خطاب الرئيس ..إعلان فشل بشكل أسوأ...

[الهااشمي]

بات الرئيس عاجزاً عن عمل شيء لمواجهة سوء إدارة البلاد..!! ويبدوا أنه قرر أن يعترف بالأمر أخيرا، لكن مع محاولة تخويف الشعب من المصير الذي سيئول إليه إذا ما قرر أن يرفض هذا الفشل الكبير، ويواجهه، ذلك عبر التخويف بـ"الصوملة". لم يقل الرئيس في خطابه غير الحصيف في مهرجان الحسينية، أن بلادنا الحبيبة تقاد نحو "الصوملة"، بفعل السياسة الفاشلة لحزبه. إن ما حاول أن يسوقه بعيد عن تلك الحقيقة. لا يعقل التلويح أن المعارضة - التي يتهمها هو بالضعف - يمكنها أن تقود البلاد إلى أي شيء. أحداث التاريخ تقول أن القادة هم من يقودون بلدانهم نحو الخير أو الشر. نعم قد نتجاوز القول أن الشعب انتخب حزب الرئيس لقيادة البلاد، دون التعريض بالطرق التي فاز بها.. !! لكن هل كان الشعب الذي انتخب الرئيس وحزبه لإدارة البلاد، ينتظرون من الرئيس خطباً تقول أخرها "اللي مش عاجبه يشرب من ماء البحر"..!! في خطابه ذاك زاد الرئيس من سعر كيس الدقيق. ويبدو أنه يقود التجار إلى تحديد سعره بـ (7000) ريال خلال الأيام القادمة..!! ربما كان الرئيس يلتزم التعليمات الاستشارية لتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة، لكنه في السياق اعترف بفشل حكومته وعدم قدرتها على إعادة أو تثبيت الأسعار،. لقد جانب الصواب في استخدام هذا الأسلوب من المواجهة، إذ لم يفصلنا عن آخر وعد له بإصلاح الأوضاع وإعادة الأسعار إلى عهدها سوى شهر وبضعة أيام. قبل أن يغادر في جولته الأوروبية ( 28-31 يناير الماضي ) قبل الأخيرة، والتي زار فيها أسبانيا وبلجيكا، عقد اجتماعاً موسعاً لقيادة محافظة الحديدة. وهناك تحدث –يوم مغادرته إلى أسبانيا- عن تحسين الأحوال المعيشية وتحقيق الاستقرار والأمن الغذائي. وقد أكد أن موجة ارتفاع الأسعار لن تستمر طويلا, وقال أن هناك توقعات تقول إن هذه الموجة العالمية ستنتهي في شهر يوليو من العام الحالي لعدد من السلع. الجدير بالإشارة أن خطاب الحسينية بقدر ما مثل اعترافاً بالفشل، فإنه دل على تحول في السياسة : من التهدئة إلى المواجهة وقلب الطاولة على الجميع. هناك من يرى أن ظروف الأمس القريب التي جعلت الرئيس يلعب بورقة الوعود لتهدئة الغضب الشعبي، لم تعد كما هي اليوم بعد أن بات واضحاً أن التيار الذي ينادي بإنفصال الوطن كشف أوراقه مع السلطة في مواجهة أحزاب اللقاء المشترك كهدف موحد ضد أصحاب المشروع الأكبر في البلاد. وليس هناك أدل على هذا ما حدث الخميس الماضي في محافظة الضالع، ضد أحزاب اللقاء المشترك ثم ما تلاه مشابهة : هجوم الرئيس على المشترك بعد يومين من تلك الحادث..!! هناك من يدفع بالوطن نحو "الصوملة" عبر رش الأجواء الملبدة الغيوم بمبيدات سامة لتطال الجميع، عوضاً عن التهدئة لتنقشع تلك الأجواء. على أن ما يبعث على الارتياح هو موقف أحزاب اللقاء المشترك في كلا الواقعتين. لقد التزمت أحزاب المشترك موقفاً وطنياً ومسئولا، حين رفضت مجاراة أولئك النفر من الناقمين على الوطن بفعل القيادة السياسية. كما رفضت التمترس خلف خطابات التأزيم بالرد على اتهامات رئيس الجمهورية. وكما يبدو فقد أدركت قيادات المشترك أن مخططا ما يدار في الكواليس لإحداث هزات عنيفة في البلاد، قد تؤدي إلى "الصوملة" المبشر بها من قبل القيادة السياسية، سيما وأن هذه الأحداث والتصريحات تأتي بعد أسابيع قليلة من تصريحات الدكتور عبد الكريم الإرياني – مستشار الرئيس السياسي – لوكالة "رويترز" التي أكد فيها أن البلاد قادمة على ماهو أسوأ..!! - في مثل هذه الهزات الكبيرة التي تمر بها البلاد بفعل الإدارة السياسية اللامسئولة (إلا عن مصير أسرها وعصبتها المقربة)، تكون لأحزاب المعارضة الوطنية، أدوار ومسئوليات تاريخية تلتزم بها حتى وإن كان ذلك على حساب تحقيق أهدافها المشروعة وإضعاف قوتها وسيطرتها على الشارع. يمكن القول أنه كان من الأفضل للرئيس حينما يعلن فشل حزبه في إدارة البلاد، أن يعلن استقالته وحزبه من الحكومة. وهذا ما يمكن تسميته بالوطنية الشجاعة، وهو أمر مستبعد، أثبتت الخطابات أن الأمور تسير بعكسه تماماً لكن هناك من يرى أن الأفضل:أن يخطط سلفاً، حينما يعلن عن فشل حزبه في إدارة البلاد بأن يدعو الجميع إلى إنقاذ الوطن، ويدعو القوى السياسية الفاعلة إلى حكومة إنقاذ وطني. غير أن خيارا ثالثا – وهو الأسوأ - كان مسيطراً على خطاب الرئيس في مهرجان الحسينية بالحديدة السبت الماضي، حين جعل الخيارات مستحيلة إلا خيار واحد هو خيار الفوضى وتحويل البلاد إلى "صومال" أخرى. ماذا بعد أن يخير رئيسا ما شعبه بقبول سياسات فاشلة أو "الشرب من ماء البحرين: الأحمر والعربي"..؟ وماذا بعد أن يتهم رئيس ما بلده بوجود "طالبان"..؟! بعد أن ظلت حكوماته المتلاحقة تحاول أثبات العكس لتلقي الدعم الخارجي..!! -هل يبدو من الأفضل للمعارضة أن تقبل بخيار حرية الرأي والتعبير، وأن عليها أن تترك للنظام قول ما يشاء حتى وإن كانت المعادلة هنا مختلة..!!؟ شريطة أن يفسح لها النظام تلك الحرية بشكل أفضل.. أم أن عليها أن تنجر وراء تلك البالونات المنتفخة وتحقق للنظام رغبته في السير بالوطن نحو الفوضى الخلاقة. وأخيراً هناك من يعتقد أن نتائج انتخابات باكستان الأخيرة (التي فازت فيها المعارضة بقوة) ستظل حاضرة كمصير حتمي مؤلم للنظام القائم في الانتخابات القادمة (ابريل 2009) وهو ما يدعوه إلى محاولة الهروب من ذات المصير عبر اللجوء إلى تكريس استخدام أسلوب قتل المثل العليا بتشويه مشروع الإنقاذ الوطني القادم