القضية الجنوبية (الثعالب لا دين لها)
مدحت السقاف
مثل القضية الجنوبية بالنسبة لنا نحن الجنوبيين زادنا وعتادنا.. همنا وهاجسنا ..لأنها تمثل حياتنا وحاضرنا ومستقبل أولادنا .. بعد تجربة فاشلة خضناها لأكثر من عشرين عاما لم نخرج منها الا بالضياع وفقدان كل ما كسبناه من حضارة ومدنية صنعناها عبر القرون .. وقد أعادونا الى المربع الأول والى البدائية والعشوائية والتخلف .
وخلال العشرين عاما فقد الجنوب هويته التي كان معروفاً بها ومدنيته وحضارته التي اكتسبها وفقدنا حتى إنسانيتنا التي كنا نحملها في الضلوع ونزاولها ونتداولها بين بعضنا بعضاً . فقدنا أرضنا وثروتنا وصرنا أشبه بالرعايا ومواطني الدرجة الثانية والأصح الدرجات الدنيا وفي أسفل الترتيب.
دخلنا الوحدة بهاجس وإحساس وطني شريف ودفعنا كل غالً ونفيس من اجل تحقيقها ورفعناها شعاراً صادقا نردده ونتغنى به في مدارسنا ومعاملنا حتى صار قوتنا اليومي..ولم نكن نعلم أن الاخرين لا مانع لديهم في المتاجرة والمزايدة حتى على الوطن .. لم نكن نعلم تلك الأساليب والنوايا. حتى وقع الفأس في الرأس..
حتى وظائفنا نهبوها ..ورجالنا اقعدوهم في منازلهم كأنهم جزء من متاع الدار ..وثرواتنا تقاسم بها الأئمة الذين كنا نشكو من واحد اسمه الامام احمد فصار اليوم لدينا مئات الأئمة وهم في تزايد..ليتنا حصلنا على الثروة أو حصل عليها الشعب أو سخرت في مجالات خدمية أو تنموية لكنها سخرت لجيوب وأرصدة عدد من المتنفذين ..رواتبنا مختلفة بين الشمالي والجنوبي .. ديتنا متباينة اذا مات جنوبي فان ديته لا تزيد على مليون ريال لو كان معه دعاء الوالدين واذا مات شمالي فديته بعشرات الاضعاف وتعويض اهله وذويه باقتطاع أراضي من عدن تعويضاً لهم .. وهناك وظائف لا يدخلها جنوبي مثل السلك الديبلوماسي والأجهزة الأمنية ومن كان فيها قبل الوحدة فعليه مشاركة زوجته في اعمال التدبير المنزلي .. مناصبنا الحيوية في عدن لهم ومناصبهم الحيوية في صنعاء ليست لنا .. وأرضنا كلها لهم وارضهم يمنع علينا شراؤها واذا تجرأ أحدنا واشترى أرضا فيمنع عليه بيعها وحكاية الأستاذ هشام باشرا حيل خير دليل على ذلك.
اليوم يقولون لنا تعالوا إلى كلمة سواء ولجان حوار واساليب وحركات عرفناها من زمان وما زالوا يعتقدون إننا لم نبلغ الحلم بعد ولم نتعلم من دروسهم .. ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي القائل ( مخطئاً من ظن يوما أن للثعلب دينا)
قضيتنا الجنوبية ليست قضيتنا وحدنا ولكنها قضية أولادنا فإن كنا رضينا على أنفسنا بالذل والهوان فحرام أن نورثها أبنائنا وأحفادنا ورحم الله الفاروق القائل (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)
|