يا شيخ طارق وقف على جنب!

[أبوزيد الضالعي]

أبوزيد الضالعي

منذ ظهوره فجأة مدعيا انضمامه إلى صفوف أبناء الجنوب نافياً أن يكون ممن يعشقون هواية ركوب الأمواج، كان وما زال الشيخ طارق مثار جدل كبير بل ربما أكاد أجزم أن هذا الشخص يخفي خلف مواقفه نوايا لا يعلمها إلا الله سبحانه. فمن جبال أفغانستان إلى أحضان المؤتمر الشعبي العام ونهب أراضي الجنوب ومصاهرته لبيت الأحمر وسعيه الدؤوب إلى الكسب السريع بشتى الوسائل والطرق، جاء أخيرا ليتحفنا بأنه الفارس الهمام والذي ستتكسر تحت أقدامه عروش المحتلين.

بنظرة سريعة نستطيع أن نستقرئ ما شهدناه من شيخنا منذ انضمامه إلى الحراك قبل نحو عامين من الآن. فأول شيء فعله الشيخ طارق هو مغازلة الرئيس علي سالم البيض والتودد له والسبب لا يخفى على أحد فهو أراد أن يصعد من القمة وأن يكون في مصاف القادة لاسيما أنه ابن سلطان ولا يليق به إلا أن يكون قائدا. والشيخ طارق لا غبار عليه من هذا الجانب فهو يمتلك مقومات القائد وطموحات القيادة ولكن ينقصه أبرز سمات القادة. فالقائد لا يكون كذلك إلا بعد أن تكون له صولات وجولات وبعد أن يدخل معترك حياة الناس بل عندما يكون في مقدمة الصفوف، لا أن يعتكف من أول يوم ويهادن ثم يختبئ في جحره طوال هذه المدة بحجج واهية لا تنطلي إلا على خفاف العقول.

صبرنا كثيرا وانتظرنا وعذرناه حتى يئسنا من صبرنا. رفع العلم الأمريكي فقلنا معليش فالشيخ يريد درء صفة الجهادية عنه وربما من باب "الولاء والبراء" أراد الشيخ أن يرضي الحكومة الأمريكية لتتعاطف مع الشعب الجنوبي وأن لا تربط حراكه بالإرهاب القاعدي وهذا من باب حسن الظن منا بهذا الشيخ الجليل! تمر الأيام ولا نرى من الشيخ إلا تصريحات هوجاء وبيانات لا تدل إلا على مراهقة سياسية بعيدة كل البعد عن الحنكة المطلوبة من رجل قيادي ينتظر منه الكثير. فلا الشيخ بالقائد الميداني الذي ينزل بين الناس ويقود المظاهرات ويسير المسيرات، ولا هو بالقائد السياسي صاحب البيانات المزلزلة والمواقف الحاسمة. ضقنا به ذرعا ولكننا آثرنا الصمت مادام أن القائد باعوم راض عنه والإخوة في المجلس الأعلى للحراك متفقون معه ولم يصدر عنهم شيء يظهر تبرمهم منه أو امتعاضهم من حياده السلبي وهدنته التي أبرمها مع الاحتلال اليمني وكأنه دولة لوحده وحراك مستقل بذاته!

أما الآن وبعد هذا التصريح وفي هذا التوقيت بالذات فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى يا شيخ طارق. هل ساءك يا شيخ أن رأيت قادة الحراك يتبرؤون من الحزب الاشتراكي والذي كان شماعتكم في حرب 94 ضد أبناء جلدتكم؟ أم أنه قد ساءك أن رأيت بيانا مشتركا بين الرئيس البيض والقائد باعوم والذين نسوا أن يضيفوا اسمك إلى بيانهم! هل الآن يا شيخ ونحن في أمس الحاجة إلى وحدة الصفوف وتوافق الآراء وتقارب المواقف تأتينا لتسجل هذا البيان الأرعن والذي لا يتفوه به إلى من يريد دق إسفين بين أبناء الشعب الواحد. ماذا تعني بحرق أعلام الدول الأجنبية؟ بل ماذا تقصد بحرق صور الأولين والآخرين؟ وفي مصلحة من تصب هذه الأعمال الارتجالية والغير محسوبة؟ أنا ضد أن نقوم بحرق حتى علم الجمهورية اليمنية وذلك على الأقل من باب احترام بعض أبناء اليمن بغض النظر عن نضالنا ضد قيادتهم المحتلة لأرضنا وجيشهم الذي يعيث في أرضنا الفساد. فمشكلتنا ليست مع الأعلام أو الشعارات وأنا أربوا بحراكنا السلمي الحضاري عن مثل هذه التصرفات السلبية والتي لا تضيف شيئا إلى قضيتنا، والمسألة في النهاية ليست حرب أعلام وشعارات أو حتى بيانات، إلا إذا كان هناك يد دخيلة تريد جر نضالنا إلى هذه الترهات ووضعنا في دوامة لا نهاية لها من الاختلافات والصراعات والتي سوف تعيدنا دائما إلى المربع الأول لنبقى عاجزين كمن يحرث في الماء!

أخيرا لا أملك إلى أن أطلب من الشيخ طارق العودة عن بيانه هذا وأن يظهر حسن النية وذلك بأن يكون منطويا تحت قيادة المجلس الأعلى للحراك يصيبه ما يصيبهم ويجري عليه ما يجري على الجميع. هذا إن كان يزعم حقا أنه مواطن جنوبي كما ذيل بذلك بيانه، وأرجوا أن لا يكون قد فعل ذلك من باب ذر الرماد على العيون. أتمنى أن لا يصبح الشيخ طارق مطرقة الاحتلال لدق مسامير نعش حراكنا الجنوبي وأن لا يكون معولا لهدم ما بناه شعب الجنوب في السنوات القليلة الماضية، وعلى الشيخ أن يعلم أن الحراك قام من قبله واستمر بدونه وسيبقى به أو بغيره شاء من شاء وأبى من أبى.