لمـــاذا تخلـــى العــــــطـــا س عن الــبيـــض ..؟

[الرأي العام]

أمر في غاية الأهمية أن نرى حماسا واندفاعا وتصميما متصلا من شباب الجنوب حول مسألة
أن استقلال الجنوب الناجز قضية مفروغة منها ولا حياد عنها مهما طال الزمن ، ولكن على
الشباب أيضا فهم حقيقة التباينات والاختلافات الحاصلة بين فرقاء النضال السياسي الجنوبي
حتى يتم تقييم الاوضاع والمواقف بطريقة صحيحة ومن ثم بناء سياسات تتواءم مع معطيات
المرحلة كما هي على حقيقتها حتى لا نتوه الى مآلات خاطئة .
الحقيقة كما أقرأها أن العطاس وناصر يهمهم الجنوب بالقدر الذي يهم علي سالم البيض هو أيضا
ولا أتخيل أن هناك جنوبي يهمه إعادة الحزب الاشتراكي أكثر من الجنوب كوطن ومصير وهوية .
ولكن المسألة كلها إجتهادات تهدف جميعها تحقيق المصلحة الاولى للجنوب ، والافتراض الواقعي
أن النوايا حسنة ، مع الافتراض ايضا ان إحتمال الصواب والخطأ وارد عند كلا الطرفين .
والخيار الذي تبناه العطاس وعلي ناصر في الدخول ضمن فكرة الفيدرالية لم يكن من فراغ
بل أن هذا الخيار له أصل جوهري وسبب رئيسي فيما يحدث داخل أرض الجنوب وخارجها من
تمزق وشتات بين كيانات الحراك السياسي الجنوبي لم يستطع قادته انضاجه ككيان سياسي ثوري
تحرري يفرض نفسه بقوة على الارض بدلا من هذا التشرذم الغريب والغير مبرر مما جعله يبدو
هزيلا وقاصرا تديره مجموعة من المراهقين السياسيين الذين استهوهتم اضواء الخطابة والنضال
حتى ظن كل منهم أنه الرجل الاول في الدولة القادمة والتي اصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاستقلال كما يتوهمون .
والعطاس لم يتجه الى خيار الفيدرالية الا بعد جولات من المناورة السياسية قبل ظهور البيض وبعده ،
وكلنا يتذكر عندما سئل العطاس في إحدى مقابلاته التلفزيونية عن الحل بالنسبة للجنوب فأجاب أن الحل
يكون بذهاب علي عبدالله صالح والرئيس البيض الى جامعة الدول العربية والتوقيع على فك الارتباط .
ومن وجهة نظري ان العطاس الآن وقد اختار مع علي ناصر الانضمام الى مشروع أوفكرة حميد الاحمر
لكنهم لم يحصلوا الى الآن ولا أعتقد أنهم سيحصلون على أي ضمانات تؤكد التزامات سياسية وقانونية
وباشراف دول الجوار والدول العربية وحتى الدول العظمى وبالذات امريكا وبريطانيا ، ولكنهم اكتفوا
باعلان بيان القاهرة كورقة طائرة في الهواء لا يعلم أحد الى اين تذهب بها الرياح .
وبين هذا التيار وذاك ، أين تكمن مواطن القوة والضعف ؟
أحيي هنا الاخ مايسترو الجنوب االذي أشار الى مسألة في غاية الأهمية وهي (( ألمال ))
العمل السياسي والنضالي والعسكري وكل اشكال النضال ، لا بد له من تمويل مالي وبدونه
يبقى العمل كسيحا ومتأكلا وسيصيبه الضمور والعيا .
اتذكر اني قرأت عن تمويل نشاط المنظمات المهتمة بحقوق الانسان في سوريا قبل الانتفاضة الحالية
فقد رصدت لها الولايات المتحدة مبلغ اثنين مليار دولار لتفعيلها وتنشيطها داخل سوريا وخارجها ..
ولكن أن تتخيل عندما يتعلق الأمر بقضية استعادة وطن !!
لا يعني ذلك اننا سننتظر الى من يضخ المليارات من الدولارات حتى نخرج من أجل الجنوب ، ولكن
لا بد من النظر الى هذا الجانب بعين الاعتبار وعلى الرئيس البيض التحرك الجاد نحو إيجاد مصادر
تمويل لقضيتنا التي جعلناه على رأس هرمها .
كما ينبغي التحرك الكبير نحو جمع النخب السياسية في الداخل في إطار واسع يضم أكبر شريحة من
المجتمع الجنوبي وعدم الاكتفاء والتسليم بالرموز القيادية الحالية والتي عجزت وراوحت مكانها بل
بالغت في صمتها وسكون نشاطها ولم نعد نسمع عن أي بادرة او محاولة تجمع شملهم للاستفاقة
من هذا الغي اللامعقول
ولكم المودة والاحترام .