اليمن السعيد سابقا وشرعية علي
بقلم : مصطفى الأدهـــم
يقول الرئيس اليمني العقيد علي عبدالله صالح في تصريح له " إنه لن يسلم الرئاسة الا عبر صناديق الإقتراع " واضاف في حديث أخير له قائلا بعد أن هدد بالحرب الأهلية "إن زمن الإنقلابات العسكرية قد ولى، ولا يستطيع أحد أن يقفز على الشرعية (يعني نفسه) أو على كرسي الرئاسة (الذي احتله العقيد منذ ثلاثة عقود بانقلاب عسكري)".أراد الرئيس اليمني من خلال تهديده بالحرب الأهلية أن يرسل عدة رسائل متعددة ألإتجاهات، منها ما هو داخلي (تجاه شعبه. معارضيه. وخصومه) ومنها ما هو خارجي، "قريب المدى" إلى جاراته الخليجيات وبالأخص السعودية، ومنها ما هو "بعيد المدى" إلى المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة حليفته في الحرب على الإرهاب.لكن فحوى الرسالة ليست بالجديدة خصوصا على المستوى الداخلي، حيث كان اليمن يشهد (شبه حرب أهلية) إن لم نقل حربا أهلية. حيث الحرب في صعدة مع جماعة الحوثي، وفي الجنوب مع الحراك الجنوبي الذي يدعو إلى عودة دولة الجنوب اليمني بعد الإنفصال من جديد، ناهيك عن الحرب على تنظيم القاعدة الإرهابي وحلفائه المحليين، ومناوشات قبلية هنا وهناك بين الأحلاف ومع الخصوم مع الأخذ بعين الإعتبار إن الشعب اليمني وكما قال الرئيس صالح هو شعب مسلح يضاف لهذا التسليح الأحكام والأحلاف القبلية التي لها اثرها البالغ في الحياة السياسية والأمنية في اليمن.فخصوم الرئيس اليمني في كل من صعدة والجنوب كانوا حتى الأمس القريب بين الحرب المباشرة معه أو في حراك شعبي علني مناهض له يدعو إلى الإنفصال، لكن هذه الحرب والمناوشات العسكرية ومعها الحراك الإنفصالي خفت صوتها أو تلاشا في الوقت الحالي، وذاب في الحراك الشعبي العام الذي يطالب الرئيس اليمني بالتنحي عن كرسي السلطة اليوم قبل، الغد حيث "جمعة الزحف أو الرحيل". لذلك فأن شبح الحرب الأهلية قد اختفى على الأقل في الوقت الحالي ومن قبل خصوم صالح في صعدة والجنوب، حيث توحد صوتهم مع صوت أبناء الشمال (الذي يفترض إنه موالي) لجهة المطالبة برحيل العقيد. لكن إستمرار الرئيس اليمني وعناده في التشبث المستميت بالسلطة قد يشعل فتيل جبهة صعدة من جديد ويعزز دعوة الإنفصال الجنوبي أكثر، اذا مارأت تلك الأطراف إنعدام الجدوى من ذوبانها مع صوت الشمال. لذلك يرغب صالح باشعال تلك الجبهات، كي يستعيد زمام المبادرة بحجة قمع التمرد الحوثي وسحق الحراك الجنوبي الإنفصالي. أما الشق الثاني من رسالته الداخلية، هو، تحذير كل من يتطلع الى كرسي الرئاسة من العسكر، وبالأخص الرجل الاقوى بعد صالح عسكريا وقبائليا وهو اللواء علي محسن الأحمر الذي تطوق دبابات فرقته العاصمة والذي أعلن انضمامه لثورة الشباب. أما في الشق الخارجي من الرسالة، اراد صالح أن يستعطف السعودية ويستنجد بها عسى ولعلها تعد العدة عسكريا. ماليا أو دبلوماسية لمساعدته في البقاء في سدة الرئاسة. لما لها من يد في الخريطة القبائلية في اليمن وسابقة التدخل العسكري في كل من اليمن والبحرين.وعلى المستوى "البعيد المدى" يرغب صالح في أن يقنع الولايات المتحدة بأنه الخيار الأفضل، وانه أهون "الشرين". والا فمن بعده الطوفان من القاعدة، وانفصال الجنوب وصعدة وصعود جماعة الإخوان. وهو الأمر الذي لم تصدقه كليا أو تنكره كليا الولايات المتحدة، حيث ما زال موقفها يميل إلى جهة الرئيس اليمني، على الأقل إلى اليوم، رغم القمع والرصاص الحي الذي أطلق على المتظاهرين في صنعاء وبقية المدن.لكن أكثر ما يثير السخرية في تصريحات العقيد صالح هو اصراره على عدم ترك كرسي الرئاسة إلا عبر صناديق الإقتراع، كونها تمثل الشرعية على حد وصفه!يعرف العقيد اليمني كما يعرف شعبه وكل متابع، إن اليمن لا يوجد فيها حياة سياسية ديمقراطية، أو انتخابات حرة ونزيهة. فالرئيس اليمني يستمد شرعيته في الحكم من انقلاب عسكري قاده إلى هرم السلطة قبل ثلاثة عقود، وتحالف قبلي معقد، وانتخابات رئاسية غير نزيهة. فآية شرعية واية صناديق اقتراع يتحدث عنها صالح؟وما قيمة الإنتخابات وصناديق الإقتراع اذا ما كانت نتيجتها معروفة ومقررة سلفا؟ فالرئيس هو الرئيس، باق في منصبه، سواء جاءت النتيجة المقررة سلفا ب (99 أو 79 %)! واين الشرعية والرئيس في اليمن كان حتى الأمس القريب يعمل وربما مازال على سكة التوريث لنجله، وهو الذي اعترف في بداية الإحتجاجات بلا "للتوريث" ولا "لتصفير العداد" ، مما يؤكد وجود الخطة لكنه أراد نفي التنفيذ، ربما هي محاولة لإمتصاص الغضب الجماهيري وحصر المطالب في هذه الجزئية.إن اليمن اليوم تشهد حراكا شعبيا توحد فيه الصوت الجنوبي مع الشمالي للمطالبة برحيل الرئيس ونظامه، مع رفض محاولات الوساطة ومنها السعودية وعدم القبول بمبادرات الرئيس التي يراد منها ترتيب أوراق البيت الرئاسي لتهيئة الخروج الأمن الذي لم ينجح فيه كل من مبارك وبن علي. إن ألإستمرار في التجمع الشعبي في ساحة التغير بالعاصمة صنعاء وما تشهده بقية المدن من حراك مشابه، وما رافقه من تسونامي الإستقالات في صفوف السفراء والنواب واعضاء في الحزب الحاكم واعضاء في الجهاز التنفيذي مع اعلان قادة كبار في الجيش (اللواء الحمر) تأييدهم لثورة الشباب وانضمام رجال الدين وشيوخ القبائل الكبيرة لهم (صادق الأحمر، شيخ مشايخ قبيلة حاشد، كبرى قبائل اليمن واكثرها قوة وتأثير)، يغير التوازن الهش الذي حاول الرئيس اليمني جاهدا اللعب على حباله طيلة الثلاثة عقود من حكمه وهو القائل أن الحكم في اليمن يشبه الرقص مع الأفاعي.والسؤال هنا هو، أي شرعية بقيت للرئيس كي يتمسك بها، ويحذر من يتطاول عليها؟ اذا ما أخذنا في عين الإعتبار أن شرعيته مستمدة من العسكر، والقبائل والأنتخابات الهزلية. وهم أي العسكر (المؤثر منهم) والقبائل الوازنة قد تحالفوا معا ضده ووقفوا مع الشعب (ثورة الشباب) الذي لا يعترف بالأنتخابات الهزلية التي جددت الرئاسة لعقيد اليمن.فهل نشهد انقلابا "أبيضا أو أحمرا يقوده شيوخ القبائل (حاشد كبرى القبائل) وكبار قادة الجيش (اللواء الأحمر) للإطاحة بالعقيد (الذي انتهت صلاحيات حكمه) والإتيان برئيس أحمر جديد. فتحافظ القبيلة على نفوذها في الحكم ضمن "لعبة رقصة الأفاعي" التي تحدث عنها صالح من قبل .
وكالة انباء المستقبل العراقية.
2011-03-25, 10:37 PM
اليمن السعيد سابقا وشرعية علي - مصطفى الأدهـــم
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
