عندما يسحب الشعب شرعيته

[الفجر الجدديد]

الأساس في الحكم أنه رعاية شؤون الناس والسهر على مصالحهم، وقمتها تتجسد في حماية أرواحهم وممتلكاتهم . وحينما يصبح استمرار السلطة رهناً بإزهاق أرواح الناس، تفقد حينذاك شرعيتها لأنها لم تعد قادرة على الوفاء بالحد الأدنى من التزاماتها لمواطنيها . وحينما تفقد السلطة، أي سلطة، شرعيتها فإنه لا يمكنها الاستمرار في الحكم، والأخطر أنها تعرض البلاد إلى مخاطر خارجية ناهيك عن عدم الاستقرار الداخلي .



وما حصل في ليبيا مثال كلاسيكي على فقدان الشرعية التامة من قبل النظام، فكيف بنظام يدّعي أنه يقوم على رضا الناس يستعمل الطائرات والدبابات وراجمات الصواريخ من أجل أن يذعنوا لحكمه؟ مثل هذا السلوك سيقود في حال نجاحه إلى أن الحاكم يحكم بلاداً فارغة من أهلها .



ما يحصل الآن في ليبيا، أن النظام استدرج بسلوكه التدخل الخارجي وهو سيعجل بزواله، لكن الثمن سيكون باهظاً لليبيا والشعب الليبي ومقدراته، وستكون لذلك تداعيات خطيرة لسنوات مقبلة .



لقد فوت النظام في ليبيا أكثر من فرصة للرحيل بأقل الكلف، أولاها حينما سيطر الناس على المدن الليبية، والثانية حينما استقر الرأي في الجامعة العربية على أنه لم يعد يمثل ليبيا، والثالثة حينما توصل المجتمع الدولي إلى هذه القناعة .



في كل حالة من هذه الحالات كان يمكن للنظام أن يبحث مع الخارج لمساعدته على التواري، لكن السلطة أعمته عن حقيقة أن النفق مغلق في نهاية المطاف، وأنه كان بالإمكان الخروج منه في بداياته وليس في نهاياته . ولا تزال هناك فرصة للتواري، والاستمرار في تحدي إرادة الداخل والخارج قد يعطل وقت الرحيل لكنه لن يلغيه، وإن كان سيرتب أضراراً كبيرة على البلاد وعلى النظام نفسه . ولأننا نحب ليبيا ولأننا نبتهل ألا تلحق الأضرار بشعبها الذي هو شعبنا، نأمل أن ينزل الإلهام على قلب النظام حتى يتخذ القرار الصحيح حتى إن كان متأخراً .



واليمن الذي نرجو أن تعود إليه السعادة، أخذت الأمور فيه بالتفاقم وأصبح قتل الناس سهلاً، وهو أمر يقود البلاد إلى مداخل ليس فيها حسن وإن كان بعضها أقل ضرراً من البعض الآخر . ومن يتمعن في الخريطة السياسية فيه يجد أن السلطة بدأت تتشرذم لأن الكثير من الملتحقين بها بدأوا يشعرون بمخاطر السياسة القائمة على التحدي لإرادة الناس .



والخوف كل الخوف أن تنزلق الأمور إلى ما وصلت إليه في ليبيا . وحينما تصبح كذلك، فإن التشرذم لن يكون النتيجة الوحيدة لأنه سيستولد التدمير والقتل . فهل هناك من عاقل ينهي حياته السياسية بتحويل بلاده إلى خراب؟

افتتاحية الخليج الاماراتية