الرئيسية التسجيل مكتبي  

|| إلى كل أبناء الجنوب الأبطال في مختلف الميادين داخل الوطن وخارجة لا تخافوا ولا تخشوا على ثورة الجنوب التحررية,وطيبوا نفسا فثورة الجنوب اليوم هيا بنيانًا شُيد من جماجم الشهداء وعُجن ترابه بدماء الشهداء والجرحى فهي أشد من الجبال رسوخًا وأعز من النجوم منالًا,وحاشا الكريم الرحمن الرحيم أن تذهب تضحياتكم سدى فلا تلتفتوا إلى المحبطين والمخذلين وليكن ولائكم لله ثم للجنوب الحبيب واعلموا ان ثورة الجنوب ليست متربطة بمصير فرد او مكون بل هي ثورة مرتبطة بشعب حدد هدفة بالتحرير والاستقلال فلا تهنوا ولا تحزنوا فالله معنا وناصرنا إنشاء الله || |

شهداء الإستقلال الثاني للجنوب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          

::..منتديات الضالع بوابة الجنوب..::


العودة   منتديات الضالع بوابة الجنوب > الأ قسام السياسية > المنتدى السياسي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-01-19, 02:54 PM   #1
ابن الجنوب2010
قلـــــم نشيـط
 
تاريخ التسجيل: 2010-01-15
المشاركات: 86
افتراضي بقعه على ثوب الارض

بقعه على ثوب الارض
حثت خطاي على الرصيف الأسمنتي وأنا اسير بشوق وتلهف لزيارة طالما حلمت بها وأنا في غربتي لتلك المدينة القديمة التاريخية الشهيرة ببواتها .
كنت أعيش وسط حلمي الذي طال انتظاري له في سنوات الغربة في المهجر الذي احتواني منذ نعومة أظفاري و أنا أسيربانطلاق نحوها و خيالي يصور لي من حولي صورة تاريخية وحضارية الى ماقبل عشرات الأعوام مظت عن الملاحم البطولية التي خاضها عبر الزمان ذلك الشعب البطل وتلك المدينة القديمة التي قيل انها تصدت لأصناف المعتدين بشموخ وبقوة شعبها وحكامها الأفذاذ الذين تحلوا بالعلم والحضارة كما قرأت في كتبها .
لذا أطلقت عليها مدينة السلطة الحكيمة .
وكيف لا , وقد قدم هؤلأ العظماء أعظم صورة عندما لموا شملا طال فراقه بالتحامهم مجددا بالجزء الأخر منها بعد طول انشقاق مشكلة جسدا واحدا متكاملا, وجددوا مجدهم العظيم بمعركة حاسمة تلت تلك الخطوة حطموا ببسالتهم الدسائس الداعية للأنشقاق التي تلت تلك الخطوة المباركة
كانت نبضات قلبي أسرع من خطاي لاأدري أكانت من مهابة ماسأرى ام من وزن حقيبتي التي لازلت احملها بعد , فالشوق لم يمهلني أن احجز لنفسي غرفة في اي فندق ودفعني مباشرة أن اسير من الحافلة التي أقلتني الى تلك المدينة القديمة التي تبعد مسافة الكيلومتر فقط عن محطة الحافلات لرؤيتها والتمتع بالحديث مع شعبها الراقي. :
- لا ادري لم لم تسلم هذه المدينة العظيمة وسكانها العظام وسلطتها الحكيمة من الاقاويل , أطلقت عليها اسم افتراءات .
كنت قد سمعتها من أبناء وطني الملتحم بجسد تلك البلد منذ اعوام قليلة و الوافدين الى بلاد الغربة التي اقطن فيها .
قصص غريبة و معتقدات وسلوك وحكام .
دفعتني أن اطلق على ابناء وطني اسم الملفقون لكثرة المشاداة بيني وبينهم حول هذه المدينة الفاضلة الحاكمة .
فالملفقون ليسوا اكثر صدق من كتبها وقنواتها الفضائية التي تعرض لنا يوما بعد يوم القفزات الهائلة التي تندفع بها الى العليان .
رغم عدم انتماء اسرتي لتلك المدينة من قريب او بعيد الا انها بالنسبة لي الاسرة والموطن الحقيقي .
-قطعت حبل افكاري عند هذا الحد فلم أرد ان اعكر صفو سعادتي الغامرة . فاللون الوردي البهيج كأزهار ربيع تمطت اوراقها معلنة عن حياة وردية يحيط بي من كل النواحي , والهواء البارد المتلمس لجسدي برفق باعثا فيه روح الانتعاش , والتزاحم الدؤوب للمحلات والسيارات والناس كخلية نحل جميعها تعانقت معا راسمة صورة حية لأحلامي التي طال انتظاري لها بأجلال.
تسارعت ضربات قلبي اكثر وأنا اقترب اكثر من البوابة التي باتت على مرمى بصري عن بعيد .
لقد بت قريبا جدا منها فبعد مسافة سنوات من الغربة هاأنا على بعد بعض مئات الامتار من مهد احلامي . نعم انها المهد لقد كانت فيما مضى صغيرة ومحصورة ببوابات واليوم هي كشجرة كرز تشعبت اخصانها خارجة منها لتطرح بيوتا وشوارع واناس واخرجت من احشائها القيادة الفذة للوطن الملتحم.
رغم نظراتهم المليئة بالتعجب مانفك لساني يلهج بالسلام على كل فرد يصادفني , تمنيت ان القيه على اهل المدينة فردا فردا
المسافة تذوب وتذوب وقدماي تقف على جناح الرياح الناعمة الماسحة على جسد الرصيف بلطف حاملة اياي الى اعماق الحلم .
- رغما عني تعثرت خطاي وشعرت بصلابة الرصيف الأسمنتي عند اصتدام عيني بطفل صغير لم يتجاوز بعد في عمره الثمانية اعوام .
ملامحه المتسخة المشدودة المتجلي فيها التعب ارتسم فيها اصراره اللحوح وهو يشد جاهدا ذراعيه الصغيرين لرفع انبوبة بوتاغاز التي كانت ربما اثقل منه وزنا.
تعجبت , ولكن ألأعجب من هذا ان من ظننته أباه تبين لي انه صاحب المحل الذي يعمل به الطفل وقف الى جواره ودون ان يمد له يد العون أخذ بالصراخ عليه للتعجيل بصوت عال مقرف .
استنكرت وشرد فكري وتسائلت عن حقوق هذا الطفل اين هي ؟؟ أين ابويه؟؟ هل هو يتيم ؟؟ , اي فقر هذا او قسوة او استهانة تدفع بهم ليلقوا بفلذة كبدهم بهذا العذاب؟؟ ,أي رب عمل قاس هذا الذي يعامل طفل بهذه الهمجية ؟؟, أين السلطة الحكيمة التي غفلت عن هذا الطفل ؟؟.
لابد انهم اغفلوه
نظرت امامي وعدت احاول ركوب الريح والعودة الى الربيع من جديد .
لم انته من نفض رأسي من منظر الطفل حتى صحوت مجددا على تدافع الناس بشدة وتزاحمهم الى نصفين عندما أقبلت فجأة سيارة مسرعة برغم ازدحام الطريق بالمشاة تحمل فوقها مجموعة من العسكر , صعدت السيارة الى فوق رصيف المشاة بقوة وبتعمد سائقها لتدهس عجلاتها تلك الاشياء البسيطة التي افترشها صاحبها الارض ليسترزق من بيعها .
تقافز العسكر من جانبي السيارة ليشبعوا الرجل المفجوع ضربا ورفسا وشتما بذيئا لم أرى مثله في حياتي بقدر ماسمعت عنه في سجون التعذيب في الأخبار , ظننت منه ان هذا الرجل احد كبار القتلة الفارين من العدالة.
((لابد انه احد القتلة المطلوبين )) حدثت نفسي بذلك ولكن تهامس المارة والباعة المفترشين الأرض حوله بين لي من هو ,فكما التقطت اذناي أنه لو كان هذا البائع أعطى قائد العسكر مايريده من بضاعته البسيطة (( كهدية اجبارية )) لما عاد له بتلك الطريقة متهما اياه بمخالفته لقوانين البلدية بافتراشه الآرض على الرصيف العام .
(( وماذا عن المئات المجاورين له ؟؟)) سألت احدهم . فرد بصوت هامس متهكم ومرير (( ألآخرون دفعوا له الجزية )) .
كيف؟ أهكذا وبهذه البساطة ؟؟, اي حق هذا الذي يملكني عنوة ماللغير دون رضاه , اي جرم فعله أو انصاف هذا الذي ان وجد منه بصيص صغير لما تجاسر هذا القائد وفعل مافعل .
سرت وقد امتلئت نفسي قهرا وغيظا وبفكر ازدحم بما رأيت وطافت خواطر مفزعة رواها لي الملفقون عن مثل تلك الاحداث وماتتلوها من احداث اخرى , هززت رأسي يمنة ويسرة لأنفض عنه تلك الأفكار ماضيا في طريقي ولكني اخذت اتلمس و امعن النظر من حولي بعيون غير حالمة .
- على قارعة الطريق ابصرت رجلا ممدا بثياب رثة قذرة , بساق واحدة مكتملة والأخرى مبتورة من حد ركبته , رصت أمامه أعداد لاتحصى من أوراق طبية مغلفة بأغلفة شفافة , يصرخ بصوت عال مادا ذراعيه بأكملهما سائلا الناس الأحسان والعطف .
فهو على حد قوله رب أسرة مكونة من 8 افراد ومهددة بالجوع والمبيت في العراء وهو لايمتلك لادرهما أو دينارا في هذه الدنيا مستشهدا عن ذلك بقسمه باسم الله العظيم واضعا ابنه الصغير كشاهد اخر الى جانبه بثياب ممزقة و وجه شاحب وعيون مليئة بدموع الأستعطاف , ممسكا بيسراه عكاز ابيه ومادا يده اليمنى للناس اسوة بأبيه .
مددت يدي الى جيبي مخرجا بعض النقود التي ما أن وضعتها في كفه حتى تزاحم الناس من حولي فجأة وبكثرة شديدة .
خيل لي بأن اصحاب المحلات وسائقي السيارات والمارة جميعهم بل وأهل المدينة تكتلوا حولي مادين ايديهم الي و قد لهج لسان كل فرد منهم بالقسم بالله العظيم بأن ثمة مصيبة قد حلت به .
خرجت من هذه اللجة بصعوبة واصرار شديد خاصة عندما شعرت بأيادي معظمهم قد امتدت لتعبث بحقيبتي وجيوبي لتطهيرها من محتواها .
ابتعدت عنهم متعجلا وصوتا من حكاياهم المرواة لي(( كم هم كاذبون , كم هم سارقون )) تردد صداها في خلدي .
المسافة ابتعدت فجأة ام أن خطواتي تثاقلت ؟؟ ماهذه الضوضاء والازدحام الغير منظم ؟؟لاأدري . ولكن الجو المحيط بي استحال الى آخر .
- ارتفع صوت الاذان يشق عنان السماء مرددا كلماته المعروفة لدى الأمة بأجمعها منذ عهد المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام .
قال الملفقون انه ثمة زيادة في كلماته , امعنت في الأذان (( حي على الصلاة – حي على الفلاح – حي على خ ... )).
من اين جاؤا (( بالحي على خ ... ))؟؟ من اي دين سماوي ؟؟ من اي نبي مرسل؟
يطلبون خيرا من الله بشر ابتدعوه .
- ولجت بيت الله للصلاة وذهبت لتجديد وضوئي .
وقفت امام بركة صغيرة منخفضة وجدتها امامي لايزيد مستوى مائها عن ارتفاع القدم يمر بها المصلون عند دخولهم وخروجهم من الحمامات وأماكن الوضوء لغسل أقدامهم .
هممت بوضع قدمي للمرور .
سرت في بدني قشعريرة لرؤيتي مائها الراكد و ارتفعت لحد الغثيان عندما وقف احدهم وسط البركة رافعا ثوبه الى حد كبير آخذا من مائها ليستبرئ لأعضائه التي تدلت بوضوح , تلاه آخر اغترف بيده غرفة تمضمض بها جيدا ليفرغها مجددا لذات البركة .
فررت من ذلك المنظر الى المصلى مكتفيا بوضوئي السابق مفضلا اياه عن التجديد .
تقربا وكنوع من الاءخاء قررت الصلاة مع الجمع متخليا عن حقي الديني بقصر صلاتي وجمعها .
رميت السلام على من حولي من المصلين لكني شممت رائحة انعقد لها حاجبي وزممت فمي وكتمت لها نفسي وحالت دون التبسم في وجوههم .
رأيت داخل المصلى أعجب علاقة ملابس (( شماعة )) في حياتي , فلأول مرة ارى علاقة مخصصة للسراويل الداخلية , ظننت للوهلة الأولى أتها علقت (( اعني السراويل الداخلية )) منذ تأسيس المسجد الذي لايقل عمره عن الثلاثون عاما لشدة قذارتها ونتنها .

دخل أحد المصلين المسجد فسألته عنها , نظر الي طالبا مني تكرار ماقلت بعد ان خلع من تحت قميصه سروالا مشابها تماما لما كان معلق وأضافه الى جانبهم .
أحجمت عن سؤالي ,وعلمت بهذ المنظر من أن رائحة الصنان الشديدة التي يعج بها المسجد وطال تحملي لها ليست من حماماته أو بالوعته, بل هي من ذات أجساد المصلين وماعليها .
اندفعت الى باحة مفتوحة في المسجد لالتقاط بعض الهواء ومن ثم بحثت في ارجائه عن موضع اصلي فيه وركنت في النهاية لزاوية ضيقة مبعدة ولاتتيح لأكثر من فرد الصلاة فيها.
رفعت يدي مكبرا للصلاة قصرا وجمعا متمسكا وبشدة بحقي الديني .
خرجت من بيت الله .
- على أطراف أصابعي سرت مباشرة من المسجد الى محل لبيع الأحذية لأبتاع واحدا جديدا بعد أن سرق حذائي في اثناء أدائي للصلاة .
كنت المغفل الوحيد في ذاك المسجد الذي يضع حذائا نظيفا الى جانب البقية .
أحد المصلين كان قد قال لي بابتسامة عريضة كاشفة عن أسنان تدرجت الوانها بدأ باللون الأصفر وحتى السواد الشديد تخللتها بقايا الطعام والعلف الأخضر المتناسقة بقذارتها ماعليه من ملابس , ملوحا اثناء حديثه بيده القابضة على مفاتيح سيارته المرسيدس الجديدة أن احمد الله كثيرا فاللص المبتدئ الاحمق ترك لي غنيمة عندما افلتت منه احدى فردتي جواربي .
حمدت الله كثيرا أني جعلت حقيبتي ساترا امامي عند الصلاة .
عند بائع الأحذية .
القيت السلام بصوت عال لارتفاع صوت المذياع لمقرئ يتلواحدى سور القرآن الكريم .
ابعد صاحب المحل عينيه عن المصحف الذي كان ربما يتابع به المقرئ وأخفض الصوت.
نظر الى ورد السلام مبتسما .
سواد الاسنان سمة شملت جزء كبيرا منهم , فالمسواك الضخم الذي عض عليه بطرف فمه لم يجدي نفعا في ذاك السواد الذي عم اسنانه.
استصعب علي معرفة ملامح وجهه.
غطت لحيته المشتتة المسافة مابين منتصف خديه حتى السرة , واحترقت جبهته بالسواد لكثرة السجود . وعمامة كبيرة كفيلة بتكفين ميت بالغ غطت رأسه.
(( تفضل أهلا وسهلا )) مستمرا في بسمته .
(( حذاء مقاس 45 اذا سمحت ))
(( بسم الله الرحمن الرحيم )) قالها مستعينا بها على نهوضه.

اخرج علبة من بين مجموعة وضعها امامي وأخرج منها الحذاء . قست الحذاء , سألته عن الصناعة , قال بأنه صناعة المانية اصلية مشيرا الى كلمة made in Germany المطبوعة بخط ركيك مهزوز .
(( اليس من المحتمل ان يكون مقلدا ))
قال (( لايمكن )) وقال بأنه الوكيل الوحيد المعتمد لهذا النوع من الأحذية في البلاد بأسرها وأن بضاعته مضمونة .
أبتعته وارتديته وخرجت بعد أن شكرت صاحب المحل الذي عاد الى ماكان عليه .
مشيت على عجل وتوقفت دفعة واحدة عندما ابصرت لدى احد الباعة المفترشين الأرض و من بين مجموعة من الأحذية نفس الحذاء الذي ابتعته.
هو بعينه بلا زيادة و لا نقصان
تفحصته جيدا قبل أن أسئل البائع عن اذا ماكان مقلدا .
قال (( لايمكن )) لأنه الوكيل الوحيد المعتمد لهذا النوع من الأحذية في البلاد بأسرها وأن بضاعته مضمونة .
عند صاحب المفرش المجاور والمجاور والجوار وجدت الحذاء والجواب ذاته.
ابتلعت ريقي الذي جف من شدة الغيظ بصعوبة وعاودت السير وصوت القرءان المنبعث من مذياع صاحب المحل الذي قد ابتعدت عنه أمتارا عديدة يملاء اذني .
حوالى المائة مترا ماتبقى لي لأصل الى المدينة القديمة وبوابتها التي باتت واضحة وقريبة .
اللوحة الربيعية اختفت كليا من حولي وتبخرت وأحلامي معا واصبح جل اهتمامي جمع الحقائق .
بأنصات مني عاد حديث الملفقون للطواف من جديد (( كل شيء من حولك سيروي لك رواياتها ))
شددت ذراعي على حقيبتي بعد توقفي كليا واخذت انظر للبيئة المحيطة بي .
- صياح الناس وابواق السيارات امر تقليدي في الشوارع لكن تعالى صياح شديد طغا على كل ذلك عندما وقف رجلين راشدين قد اشتدت فيما بينهم حدة الكلام , هذا مطالبا بماله على أن يعيد للبائع علبة العصير الصغيرة التي ابتاعها منه وهذا رافض أن يعطيه دراهمه القليلة ويستعيد العلبة .
انقسم سكان المدينة الى قسمين .
نصف مع هذا والآخر مع هذا , ونفث كل نصف في اذن نصيره بكلام خلا تماما من التحلي بالتسامح والفضيلة والعقل , متلذذين بلعنة فتنة ايقظوها من منامها .
تراجع النصفان الى الوراء بصمت تام بعد انتهاء دورهم عندما تحول هذا الجدل الى اشتباك بالأيادي والأحذية والشتم .
ماهي الا لحظات حتى رفع كلا منهما سلاحه الابيض ضاربا به الاخر .
تطايرت الدماء هنا وهناك مع قطع صغيرة من لحم بشري .
لم يتدخل احد لفظ هذا الصراع الدامي سواء المارة او بعض العسكر الذين وقفوا متفرجين حتى سقط أحدهم مضرجا بدمائه وفر الأخر هاربا على مهل .
جماجم حوت عقولا قل تفكيرها عن عدد الدراهم وضاقت حدودها عن علبة العصير الصغيرة .
وقفت انظر لحركة السيارات وماهي الا لحظات حتى احتكت اطارات سيارة محدثة صريرا عاليا قبل ان يصعد بها سائقها فوق الرصيف ويصطدم بعمود النور هاربا من قطيع السيارات المار امامه كاسرة الاشارة الحمراء تحت سمع وبصر ورضى رجال المرور
لم يخرج السائق من سيارته لأصابته البليغة وقد اغشي عليه .
تجمهر الناس من كل حدب وصوب حول الحادث وأخرجوا السائق من السيارة ووضعوه أرضا .
ماهي الادقائق حتى انفض الناس من مكان الحادث الذي لم يتبق منه سوى قطعتين فقط , هيكل السيارة الخالي من اي اجزاء و سائقها الملقى الى جانبها ارضا.
اقترب رجل المرور ووقف مسجلا مخالفة بحق ماتبقى من السيارة لصعودها على الرصيف .
أبصرت على قارعة الرصيف رجل متوسط العمر وابنه اليافع الى جواره يتفحصون السيارات المارة أمامهم بكثافة بعين صياد متمرس .
فجأة بأشارة من الأب قفز الولد اليافع امام سيارة تعكس مدى ثراء سائقها , كبح السائق الفرامل بكل قوة وتوقفت سيارته تماما على بعد متر من الولد القافز , الذي القى بنفسه على مقدمة السيارة وسقط متدحرجا على الأرض يئن ويصيح كمرأة ثكلى , قفز الوالد المفجوع على ابنه يصرخ و يضرب هيكل السيارة بجنون .
تجمهر الناس كعادتهم و انهارت محاولات السائق أثبات بأن الولد القى بنفسه عليه بعد توقفه أمام الأيمان المغلظة التي صبها صبا شهود بأن السائق قد تبع الولد بسيارته الى فوق الرصيف متعمدا قبل أن يدهسه على الطريق
عزز رجل المرور الشهادة الاخيرة ساحبا بيده السائق المذهول الى سيارة الشرطة التي أخذته الى مصير مجهول .
على عجل دفع الوالد بعض الاوراق النقدية للشهود الذين طالبوه بأكثر وانصرف على اثر سيارة الشرطة بعد أن وعدهم بالزيادة في المرة المقبلة .
اكتفيت بالوقوف والاحداث الا نهائية عند هذا الحد واستأنفت سيري.
- على بعد بضع عشرة خطوات من البوابة توقفت لأبعد يدي التي سددت بها انفي طويلا .
أخرجت بها زجاجة العطر من الحقيبة ووزعت نصف محتواها على وجهي وكفي لأنفض عني تشكيلة غريبة من الروائح الكريهة التي طغت بشدتها على تركيزي وعدت أسد أنفي مجددا.

خطوت خطوة الى الامام راميا السلام لرجل كان جالسا ومتوسطا الرصيف نافشا ثوبه من حوله فيما يشبه الخيمة .
رد على سلامي بوجه محمر وصوت مبحوح لضغطه انفاسه على معدته .
سرعان ماتكشف لي اسباب هذا الضغط عندما ظهر من طرف قميصه الامامي وعلى شكل جدول صغير سائل اصفر اللون وارتفع الى مسامعي جليا واضحا صوت الغازات المندفعة بشدة من معدته عبر المستقيم مصطحبة معها المخروج وشممت نفس الرائحة النتنة التي تعطرت بها اجواء المدينة ونواحيها .
تراجعت خطوتين الى الوراءمصعوقا فدهست قدمي شيئا رخوا كان مخروج احدهم من اخرين مثله كثر .
شعرت بغثيان شديد حتى كدت ان اتقيأ ,كانت القشة وعلى اثرها ركضت نحو البوابة للتخلص من الخطوات القليلة الباقية .
طقطقت خيوط الحذاء الجديد الذي ابتعته اثناء ركضي مهترئتا, ممزقتا معها كل الأيمان المغلظة التي صبها البائع عن مدى جودتها.

- وصلت اخيرا الى بوابة المدينة القديمة . وصلت اخيرا الى العين التي ينبع منها مارأيته وتصلبت قدماي امامها متأملا المدخل الى المدينة وقلبي ينبض بشدة .
لقد أخذ الشريط يرتسم بأجلال ونقاء أمامي مجددا, ليس شريط الامجاد الكاذبة بل الشريط المتمم للأحداث التي رواها لي الملفقون عن مارئيته مسبقا .
فهاهو الطفل الذي كان يحمل انبوبة البوتاغاز ملقى في بيت أبيه خرقة بالية بظهر انزلقت غظاريفه وحل محله سريعا أخاه الأصغر لئلا يخسروا الوظيفة عند بائع البوتجاز .
وهاهو البائع الذي افترش الارض في غياهب السجون بتهم لاتعد ولاتحصى من اغتصاب وتحريض وتفجير وتكفير وحكم بالسجن مداه مليون عام .
هاهو الرجل ذي الساق الواحدة واقفا عليها مشيرا بيده موجها عمال البناء في عمارته ذات الطوابق الاثنا عشرة .
هاهو الرجل ذو الاسنان القذرة والسيارة المرسيدس يستعرض لأصدقائه الاثرياء حذائي الذي سرقه مني مؤكدا جودته أذ أنه من رجل مغترب من خارج البلد .
هاهو الملتحي صاحب محل الأحذية يسب سبا بذيئا في التليفون على المورد الذي قام بتصدير الدفعة الجديدة من الأحذية له من الصين الشعبية بأنه أخطاء خطأ جسيما عندما طبع عليها made in italy بدلا عن made in u.s.a. .
هاقد اغلقت مداخل ثلاثة أحياء بكاملها من قوات الأمن العام التي تتدخل دائما في الوقت المناسب الذي لم يحن بعد فالمعركة الدامية الدائرة بين أسرتي الرجلين صاحبا قضية علبة العصير بالسلاح الثقيل لاتزال تدار رحاها .
لايزال الرجل ملقى الى جانب بقايا سيارته حتى الان .

رقد الولد اليافع في المستشفى مصابا بكل علل الأرض ولكنه شفي منها جميعا في لحظة واحدة عندما تأكد وأباه من ان الرجل صاحب السيارة قد أعلن افلاسه بعد بيعه سيارته ورهنه لداره ومطاردته من قبل المطالبين بأموالهم .
هاهم على نفس الرصيف مجددا وشهودهم وعسكر المرور وقوف جميعا عن كثب يتربصون بحثا بأعينهم الخبيرة عن فريسة جديدة .
عربات البلدية تمر مرور الكرام امام اكوام الخراء الموزعة هنا وهناك متنشقة رائحتها بتلذذ ملوحين بأيديهم للمواطنين الجالسين القرفصاء لقضاء حاجتهم على الرصيف العام .
كان هذا تتمة بعض مارأيت والآخر الاتي قد اعلموني الملفقون به مسبقا, ارتعشت اطرافي وانا اتخيل الاتي التالي .. سألت نفسي ان كنت مجبرا على الاستمرار.. ردت بحزم بأن لا .. لماذا وأنا سأقع ضحية بلا شك في سرداب مظلم مغمور في دهاليز ذلك البلد المظلم .
عدت ادراجي متقهقرا .... استدرت وأطلقت ساقي للريح , ركضت بكل ماأملك من قوة عائدا الى محطة الحافلات لتقلني اول حافلة خارجة من المدينة , لولا حاجتي لعيني اثناء ركضي لأغمضتها ويدي لأزيح بها الناس لسددت بها اذني وأنفي لأتنفس لكتمت عنه الهواء .
رأيت الى جانبي عبر الزمان الغزاة وهم يخرجون راكضين من هذا البلد ليس لبسالة او قوة او شجاعة ووجهوا بها , ولكن مارأيته ومالم اره كان الكفيل بذلك .

جلست في مقعدي في الحافلة بعد حجزي للمقاعد المجاورة لي لصالحي لئلا يجلس الى جانبي او حولي أحد ابناء تلك البلد :
الاحلام والامال جميعها تبخرت و امتصها هواؤها المسموم .
((ان الموروث الثقافي والديني والأدبي لتلك البلد انما استقته من ثقافة وملة واداب حكامها )) هو سؤال طرحته لنفسي ووجدت له اجابة .
لكن مالم ولن اجد جوابا له وربما لأجيال قادمة هو (( كيف قبلوا بالألتحام ؟؟ كيف عميت ابصارهم وسائر حواسهم ؟؟ اي سكر هذا ان وجد حينها قد غيب عقولهم لذاك المنتهى ؟؟ )) .
كم كان صعبا تخيل وجود بلدا على ارضنا كتلك البلد .... كم كان صعبا تخيل وجود بقعة على ثوب الارض بتلك القذارة ... كم كان مؤلما استيلاء تلك البقعة الصدئة لدفة وطننا . أغمضت عيني بشدة وسددت أذني والحافلة تسير بي خارجة من تلك المدينة .
كنت اعف بصري عن التقاط اي صورة قد تخدع يوما خيالي الواهم بمجد حاصل.
وكنت اخفف عن اذني اصوات الانين المتزايدة لأبناء وطني التي حلت محل المنجزات والتقدمات السرابية.
وعزيت شعبي الذي التحم معهم اشد العزاء و كان حاكمه أحد أبناء تلك البلد , وتراكضت في رأسي كل القصص والحكايا ماحدثني بها الملفقون عن تلك المدينة (( ظلم وطغيان – جهل وتخلف – حقوق ضائعة – كرامات تداس )) .
وماتيقنت تماما به كيقيني بالله ......هو كم كان الملفقون محقين .
[all1=#a30049]كلمة وتعليق[/all1]
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي القارئ ان كل ماأوردناه في قصتنا القصيرة ( بقعة على ثوب الارض )الذي نشبه فيه الارض بثوب نظيف وقد لوثته بقعة قذرة ماهي الا اشارة لبلد فكرها الثقافي والديني والأدبي انما استورث من ثقافة وملة واداب حكومتها . ان جميع المواقف والاحداث المذكورة هي نسج الواقع الحالي والدائم وماهي الا غيض من فيض والباقية الى ماشاء الله ان تدوم في تلك البلد .
ان مايحدث على ارضي اليوم هو مزيج من مركز من سياسة القهر والظلم والجهل والتجويع الرامية الى انشاء بقعتين بدلا عن واحدة


[click=ابن الجنوب الحر]ابن الجنوب الحر

الشقاع[/click]

التعديل الأخير تم بواسطة ابن الجنوب2010 ; 2010-01-20 الساعة 11:48 PM
ابن الجنوب2010 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 2010-01-19, 04:01 PM   #2
معلاوي
قلـــــم ماســــي
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-26
المشاركات: 6,112
افتراضي

ياسلام
وجدت نفسي مسافرا وياك
في بلد العجائب
__________________
وطن لا نحميه لا نستحقة
معلاوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الارض المحتلة الجابري ابو نف الجنوب أرضنا الطيبة 3 2010-11-28 05:33 PM
يــــــــــــــوم الارض............ @نسل الهلالي@ المنتدى السياسي 0 2010-04-25 11:09 PM
هذه الارض لنا ahsanhom المنتدى الادبي 0 2009-06-11 03:52 AM
يا جماهير الارض المحتلة سفيان المنتدى السياسي 8 2009-06-03 04:09 AM
با نهز الارض هز الاثير الشعر الشعبي والزوامل 3 2009-04-05 04:43 AM

=
Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.
 

تنـويـه
بسم الله الرحمن الرحيم

نحب أن نحيط علمكم أن منتديات الضالع بوابة الجنوب منتديات مستقلة غير تابعة لأي تنظيم أو حزب أو مؤسسة من حيث الانتماء التنظيمي بل إن الإنتماء والولاء التام والمطلق هو لوطننا الجنوب العربي كما نحيطكم علما أن المواضيع المنشورة من طرف الأعضاء لا تعبر بالضرورة عن توجه الموقع إذ أن المواضيع لا تخضع للرقابة قبل النشر