية ... وهذا هو التمحيص الأفقي على سطح المجتمع، وفي هذا التمحيص يتم فرز الصالحين عن غيرهم، والمؤمنين عن المنافقين، وضعاف الإيمان عن أقويائهم.

وفي مقابل التمحيص الأفقي تمحيص آخر، عمودي، داخل نفوس المؤمنين، ففي نفوس المؤمنين خير وشر، وعقل وهوى، وضعف وقوة، ويقين وشك، وزهد وحب للدنيا، ولا يتخذهم الله شهداء، حتى يمحّص ما في نفوسهم، فيأخذ من نفوسهم الشك والضعف، والهوى والشر وحب الدنيا، لتخلص نفوسهم من الضعف والهوى، وعندئذ يتخذهم الله شهداء وأئمة على وجه الأرض، وهذا هو التمحيص العمودي داخل النفوس.

(وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ).
وهذا التمحيص الثاني هو التمحيص العمودي الذي اشرنا إليه.
ثم (ويَمَحَقَ الكافرين).
ومن عجب أنّ المحنة هي المحنة، والضرّاء هي الضرّاء، ولكنها (تمحيص) للمؤمنين، و(محق) للكافرين.
إن النار هي النار، ولكنها تصفّي الذهب وتنقّيه، وتحرق الخشب، ولا اختلاف في النار، وإنما الاختلاف في ما تتعرض للنار، فتحرق الخشبة وتصفي الذهب .
(وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ).
هذا كله في الدنيا، وهو الشطر الأول من حياة الإنسان، والشطر الزائل المحدود منها.

وإما في الآخرة، وهي الشطر الثاني من حياة الإنسان، والشطر الباقي والكبير ... فان الإنسان لا ينال الجنة في أيام اليسر والعافية، وإنما ينالها في أيام الضراء والبأساء، وفيما تتطلبه هذه الأيام من جهاد وصبر على الأذى ومسّ القروح والجروح.

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ، وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)، آل عمران/ 142.
إنه تصور ساذج وبسيط للجنة، وللأعمال الصالحة التي تدخل الإنسان الجنة، فلا يكاد ينالها الإنسان إلا بالصبر على الأذى ومسّ القروح ومقاومة الأعداء والإخلاص لله، والإقبال عليه تعالى ... ولا يتم ذلك كله إلاّ في أيام البأساء والضرّاء.
ثوري حر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-04-30, 11:49 PM   #2
%الوحيد%
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-10
الدولة: الجنوب العربي المحتل
المشاركات: 1,968
افتراضي

ونعم بالله وان ينصركم لا قالب لكم ص

جزاك الله خير وعلى هذا الطرح الذي كان فيه كثرة الاستشهاد بالقران
__________________
من كوخ طلاب الحياة
كوخ الوجوه السمر شاحبة الجباه
يتصارع الضدان
لا المهزوم يفنى، لا وليس المنتصر ضامن بقاه

الجنوب العربي وطني
%الوحيد% غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-04-30, 11:56 PM   #3
ثوري حر
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-21
المشاركات: 1,154
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة %الوحيد% مشاهدة المشاركة
ونعم بالله وان ينصركم لا قالب لكم ص

جزاك الله خير وعلى هذا الطرح الذي كان فيه كثرة الاستشهاد بالقران
ياخي نحن من امة محمد عليه افضل الصلاة والسلام بس ريت ان الاخوه ينسون ان نصر هو من عند الله فحبيت ان ادكر من غفل عن دلك ودمتم لنا بحب اخي وحيد.
ثوري حر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-05-01, 12:01 AM   #4
ذيب الليل
قلـــــم فعـــّـال
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-05
المشاركات: 840
افتراضي

النصر طبعا من عند الله اولا واخيرا ولاكن لن يكون هناك نصر لنا الجنوبيين على الاحتلال الهمجي المتخلف الا بالبنادق
ذيب الليل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-05-01, 12:37 AM   #5
ثوري حر
قلـــــم فضـــي
 
تاريخ التسجيل: 2010-04-21
المشاركات: 1,154
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذيب الليل مشاهدة المشاركة
النصر طبعا من عند الله اولا واخيرا ولاكن لن يكون هناك نصر لنا الجنوبيين على الاحتلال الهمجي المتخلف الا بالبنادق
من قال لك ان ترك بندقيتك وثاني بالله عليك كيف الموضوع دعني اشرح لك الموضوع يتحدث عن الاخلاص بلنيه مع الله قبل اي معركه فهناك اناس يقولون ان كيف نقاوم جيش مسلحه بجميع الاسلحه وكيف سنتصر عليهم فكان جوبي وجوب جميع المومنين بقدرة الله وهو بخلاص لخالقه لقوله تعالي (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ
ثوري حر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لماذا نطلب الانفصال ..! @نسل الهلالي@ المنتدى السياسي 3 2012-05-29 04:44 AM
الله ما اطعم حلاوة النصر . . هل تودون أن تتذوقوا حلاوة النصر أيها الثوار الجنوبيين ؟ الكازمي الجنوبي. المنتدى السياسي 4 2011-03-12 11:37 PM
لا نطلب اي مقابل او حتى ثناء نطلب حفظ كرامتنا فقط صقر الجليلة المنتدى السياسي 24 2011-01-22 08:27 PM
اقتراح وطلب من الاعضاء ...!! ibn yaf3 المنتدى السياسي 34 2009-07-04 04:10 PM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر