أنا وابن عمي على الجنوب

[أنيس صالح القاضي]

أنا وابن عمي على الجنوب
بقلم : أنيس صالح القاضي (مستشار قانوني)
السبت, 19 أيار/مايو 2012 11:19
جدة – لندن " عدن برس " خاص-
فاجئنا أو فاجعنا موقع المصدر أون لاين بخبر يوم أمس الجمعة 18 مايو 2012م مفاده أن هنالك تحضيرات تجري لإقامة عرض عسكري، بمناسبة ما يسمى العيد الثاني والعشرين للثاني والعشرين مايو، وهذا الجانب من الخبر مفاجئى ومفاجع بحد ذاته إلا أن المفاجئ والمفاجع أكثر هو باقي الخبر والمتضمن أن حرس أحمد علي وأمن مركزي يحي محمد وفرقة علي محسن سوف تشارك في هذا العرض.
بتأملي في هذا الخبر الفاجعة، الذي أتمنى أن يكون غير صحيح، فإنه يتضمن ثلاث رسائل، سوف استعرض الرسالة الأولى وتداعياتها بشيء من التفصيل، باعتبار أنها أهم الرسائل وبحكم أنها تعنيني كواحد من أبناء الجنوب، أما الرسالتين الباقيتين فسوف أمر عليهما مرورا سريعا وأدع لذوي الشأن الخوض فيهما.
الرسالة الأولى : أنا وابن عمي على الجنوب:
أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب، مثل يمني كثير ما سمعناه، ولكن هذا المثل لم يسبق أن تجلى بصورة بهية وجلية مثلما سوف يتجلى في حال صح الخبر الذي ذكرناه، وفي هذه الحالة سوف يكون أنا وأخي وابن عمي على الجنوب.
خلال السنوات الماضية وأقصد بها سنوات ما بعد عام 1994م حرص صالح وأبناء عمومته أيام الوفاق، على إقامة مثل هذه العروض العسكرية في 22 مايو وقد نبه العقلاء في حينها إلى خطورة مثل هذه الأفعال الحمقاء والخرقاء، التي تستفز الجنوبيين، وتبعث إليهم برسائل سلبية، لا تساعد على تجاوز الآثار الكارثية لحرب صيف 94م إلا أن المخلوع لم يكن يلقي بالا لمثل تلك النصائح، ويمضي في غيه، فكأنما يقول: نعم أنا أتعمد هذه الأفعال لأرضي غروري، وأمعن في (حسب ظنه) إذلال خصومي، وهذه من صفات الفراعنة.
مضت الأيام ومضى المخلوع لحال سبيله على أفتراض أنه مضى، لنجد من خلفه جزئيا يبعث برسالة من خلال ذلك العمل إلى الجنوبيين، هي أشد فجاجة، وأشد قبحا، مما كان يبعثه المخلوع، لأننا في هذه الحالة سوف نكون كما أسلفت القول، أمام المثل المذكور في أبها صوره، وسوف يثبت ذلك بما لا يدع مجالا للشك أن بني عفاش وبني الأحمر وإن اختلفوا، وإن وصل إختلافهم إلى جريان الدماء، فإنهم يد واحدة وعقلية واحدة تجاه الجنوب، ويعيدون إرسال الرسائل التي كان يطلقها علي صالح يوم كان في الواجهة.
سوف يلاحظ القارئ الكريم أنني خلال مقالاتي السابقة كثيرا ما أميل إلى جانب التروي، والدعوة إلى المفاضلة بين الخيارات المطروحة أمام الجنوبيين، وكنت كثيرا ما أفضل أن يكون آخر العلاج الكي، وكثيرا ما كنت أنادي بالواقعية والابتعاد عن التطرف والشطط. إلا أن مثل هذه التصرفات الرعناء تجعل ما ننادي به نوع من السذاجة إزاء هذه التصرفات، التي لا تدل إلا على عقلية عسكرية قبلية همجية متخلفة، كثيرا ما حاولنا غض الطرف عنها بعد قيام ثورة التغيير، على أمل التغيير.
وفي وقت كنا نتوقع في حفل هذا العام، بأن يكون مميزا عما سبقه من الأحتفالات، عن طريق إظهار هوية وشراكة الجنوب التي طمست، وإظهار الشريك الحقيقي في تحقيق الوحدة، وأنها لم تكن صنيعة فرد أو فردين، أو أنها فرع عاد إلى أصل، بل أنها إنجاز شعبين، وشراكة بينهما لما فيه نفعهما، وأنها وحدة سلمية طوعية، وأن ما تلاها من اجتياح عسكري للجنوب هو عمل غادر لا يمت إلى الوحدة بصلة، بل أنه كان لأجل مصالح فردية، فإذا بنا نفاجئ بهذا الخبر الصاعق.
إن إقامة الاحتفال بتلك الصورة، لهوه عمل عدواني سافر، وفي حال لم يتدخل العقلاء من أبناء الشمال (لا أحبذ استخدام هذا اللفظ) لمنع حدوثه ولجمه، فإنه سوف يقلل من خياراتنا كجنوبيين، وسيدفعنا دفعا إلى رفع درجة خيار الكي، الذي كنا ولا زلنا نجعله في مؤخرة الخيارات، ولم نتخل عنه.
الرسالة الثانية : هي لثوار ساحات التغيير شمالا وجنوبا.
وهذه لا تختلف كثيرا عن الرسالة الموجهة لأبناء الجنوب، وآمل من ثوار التغيير وكتابها الرد على هذه الرسالة بأسرع وقت لتحاشي عواقب هذا العمل العدواني، علينا وعليهم.
الرسالة الثالثة : القائد الأوحد للجيش والأمن :
سمعنا جميعا خطاب عبدربه الذي ألقاه مؤخرا وشدد فيه على أن هناك قائدا واحدا للجيش والأمن، هذه هي الرسالة التي يحاول عبد ربه أن يوصلها، ولكن الرسالتين اللتين سبق استعراضهما سوف تطغيان على المشهد، ولن يكون لرسالته هذه أي أثر.
وهنا أقول للرئيس عبد ربه: إن أثبات كونك القائد الأوحد للجيش والأمن لن يكون من خلال مثل هذه الأستعراضات التي تسيئ إليك أكثر مما تنفعك، إن إثبات قيادتك للمؤسستين العسكرية والأمنية يكون من خلال إعادة هيكلتهما هيكلة حقيقية، على أسس وطنية، لتخرجهما من كوهما جهازين عائليين أو قبليين في أحسن حالاتهما، إلى مؤسستين وطنيتين، تتبعان قيادة موحدة، لتحقيق أهداف وطنية.
آمل ألا يقع عبدربه في هذا المزلق الخطر، لأنني شخصيا لم أرى من تصرفاته السابقة إلا الحكمة والروية والتعقل، الأمر الذي دفعنا نحن أيضا إلى الحكمة والروية والتعقل، ولكن والعياذ بالله : لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين.
وفي الختام أتمنى أن تكون هذه رسالة واضحة لكل من (كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).


http://adenpress.co.uk/index.php?opt...5-24&Itemid=55