يا عقلاء الحراك … اعقلوا فضل مبارك

[علي المفلحي]

يا عقلاء الحراك … اعقلوا

فضل مبارك

‫* قالوا ( عاد الجنان يشتي عقل ) ومش كل من حاول يجنن ينجح في حلمه ومشروعه ..



وهكذا فانه مع الحالة التي وصل لها الحراك الجنوبي من التشظي المتزايد يوما عن يوم ،، واتساع دائرة التنافر والتباغض ،، واصدار تهم التخوين والبيع التي توزع هنا وهناك ،، فان الوضع الجنوبي قد اصبح يرثى له وتدعونا حالته الى الترحم على القضية الجنوبية والاقرار في ضل هذه المعطيات المتراتبة والمتراكمة بان قضية الجنوب وحلم شعبه قد وأدت وقبرت بيد هؤلاء ممن يسمون انفسهم قادة وانهم قد استلموا العزاء فيها بل واستلموا التعويض ومكافأة الدفن ..

وصلت الى هذه النتيجة بعد مراقبة ومتابعة طويلة من خلال شواهد عديدة وسلوكيات متعددة طاغية على المشهد الجنوبي يقوم بها من نصبوا انفسهم قيادات او ممن قام البعض من الشارع الثائر بعمل منهم زعامات دون وعي او ادراك او بظن انهم سيقدمون المفيد للقضية .. وضل هذا الشعب الجنوبي المسكين ينضحك عليه وهو لا يدرك حقيقة ما يجري وتقوم به تلك القيادات والزعامات .

بطواعية وبحماسة عالية منقطعة النظير يتدافع ابناء الجنوب من اصقاع الارض داخل اليمن وخارجه تلبية لكل دعوة في اقامة فعالية هنا او هناك .. يحملون باليد اليمنى ارواحهم واكفانهم وفي اليد اليسرى يحملون صور الديناصورات في مشهد عبثي لا يدركون ابعاده ، لكنه مؤلم ومؤلم جدا لمن ينظرون بعين متبصرة مجردة من اي انحراف سياسي او مناطقي وباحثة عن افضل مشرق للقضية ،، فتلك القيادات والزعامات لا يهمها جنوب ولا تبالي بمعاناة شعب بقدرما تستثمر اللحظة للتكسب والارتزاق . وتحقيق اطماع ومكاسب شخصية ،، والدليل ماذا قدمت هذه القيادات طوال سنوات سوى مزيد من التفرقة بين ابناء الجنوب والتخندق والتشيع هذه المجموعة لهذا القائد وتلك المجموعة لهذا الزعيم . ودليل اخر ما الذي يمنع تلك القيادات والزعامات من الجلوس والتحاور على طاولة الجنوب بدون شروط او املاءات مسبقة فيما بينهم . وفي سبيل الوصول او الاقتراب من الاهداف المشروعة لماذا لا يقوم كل طرف بالتقدم خطوة نحو الطرف الاخر للالتقاء في منتصف الطريق على قاسم مشترك ؟ . أليس كلهم يتغنى بالجنوب والكل يدعي انه حريص على القضية وحق الشعب ، ويزعم هؤلاء ان لا مصالح ولا مآرب شخصية تدفعهم سوى قضية الجنوب وتحقيق احلام شعبه ،، اذن اين تكمن المشكلة ؟ ولماذا هذا التنافر المقيت ؟ واين اوجه الاختلاف بينكم ايها القادة والزعامات ؟. دعوا تفاصيل التباين في وجهات النظر مرحلّة لقادم الايام وهي كفيلة بتذويبها ، واشرعوا في السير معا يدا بيد وصفا واحدا في القضايا الجوهرية المتفق عليها ان كانت نيتكم صادقة وصافية ، لكنه يبدو انكم تبطنون غير ما تعلنوه في خطبكم وتصريحاتكم ،، يتجلى ان ما تقولونه في الخطب والتصريحات انما لدغدغة مشاعر الشارع المتوثب لكي يهتف باسمكم في الفعاليات وحتى تحصوه ضمن ارقام اتباعكم ومناصريكم التي تتحاججون بها في عملية التنافس بينكم للسيطرة على الشارع ،، اما حقيقة ما في باطن نفسياتكم فهو على العكس والنقيض من ذلك .

ان العمر قد بلغ بكم جميعا ارذله واصبحتم على شفاء القبر ، ولذلك فان النصيحة لكم واجبة وان كانت تاتي من شخص يصغركم سنا ،، واقول لكم : اجعلوا ختام حياتكم مسكا والتقوا على كلمة سواء ، تبيضون بها صحائف اعمالكم السوداء في هذا الوطن والشعب ،، او احسن من ذلك ان لم تقدروا على الالتقاء والاتفاق ، ان تنزووا عن المشهد السياسي لانكم اصبحتم عبئا عليه ،، وان تتركوا قضية الجنوب يحملها من هو جدير بها ومن هو اصلا يعيش واقعها المر وحلمها القادم من جيل الشباب ،، وانصحكم ان تختاروا لكم ركنا في الحرم المكي او في احد بيوت الله للدعاء والاستغفار والصلاة ، ولا شك ان ما تملكتوه خلال بسط سيطرتكم على قضية الجنوب كفيل بان يخلق لكم ولاولادكم حياة ومعيشة كريمة .

لقد عاصرت مسيرة الحراك الجنوبي منذ ارهاصاته الاولى وقبل ان يولد بصيغته المتعارف عليها ، اي منذ فعاليات جمعية المتقاعدين العسكريين ، وايقنت واقتنعت بعد تلك المعايشة بان الحراك الجنوبي خلال مسيرة نضاله للفترة ( 2007 وحتى 2009 ) وقبل ان تخرج القيادات والزعامات من اوكارها المختلفة . كان الحراك يسير في الاتجاه الصحيح ، وبدات بوادر الوصول الى تحقق مشروعية اهدافه واخذت تبرز قيادات ميدانية شابة ونظيفة ، لكنه بظهور تلك القيادات ( التاريخية المعتقة ) التي اخذت تستجر ماضي صراعاتها وسخافاتها في مراحل الصراع السياسي الجنوبي ، بدات مسيرة الحراك تنتكس واخذت قواه في التشظي والانجرار في عمليات نشر الغسيل والمكايدة والتربص وتسهلت عمليات الاختراق وضاعت ووآدت تلك القيادات الشابة التي خلقتها ساحات النضال وصهرتها ميادين البذل والعطاء ، الامر الذي اضاع فرصا لا تحصى ولا تعد ضهرت امام القضية الجنوبية دون ان يتم استغلالها والاستفادة منها للوصول الى الهدف المرتجى .

يا جماعة الخير لقد بلغت القلوب الحناجر من سواءات هذه القيادات ،، بلاه عليكم ماذا يعني ان يسارع طرف الى الاعلان عن تشكيل ما سماه ( جبهة وطنية ).. فيما كانت هناك جهود تبذل وتتواصل مع ذات الطرف لعقد ما اطلق عليه (المؤتمر الجامع ) وحصلت على موافقة هذا الطرف ،، ألم يكن ذلك بهدف خلط الاوراق والتنصل من الموافقة على التقارب ، وكيف نفهم الدعوة هذه الايام الي ما قالوا انه ( جبهة انقاذ ) فيما هناك على ارض الواقع تناحر وتنافر بين انصار ( الجبهة الوطنية ) وبين اتباع ( المؤتمر الجامع ) ، الا يخلق هذا الدخيل الثالث ( المنقذ ) شرخا جديدا ويعمق هوة الفرقة والانقسام بما يمكن ان يحمله من اصطفاف واتباع جدد ؟؟ ألم يكن الاولى والاجدر ان يشكل ممن يدعون الى مشروع الانقاذ ( محضر خير ) ويعملون على رأب الصدع بين الجبهة والجامع ان كان هناك فعلا حرص يتمتعون به على الجنوب وقضيته ، لان المسعى لخلق مشروع جنوبي ثالث يعني النأي والابتعاد عن القضية وتبديد الجهد والوقت والطاقة في غير محلها مع ان الامر لن يتوقف عن هذا الثالث بقدرما ستبرز غدا خطوط استثمار اخرى للقضية الجنوبية .

انها دعوة صادقة الى عقلاء الحراك الصامتين في الساحة الجنوبية وهم الاغلب ، انه في ضل هذا التلاطم الصوتي الفاضي من المضمون ان عليهم ان يصرخوا ويرفعوا صوتهم عاليا ويقولوا لهذه القيادات ( كفى ) وان يعقلوا وان لا ينساقوا خلف هذا هذا العبث الذي يحيق بالجنوب واهله حتى لا يلعنهم التاريخ غدا ،، باعتبار ان الساكت عن الحق شيطان اخرس ، وحاشا ان يكونوا كذلك