مرة أخرى: تنبيه لشباب الجنوب من قروش حميد:

[بائع المسك]

مرة أخرى: تنبيه لشباب انتفاضة عدن والجنوب من قروش حميد:
أخواني الشباب المرابطون في ساحات الشرف والفداء والتضحية في عدن والجنوب عموماً :
لقد سبق وأن وجهت لكم نداءين سابقين أولها بتاريخ 9 فبراير 2011م بشأن ضرورة أعادة تنظيم صفوفكم وخطواتكم وقيادة انتفاضة الجنوب بعيداً عن أملاءات وخصومات أبائنا السابقة، وثانيها بتاريخ 18فبراير 2011م بشأن الانتباه إلى خطط نظام صنعاء للقضاء على انتفاضتكم من خلال شق صفوفكم بإثارة الخلافات بينكم حول شعار إسقاط النظام وشعار فك الارتباط...الخ والحقيقة أن محاولة النظام فشلت حتى الآن ــ ولا أقول مطلقاً ــ في إلصاق الفوضى والبلطجة بمسيراتكم، ولكنه نجح نسبياً ــــ ولا زال يحاول ـــ بتمرير خطته الثانية بشأن شق صفوفكم إلى فريقين متصارعين تبعاً لشعار التغيير والتحرير (فك الارتباط)، وأظنكم تدركون مدى الألم والأسئ الذي يصيب كل جنوبي عند سماعه لخبر اصطدام أو اشتباك الشباب الجنوبي في الميدان، بسبب اختلافهم حول الشعارات، وأظنكم تدركون ــ أيضاً ــ مدى خطورة حدوث هذه الانقسام على ثورتكم ومستقبلكم ومستقبل الجنوب عموماً، سواء كان ذلك الانقسام بتدبير وتخطيط من النظام أو بسوء تقدير وطيش واندفاع منكم...وأمام خطورة هذا الأمر الجلل ونتائجه الكارثية في حال حدوثه، وجدت نفسي مضطراً لأن أخاطبكم ناصحاً ومحذراً ومبيناً للمرة الثالثة، وخطابي لكم هذه المرة يشتمل على فقرتين أولها حقائق مطلوب إدراكها وثانيها نصائح مطلوب استيعابها، وعلى النحو التالي:
أولاً: حقائق يجب إدراكها:
أخواني الشباب: تعلمون بان المواقف والآراء والأفكار التي يطرحها أي شخص أو جماعة، يشترط عقلاً ومنطقياً لنجاحها وقبولها، تحقق شرطين فيها، أولهما:
أن تكون مبنية ومؤسسة ومستمدة من حقائق الواقع المدركة والمحسوسة لدى الجميع أو على الأقل لدى المخاطب والمعني بها،
وثانيهما: أن تكون فوائد أو منافع وثمار تلك الفكرة أو الموقف أو الرأي، محسوسة ومدركة ومتصوراً وممكناً نيلها وبلوغها حسب الظن الراجح لدى كل أو معظم المخاطبين أو المعني بها.. فإن فقدت تلك الفكرة أو الرأي أو الموقف احد شرطيها أو كليهما لا يمكن أن تكون محل قبول وترحيب من احد، وإن حدث قبولها في لحظة اندفاع عاطفي أو طيش ورعونة فلا يمكن لها النجاح أو تحقيق أي نتائج، بل ستردي صاحبها والمتَّبع والمقلِّد له في المهالك التي قد لا يستطيع الخروج منها... وطالما نعلم جميعاً هذه القاعدة أو المقدمة بما أكرمنا الله به من عقل وتفكير، فإنه يتطلب منكم لكي تعرفوا ما إذا كان التباين الحاصلة حول شعار التغيير والتحرير المطروحين في انتفاضة شعب الجنوب وعدن على وجه الخصوص. يلبي مطالبكم ويخدم قضيتكم أم لا؟؟ النظر في حقائق واقع الجنوب وقضيته اليوم، لتنظروا أين وجه الصواب والمصلحة في الشعارين أو الهدفين المذكورين، وعليه اسمحوا لي أن أضع بين أيديكم أهم حقائق الواقع الجنوبي اليوم التي هي محل اتفاق لدى الغالبية العظمى أن لم يكن جميع أبناء الجنوب واليمن وكل مطلع ومهتم ومتابع لشأن اليمن، وأوجزها بالتالي:
1ــ إن هناك قضية جنوبية لها خصوصيتها من حيث الأسباب والمنطلقات ومن حيث طرق الحل، وهي بذلك تختلف عن قضية أزمة نظام صنعاء الفاسد الاستبدادي والأسري، وطريقة حلها.. وتكاد تجمع القوى والشخصيات السياسية في شمال اليمن وجنوبه بما فيها أحزاب المشترك، بهذا التميز والاختلاف بين القضيتين، ولكن يقتصر الخلاف حول طبيعة ونوع معالجة تلك القضية فمنهم من يرى الفيدرالية بين إقليمين ومنهم يرى تغيير النظام القائم ومنهم من يرى إصلاح ذلك النظام فقط ومنهم من يرى فك الارتباط (تقرير المصير).
2ــ إن هناك رفض جنوبي عام للواقع الذي فرضته حرب صيف 1994م على الجنوب منذ ذلك التاريخ وحتى انطلاق الحراك الجنوبي السلمي سنة 2006م .
3ــ إن الشعب الجنوبي قدم تضحيات جسام منذ انطلاق ثورته السلمية ضد جبروت واستبداد نظام صنعاء في عام 2006م مئات وليس عشرات من الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين في كل المناطق الجنوبية من المهرة وحتى باب المندب، ودمرت قرى بالدبابات والمدفعية وحوصرت مناطق ولا زالت، وردفان نموذجاً لذلك، وارتكبت مجازر وحشية في كل المحافظات بحق المواطنين العزل والنساء والأطفال والشيوخ، في ظل صمت داخلي وخارجي، وصمد الحراك الجنوبي في وجه كل ذلك واظهر قضية الجنوب وأوصلها إلى كل مسامع جميع العالم..
4ــ إن هناك تعاملاً مختلفاً واستثنائياً من قبل نظام صنعاء والمعارضة اليمنية ووسائل الإعلام في الشمال مع الضحايا والمعتقلين الجنوبيين وجرائم النظام في الجنوب وبين الضحايا والمعتقلين في الشمال، فأطفال ونساء المعجله في أبين ليس كالشبواني في مأرب، واعتقال زهراء صالح في عدن ليس كاعتقال توكل كرمان في صنعاء، وحصار ردفان والضالع ولودر والحوطة وتهجير سكانها، ليس كتهجير الجعاشن أو حصار حرف سفيان أو صعده أو أية منطقه أخرى، بل إن سقوط عشرة شهداء في عدن خلال أسبوع من انتفاضة عدن، ليس كسقوط شهيدين في الجامعة وشهيد في تعز منذ بداية الاعتصام قبل أكثر من عشرة أيام، لكي تقرر أحزاب المشترك الطلب من أنصارها الالتحام بالمعتصمين ووقف الحوار مع الحاكم، كما أن الرصاص الحي والدبابات لمواجهة مسيرات شباب عدن بينما الأحجار والعصي لمواجهة مسيرات شباب جامعة صنعاء..الخ والقائمة طويلة جداً من التمييز الجهوي والمكشوف والمخزي بين معانات الجنوب ومعانات الشمال من قبل من يدعي تبنيه للقضية الجنوبية واعترافه بها .
4ــ الثورات لا تستنسخ وإنما يقتدي بقيمها ومبادئها ووهجها، لذلك لا يمكن تطبيق النموذج التونسي والمصري والليبي في اليمن، وزين العابدين لم يسقط إلا بعد سقوط العاصمة تونس بيد الشباب الثائر، ومبارك لم يتنحى إلا بعد أن انتشر الشباب خارج ميدان التحرير وسيطروا على كل مدن القاهرة، والقذافي لن يسقط إلا بسقوط طرابلس أو موته، وحاكم صنعاء لن يسقط إلا بسقوط صنعاء وصنعاء لن تسقط إلا بانتفاضة كل سكانها وقبائلها (ضعوا خطين تحت قبائلها) أو بانهيار ذاتي وداخلي في النظام نفسه، وليس باعتصام طلاب الجامعة القادمين من خارج صنعاء،..الخ هذه هي حقائق الواقع الراهن الذي عشناه ونعيشه حالياً، فهل ترون في شعار التحرير أو التغيير تجسيدا لهذه الحقائق وانسجاما معها أم لا؟؟ كل منكم مدعو لأن يفكر بالإجابة بتجرد وعقلانية لأن أي خطوة أو رأي يصدر منا يقتضي نجاحه أن يكون منطلقاً من هذا الواقع. وأنا بدوري سأحاول في الفقرة الثانية أن أعينكم ببعض النصائح الأخوية المبنية على الحقائق السابقة..
ثانياً: نصائح مطلوب التأمل فيها:
1) إذا سيطرت الأحزاب على اعتصاماتكم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بوعي منكم أو بغير وعي، فلن تفلحوا أبداً أبداً.. فإياكم إياكم يا أبطال عدن أن تغفلوا عن هذه النصيحة...
2) حذارِ من قروش حميد الأحمر تدنسكم تحت أي مبرر كان ولأي غرض كان، فقضية الجنوب بل وحتى قضية شعب الشمال المغلوب على أمره أكبر وأنزه وأشرف من خلاف أحمد وحميد، فافطنوا هذه لا تغرنكم ظواهر الأمور...
3ــ ضعوا في حسابكم دائماً وأبداً أن 99% من نصائح السياسيين المتحزبين وأن أُلبست ثياب الوقار والحكمة والوطنية، هي صناعة حزبية أنتجت بعناية في مطابخ أحزابهم، لكي تكون طعماً يجذب به الغير إليه أو يصفي به حساباته مع خصومه...
4ــ الميدان والشارع سواء في عدن أو في أي مدينة جنوبية أخرى، هو ملك لكل الجنوبيين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والاجتماعية، لا يستطيع أحد أن يمنع غيره من أن يرفع راياته ويصرخ بشعاراته حتى منفرداً، ومصادرة هذا الحق، يعني أننا قريباً سنرى ما يدمي القلب بين ابناء الجنوب أنفسهم.. فهل حالنا البائس والمؤلم يحتمل أن ننتظر ذلك اليوم الحزين؟؟؟
5ــ تنظيم الجهود وتنسيق المواقف والمطالب والتخطيط لبلوغ الأمنيات والأهداف العزيزة، يعد عملاً وطنياً راقياً، ولكن بشرط أن يكون نابعاً من نوايا واجتهادات مخلصة وصادقة بعيدة عن تنفيذ أجندات حزبية أو شخصية، ولا يصادر حقوق الآخر المختلف أو يستهدفه، وهنأ تكمن أهمية إبعاد الأحزاب عن ثورة الشباب الجنوبي، لان دخولها أو تأثيرها على تلك الثورة سيؤدي حتماً إلى تمزيق الشباب..
6ــ مخطئ من يتصور أنه بإمكانه تجاوز ثورة الجنوب وتضحياتها منذ 2006م وقبله، فلا يمكن تجاوز الدماء التي سفكت والجهود والمعانات في السجون والزنازين والدمار والحصار المستمر للمناطق والمدن، وجاهل من تأخذه العاطفة والاندفاع ويوصم حراك السنوات الماضية بالفشل وأنه هو من فجر الثورة، وبالعكس أيضاً مخطئ من يتصور بأنه يستطيع إزاحة أو تهميش أي جنوبي مهما كان موقفه أو رأيه، عن الساحة الجنوبية.
7ــ ثقوا بأن إرادة الشعوب، هي من تصنع المعجزات، وتقهر المستحيل، وتحقق الأهداف التي تبدو بعيدة المنال، وليس تكتيكات السياسيين وتنظيرهم مهما بلغ علمهم وخبراتهم.
8ــ وأخيراً إخواني الشباب تذكروا دائماً أن القضية الجنوبية هي قضيتكم الرئيسية، وهي قضية تختلف من حيث سبب النشأة وطرق المعالجة، عن قضية إسقاط نظام صنعاء المستبد، لذلك؛ فمتى استقرت لديكم القناعة والاعتقاد الجازم بأن إسقاط النظام المذكور هو الخطوة الأولى لحل تلك القضية، فلا تنسوا بأنه متى كشفت لكم الأيام عدم صواب ذلك الاعتقاد أو خامركم الشك في عدم جدواه، أو عدم صدق نوايا رافعيه، فإنه حينها يتحتم عليكم العدول عنه، لان القضية الجنوبية فوق كل اعتبار وفوق كل خلاف وفوق كل تكتيك وتنظير طالما حقائق الواقع تنبئكم بخلافه..
ختاماً والله الذي لا اله إلا هو، إني ناصح لكم بنوايا صادقة لا ابتغي إلا رضا الله ثم عزتكم ونصرتكم واستعادة كرامتكم وكرامة كل جنوبي.... قد أكون اجتهدت فأخطأت، الله اعلم بذلك فهو المطلع على السرائر وما تخفي الصدور، فاعملوا بالأسباب واستعينوا به فنعم المولى ونعم النصير .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى