في تاريخ الأمم والشعوب لحظات حاسمة يبدأ منها تاريخ جديد، يمتد مئات السنين، ، وفي تلك اللحظات يومض بريق خاطف لكنه كاف لإشعال أنوار تحدد طريق البشرية وتسفح عليه ضوءا وهاجا يساعد السائرين فيه على رؤيته بوضوح تام، يرسخ أقدامهم ويجعل منهم طليعة لملايين البشر. .
كانت كل لحظة من هذه اللحظات وميضا شديد القوة ويكفي لتسليط ضوء يجرد الاشياء من غموضها ويضعها أمامنا واضحة بلا غموض او التباسات، فتسقط عوامل الشك والتشكيك لدينا، وينزرع اليقين بان اختيار دربنا كان صحيحا لانه يفضي الى العدالة وكرامة الانسان وحريته . ولم تكن صدفة كونية ابدا ان يقع الوميض كلما ازداد الظلام قتامة في الجنوب لدرجة ان العيون، وهي هنا الضمير البشري، تبدأ بالضمور، فالعين خلقت انعكاسا للنور، وبلا نور لا توجد عين ولا توجد رؤية.
والضمير وجد انعكاسا للعدالة، ولا ضمير عام بلا احساس بغلبة العدالة، لذلك حينما يغيب النور زمانا ممتدا يضعف البشر، وحينما تغيب العدالة زمانا مشتدا يتراجع الضمير . ولكن غياب النور والعدالة وان اضعفا البصر ودفعا الضمير للخلف الا انهما، هما بالذات، ما يقدح في دواخل افراد شرارة البصر والبصيرة فتشعل حريقا لا تطفئه كل محيطات العالم الا بعد ان يحرق الظلم وينير الدروب للبشرية جمعاء. هؤلاء الافراد يختارهم القدر، وهو هنا الله، ليحملوا مشاعل الحرية من اجل ايقاظ الضمير العام او تنبيهه من غفوة كائن هده التعب فاحتاج لقيلولة عابرة ومعبرة، ينهض بعدها وسيفه بيده ليقطع رؤوس القتله المحتلين0.
في لحظات الظلم والقهر والاستغلال خصوصا الطبقي منه، تومض سماء الامم باسماء ابطال التغيير، ومن رحم مجتمع يسوده الظلم ينبري فتية منحهم الله قدرات استثنائية على ابصار الطريق نحو غد مشرق وعادل، وسط ظلام دامس لا يرى فيه الانسان أنفه، ودعم ابصارهم باصرارهم، الذي لا يفله فولاذ، على التغيير حتى لو تطلب ذلك استشهادهم، بل ان هؤلاء المحملين باحزمة ضوء خارقة في خلاياهم، يجعلون من استشهادهم لحظات اطلاق موجات وميض كوني يهز الجبال الرواسي ويهدم خرائب البؤس والعبودية، فيبدأ عشق الضمير وتطلق نغمات سحرية تحرك الوجدان وتضبط بدن الانسان.
!
أربعون يوما مضت حينما شهدنا ومضة نور احالت ظلمة الكون الى حديقة غناء وفيحاء تشع ضوءا وبهاء، بعد ان دارت حوله واستقرت في عينين بقيتا مفتوحتين تحدقان في وجه الله، رغم ان الجسد الذي يحملهما غادر عالمنا ! تلك كانت الشعله التي أشعلت حريقا لن ينطفئ إلا بعد يكمل حرق كل الإعشاب الضارة والضواري القارة في أحشاء الظلم والظلام، وبعد ان تذوب ما تخبئه من عثرات وحشرات0
وحتى يصحى الضمير الجنوبي من غفلته بعد هذه الزهور البريئه التي طالها القتل ولاجرام0 ان الدماء الزكيه لاولادناء وفلذات اكبادنا امانه في اعناقنا وان تراب الارض الطاهره النقيه يجب ان يعود لطهارته0
والمجد لشداء واننا على دربكم سائرون 000000000000000000000
__________________
(الشهيد البطل محسن علي مثنى طوئرة)
|