دعاة الوحدة وضياع الطريق

[أبو عامر اليافعي]

[align=center](بعد معركة الجمل عام 36هـ وقف جماعة من جيش الخليفة علي بن ابي طالب وقالوا له :يابن ابي طالب

نحن نعلم انك على الحق ونعلم انك زوج بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلم انك من اقرب الناس

اليه ونعلم مثالبك لاجل الاسلام وانك احد العشرة المبشرين بالجنة ولكن....

ولكن نعلم ايضا ان طلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام رضي الله عنهما قتلا في معركة الجمل في

الصف المعادي لك وان جنودك من قتلهما وهما مبشران بالجنة ولايمكن ان يكونا على باطل وهما من

تعرفهما وتعرف مناقبها وانه اشتدت حيرتنا في هذا وتشاكل علينا الامر.

قال لهم الخليفة علي:

انتم تظنون ان الحق يعرف بالرجال؟

قالوا : بلى . وبماذا يُعرف الحق اذاً؟

قال لهم : من هنا وقعتم في الحيرة وتشاكل الامر عليكم ، فالحق لايعرف بالرجال. ولكن اعرف الحق

تعرف رجال الحق واعرف الباطل تعرف رجال الباطل.)


هذه الحقيقة الناصعة البياض والحق الذي يفهمه من اوتي الحكمة تغيب كثيرا عن بعض الناس . ولا يستطيعوا ان يميزوا بين الحق والباطل . ومن اكثر واشد المصائب عندما تبتلى شعوب بهذا النقص الشديد في فهم الامور وانعدام ملكة التمييز .

وملكة التمييز هذه قد تجدها عند انسان لم يتعلم ولم يقرأ حرفا في حياته . وقد لاتجدها عند من هو وصل الى درجة الدكتوراة في العلم.

ومن ينظر الى واقع اليوم وسوء الحال بشعر كانه يعيش بين قوما لايكادوا يفقهون حديثا .

يقدسون مالايقدس والله اعلم هم يدركون هذا الشيء او لا يدركون .

ويسفهوا الانسان الذي كرّمه الله ورفع منزلته فوق كثير مما خلق .

الانسان لدينا لم يعد له قيمة لا لحقوقه ولا لفكره ولا لانسانيته وكلنا اصبحنا عبيد للسيد الحاكم ومننا من يشرع ويفتي بالطاعة للسلطان بخيرا او بشر.

وان خروجنا عن الظالم مفسدة وان الفساد مع الحاكم خير من العدل بدونه .

وان الحاكم هو خير لنا ويجب طاعته مهما كانت الظروف . وكاننا خراف او نعاج للسيد المنزه والحاكم المعصوم.

فهو من يفكر لنا وهو من يرشدنا للخير وهو من بيده امر البلاد وهو الرمز الوحيد وهو الاب الحنون .

دمائنا وارواحنا فداء له واموالنا وحقوقنا مباحا له

ويكفينا نعمة وقوفه على المنبر بوجهه الكريم

ويكفينا سماع صوته الرخيم الحنون الصادح

ويكفينا شرفا انه من يحكمنا

ويكفينا عزة ومنعة انه حامي حمى الوطن ومجسد روعة التكاتف والتعاضد

وانه هو من يرى باعيننا ويسمع باذاننا ويتكلم بشفاهنا فنحن متوحدين فيه منذ البيعة الاولى وعلينا ان نكن له الوفاء والاخلاص لانه لامثيل له ولانديد يشبهه ولا نظير معه.

ان تبكي فهذا حرام لان البكاء والعويل من قلة الايمان بالقضاء والقدر خيره وشره

ان تشتكي فهذا معيب لانه لا شكوى الا لله وعليك ان لا تشكو من السلطان بل ادع له بالبطانة الصالحة والتي بالتاكيد هي صالحة لانها من اختيار مولانا الامام قدس الله سره.

ويجب عليك ان لاترفع صوتك بوجه مولانا الهمام لانه خروج عن طاعة ولي الامر والله لايحب الجهر بالسوء الا من ظلم . واين الظلم ونحن في وطننا المبارك العزيز المنيع المنعم المترف .

ولا تلعن حاكمنا العظيم لانك قد تكسب اثام كثيرة

فقد يتلفظ المرء كلمة تهوي به الى النار وهو لايعلم .

فلهذا من باب سد الذرائع عليك ان لاتدخل في المشتبهات فالحلال بين والحرام بين وانت من يدخل بالمشتبهات .

وعليك ان تدعو لامامنا الكريم وستكسب اجرا كبيرا . وان حصل عليك ظلم فالله هو من يحاسبه فامره لله وحده .

ولا يحتاج ان تذهب للعلاج اذا شعرت بالم من الجوع فانت لن تموت الا اذا اكتملت ايامك والشفاء ليس بالدواء بل بالصبر على الالم والدعاء.

ولاتتذمر ان اخرجوك من الوظيقة فانت لاتعلم اخيرا لك هي ام شرا

فالله نجاك منها ان كانت شرا وان لم تكن شرا سيبدلك الله خيرا منها وعليك بالصبر والقناعة فالقناعة كنز لايفنى كما يقال.

وعليك ان لا تقاتل من اعتدى عليك لان القاتل والمقتول بالنار كما جاء في الاثر.

اخي ابن الجنوب

سياتونك بالف فتوى والف هراء لكي تظل جبان ذليل .

انهم من يستخدمون الدين لاجل السياسة

انهم علماء السلطان والذي ابتلى بهم المسلمون عبر تاريخهم الطويل .

انهم من يقولون كلمة حق يراد بها باطل .

اخي ابن الجنوب

اضرب بيد من حديد

فالحق ينتزع من الظالم باسنة الرماح .

وبكلمة حق عند سلطان جائر.

وكما قال ابي ذر الغفاري" عجبتُ لامرء لايجد قوت يومه ولا يخرج شاهرا على الناس سيفه"

ولتعلم اخي

انه لا يصح الا الصحيح

فشد من ازرك واترك هزلك

فمانيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

بصوتك وزندك وبقوة الحق لديك ستقهر الظالم ومن يزين الظلم للناس.

الصراع الماثل امامك هو صراع بين الحق والباطل

اعرف الحق تعرف رجاله واعرف الباطل تعرف رجاله.

والسلام.[/align]