ثورة الجنوب التحررية وفلسفة المنهزمين الجنوبيين

[رائد الجحافي]

كتب/ رائد الجحافي
ماذا يشهد الجنوب منذ سنوات؟؟ أليس الجنوب يرتج من أقصاه إلى أقصاه إذ بات يحوي ثورة بكل ما لهذه الكلمة من مدلول ومعان، الجنوب الذي تتصاعد فيه انتفاضة شعبية واسعة تتمدد اتساعا وتزداد قوة من وقت لآخر، الجنوب يشهد ثورة فجرتها إرادة وقناعة هذا الشعب الذي فقد حريته وحقوقه وكرامته، الذي فقد كينونته، الذي أضاع وطنه الجميل، وبات لا يسكنه لأن قوم جديد هم الغزاة استبدلوا كل مفردات الوطن وسخروا كل ما فيه لهم فقط دون سواهم، هذه الثورة التي وقودها آلاف الشهداء والجرحى انطلقت بقوة وصبر وصمود الإرادة عنوانها والقناعة أساسها والإيمان بعدالة قضية الجنوب سندها المتين، ثورة تستمد من شموخ جبال ردفان وشمسان سمو فضيلتها، ومن بحر العرب أسرارها العميقة، ثورة وايما ثورة كهذه صامدة أمام أعتى الأمواج والأعاصير، صامدة رغم المؤامرات والألاعيب، رغم الضغوط ورغم الحصار ورغم المعاناة ورغم دول الطوق الخليجي، هذه الثورة التي جاءت إلى الوجود لم يكن مجيئها قد اوجدته حاجة بعض القوى أو أطراف خارجية كانت أو داخلية ولم يكن ظهورها وفق حرب المصالح او مناكفات سياسية أو حزبية كتلك السياسات التقليدية للمعارضة خصوصا في بلدان العالم الثالث، لم تكن هذه الثورة مجرد ردة فعل انتقامية من شخص او جماعة لسبب ما، بل ثورة بالفطرة أكتملت فيها عملية نمو عناصرها التي ظهرت مجتمعة منذ الوهلة الأولى، وأمر طبيعي أن ترافق هذه الثورة بعض الأشياء الغير مستحبة والتي قد تأتي بها حاجة الطرف المتظرر من الثورة، او تظهر في فصول ذوي النظرة القاصرة، أو من خلال أولئك الانهزاميين الذين تربوا على ثقافة الكسب الذاتي والمصلحة الشخصية، ولعل جميع هذه الألوان رافقت ثورة الجنوب ولا تزال وربما تتغلغل في عمق هذه الثورة التي باتت لا تؤثر فيها الضربات انما تزيدها قوة وتفجر طاقاتها فتتصاعد نحو سلم تصاعدي لا عد عكسي له، وان وجد ارتداد فهو ليس إلا صدى مرتجع يأتي ليوقض المزيد من الهمم ويشعل نار الغيرة على الوطن المسلوب.
في الأونة الأخيرة وتحديدا هي الأيام الراهنة نسمع أصواتا جنوبية هنا وهناك، أصواتا غير مألوفة بل قل أصوات نشاز وهي كذلك نشاز، تكاد تشهق انفاسك شهقتها الأخيرة حينما تسمعها من افراط السذاجة التي يظهر عليها اصحابها، وقد لا تكون السذاجة صفة لأولئك لأنهم يفكرون بتلك العقليات بل يمكن ان تطلق عليهم سذجاء لأنهم يزعمون أن باستطاعتهم خداع شعب الجنوب بتراهاتهم تلك، لكن هيهات ان تنخدع ثورة مكتملة، شعب عاصر الحقيقي واعتصره الواقع المؤلم، شعب يعي ويؤمن ويدرك تماما ما يقوم به، ويواصل هؤلاء المنهزمون او قل ضعفاء النفوس محاولاتهم في ضرب ثورة الجنوب واعاقة تقدمها، وكلما بدأ لهم أنهم قاربوا من ساعة ضرب هذه الثورة يتفاجأون باتساع رقعتها ودوي صوتها القوي، فيلوذون بهلعهم وخزيهم ويعاودون اختلاق المبررات تلو المبررات، هذا يدافع عنهم (سياسة تكتيك) وذاك يروج لمبرراتهم المرتعشة الضعيفة، لكن هؤلاء الذين تشبعوا بفلسفة المصلحة الضيقة والآنية، يزداد غبائهم عندما يعاودون رمي قذاراتهم ولا يعتبرون من السوابق دروس لهم، او حتى يشعرون بحقيقة الواقع الذي باتوا يعيشونه، لأنهم ان وقفوا مع أنفسهم في مصارحة الذات وفتحوا أعينهم على حقيقة الواقع لأكتشفوا أنهم باتوا وخرافاتهم في مزبلة التأريخ.
لكن وإذ نقف لتناول هكذا صور نهمس في أذانهم ان يرجعوا إلى واقع الجنوب والفرصة لم تنته بعد، أن يتوبوا ويبدوا حسن نواياهم تجاه وطنهم وان يلحقوا بركب الثورة وقد خلعوا ثياب الذل والعار، أما دون ذلك فثورة الجنوب لم ولن يعيقها أحد مهما كانت قوته او بلغ دهاء مؤامراته، ثورة الجنوب باتت تسكن قلوب ملايين الجنوبيين ومنها تنمو وتنمو فتتفرع أصولها لكنها لا تقبل التشتت، ولن تنته إلا بإبادة كل جنوبي وازاحته عن الوجود فهل بمقدوركم عدم الإبقاء على أحد عندها تتحقق أمانيكم أما دون ذلك فيستحيل القضاء على ثورة شعب الجنوب.

[جرح الكرامة]

طرح رائع وموفق بارك الله فيك يارئد الجحافي

[جنوبي عربي حرا]

مقال رائع من مناضل شاب يستحق التقدير والاحترام