لئلا نستنجد بنظام صنعاء

[عبدالله السنمي]

[quote]لقد جرت العادة عندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة أن يُترك الناس خمسة أيام بغير ملك وبغير قانون بحيث تعم الفوضى والاضطراب جميع أنحاء البلاد وكان الهدف من وراء ذلك هو انه بنهاية الأيام الخمسة وبعد أن يصل السلب والنهب والاغتصاب إلى أقصى مدى فان من يبقى منهم على قيد الحياة بعد هذه الفوضى الطاحنة سوف يكون لديهم ولاء حقيق وصادق للملك الجديد إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت السلطة السياسية .

إن ما يحدث في بعض مديريات الجنوب لا يختلف كثيرا عما أسلفنا سابقا فقد تفشت في الآونة الأخيرة ظواهر دخيلة على مجتمعنا الجنوبي والتي تأنقها أخلاقنا وقيمنا وتسيء إلى ثورتنا السلمية وعدالة قضيتنا و ليس أدل على ذلك ما أوردته قناة عدن الفضائية عن قيام مجموعة من الأشخاص بقطع أسلاك الكهرباء في منطقة العرقة بيافع للوقيعة بين الأهالي وكذا تهديد عمال كهرباء ردفان بوقف العمل لعدم شعورهم بالأمن أثناء أداء واجبهم الذي يخدم المواطنين بالدرجة الأولى وأيضا الاقتتال القبلي في إحدى مديريات محافظة أبين فضلا عن قطع الطرقات بشكل يومي لتتحول إلى عادة بعدما كانت وسيلة .

يقينا أن من يقومون بتلك الأعمال ليس لهم علاقة لا من قريب أو بعيد بالثورة السلمية ولكنهم استغلوا حالة أللا أمن وغياب السلطة ـ أيا كانت ففي القوانين الدولية ثمة واجبات تضطلع بها الدول المحتلة تجاه الدول المُحتلة ـ للعبث بأمن المواطنين وإرهابهم ونهب ممتلكاتهم وترويعهم وتعطيل مصالحهم وتختلف دوافع أولئك فمنهم من يهدف من وراء ذلك النهب والسلب والبعض الأخر هدفهم إعطاء صورة مشوهة عن الثورة السلمية .

في حديث جمعني بأخ جنوبي يعمل طبيبا في محافظة صعدة أخبرني أن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون يعم فيها الأمن والهدوء والسكينة بخلاف المناطق التي بحوزة الجيش اليمني وليس صحيحا ما تروج له وسائل إعلام السلطة عن انتهاكات الحوثيين ضد المواطنين الأبرياء وتأسيسا على ذلك فان مسئولية استتباب الأمن في المناطق التي أصبحت تحت سيطرة الجنوبيين تقع على عاتق مكونات الحراك الجنوبي لملء الفراغ الذي يتركه انسحاب سلطة الاحتلال للحيلولة دون انفلات زمام الأمور لكون السلطة لن تحرك ساكنا وستظل متفرجة بل ستسعى إلى إضرام النيران وإذكاء الصراعات لأسباب يدركها كل ذي لب لبيب.

ولعل المؤسف في الأمر أن مكونات الحراك أقتصر دورها فقط على الدعوة إلى الفعاليات والتفرغ للصراعات البينية ولم تعر معاناة المواطنين اليومية اهتماما واستمرار ذلك التجاهل و اللا مبالاة سيؤدي إلى زعزعة ثقة الناس بالثورة السلمية وسيلجأ السوداء من الناس للبحث عن الأمن دون أي اعتبارات أخرى.

وأخيرا وليس أخرا فإننا نطالب المشايخ والشخصيات الاجتماعية إلى تأسيس مجالس محلية لإدارة المناطق المحررة وفض المنازعات بين المواطنين وحماية مصالحهم وممتلكاتهم والخدمات المرتبطة بحياتهم كالصحة والتعليم والمياه والكهرباء والاتصالات و البريد والمحاكم

كلمات لابد منها

لمن ينظرون إلى الواقع بواسطة المرايا المقعرة نقول لهم إن واقع الحال ليس بحاجة إلى دليل وكما قال رسول الله (( ليس الخبر كالمعاينة ))

.[quote ]

شكرا ابو خطاب ،، الموضوع مهم ، ،

المتابع للمشهد الجنوبي يستطيع ملاحظة هذا الأمر الذي طرحته هنا ، وبوضوح تام .
والحقيقة اتمنى من المهتميين وأصحاب الشأن من قيادات الحراك السياسي الجنوبي أن يكلفوا انفسهم لبعض الوقت للتأمل في هذه القضية وبحثها ودراسة ابعادها وخلفياتها ، حتى يمكن تشخيصها بالطريقة الصحيحة ومن ثم يسهل التعامل معها وضبطها .
أنا أعتقد أن النظام القائم بصنعاء يطبق منهجية سياسية خبيثة تجاه المناطق المتوترة والمضطربة في الجنوب ، بحيث يصنف المناطق الى نوعين : مناطق حيوية ومناطق غير حيوية .
فالمناطق الغير حيوية هي التي ينظر اليها النظام بانها مناطق تشكل عبء عليه في تقديم الخدمات دون ان يقابل ذلك اي مصادر دخل فيها يستفيد منه النظام ( خالي من اي ثروة او منتجات مجزية )او ان هذه المنطقة لا تشكل اي اهمية استراتيجية
ولذلك سوف يتخلى عنها النظام في أي وقت وعند أي اضطرابات ، لانه يوازن هنا بين الفائدة والخسارة ، بالنسبه له وبالنسبه لمواطني المنطقة .
مثال على ذلك : تلاحظون عندما حدثت المصادمات المسلحة في الصبيحة ، العام الماضي قرر النظام ترك المنطقة فارغة من اي تواجد أمني أو حكومي ، ويهدف من ذلك الى خلق نوع من الفوضى وحالة من الشعور بفقد الخدمات والأمن بين المواطنين ، في الوقت الذي لا يوجد من يغطي هذا الفراغ ، مما يجعل ردة الفعل سلبية لدى الناس ويتحول عندئذ التوتر بين الناس بعضهم ببعض .
بينما هذا المشهد لا يسمح به النظام أن يحدث في منطقة حيوية مثل عدن او شبوة او حضرموت ، لان المصالح بالنسبة له في هذه المناطق تعد من قبيل المصالح الاستراتيجية .
ولذلك ما تفضل به المهندس عبدالله هو المحك الحقيقي لقدرة الحراك على تحمل المسؤولية لادارة المجتمع المدني في مناطق الجنوب ، وتولي زمام المبادرة لجعل الاوضاع أكثر ملائمة ومنع ما يبتغيه النظام من نتائج سلبية وفوضى عارمة .
هذه المهمة في مواجهة الاوضاع الاجتماعية هي جزء من نضال الحراك السلمي ، وأعتقد أن القدرة على إدارة الاوضاع في هذه الظروف ولو بالحد الأدنى هي إشارة على قدرته على إدارة الثورة الجنوبية ، وبالمقابل فشل قادة الحراك في لعب دور في إدارة المجتمع في المناطق هذه هو فشل في إدارة الحراك والثورة من باب أولى .
كما أن حالة التشرذم التي يعيشها الحراك هي جزء من هذا الفشل ، بل هي سبب اساسي له .