رسالة إلى صديقي الانفصالي ( قديم / جديد)

[شيخ على ساس]

رسالة إلى صديقي الانفصالي


الاستاذ / لؤي يحيى الارياني

ابشع والعن اشكال الانفصال ان تخسر صديقا لمجرد انك شمالي... ان تجده يتسرب من بين يديك مثل ما يتسرب الرمل من بين يدي طفل صغير, ان تجد ان صديقك ينظر اليك بشك, يلقي لك بكلمة مازحة , الا انها مليئة بالقسوة, مع الوقت تجده لا يرد عليك, يناديك دائما ب " يادحباشي" متبوعة بضحكة قصيرة, ثم مع الوقت يناديك بها دون ان يتبعها بضحكة...ابشع انواع الانفصال ان تشارك صديقا احلاما وطموحا وافكارا, تقضيان معا ساعات طويلة تتناقشون بكل حماس الشباب عن كل قضايا الوطن, تلقي بكل انتقاداتك بكل جراءة في وجهه فياخذها منك وكأنها هدية غالية, لتجده فجاءة غريب عنك متناسيا تماما لافكارك وارائك, تجد نفسك مضطرا لتذكيره انك تتفق معه في الرأي, ينظر اليك شزرا نافيا تماما امكانية ان يشاركه "دحباشي" افكاره, وان وجهت له انتقاد تريد به مصلحته انفجر في وجهك متهما اياك بانك لا تفهم الظلم الذي يتعرض له كجنوبي.

اكتشفت مساء احد الايام, بان براميل الشريجة اعيدت, ونصبت اسلاك شائكة لا يمر منها احد, ولكنها نصبت بين النفوس والقلوب, اكتشفت ان الناس ودون ان تشعر تباعدت.... ضحكاتهم في وجوه بعض اصبحت تحتاج لاستخدام البوصلة وتحديد الجهات الجغرافية قبل اطلاقها, اصبحنا بحاجه الى ان نشهر بطائقنا الشخصية قبل ان نلقي السلام, اكتشفت اني لو رددت مع فيروز اغنيتها ردني الى بلادي اني بحاجه ان اوضح ايهما اعني !!!

دعوني اتحدث بصراحة..بألم ولكن بصراحة...حديث بعيدا عن السياسات العليا والقضايا المعقدة..انا لا استطيع ان ازور عدن!!.. اعرف ان البعض سيقول انني مبالغ وان بامكانك زيارة عدن بكل بساطة, والطريق موجودة والمطار مفتوح,الا اني لا استطيع ان ازور عدن لاني لا استطيع تحمل نظرات الناس هناك... انا لا استطيع ان اسكن اليوم بشكل دائم في مدينة جنوبية, انا لا استطيع ان اضع عيني في عين زميل في العمل من الجنوب وتعرض لظلم معين هو مقتنع تماما بانه تعرض له لانه جنوبي.

انا لا استطيع ان ارشف الشاي العدني في اي مقهى في عدن دون ان ارى كتابات على الجدران تقول لي بشكل واضح باني غير مرحب بي هنا! ولانني كمواطن عادي لا استطيع ان اقوم باي من هذه التصرفات التي يفترض انها عادية جدا اريد ان اطرح هذا السؤال على كل قادة بلادي, قادتها السياسيين و الاجتماعيين والثقافيين والاقتصاديين, وعلى النخبة " ان كنا نملك شيئا كهذا" هل لا زلنا بلدا واحد حقا؟

تتوالى اسئلتي التي اريد ان اجد لها اجابة صادقة, الا تعتقدون اننا اخطأنا بحق الجنوب؟ ان الجهود يجب ان تبذل بقوة لفهم بعضنا البعض, لمعرفة الاخطاء التي حدثت معرفة دقيقة, ومعرفة تكون بغرض المعالجة والاعتذار والاحترام؟ الم يحن الوقت لان يقف كل قادة البلاد امام الشعب باكمله ليعتذروا, الم يحن الوقت ان نفهم اخوتنا, وان نحترم افكارهم, الم يحن الوقت للجميع بان يشعر بمعنى المواطنة المتساوية؟ الم يأتي الوقت لحسم القضايا الوطنية الكبرى, الم يحن الوقت لمعالجة المرض الحقيقي بدلا عن اخذ المسكنات للصداع الذي يتسبب به؟

صديقي العزيز, كتبت هذه السطور لا لأعبر عن مشاعري فقط ولكن لأعبر عن مشاعر الكثيرين, مشاعر بعيدة تماما عن السياسة وتعقيداتها ...ستضل صديقا عزيزا وارفض ان احتاج تأشيرة دخول لقلبك قبل ان القي عليك تحية او اتبادل معك حديث صافي, ستظل اخي الذي يجمعنا هم واحد وقلق واحد وامل واحد, حتى وان رفرفت فوق رؤوسنا عشرات الاعلام المختلفة, قد تنشد النشيد الذي تحبه, ولكننا سنظل سوية ننشد نشيد الحرية والاخوة والمساواة, صديقي العزيز... كتبت هذه السطور ادعوا فيها نخبة البلاد, مثقفيها ومبدعيها ورياضيها وفنانيها وصحفيها قبل السياسيين فيها, ادعوهم للتحرك بكل قوة وبكل سرعة وبكل محبة للحفاظ على صداقتنا و اخوتنا... تلك الاخوة التي اقصد بها اخوة شعب باكمله.

ملاحظة اخيرة للقارئ:..و ان وجدت ان هذا الكلام انفعالي وغير واقعي ومبالغ فيه وغير وحدودي, تاكد ان هناك في الطرف الاخر لا زال يجده كلاما مائعا جائرا مليء برغبة في الضم والالحاق ولا يحترم حقوق الاخرين!