![]() |
![]() |
|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#13 |
مشــرف عـــام
تاريخ التسجيل: 2008-11-18
المشاركات: 10,014
|
![]() ما النتيجة حين تنظر حكومة الوفاق إلى "أنصار الشريعة" من زاوية القلق الأمريكي؟!، وما الحل عندما تصبح قدرة "القاعدة" على إلحاق الأذى بالدولة أكبر من قدرة الأخيرة على مكافحته؟!
"في الإصدار الأسبوعي السابق من صحيفة "الغد" والإصدار الذي سبقه، نشرت الصحيفة تقارير حول تفاصيل الزيارة الثانية للزميل محمد الأحمدي إلى إمارة وقار الإسلامية بمحافظة أبين، وخلاصة لقائه بالجنود الأسرى لدى جماعة أنصار الشريعة هناك.. وفي هذا العدد تستضيف "الغد" الزميل عبدالرزاق الجمل، باعتباره أحد الصحافيين المتخصصين في شؤون القاعدة وأنصار الشريعة كان التقى العديد من قيادات التنظيم وزار مراراً مناطق سيطرتهم، للكتابة حول مسألة التعاطي مع هذا الملف الشائك، والخيارات المتاحة أمام الحكومة الجديدة في التعامل مع هكذا ملف، والنتائج المحتملة في حالتي الحرب والحوار و/ أو فشل أيّ منهما.. المحرر". تزايدت عمليات أنصار الشريعة مؤخرا إلى درجة أنها باتت تحدث بشكل يومي، داخل محافظة أبين التي يسيطر عليها أنصار الشريعة منذ أكثر من عـام، وخارج هذه المحافظة. ومن خلال تلك العمليات، التي جاء معظمها ردا على قصف أمريكي أو يمني، استطاع أنصار الشريعة أن يوجدوا عددا من المناطق القلقة أمنيا، والتي يمكن لهم التحرك فيها بسهولة. لكن تعامل الحكومة اليمنية مع هذا الملف يمكن أن يجعل من البلد كله منطقة قلقلة يتحرك فيها أنصار الشريعة بسهولة. وإذا ما وجدوا مناطق يتحركون فيها بسهولة فسيكون بمقدورهم إيجاد أخرى. والنظر إلى أنصار الشريعة من زاوية القلق الأمريكي بالنسبة لحكومة الوفاق، يجعلها تتصرف بما يخدم أنصار الشريعة، خصوصا في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها البلد. ومن نتائج هذا التصرف تكريس فكرة العمالة للغرب، وحين تُكرَّس هذه الفكرة في عقلية أنصار الشريعة لا يمكن أن تجد الحكومة أي تجاوب منهم لاحقا، إن قررت الدخول في حوار معهم. سيصبح خيار الحرب هو الخيار الوحيد المتاح، لكنه الخيار الوحيد الفاشل، وليس على الحكومة أن تنتظر نتائج إيجابية من خيار وحيد فاشل. نتائج المرحلة الماضية تكفي لأن تعيد النظر في طريقة تعاملها مع هذا الملف، فالحاصل هو أن أنصار الشريعة يزدادون قوة رغم الحرب. الآن باتت قدرة أنصار الشريعة على إلحاق الأذى بالحكومة أكبر من قدرة الحكومة على إلحاق الأذى بهم، وهذا يعني ضرورة التعامل معهم كأمر واقع، لكن مشكلة الحكومة أنها لا تدرك حجم قوتها ولا حجم قوة القاعدة، والمشكلة الكبرى أنها حتى لو أدركت لما تصرفت على أساس من هذا الإدراك، لأنها تدرك حجم القلق الأمريكي، وعلى أساس منه تتصرف فقط. القلق الأمريكي هو الذي أوصل هذه الأحزاب إلى الحكم مؤخرا، وهذه الأحزاب ترى أن ذلك القلق نفسه هو الذي سيبقيها في الحكم، متناسية أن ذلك القلق هو الذي أطاح بالرئيس السابق صالح وكان تهديد القاعدة في عهده أقل منه الآن بكثير. وأمريكا لا تريد أن تتخلص من كامل نظام صالح وتبدأ من جديد مع الجُدد، لأن المدة التي ستحتاجها لترتيب ذلك ستعطي القاعدة فرصة لترتيب أمورها بشكل يفرغ كل ترتيب ضدها من مضمونه، والقاعدة تستفيد من أشباه الفرص لتفعل ما يعجز عنه الآخرون بفرص مكتملة الشروط. وإذا كانت الحرب على أنصار الشريعة هي رغبة أمريكية خالصة، فمن الصعب على الحكومة اليمنية الجديدة أن توفق بين الحرب الأمريكية على الإرهاب في ظل هذه الظروف وبين متطلبات الشعب، لكن من السهل أن تفعل ذلك إن هي عملت بمبدأ الحوار. لكن لا ينبغي أن تتعامل الحكومة مع خيار الحوار كتجربة ومع خيار الحرب كأصل ثابت، ينبغي أن يكون العكس هو الحاصل، كما لا ينبغي أن نتساءل: علامَ الحوار بين حكومة وجماعة مسلحة؟. ينبغي أن نتساءل: لماذا الحرب؟. وإذا ما فشل خيار الحوار فليس على حكومة الوفاق الانتقال مباشرة إلى خيار الحرب، لأنه الخيار الأكثر فشلا، كما تقول التجارب السابقة، وسيفشل لاحقا حتى لو حظيت الحكومة بدعم أمريكي وسعودي غير محدود. وبالعودة إلى ما بدأنا به الموضوع، لا بد أن نشير إلى أن أنصار الشريعة فضلوا أن يهتموا بأمور المواطنين في محافظة أبين على الانشغال بالحرب مع الحكومة اليمنية طوال فترة الثورة. وكانت الحكومة تتوعد أنصار الشريعة بتصفية الحساب بعد الثورة. وبدافع من سوء التقدير كانت الحكومة تعتقد فعلا أن بإمكانها القضاء على القاعدة إن هي حيدت صالحا وخاضت الحرب ضد القاعدة بجدية. ولم تجد الحكومة خجلا في أن تتحدث عن حوار وطني شامل لا يستثني أحدا بمن في ذلك الحوثيون والحراك الجنوبي لكنه يستثني القاعدة. وخلال أدائه اليمين أثناء تسلمه رئاسة البلد توعد عبد ربه منصور هادي أنصار الشريعة بحرب شاملة، وقال إنه سيلاحقها إلى كل مخبأ، داخل محافظة أبين وخارجها حتى يقضي عليها تماما، لأن الحرب على القاعدة واجب ديني ووطني. وحتى تكون الحكومة معذورة في الحرب الوطنية الدينية الشاملة التي ستشنها على أنصار الشريعة، خصوصا بعد عملية المكلا، أعطت الحكومة أنصار الشريعة مهلة أسبوع لمغادرة أبين. غير أن أنصار الشريعة أعطوا الحكومة مهلة عشرة أيام لسحب قواتها من مشارف مدينة زنجبار، قبل أن يضطروا لاعتماد خطة النهر المتدفق، أما خلال أيام المهلة فقد كانوا يعملون بخطة "قطع الذنب". وقبل أن تنتهي مهلة الحكومة بيوم، ومهلة أنصار الشريعة بثلاثة أيام، هاجم أنصار الشريعة كتيبة المدفعية في دوفس، وسقط في الهجوم قرابة خمسمائة جندي بين قتيل وجريح وأسير. ولأن الحكومة ـ كما أسلفنا ـ لا تدرك حجم قوة أنصار الشريعة، اختارت أن تحمل الرئيس السابق مسئولية ما حدث، لأن القائد المحسوب عليه، مهدي مقولة، سلم الألوية لأنصار الشريعة، رغم أن حربا ضروسا دارت بين الطرفين. ورغم إقالة مقولة إلا أن عمليات القاعدة تسارعت بشكل غير مسبوق، وكان معظمها نوعيا جدا، وفي هذه المرحلة تحديدا بدأ الطيران الأمريكي يكثف من طلعاته وقصفه، لكن ذلك عاد بنتائج سلبية، فأنصار الشريعة يسيطرون على أهم طرق محافظات الثروة، وبمقدورهم أن يستخدموا أوراق ضغط كبيرة. فحين قصف الطيران الأمريكي مدينة عزان التي يسيطرون عليها من محافظة شبوة، ردوا بتفجير أنبوب الغاز التابع لشركة توتال الفرنسية وشركاء آخرين، ثم فجروا خط النفط في مديرية الصعيد القريبة من محافظة شبوة، بل تواجدوا في هذه المديرية وحالوا دون إصلاحه، وهو تطور كبير تبدو من خلاله عاصمة المحافظة، عتق، قاب قذيفتين أو أدنى من سيطرة أنصار الشريعة. ثم تلتها عملية نقطة الحرور، التي قتل فيها أكثر من أربعين جنديا على أيدي أنصار الشريعة الذين غنموا أيضا أسلحة ثقيلة منها دبابات. وإذا ما صعدت الحكومة أكثر أو سمحت للأمريكان باختراق السيادة، سيكون تصعيد أنصار الشريعة أكبر. لكن الحكومة لاتزال مصرة على خيار الحرب، وقد دشنتها في صنعاء بحملة إعلامية تولت مهمتها دائرة التوجيه المعنوي. لكن ما الحل الآن لإخراج أنصار الشريعة من محافظة أبين، وعلامَ نتحاور إن كانوا مصرين على البقاء فيها؟. ربما تتساءل الحكومة هكذا وتنسى أن ما يسيطر عليه الآخرون أكثر مما تسيطر عليه هي. الحوثي فقط يسيطر على صعدة ونصف الجوف ونصف عمران وأجزاء كبيرة من محافظة حجة. والخلاصة أن على الحكومة القيام بعملية جرد لما تم خلال الأسابيع الماضية، وعلى ضوء نتائج الجرد سيكون عليها أن تتصرف. وعليها أيضا أن تسمع الآتي: أن تبقى محافظة أبين تحت سيطرة أنصار الشريعة بالحوار أفضل من أن تبقى تحت سيطرتهم بالحرب، ومن أن تبقى خارج سيطرة الطرفين بحالة من اللاحوار واللاحرب. المعطيات تقول إن استعادة أبين مستبعد على المدى القريب، وأن ذلك سيكون على حساب محافظات أخرى ينتقل إليها أنصار الشريعة. ومع ذلك فهناك خيار ثالث بين خياري الحوار والحرب، وهو خيار التسليم بالأمر الواقع إلى أن تتغير الظروف التي خلقت هذه الحالة المعقدة والمتناقضة والصعبة، والتسليم بالأمر الواقع سياسة أيضا، ومن لا يسلم به يضطر في نهاية المطاف إلى الاستسلام له. ومثلما تعاملت الحكومة مع أمريكا كشر لا بد منه، فعليها أن تتعامل مع أنصار الشريعة أو مع تنظيم القاعدة كشر لا بد منه، لأن القاعدة صارت رقما صعبا، وإن كانت ترى القاعدة أقل من ذلك فعليها أن تسأل نفسها: لماذا عملت أمريكا رأسها برأس القاعدة، بل وفرضت على العالم أجمع أن يعمل رأسه برأس القاعدة، مع أن رأس تنظيم القاعدة ليس من الرؤوس النووية، كما هو الحال بالنسبة لإيران، لكنه رأس خال من الخوف من أمريكا على ما يبدو.. وهذا مخيف طبعا. لأن على كل رأس أن يحمل نسبة من هذا الخوف، سواء كانت النسبة صغيرة أو كبيرة، وأمريكا تقيس النِسب من خلال تجاوب الآخرين مع فروضها. وبهذا ستكون الحكومة اليمنية في التقييم الأمريكي قد تجاوزت مرحلة الخوف، لكن إلى مرحلة الهلع، لأن سقف تنازلاتها بدا أرفع مع سقف مطالب أمريكا. وإذا اختارت الحكومة أن تستمر في هذا الطريق، فعليها وحدها أن تتحمل نتائج ما قد يحدث. |
![]() |
![]() |
|
|
|