هنالك بوناً شاسعاً بين الصراحة والوقاحة

[أبو عامر اليافعي]

.

قال نابليون ذات مرة " قد تبلغ الابتسامة نصرا ونجاحا لا تحققه جيوش جرارة " وتلك حقيقة ماثلة وكم تغيرت نفوس وصلحت بعد فسادها وكم أعيدت قلوب إلى الصراط المستقيم بكلمات راقية وبسيطة ولكنها تحمل في جوهرها أفضل الكلمات والمعاني التي تأسر القلوب وتسيطر على المشاعر .

يعتقد بعض الأعضاء أن الكتابة بوقاحة هو نوع من الصراحة بل أن البعض يعتبر نفسه هو من يتناول الأمور على حقيقتها وانه لا يعرف المجاملة ولا التزلف وتحت مقولات عدة مثل " قل للأعور اعور إلى عينه " و " الصراحة راحة " و " الحقيقة يجب أن تقال " و " رأيي وأنا حر فيه " و " اللي مايعجبه رأيي يضرب رأسه في الجدار " و "والحقيقة تزعل " وما إلى ذلك من مقولات يجير بها البعض ويتخذها غطاءا لوقاحته التي تجرح النفوس وتدمي القلوب وتخلق الكراهية وتبرز الأحقاد والضغائن وتصنع الفتنة وتأتي بالإحباط واليأس لمن يمر عليها .

البعض يزبد ويرعد ويلوم ويعاتب ويهدد لماذا ضاع موضوعي مع انه يتناول نفس الموضوع الذي وضعه فلان ويتهم الأشراف بالمجاملة والمناطقية والكيل بمكيالين ولا يدري أن الوقاحة في طرحه هي السبب الأول والأخير فهنالك فرق كبير بين أن تكتب بصراحة وبأسلوب رفيع وسامي وبين أن تتحدث عنها بوقاحة وبلغة هابطة .

قال سبحانه وتعالى لرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " هذا خطاب من الله إلى الرسول الأعظم وهو ماهو عليه من خلق قويم " وانك لعلى خلق عظيم " والوحي يتنزل عليه والمعجزات تتالي عليه ويراها الصاحبة حقيقة ماثلة ومع ذلك لو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله .

فكيف نحن وفي هذا الزمان ومع كل مانعانيه وما نواجهه وما في الواقع من صعوبات ومشاكل ومعوقات إلا يجدر بنا أن نكون لطفاء على أنفسنا وفيما بيننا فالكلمة الطيبة تشق الصخر ونحن بشر والكلمة لها تأثيرها الكبير سلبا أو إيجابا وما الإنسان إلا بأصغريه " قلبه ولسانه" .

لسان الفتى نصفٌ ونصف فؤاده ... ولم يبق إلا صورة اللحمِ والدمِ.

.